الكنيسة وكارثة الايدز

\"\"

الأب عماد الطوال

scout-houson@go.com.jo

بات مرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز) أكثر الأمراض انتشاراً في عصر التكنولوجيا الذي نعيشه، وكأن هناك روابطاً تجمع بينهما وتجعلهما متلازمين؟!! وباتت غالبية الناس يرددون اسم هذا الفيروس ويتعوذون حتى من ذكره!! وحتى الكنيسة ما برحت تبحث عن أسبابه وتحاول إيجاد طرقاً لتفاديه وتحث على التعامل معه عن قرب من خلال التحدث عن جوانبه مجاهرةً وبأسلوب علمي ديني تربوي.

فقد جاء في لقاء قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني أمام الأمم المتحدة أنّ مرض الايدز HIV/ AIDS من أكبر وأعظم الكوارث في زمننا المعاصر وخصوصاً في إفريقيا- فقد بلغ عدد المصابين به ستة واربعين مليون مصاب بمعدل مصاب كل ست ثوان-.

وقد كان قد أشار قداسة البابا الراحل أنّ المأساة ليست طبية فحسب وإنما نتائج معاناة اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية في حياة الناس.

تعارف الناس أنّ هذا المرض ينتقل بوسائل متعددة أكثرها انتشاراً هو الاتصال الجنسي وخصوصاً القائم على علاقات غير شرعية في مجتمعات مختلفة ثم من خلال عمليات نقل الدم وزراعة الأعضاء وتناول العقاقير بأدوات ملوثة أو الحقن بإبر ملوثة بفيروس هذا المرض مما يؤدي إلى انتشارها بين المتعاملين معها… وغيرها من الأسباب القائمة على اتصال الدم بين الناس بشكل مباشر.

إذا نظرنا ملياً إلى هذه الأسباب لوجدنا أن هناك عوامل تربوية وأخلاقية تعتمد على بيئة الأشخاص وسلوكياتهم وثقافتهم الدينية وتربيتهم البيتية بشكل خاص. فقد أصبح الانسان فقيراً روحياً بل أنه سلعة رخيصة ومكاناً ملائماً لانتشار الخطيئة من خلاله.

بذلك يكون هناك ارتباط وثيق وواضح بين دور الكنيسة وما وصلت إليه الروح البشرية من دناوة أخلاقية، لأن الابتعاد عن حياة المسيح الأنموذج واضحاً ولأن موقف الإيمان المسيحي مستمد من موقف المسيح في حياته العلنية: فهو العطوف الرحيم، الغفور وهو من شعر مع معاناة الإنسان وشاركه كل شيء عدا الخطيئة، المسيح اقترب من الفقير وشفى المرضى من البرص والعرج والعمي وغفر للزانية وسامح قساة القلوب.

وهذا كلهُ بالإيمان والحب والعمل الذي من المفروض تواجده بين البشر وهو باعتقاد الكنيسة نصف لعلاج مرض الايدز في عصرنا فالوقاية بالتربية الدينية السليمة والقائمة على الحب والإيمان والعمل والعلم بالنفس البشرية حتى نتمكن من علاجها بذلك لا تصل إلى ما وصلت إليه النفس المريضة وإن وصلت يكون الإيمان بالشفاء رفيقها… وهنا الشريحة المعنية هي فئة الشباب في مقتبل العمر.

واقعياً كان الكاردينال كلاوديز هيومز ممثل الكرسي الرسولي في الأمم المتحدة عام 2003 قد أشار إلى أن 12% من العناية بمرض HIV/ AIDS (الايدز) هي مؤسسات الإغاثة الكاثوليكية حول العالم. بذلك فقد ساهمت الكنيسة بدور قد يكون واضحاً بهذه الرسالة عبر سنوات انتشار المرض. ونحن الكهنة كأعضاء في الكنيسة والمجتمع لدينا أيضاً رسالة التضامن والتكاتف والعطف والمساندة ومن واجباتنا فهم هؤلاء الذين يعاون من هذا المرض ومن غيره. ونؤمن أن على الكنيسة تأمين الرعاية الروحية والرعوية لهم بالإضافة للعناية الطبية لأنهم في النهاية نتاج هذا المجتمع وهذه التربية وتلك التكنولوجيا من جانبها السيء. أي إزالة الوصمة عن مرض الايدز وكسر حاجز الصمت (شعار عام 2004) والتكلم عن الموضوع في الخطاب الديني المعاصر.

إذاً فالجواب الذي تقدمهُ الكنيسة عن أي جانب من جوانب هذا المرض هو في العلم والإيمان والعمل من خلال التربية الإنسانية لتنشأة جيل يقوم في تربيته على:

*        الثقة والأمانة والاحترام.

*        القناعة خصوصاً أمام الفقر بالتضامن معهُ ومدّه مادياً ومعنوياً.

*        التربية على الاختيار السليم للحياة.

والهدف في النهاية رفع كرامة الانسان والرقي بها للتنزه عن الخطيئة وتنمية الثقافة بكسر حواجز عدة منها حاجز الصمت والعيب في العلم والمعرفة والحديث والمنقشة.

أخيراً نقف إلى جانب وزارة الصحة في محافظة اربد التي تنسق دائماً مع البرنامج الوطني للايدز والعاملين والمهتمين والقائمين على الموضوع الذين شرفونا كرجال دين اسلامي ومسيحي للمشاركة حول هذا الموضوع "دور ورسالة" لرفع شعار "أوقفوا الايدز الآن حافظوا على الوعود" شعار 2005-2010 اكسروا الحواجز وابحثوا عن الحقيقة وندعو الله أن يقف بجانب الجميع لتحدي صعاب هذا المرض.

 

 

 

 عن موقع أبونا

الأب عماد الطوال

scout-houson@go.com.jo