بثلاثون من الفضـة

                     تــقــديــــم            

إن الخيانـة التى إقترفهـا يهوذا الإسخريوطي، ذلك التلـميذ الذى باع سيده "بثلاثون من الفضـة"، والتى جعلته علـماً فى التاريخ كانت ومازالت، على كثرة ما تعرضت له من تحليل ونقاش،سراً غامضاً لا يمكن تعليله أو تأويـله. ولقد إجتهد العديد من مفسري وعلماء الكتاب الـمقدس و اللاهوت فى شرح البواعث الكامنة الـمحتملة، وتعددت آراءهـم فـمن قائل "ليتم الكتاب"كما جاء فى (يوحنا12:17)، أو لأنـه قد "دخل فيـه الشيطان" كما ذُكر فـى (لوقا 3:22ويوحنـا27:13)، وغيرهـا من التفسيرات كالخبث والطمع والحقد والضغينة وضياع الأمل. وفـى هذا الكتيب نتعرض لدافع قد تبنـاه بعض الـمفسرين فى عرض مسرحي على هيئة محاكمة ليهوذا الإسخريوطي والذى دفع بذلك التلـميذ أن يخون السيد الـمسيح. هذا ويحوي الكتيب أيضاً لبعض التأملات الروحيـة، مع إلقاء بعض الضوء على شخصيـة التلميذ الخائن.

أطلب من الرب أن يكون هذا الكتاب سبب بركة روحيـة للجميع.                                                      

                                                   نبيل حليم يعقوب

لوس أنجلوس فـى مايو ‏2003‏‏ 



                                           الفهرس

1.                          ثلاثون من الفضـة

2.من هو يهوذا الإسخريوطي؟

3. مـا الذى نتعلّـمه من حياة الإسخريوطي
4. متى نفعل ما قد فعله الإسخريوطي؟

5. لـماذا خان التلـميذ معلّـمه؟

6.                           الإسخريوطي التائب

                   

 

                                 ثلاثون من الفضـة

المشهد الأول- [يدخل مجموعة من الكورس من اماكن مختلفة للمسرح مع موسيقى خفيفة].

الكورس: نحن فى دوامـة..نحن فى خوف وكآبـة

نتلمس شعاع من نور..نتلمس أصداء الكلـمة

ذات يوم سمعنا رنين الصوت الـمسحور فى الجليل

وترددت من الناصري معلنـة: أنـا الطريق..أنا الحق…أنـا الحيـاة

ولـم يكتمل لهـا صدى فقد أتـى من بدد الفرح القليل

عيـن قاتـل..يد خائـن..وقلب عرف النسيان

أتـى من عالـم الغيوب والفناء..من عالم البخور والطلاسم

وحاول أن يُسكت واعظ الجليل وفتى الناصرة

إنـه "الإسخريـوطي"..هذا الفتى الـمدلل حامل الصندوق

حَـلِم بالسحاب والبروق..وتاق للـمُلك والشموخ ولكنه ضلّ الطريق

أيهـا الإسخريوطـي..ايـن أنت؟…أين أنت يا يهوذا؟

مـا قصتـك مع مسيح الناصـرة؟

[يدخل يهوذا متثاقلاً مع موسيقى تصويرية وتُعد موائد محاكمة]

يهوذا: لقد وضح الآن كل شيئ..وضح مصيرنـا الـمحتوم..

أيهـا الـمُعلّم أتعتقد بالأشياء التى يقولونها عنك بأنك الـمسيّا الـمرُتقب؟..

إذن..يجب أن تعلم انهم سيلحقون بك الأذى إن هم إكتشفوا انهم كانوا على خطـأ. انهـم يحسبون أنك الـمسيح الجديد..ولكن إن لـم تكن!!

