فضيلة الديانة

3) الاحتفال بيوم الأحد

أ- يوم قيامة الرب: منذ أقدم الأزمنة كان "يوم الرب" (رؤ 10:1) يوماً لصلاة خاصة تذكاراً لقيامة السيد المسيح" (رسل 7:20). ونقرأ في أول كتاب للتعليم الديني في الكنيسة الأولى، المعروف بال "Didaché" والذي كتب حوالي سنة 100م، بأن المسيحيين كانوا يجتمعون يوم الأحد للاستماع إلى كلمة الله والاشتراك في الافخارستيا. ونجد التعليم ذاته في كتابات أغناطيوس الأنطاكي (توفي 107)، ويوستينس الشهيد (توفي 160). وقد كرر المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني أهمية يوم الأحد: "إن الكنيسة تحتفل بالسر الفصحي وفقاً لتقليد رسولي يتأصل في يوم قيامة المسيح بالذات، كل ثامن يوم الذي يدعى بحق يوم الرب أو اليوم السيدي. على المؤمنين أن يجتمعوا في ذلك اليوم ليسمعوا كلمة الله ويشتركوا في الإفخارستيا متذكرين كلام الرب يسوع وقيامته ومجده وشاكرين الله الذي "ولدهم ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات" (الليتورجيا المقدسة، 106).

ب- يوم المشاركة في الافخارستيا: إن مركز عبادة يوم الأحد هو القداس الإلهي الذي وصفه يسوع في العشاء الأخير في الليلة السابقة لموته: "وضع مخلصنا ذبيحة جسده ودمه الإفخارستية كي تستمر ذبيحة الصليب عبر الأجيال حتى مجيئه، وكي يكل إلى كنيسته، عروسته المحبوبة ذكرى موته وقيامته سر التقوى علامة الوحدة، ورباط المحبة، ووليمة فصحية حيث يؤكل المسيح فتمتلئ النفس نعمة وتعطي عربون المجد الآتي" (الليترجيا المقدسة، 27)، وبما أن غنى كنوز الله ورحمته هي أعظم من أن تستوعب في يوم أحد واحد تعيّن الكنيسة قراءات مختلفة من الكتاب المقدس لكل يوم أحد لاستذكار الحوادث المختلفة لحياة المسيح وعمله الخلاصي.

وتجب الإشارة خاصة إلى طبيعة العبادة الجماعية ليوم الأحد لمقاومة اتجاه فردي معين للاحتفال بيوم الأحد في الماضي حينما كان المؤمنون يحضرون القداس حضور "مشاهدين غرباء وصمّ". وقد شدّدت الإصلاحات الطقسية للقداس على مشاركة أوفى. "لهذا وجب تعزيز الحياة الطقسية في الرعية وصلتها بالأسقف في عقل المؤمنين والإكليروس وحياتهما. ويجب العمل على ازدهار معنى الجماعة الرعائية لاسيما في الاحتفال الجماعي في قداس الأحد". ويفرض البند 1247 من الحق القانوني الكنسي حضور القداس الإلهي مع الامتناع عن العمل أيام الآحاد وأعياد البطالة. ويفهم هذا القانون في ضوء واجب الإنسان الطبيعي في عبادة الله وعلى ضوء مكانة القداس في التقليد المسيحي.

ج- يوم الراحة: يعتبر يوم الأحد يوم راحة، كما كان يوم السبت في العهد القديم. وقد عاد المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني وأكد على هذا التعليم. "ولهذا فإن اليوم السيدي هو العيد الأصلي الذي يجب أن يعرض على تقوى المؤمنين ويرسخ فيهم فيصبح يوم فرح وعطلة عن العمل". (الليترجيا المقدسة، 106) والهدف من استراحة يوم الأحد هو أن يجد الإنسان وقتاً يخلو فيه إلى التأمل وتنمية الحياة الروحية. ويجب أن يكون فيه توقف عن عالم الروتين اليومي ليتيح للإنسان الفرصة لتعميق القيم العليا بما فيها تقوية الأسرة والعلاقات الاجتماعية. ويجب تذكر هذه المبادئ عندما نحاول تجديد العمل المحرّم يوم الأحد. ويجب الأخذ بعين الاعتبار الثقافة العصرية المتغيرة وحاجات الفرد بصفتها من العوامل الرئيسية. وعلى وجه العموم يجب تحاشي تلك الأفعال والنشاطات التي لا تتلاءم مع احتياجات العبادة الجماعية أو التي تحرم الإنسان من التجدد جسماً وروحاً.

