سر الحب

إذا مـا تأملنـا في صلاة يسوع الأخيرة قبل موتـه وقيامتـه كما جاءت في الإصحاح السابع عشر من انجيل القديس يوحنا سوف نجد فيهـا وصفاً دقيقـاً لسر الزواج وكيف أنـه سر إلهـي وليس عبارة عن عقد مدنـي بين طرفيـن:

"ولست اسأل من اجل هؤلاء فقط بل أيضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم.ليكون الجميع واحدا كما انك أنت أيها الآب فيّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك أرسلتني. وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحد كما إننا نحن واحد. أنا فيهم وأنت فيّ ليكونوا مكملين إلى واحد وليعلم العالم انك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني. أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم.  أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك.أما أنا فعرفتك وهؤلاء عرفوا انك أنت أرسلتني. وعرّفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم"(يوحنا20:17-26).

"ليكونوا واحداً كما انك أنت أيها الآب فيّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك أرسلتني"– إنها صلاة السيد الـمسيح لكل الزيجات الـمقدسة. إن هذا الارتباط في سر الزواج ما هو إلاّ إتحـاد سريّ بين الزوج والزوجـة يشمل الإتحاد مع الله، وإعلان ظاهـر للعالـم يتعلـمون منـه كيف أن الله أحبنـا بلا شروط وفى كل الأوقات، في الـمرض والصحـة، في الفقر والغنـى، وفى كل الأحوال مهـما كانت.  في سر الزواج يضع الرجل حياتـه لخدمـة زوجتـه والزوجـة تضع حياتهـا لخدمـة زوجهـا كعلامـة مرئيـة للعالـم كيف أن الله الآب أرسل ابنه الوحيد لا ليخزى به العالـم بل ليخلّصـه، وان الابن قد قدّم ذاتـه طواعيـة من أجلنـا ولعروسه كما يُعلن الرسول قائلاً:"كما أحب الـمسيح الكنيسة وبذل نفسه لأجلهـا"(اف25:5).

"أنـا قد أعطيتهم الـمجد الذي أعطيتني"- ولأن الزواج سر مقدس فالإتحاد ما بين الرجل والـمرأة والله هو هذا الـمجد الذي أعطاه الله لكي تُعلنـه الأسرة للعالـم بأعمال يتمجد فيهـا الله تعالـى دائماً.

"ليكونوا واحد كما إننا نحن واحد. أنا فيهم وأنت فيّ ليكونوا مكملين إلى واحد"- في مجد الله ومحبتـه الكاملـة يضع الرجل والـمرأة حياتهما من أجل الكمال الإلهـي، فيتوحدا ولا يقف عائق أمامهـما لأن قوة الله ومحبتـه هي العاملـة فيهـما ولا يـمكن أن تتجزأ هذه الوحدة.

"وليعلم العالم انك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني" – في سر الزواج يتمم الزوجان دعوة الله لهـما، فمعاً يقدمـان الـمسيح وخلاصـه وينشران البشرى السارة للعالـم في صورة بسيطة وعـمليـة وذلك بـمشاركة الحب الذي يجمع بينهـما مع الآخريـن ومساعدة كل من هم في حاجـة لـمحبة الله.

"أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني" – في زواجنـا نحن هبـة، هبـة من الآب، وهبـة للسيد الـمسيح. نحن هِبـة من الله للعالـم أجمع، فكل ما نفعلـه ليسوع فنفعلـه في الحقيقة لجسده والذي هو كل عضو في الكنيسة "إنكم كلّـما فعلتم ذلك بأحد إخوتـي هؤلاء الصغار فبـي فعلتـموه"(متى35:25-45).

والآن هل نجعل صلاة يسوع الشفاعيـة حقيقـة معلنـة في حياتنـا وفى أسرنـا؟. وهـل نؤمـن انـه لا يوجد أي شيء يـمكن أن يفصل زواجـاً مقدساً إتحد فيـه الزوج والزوجة مع الله إتحاداً سريـاً؟ 

الشماس نبيل حليم يعقوب

لوس أنجلوس