لنتأمل مع بندكتس 8 الثامن من مارس

 روما، السبت 8 مارس 2008 (zenit.org).

 ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثامن من مارس للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".

 التحرر والخلاص

 يدور مجمل النقاش حول المسيح حول مسألة "تحرير" الإنسان و"تخليصه". ولكن ماذا عساه يحرّر الإنسان؟ ومن يحرّره وإلامَ؟ ويجوز طرح السؤال ببساطة أكبر: ما هي "الحرية الإنسانية"؟ وهل يستطيع الإنسان أن يصير حرّاً من دون الحقيقة أي في العيش في الكذب؟ حسبُ التحرّر في غياب الحقيقة أن يكون كذبة؛ فهو ليس الحرية بل انخداع، وتالياً مصدر استعباد للإنسان ودمار له. والحرية من دون حقيقة لا يمكنها أن تكون حرية حقة، وعليه، فالحرية ليست حريةً حتى، متى غابت عنها الحقيقة. فلكي يكون الإنسان حرّاً، لا بدّ له من أن يكون "كمثال الله". والرغبة في أن نكون على مثال الله هي الحافز الداخلي لكل مشاريع التحرر عند البشر، بما أن التوق إلى الحرية راسخ في كيان الإنسان منذ اللحظة التي يحاول فيها أن يصير على "مثال الله". فأي أمر دون ذلك هو بالفعل قليل جداً بالنسبة إليه… فللوهلة الأولى، قد يبدو الحديث عن صلاة يسوع باعتبارها التأكيد الأساسي في العهد الجديد على شخصه مسألة ضيّقة نوعاً ما، وشأناً مسيحياً داخلياً بحتاً. وفي الواقع، تلك هي بالتحديد النقطة التي تعنينا وتهمّنا؛ إنها المسألة المركزية بالنسبة إلى الإنسانية. ذلك أن العهد الجديد يشير إلى الصلاة باعتبارها المكان حيث يمكن الإنسان أن يصير الله، وحيث تحدث عملية تحرّره. إنها المكان الذي فيه يلمس حقيقته الخاصة ويصير حقيقياً هو ذاته. ومسألة علاقة يسوع البنوية بالآب ترتبط في الصميم بمسألة حرية الإنسان وتحرّره، وما لم يحصل ذلك، يبقى كل ما سوى ذلك زائفاً وإلى زوال. فأي تحرّر للإنسان لا يخوّله أن يصير إلهياً هو خيانة للإنسان ولأشواقه غير المحدودة.