4) النذور

النذر هو وعد خاص لله بأن يتمم الإنسان فعلاً خاصاً (على سبيل المثال القيام بحجة أو توزيع صدقى) أو العيش في حالة معينة (مثلاً كراهبة). وبكون النذر أمراً ملزماً يتوجب قبل القيام بالنذر التروي جيداً والتفكير ملياً. ولنا أن نقيد بالنذر نفسنا لا غيرنا. فلا يحق على سبيل المثال أن ينذر والدان ترهب ولدهما. والنذر خاص عندما يقدمه الشخص لله فقط. والنذر علني عندما يتضمن مسؤولية خاصة للجماعة المسيحية وعندما تقرّه السلطات الكنسية على هذا النحو. ويعتبر المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الحياة المنذورة فعل محبة كبير يلتزم الإنسان من خلاله بتمجيد الله وخدمته بصورة جديدة. "ويبلغ هذا التكريس أقصى كماله بمقدار ما تنقل هذه الروابط المتينة الثابتة صورة المسيح المتحد اتحاداً لا ينفصم بالكنيسة عروسه" (الكنيسة المقدسة، 44).

5) الخطايا في حق عبادة الله الصحيحة

يشجب الكتاب المقدس بشدة عبادة الآلهة الكاذبة (الوثنية). "أنا الرب الهك الذي أخرجك من أرض مصر من دار العبودية. لا يكن له آلهة أخرى تجاهي. لا تصنع لك منحوتاً ولا صورة شيء مما في السماء من فوق ولا مما في الأرض من أسفل مما في المياه من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن" (خر 2:20-5، انظر أيضاً 1قور 10-14، 1يو 21:5، رؤ 8:21). وأقرب إلى عصرنا، عصر الغنى والمادية، الوثنية التي شجبها العهد الجديد التي تجعل المال واللذة قيمتين نهائيتين (متى 24:6، أف 5:5، فل 19:3، قول 5:3).

أ- التجديف: إنها لخطيئة إهانة اسم الله. إن احترام اسم الله مذكور بكثرة في الكتاب المقدس لأن تمجيد اسم الله هو تمجيد له. وفي العهد الجديد يدعو بولس الرسول إلى احترام اسم يسوع أيضاً والتعبد له (فل 9:2-11). ويبين بولس أن على المسيحيين أن يتصرفوا بطريقة فيها تمجيد لاسم يسوع. "ولذلك نصلي كل حين من أجلكم ليؤهلكم إلهنا للدعوة ويتم كل مرضاة جودته وعمل الإيمان بقوة حتى يمجد اسم ربنا يسوع المسيح فيكم وتمجدوا أنتم فيه على حسب نعمة إلهنا والرب يسوع المسيح" (2تس 11:1-12).

التجديف المتعمد والذي يهدف شتم الله أو إنكار صلاحه هو دائماً خطأ شنيع. والحلفان هو تدنيس وعدم احترام لاسم الله، وأن يتم ذلك عادة بغير انتباه وفي حالة غضب. وفي هذه الحالة لا يقصد الشخص إهانة الله ولهذا فهذا الذنب ليس خطيراً. وللعنة والحلفان معنيان مختلفان ويمكن استعمالهما بمعنى التجديف والتدنيس.

