لنتأمل مع بندكتس 11 -12 الحادي عشر والثاني عشر من أبريل

لنتأمل مع بندكتس

الحادي عشر من أبريل

روما، الجمعة 11 أبريل 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الحادي عشر من أبريل للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".

* * *

تجسيد الشركة
 

إن أبهى تصوير لمسيرتنا يُقدّمها إنجيل لوقا في رواية التلاميذ الذاهبين إلى عمّاوس. وهذا هو السير مع المسيح الكلمة الحية الذي يجسّد لنا الكلمة الكتابية، الكتاب المقدس، ويحوّل ذلك إلى طريق، ذاك الطريق الذي بسلوكه تتّقد القلوب منّا في صدورنا فتنفتح عيوننا أخيراً لنبصر. فالكتاب المقدس، شجرة المعرفة الحقيقية، تفتح عينينا إن كنّا في الوقت عينه نأكل من المسيح، شجرة الحياة. عندئذٍ، نصبح قادرين حقاً على أن نبصر فنحيا بحق. أمور ثلاث تنتمي لبعضها البعض الآخر على هذا الطريق: إنها شركة التلاميذ والكتاب المقدس وحضور المسيح الحيّ. وعليه، فإن رحلة التلاميذ هذه إلى عمّاوس هي في آنٍ معاً وصف للكنسية- وصف حول كيف أن المعرفة التي تتناول الله تنمو وتتعمق. فتصبح هذه المعرفة شركة جامعة وصولاً إلى كسر الخبز حيث يحلّ الإنسان ضيفاً على الله ويصير الله مضيفاً للإنسان. فالمسيح ليس شخصاً يمكن أن نمتلكه لأنفسنا حصراً. هو يوجّهنا، ليس فقط لعند الله، بل إلى بعضنا البعض الآخر. وهذا ما يجعل المسيح والكنيسة في اتحاد، كما أن الكنيسة والكتاب المقدس في اتحاد. وتجسيد هذه الشركة العظيمة بشكل واقعي في إطار الشراكات الملموسة للرعايا والأبرشيات والحركات الكنسية هو ويبقى مهمة الكنيسة المحورية، الأمس واليوم وغداً. ويجب أن يصير من الممكن اختبار هذه الشركة بوصفها شركة حجّ مع همومنا وكلمة الله والمسيح وعلى هذه الشركة أن تقودنا إلى الأمام، إلى عطية الأسرار.

 


الثاني عشر من أبريل

* * *

السعي إلى وجه الله
 

يعلن يسوع عن مجيئه من منطلق قيامته، قل مجيئه في قوة الروح القدس، وهو إذاً يعلن طريقة جديدة للرؤية من خلال الإيمان حيث لا تُترَك الآلام في الخلف كما لو كانت من الماضي، بل هي بالأحرى المكان الذي منه وفيه وحده يمكننا رؤيته… فالرؤية تكون في اتباعه. وأن نتّبع المسيح ونتتلمذ له يكون في عيش حياة تتمحور على المكان الذي فيه يقف المسيح، وهذا المكان هو جلجلة الآلام. ففيها وفيها وحدها يتجلى مجده. لقد اكتسب مفهوم الرؤية دينامية غير متوقعة. فالرؤية تحدث من خلال نمط عيش نسمّيه الإتباع. والرؤية تحدث من خلال الدخول في آلام المسيح. فهناك وفيه نرى الآب أيضاً… ورؤية يسوع الذي فيه نرى الآب في الوقت عينه هو فعل وجودي بكل ما للكلمة من معنى… ولا يمكننا أن نرى الله إلا إن سرنا خلف يسوع؛ والطريقة الوحيدة لرؤيته تكون في اتباع يسوع، أي السير خلفه وبالتالي خلف الله. فرؤية الله في هذا العالم تكون باتباع المسيح؛ والرؤية تفترض الذهاب، والسير على الطريق مدى العمر باتجاه الإله الحيّ الذي بواسطته يبيّن لنا يسوع المسيح ومن خلال الطريق الذي سلكه، ولاسيما سرّ الفصح من خلال آلامه وموته وقيامته وصعوده إلى الآب، الخطّ الواجب سلوكه… هو نفسه وجه الله بالنسبة إلينا… وما كان جديداً ولا يزال في إيمان الكتاب المقدس يتمثل في أن "الإله" الحق… قد اتّخذ وجهاً وإسماً وهو إنسان… والمسيحي يتقدم باتجاه هذا الوعي، وهذا الرضى، من خلال البحث عمّن سُمِّر على الخشبة: يسوع المسيح.