مخطوطات قمران: الحالة السياسية والدينية (4)

يجدر بنا التوقف لحظة أمام  الظروف والملابسات  الدينية  والسياسية للفترة التي نسخت فيها مخطوطات قمران نظراً لأهميتها الكبرى بذلك نستطيع أن تفهم مضمون المخطوطات.

نقطة ارتكاز الديانة اليهودية هي اقتناع مؤمنيها التام والراسخ أن إله أبائهم كشف لموسى الديانة لحقيقية وقام موسى بتسجيل ذلك في كتب الشريعة أو التوراة. ولقد تناقلت سلسلة متواصلة من الأشخاص هذه الديانة شفوياً، وكان آخر أفراد هذه السلسلة هما عزرا ونحميا. بعدهما انقطع الوحي الإلهي ولم يعد هناك أنبياء حينئذ تم تسجيل هذه الحقائق الموحاة في مجموعة من الكتب هي ما نطلق عليه نحن الكتاب المقدس. وتأكيداً لهذه الفكرة نقرأ في التلمود: "نال موسى الشريعة على  جيل  سيناء  وسلمها ليشوع : ويشوع سلمها للشيوخ والشيوخ للأنبياء والأنبياء لرجال المحفل الأكبر" (أبوت 1:1).

لقد ترسخ إيمان اليهود بأن التوراة تشمل الدين الحقيقي: والتوراة هي الكتاب الذي يقرأونه ويتأملونه ليل نهار، شريعة إلههم، الكتاب الذي يميزهم عن كل الشعوب الأخرى والذي حافظ على وحدتهم في المحنة (سقوط المملكة والسبي) وجعل منهم جماعة مقدسة، ربّها وسيدها الأوحد هو الله. لذلك فإنهم لا يخشون السير في وادي الظلام لأن الله راعيهم ويقودهم (راجع مز23) ولأن "العالم قائم على ثلاثة أشياء: الشريعة والعبادة ورحمة الله"(بركات الآباء 2:1).

كانت الديانة في بدايتها قومية ، إلا أنها امتدت وتطورت في اتجاهين : اتجاه عالمي شامل واتجاه فردي شخصي وذلك تحت تأثير عاملين هامين هما سقوط الملكية من ناحية وتحول الأمة إلى جماعة مقدسة من ناحية أخرى واكتسبت الديانة بذلك بُعدين هما الاستقلال السياسي ومعنى روحياً وثقافياً.

وظل الاتجاهان : العالمية والشمولية والفردانية الشخصية متأصلين في الديانة  القومية  القديمة . وبذلك  اتسمت  الديانة  اليهودية  ابتداءً من عام 500-400ق.م وفيما بعد بخصائص ثلاثة: ديانة عالمية، وديانة شخصية، ديانة قومية، إله الأباء وجعل من بني إسرائيل أمة خاصة به ويقتضي ذلك من بني إسرائيل المحافظة على الشريعة.

اعتبرت  الغالبية العظمى من اليهود مراسيم العبادة في هيكل أورشليم عاملاً أساسياً وركناً هاماً من أركان المحافظة على الشريعة. وأكبر دليل على ذلك هو الغيرة والحماس لدفع العشور للهيكل (طو 4:1-8، يهو 63:11) والتقوى والإعجاب بالطقوس في الهيكل (سي50) والأناشيد التي تذوب لها القلوب رقة وحناناً (طو13) وأحلام عودة مجد الأيام السالفة حيث يتمتع سبط لاوي بمكانة مميزة بين باقي الأسباط (طو 4:14-7 ووصية لاوي).

ومن ناحية أخرى نلاحظ تراخياً تدريجياً في تقدير الطقوس وتزايداً ملحوظاً في تقدير الشريعة واستبدال الطقوس بأعمال البر. إن دراسة الشريعة وأعمال البر هما العاملان الأساسيان في الديانة الفردية الشخصية والقاسم المشترك الذي يجمع بين اليهود المحاطين بشعوب وثقافات وعادات وديانات مختلفة عنهم.

وتبرز بين هذه الإرهاصات بعض النقاط الهامة:

1-    تحديد الممارسات التي تميز بني إسرائيل عن غيرهم، ابتداءً من مراسيم العبادة في الهيكل والتمسك بشريعتي الختان وحفظ السبت.

2-    الابتعاد عن رجس الأصنام والدم ولحم الخنزير.

3-    التمسك بقواعد السلوك الشخصي والطهارة الشرعية والحفاظ على نقاء الأصل بعدم التزاوج مع الأجانب.

كان لدى بني إسرائيل اقتناع تام بأن الله أعلن في الشريعة والكتب إرادته وأنه لن يسمح بتحقيق الأمال الشخصية والقومية إلا إذا حافظ الشعب على الشريعة. وكان هذا موضوع البحث والدراسة في المجامع ومدارس الحكماء، وقد جمع علماء اليهود لاحقاً كل هذه التعاليم والقواعد والتفاسير في كتب "المشنة" و "التلمود"، أما تفاسير المجامع فنجدها في الترجوم والمدراش.

