لنتأمل مع بندكتس 9 – 10 التاسع والعاشر من أبريل

روما، الأربعاء، 09 أبريل 2008 (zenit.org).

ننشر في ما يلي تأمل اليوم التاسع من أبريل للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".
* * *

حدث الفصح الجديد

ماذا كان ليعني لو أن الفصح، وهو حدث قيامة المسيح، لم يحصل حقاً؟… لو لم تحصل القيامة، لانتهت قصة المسيح يوم الجمعة العظيمة. لتحلل جسمه وتعفّن ولأفل نجمه وأصبح "خبر كان". ولََعَنى ذلك أيضاً أن الله لا يتدخل في التاريخ، وأنه إما يعجز أو يرفض أن يلمس عالمنا وحياتنا وموتنا كبشر. وهذا بدوره يعني أن المحبة تافهة، باطلة، لا بل هي مجرد وعد أجوف وعقيم. وأن لا دينونة ولا عدالة. وأن اللحظة الآنية هي كل ما يهمّ وأن الحق ملك للماكرين والخادعين ومن يفتقرون إلى الضمير. ولَغابت الدينونة. كثرٌ هم الأشخاص، وليس الأشرار وحدهم، الذين يرحّبون بهذا الواقع لأنهم يمزجون بين الدينونة والحسابات الضيقة ويفسحون في المجال للخوف أكثر منه للحبّ القائم على الثقة… كل هذه الأمور توضح معنى الفصح: إن الله قد بادر. والتاريخ لا يسير من دون هوادة. فالعدالة والمحبة والثقة- كلّها وقائع، هي واقع حقيقي. الله يحبنا ويأتي للقيانا. وكلّما سرنا على دربه وعشنا بحسب مشيئته، كلّما تلاشى خوفنا من العدالة والحقيقة، وامتلأت قلوبنا من فرح الفصح. فالفصح ليس مجرد قصة نخبرها، بل هو صوّة في طريق الحياة. ليس الفصح رواية عن معجزة حدثت في الزمان الغابر، بل هو الحدث الجديد الذي حدّد معنى التاريخ برمّته. فإن أدركنا ذلك، أصبح بإمكاننا نحن أيضاً اليوم أن نتهلل بالفصح بفرح ما بعده فرح ونهتف قائلين: "المسيح قام، حقاً قام!

العاشر من أبريل

* * *

إتمام القيامة

لقد صحح الله نفسه طبيعة العدالة المضطربة وأقام العدل… فكان التجلي في هذا الحدث الذي فيه قام شخص من بين الأموات… وكان التجلي في دخول الجسد إلى الأبدية… فيسوع لم يمُت ويذهب بطريقة أو بأخرى إلى الله كما يحلو لبعض الأشخاص أن يدّعوا بين الفينة والفينة في أيامنا هذه، في تعبير غير مباشر عن استيائهم من سلطة الله الفعلية وقيامة يسوع الفعلية في عرض متكلّف وزائف لتقواهم… فلو صحّ ذلك لكنّا في صدد إنكار إمكانية خلاص المادة، وإنكار قدرة البشر على الخلاص بما أنهم، في نهاية الأمر، مزيج من المادة والروح… أما القيامة، فهي تعني أن الله يقول "نعم" للكلّ وأنه قادر على إتمام ذلك… لقد حاولت خطيئة البشر أن تحوّل الله كاذباً. وخلُصَت إلى أن خلقه ليس حسناً البتة أو أنه لا يصلح فعلياً إلا لأن يموت. والقيامة تعني أنه من خلال دروب الخطيئة الملتوية وفي قدرة تفوق الخطيئة قدرةً يقول الله بشكل نهائي: "إنه حسنٌ". يظهر الله "حسنه" النهائي إلى الخليقة من خلال أخذه على عاتقه وتغييره إلى حالة دائمة تتجاوز كل سرعة الزوال… القيامة هي بداية حاضر، لحظة حاضرة لن تنتهي يوماً. ونحن غالباً ما نحيا على مسافة أشواط من هذا الحاضر. وتزداد المسافة اتّساعاً كلّما تمسّكنا بما هو مجرّد زائل، وكلّما نأينا بحياتنا عمّن أثبت على الصليب وفي القيامة أنه الحاضر الحقيقي في خضمّ ما هو عابر: هو الحبّ الذي يجد نفسه في فقدان ذاته. ولا ينفك يبقى حاضراً.