ب- الخرافة والسحر: الخرافة هي محاولة الحصول على شيء ما بوسائط غير صالحة بذاتها لنيله، مثلاً: إذا حكم الإنسان على وقوع شرّ له من رؤيته غراباً واحداً، وتأمل خيراً من رؤية غرابين. أو إذا حاول إبراء مريض برسمه بعض الخطوط أو وضع بعض الإشارات. إن الخرافة في معناها الدقيق هي المحاولة غير اللائقة لجعل الله يعتمد على أعمال الإنسان. وقد أوحت بها الفكرة القائلة أن الإنسان يستطيع أن يؤثر في الله عن طريق شعوذات خاصة. ويصعب احياناً الحكم في هذا الأمر- فما يمكن أن يكون ممارسة خرافية ما قد يكون عملاً دينياً عميقاً بالنسبة إلى شخص آخر. ففي الخرافة ينسب الشخص على الأقل القوة لله بصفته مصدر القوة الفوق البشرية الخاصة بوساطة صلوات وطقسيات خاصة. فالسحر هو إبداء أمور عجيبة بقوة الشيطان، وهو إما نافع للإنسان أو ضار له. والسحر في هذين الحالتين شرّ مبين، لأنه يجعل صاحبه في صداقة مع الشيطان عدو الله. وليست الخرافة والسحر وفقاً على الثقافات الأكثر بدائية. وقد يخطر في بالنا كثرة ما نسمع عن رقم 13، والأبراج، والقطط السوداء، والرقى الجالبة للحظ الحسن. فإذا تعدت هذه مرحلة المزاح وأصبح يُنظر إليها بجدية، أصبحت تشكّل إساءة لعبادة الله الحقة.

ج- العرافة: هي محاولة معرفة الغيب أو التنبؤ بالمستقبل إما بالالتجاء إلى الشيطان، أو بالاستدلال من امور طبيعية لا تدل بحد ذاتها على الغيب أو عن طريق أنماط معينة من الأفعال. ومن الأشكال السائدة للعرافة التنجيم والتبريج، والاتصال مع الموتى (مناجاة الأرواح)، وورق الشدة وقراءة الكفّ وضرب الرمل وتفسير الأحلام الخ. ويجب الحكم على كل نوع من العرافة على حدة، وليس الحدس بالمستقبل خرافة، خصوصاً إذا كان بالإمكان تقديم تعليل علمي مهما كان ضعيفاً ومن المؤكد أنه إذا ناشد غنسان الشيطان لكي يعرف مستقبله كان عمله وثنياً. فالعرافة خطأ إذا اعتقد العراف أن قوى سرية تعمل في العالم تقوم بإرشاده. وحتى إذا امتنع العراف عن قبول دعواه بالاستعانة بالوى الخفية فإنه يرتكب احتيالاً مستغلاً سذاجة الآخرين المعتقدين بالخرافات، ويكون مذنباً بتهمة الخرافة ونقضه للمحبة الأخوية، إذ أنه يغوي الآخرين ويتعاون مع خرافاتهم.

د- السكريليج أو انتهاك حرمة القدسيات:وهو تدنيس الأشياء أو الأماكن المقدسة أو الأشخاص المكرسة لله. لا شك أن تمجيد الله احترام الأشخاص، والأماكن، والأشياء المكرسة له. ومعنى الاحترام للأشخاص المكرسين (مثل الكهنة والرهبان) هم دلائل على وجود الله بين الناس وبالتالي يتوجب احترامهم من أجل الله، وإيقاع الأذى على شخص مكرّس يدعى "سكريليج" أي انتهاكاً لحرمة هذا الشخص المكرس لله. يجب احترام الأماكن المخصصة لعبادة الله (كاحترام كنيسة). كما يجب احترام الأشياء المادية المستعملة فقط في العبادة الإلهية. إن القربان المقدس هو بطبيعته أقدس الأشياء، وقبوله بشكل غير جدير أو الاستهتار به قصداً هو أعظم أشكال التدنيس. فالكتب المقدسة، والأواني، والزيوت، والذخائر المقدسة، والصلبان هي جميعها أشياء مكرسة يتوجب احترامها احتراماً لائقاً.

هـ- السيمونية: نسبة إلى سمعان (سيمون) الساحر الذي أراد أن يبتاع من القديس بطرس موهبة العجائب (راجع أع 9:8-25) هي بيع أو شراء شيء روحي أو ما يمت بالروحيات، بثمن مادي. وتتكون من شراء وبيع الأشياء الروحية كالبركات والأسرار والغفرانات والصلوات والمناصب الكنسية. وفظاعة هذه الخطيئة ظاهرة. فهي إساءة خاصة للأشياء المقدسة وهي احتقار للروحيات لمساواتها بالزمنيات.