أدى ذا الاحتكاك المسمر بالتوراة والكتب الأخرى وإعادة قراءة التاريخ والتأمل فيه إلى تبلور الوعي بالحاضر وتوجيه النظر نحو المستقبل. وأذكى ذلك الأمل في قومية جديدة يحققها الله في المستقبل  ونعني  بذلك : عودة مجد مملكة داود سواء بالمعنى الحرفي  أو  بالمعنى  المسياني الذي قد ينحصر عمله على بني إسرائيل أو يمتد إلى كل الشعوب التي ستهتدي إلى الدين الواحد.

وفي هذا المناخ تضافرت  عوامل  عديدة  ومختلفة  دفعت  إلى التفكير في ما بعد الموت: القيامة، الدينونة والسعادة. نذكر من هذه العوامل: اضطهاد السلوقيين لليهود، التأثير الإيجابي لبعض التبارات الهللينية، قبول عدد كبير من اليهود الأنقياء لبعض العادات الهللينية ، التأمل  الدقيق  والرصين  في بعض معطيات الكتاب المقدس وخاصة في كيان الله ووحي الشريعة الموسوي والأنبياء. كما أدت الظروف القاسية التي عاشها  بنو  إسرائيل  في الفترة التالية لعام 200 ق.م إلى صراع نفسي شديد وجد متنفساً في الاتجاهات الرؤيوية والأخروية.

نتعرض الآن لأهم الأحداث التاريخية الهامة. شن السلوقيون- الذين كانوا يحكمون سوريا سنة 198 ق.م- هجمات وحملات ناجحة على غزة وبانياس بقيادة أنطوخيوس الثالث واستطاعوا أن ينتزعوا فلسطين من أيدي البطالسة، حكام مصر.

جلس  بعد  ذلك ،  على   العرش  أنطيوخوس  الرابع  أبيفانيوس (175-164ق.م) الذي كان يمر بضائقة مالية واعتقد أنه يستطيع الحصول على المال من خزائن الهيكل. فأوفد رسولاً اسمه ايليودورس إلى كهنة أورشليم لهذا الغرض. ولما رفض الكهنة تلبية طلب الملك، قام هذا بعزل رئيس الكهنة أونياس الثالث ونفاه إلى انطاكية وعرض منصبه على شقيقه يشوع، الذي قبل المنصب وغيّر اسمه إلى ياسون وسعى جاهداً، بمساندة من عائلة "طوبيا"، لنشر الثقافة والأفكار الهللينية. فبنى المسارح والمضامير الرياضية التي كان الشباب يمارسون فيها الرياضة عراة. مما جعلهم يشعرن بالخجل من الختان ودفع بعضهم إلى إجراء عملية جراحية لتغطية ذلك.

أثار هذا غضب وثورة اليهود المحافظين، فتم عزل ياسون بعد 3 سنوات فقط من توليه رئاسة الكهنوت. فخلفه مناحم الذي غير اسمه إلى مينلاوس وقد زادت شرور ميتلاوس عن سلفه: فدفع رشوة كبيرة للملك ليصل إلى منصب رئيس الكهنة، ودبر اغتيال أونياس الثالث الذي كان قد اختبأ في هيكل أبوللوس في دفنيس وسمح لأنطيوخوس بسلب خزائن الهيكل سنة 169. وعندما انتشرت شائعة موت أنطيوخوس في الحملة الثانية على مصر، ظهر باسون واغتال عدداً كبيراً من أعدائه السابقين واختفى فجأة كما ظهر بينما ازداد حنق الشعب وثورته، فما كان إلا أن قمع أنطيوخوس هذا التمرد وقام ببناء حصناً بالقرب من الهيكل.

أيقن الملك أن مقاومة اليهود للهللينيين تجد قوتها ونقطة ارتكازها في الدين، فقرر أن يخترقه: لذلك كرس معبد السامريين (على قمة جبل جرزيم) للإلهين زيوس وكسينوس وهيكل أورشليم للإله زيوس ساكن الأوليمب. وأمر الملك بتقديم محرقات من لحم الخنزير على مذبح المحرقات في هيكل أورشليم ومنع رئيس الكهنة مينلاوس وباقي الكهنة من ممارسة شعائر العبادة.

وأصدر الملك أوامره الواجبة التنفيذ في فلسطين بمنع كل الممارسات اليهودية: مثل الختان، وصية السبت، الاحتفال بالأعياد…الخ، وذلك تحت طائلة الموت كما أمر بحرق كل الكتب المقدسة. وكانت عقوبة الإعدام تنفذ في كل من وجد في حيازته أي شيء من النصوص المقدسة. أمر الملك بإقامة المعابد للأوثان في كل مكان ودعا لا بل وأمر الجميع بالاشتراك في عبادتها. واختلف رد فعل اليهود تجاه هذا الموقف..

