تاريخ عيد القيامة

اعتادت الكنيسة في الأجيال المسيحية الأولى أن تعيّد القيامة كل نهار أحد، حيث يجتمع المؤمنون لكسر الخبز وذكر موت الربّ وقيامته. فالأحد هو يوم الرب، يوم المسيح الحيّ الممجد بالقيامة من بين الأموات. وهو كان عيد القيامة الأسبوعي، وظل، حتى أواخر القرن الثاني، يوم الربّ .

في بداية القرن الثالث، حولت الكنيسة هذا العيد الأسبوعي إلى عيد سنوي يدوم خمسين يوما ابتداء من الأحد الواقع بعد الرابع عشر من شهر نيسان. والخمسون يوما عيد واحد، هو عيد قيامة الرب. وما القبر الفارغ والظهورات والصعود إلى السماء والتمجيد عن يمين الآب وإرسال الروح القدس، إلا أحداث منوعة لسّر واحد هو سرّ المسيح الممجّد.

بعدها، ظهرت رغبة في الاحتفال بواحد من آحاد السنة بطريقة مميزة، كونه عيدا للقيامة، وظهر مع هذه الرغبة تياران:

 الواحد يريد الاحتفال بالعيد في الرابع عشر من نيسان، مع اليهود، إنما بمضمونه المسيحي الجديد، ودعاته هم "الأربعشريون"،

والآخر أراد أن يكون يوم الاحتفال به يوم احد، ومن الأفضل أن يكون الأحد الأول بعد الرابع عشر من نيسان القمري. فتدخل البابا فيكتور لمصلحة التيار الأخير. إنما لم تنته الأزمة إلا مع مجمع نيقية، عام 325، الذي قرر، بهذا الشأن، ما يلي:

"يحتفل بعيد القيامة، في يوم الأحد الأول بعد الرابع عشر من شهر نيسان القمري، أي بعد عيد الفصح اليهودي، الموافق البدر الربيعي الأول".

وهكذا، في منتصف القرن الرابع، قررت الكنيسة الاحتفال بعيد القيامة احتفالاً سنوياً يمتد على مدى خمسين يوماً، وهي تؤلف، بنظر ترتوليانوس، عيداً وحيدًا كيوم الأحد الذي تواصله.

 وشرعت الكنيسة تتوقف، خلاله، عند محطات مهمة محطة الأسبوع الأول بعد القيامة – أسبوع الحواريين -، والأحد الأول بعد القيامة، ومحطة خميس الصعود، في نهاية الأربعين، ومحطة عيد العنصرة الذي يختتم زمنا طقسيا، هو زمن القيامة. وبعده يبدأ زمن جديد هو الزمن العادي.

وتم الإجماع في الشرق والغرب على الاحتفال بعيد القيامة في الأحد الذي يلي بدر الربيع، وهو يتراوح بين 22 آذار و25 نيسان، ولم ينل من هذا التدبير لا الانشقاق بين الشرق والغرب، ولا الإصلاح البروتستنتي في القرن السادس عشر.

إنما، عام 1582، وعلى اثر إصلاح البابا غريغوريوس الثالث عشر الروزنامة اليوليانية المعمول بها منذ عام 45 قبل المسيح، والتي تعتبر السنة من 365 يوماً وربع اليوم، اقتضى حذف عشرة أيام من السنة، ابتداء من سنة 1582. فانتقل الناس من يوم الخميس، 4 تشرين الأول، إلى يوم الجمعة 15 منه. وتبنت كل الدول والكنائس هذا الإصلاح، الواحدة بعد الأخرى، في ما يخصّ الحساب المدني كما في الحساب الكنسي. واستمرت المشكلة بالنسبة إلى عيد القيامة فقط، وما زالت حتى يومنا. والكنيسة الكاثوليكية لا تمانع في إيجاد حل أفضل وروزنامة أدقّ .

    الخلاف، إذن، على تاريخ العيد فقط، إنما جوهر العيد ولاهوته هو هو في الغرب والشرق.

انه عيد الأعياد، وقد استقطب الأعياد الأخرى التي نشأت تدريجياً في الكنيسة، وأصبح تالياً محورها وقمتها، منه تنطلق واليه تعود.

عن موقع القديسة تريزا