1-    التسليم: قبل عدد قليل منهم الوضع وتكيفوا معه، فتخلوا عن عبادة يهوه.

2-  المقاومة السلبية: قاوم البعض الآخر هذه الإجراءات بطريقة سلبية، فمارسوا الصلوات والعبادات في منازلهم سراً أو علناً في الأماكن النائية، حيث اعتزلوا ليتمكنوا من المحافظة على الشريعة، مفضلين الموت على مخالفة الشريعة. ونجد شهادة على اعتزالهم هذا في (1مك 36:2-38و 17:31-18). إنهم فئة الحسيديم (1مك 42:2، 13:7…؛ 2مك 6:14) أي الأتقياء الذين استشهد منهم عدد كبير.

3-  المقاومة الإيجابية: اتجه البعض الآخر إلى المقاومة المسلحة. هرب هؤلاء إلى الجبال ونظموا أنفسهم. وكانت الشرارة التي ولدت هذه الجماعة هي موقف متاتيا الذي رفض أن يقدم الذبائح للأوثان وقتل مبعوث الملك ويهودياً أثناء تقديمه للمحرقات للأوثان ثم فر هارباً مع أولاده (يوحنا وسمعان ويهوذا وأليعازر ويوناثان) وقاموا بقيادة المقاومة وأطلق عليهم اسم المكابيين. وكثيراً ما تحالف المكابيون والحسيديم بالرغم من اختلاف نشأتهما ومارسا نشاطهما في السهول والمناطق الجبلية. راجع (1مك 52:1-53؛ 29:2-47).

وبدأت المقاومة العلنية والصدام المسلح سنة 165 ق.م بقيادة يهوذا فاستطاع المكابيون الاستيلاء على أورشليم وقاموا بإعادة تدشين الهيكل بعد أن طهروه. واستمر القتال حتى بعد الحصول على حرية العبادة وبذلك ابتعدت المسافة بين المكابيين والحسيديم فقد كان هدف الحسيديم من القتال هو الحصول على الحرية الدينية، وعندما حصل الشعب ليها سنة 164 ق.م. لم يروا داعياً للاستمرار في القتال.

ويعلق أحد العلماء على ذلك بقوله: "يعكس كتاب دانيال القتال في سبيل الحرية الدينية (حرية العبادة) في حين يعكس كتاب يهوديت، بالإضافة إلى القتال في سبيل هذه الحرية الدينية، القتال في سبيل الاستقلال الذي انتهى سنة 141؛ ويعكس أخيراً كتاب استير الحملات الانتقامية ضد أعداء اليهود والتي بدأت بعد سنة 141.

اختار الملك ديمتريوس الأول (162-150 ق.م) الياقيم (أوياقيم) ليخلف، في رئاسة الكهنوت ، مينلاوس الذي اغتيل . غيّر الياقيم اسمه إلى الكيمس وأمر بقتل حوالي 60 من الحسيديم بأورشليم لأنهم كانوا يدعمون المكابيين. وعام 161 سقط يهوذا المكابي قتيلاً في معركة مع باكسيدس، أحد قادة الملك ديمتريوس الأول. وأصبحت الساحة خالية أمام الكيمس، الذي أمر بهدم السور الذي كان يفصل ما بين ساحة اليهود وساحة الأمم.

انسحب المكابيون تحت قيادة يوناثان ، الذي خلف يهوذا في قيادة الحركة، إلى الريف. لكن سرعان ما عاودوا الهجوم وواصلوا الانتصارات. وفي عام 153 رأس يوناثان، بصفته كبير الكهنة، الاحتفال بعيد المظال في هيكل أورشليم. ولكنه سقط في كمين نصبه له تريفون، فأُسر وحُبس في طلمابيس.

اختار أتباعه شقيقه سمعان ليقود الحركة بعده. حاول سمعان أن يحرر أخاه من الأسر ولكنه فشل، واصل سمعان هجومه الخاطف الناجح فاستطاع سنة 142 أن يحرر مدينة أورشليم بالكامل واستقل بجزء كبير من البلاد عن السلوقيين.

بايع الشعب سمعان رئيس كهنته على  أن  يخلفه  سلالته  من  بعده (1مك 25:14-41): بذلك بدأت سلالة الحشمنايين التي استمرت حتى عام 37ق.م. وأول من يطلق عليها هذا الاسم هو يوسيفوس فلافيوس (العاديات 265:12). لم ينحدر الحشمنانيون من سلالة هارون لذلك يرى بعض الدارسين أن المزمور 110 "أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكيصادق" قد كتب بمناسبة تنصيب سمعان رئيساً للكهنة. ولكن بعد اكتشافات قمران سقطت هذه النظرية.

غدر حاكم أريحا بحميه سمعان المكابي  فقتله  مع اثنين من أبنائه سنة 135. نجا من هذه المذبحة يوحنا هرقانوس الذي كان في غزاره. استطاع يوحنا هرقانوس العودة إلى أورشليم ليستلم مقاليد لحكم ورئاسة الكهنوت من 135 حتى 104ق.م. وقد أحسن هرقانوس استغلال خلافات السلوقيين وضعفهم فكون مملكة تضاهي، في امتدادها وقوتها، مملكة داود. لقد كان ناجحاً وقاسياً، فأخضع السامريين وهدم مدينتهم وهيكلهم، وانتصر على الأدوميين وأجبرهم على الدخول في الديانة اليهودية.

خلف يوحنا هرقانوس ابنه أرسطوبولس (104-103) في رئاسة الكهنوت. وكان أول من أطلق عليه لقب ملك. ولكنه ما أن جلس على العرش حتى أمر بحبس أمه واخوته ماعدا واحداً وهو أنتيجونوس، الذي اغتاله فيما بعد. فأطلقت زوجته سالومي الكسندرا سراح أمه واخوته وتزوجت أكبرهم، الذي كان يصغرها ب13 سنة. إنه الكسندروس بانيوس (103-76ق.م) الذي أدى مهام رئاسة الكهنوت وكان ملكاً مقاتلاً. لذلك طلب الفريسيون، وهم عادة مسالمون، تدخل الملك السلوقي ديمتريوس الثالث أوخاريوس الذي استجاب للدعوة وهزم الكسندروس يانيوس سنة 88 ق.م ولكنه عجز عن السيطرة التامة، فإاضطر إلى الانسحاب. عندئذ قام أنصار بانيوس بالانتقام من الفريسيين وقتلوا منهم عدداً كبراً. ومات يانيوس أثناء حصاره لإحدى المدن في مقاطعة بيريه وترك مملكة تضاهي مملكة سليمان في امتدادها.

خلف بانيوس، في رئاسة الكهنوت، ابنه إليكرهرقانوس الثاني، وعلى العرش، زوجته الكسندرا. وكان شقيقها فريسياً. غيرت الكسندرا سياستها تماماً مع الفرنسيين لدرجة أن يوسيفوس فلافيوس، بالرغم من ثنائه عليها كتب عنها: "كانت  مكاسب  الملكية  قاصرة  عليهم ( الفريسيين ) أما  الأعباء والمصروفات  فكانت  من  نصيب  الكسندرا ، التي  حكمت الآخرين وحكمها الفريسيون".

استطاع أرسطوبولس الثاني (67-63)، بعد موت والدته ، أن يتغلب على شقيقه، رئيس الكهنة، وأن يستولي على العرش ورئاسة الكهنوت. فانسحب هرقانوس الثاني من الحياة العامة. لكن انطيباطر ، حاكم آدوم ووالد هيرودس الكبير أعاده إلى رئاسة الكهنوت وأجلسه على العرش فلجأ الأخوان إلى الرومان.

استمع بومبايوس في دمشق لشكوى الأخوين ولشكاى الشعب. وكان ما يرويه كل طرف يختلف تماماً عما يرويه الطرف الآخر فعندما وصل جابينوس وبعده يوسابيوس إلى أورشليم سنة 63 وجدا أوضاعاً مختلفة تماماً عما توقعا. ففرضا الحصار على المدينة، التي استسلمت بعد 3 شهور. فدخل يومبايوس الهيكل، إلا أنه لم يسلبه، ونزع من أيدي اليهود كل المدن غير اليهودية التي فتحها الحشمنانيون واصطحب معه إلى روما أرسطوبولس وعدداً من اليهود (الذين شكلوا نواة الجماعة اليهودية في روما). وترك هرقانوس الثاني في منصب رئيس الكهنة وحاكماً للدولة المقلصة (63-40ق.م).

كانت نهاية الحشمنانيين تقترب بسرعة فقد هرب أحد أبناء أرسطوبولس وهو الكسندروس من بومبايوس. كما كانت تصرفات أرسطوبولس وابنه أنتيجونوس سبب مشاكل لهرقانوس وللشعب. استقبل اليهود البارتيين كمخلصين من حكم الرومان فجلس انتيجونوس على كرسي رئيس الكهنة والعرش من 40-37ق.م وكان آخر سلالة الحشمنانيين. بتر أنتيجونوس أذني هرقانوس لكي يحرمه من رئاسة الكهنوت وسبى البارتيون هرقانوس إلى بابل. كان حكم أنتيجونوس خير إعداد لإبراز نجم هيرودس الكبير (37-4 ق.م).

عن مجلة صديق الكاهن