يجب أن نلزم حدودنـا..نحن محتلون. هـل نسيت إلـى أي حد نحن فى الحضيض. انـى أخشى الرعاع الذيـن يلتفون من حولك..كل أتباعك عـميان وعرج ومرضى..ماذا ستفعل بهم أمام بطش رؤساء اليهود ورومـا؟

انـى أريد لنـا أن نحيـا. أرجوك تذّكر يا معلّم أن فرصتنـا تضيق ساعة بعد ساعـة..سيسحقنـا الرومان..الرومان..أباطرة العالـم..

نـريـد أن نحيـا..نريـد أن نحيــا.

(يدخل بطرس الرسول)

بطرس: ما هى الـمشكلة يا يهوذا؟..ماذا حدث؟..مالـي أراك ثائراً؟

يهوذا: بطرس..بطرس..يجب أن تعرف اننـا سنضيع..ان الغد مليئ بالغيوم.

بطرس: دع الغد لصاحب الغـد.

يهوذا: انـى أريدك أن تصارحني يا بطرس. ماذا يقول الناس عن الـمعلّم؟ انهـا تتضارب أقوالهم. إن كان ايليـا أم يوحنا،أم أرميا النبي، أو أحد

الأنبيـاء، فلا ندري من هـو؟..من هـو؟

بطرس: انـه الـمسيح إبن اللـه الحي

يهوذا: لقد قلت هذا من قبل لـه عندما سألك،وقد طوّبك على هذا قائلاً: ان لحما ودما لم يعلن لك ذلك ولكن اللـه فى السماء أخبـر..ولكن يبدو لـي أن الأمر غريـبـاً ومـحيراً.

بطرس: كيف؟

يهوذا: لـماذا يجمع من حولـه عرج ومرضى وخطأة وعشّارون؟..أتذكر مثلاً تلك الخاطئة التى أتت وسكبت الطِيب عند قدميـه..انـه أمر غريب، وكيف يقبل مثل هذا التـرف؟

بطرس: يهوذا أصمت

يهوذا: إن إعتراضي لو انهم رأوا تلك الـمرأة فـى الـمنزل؟ ماذا قد يظنون بنـا؟،وثـمن هذا الطِيب نحن فى الحقيقة أولـى بـه.. اعنـى فـى الخدمـة.

بطرس: من أنت حتى تنتقدهـا وتنتقد الـمعلّم؟، ومن أنت حتى تزدري بأفعال من دعاك ودعانـا؟

يهوذا: انهم يريدون فقط مجرد عذر لإكتساحنـا جميعـا.

بطرس: تذكّر ما قالـه لك الـمعلّم عندما أعلنت عن إحتجاجك هذا.

يهوذا: نعم أذكره جيداً..جيداً يا إبن يونـا..الفقراء معكم فى كل حين، وامـا أنا فلستُ معكم فى كل حين،وانهـا إذ سكبت هذا الطِيب على جسدي إنما فعلت هذا لأجل تكفينـي. نعم..نعم..أذكر هذا جيداً..الفقراء..الفقراء..

بطرس:الفقراء هـم اخوتنـا

يهوذا: سيظل دومـا هناك فقراء..لقد أتـى العديد من الأنبياء وأصحاب الـمعجزات ولـم نسمع أن شيئاً قد حدث مثل هذا من قبل..طِيب غالـي الثـمن يُهدر عند القدميـن!. آه..وتذكر أنت أيضاً يا بطرس ماذا قال من ان ساعتـه قد أتت وسوف يُسلّم إبن البشر وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء،ومن انـه سيموت ويقوم فى اليوم الثالث..

بطرس: طبعا أذكر هذا جيداً..فلقد وبخنـي لأننى حاولت أن أجعلـه لا يردد مثل ذلك الكلام أمام الجميـع.

يهوذا:ووصفك بالشيطان،ومن انك لا تهتم بـما للـه بل بـما للناس. مـا هذا؟..نحن نحيـا للناس الذين إلتفّـوا من حولنـا. مـاذا يُجدي لو تركونـا؟ ..الناس..الناس..الناس هى التى ستعطينـا القوة والـمجد والسلطان..بدونهـم سيضيع مُلكـنـا.

[ يخفت صوت يهوذا وبطرس ويذهبا الى جانب الـمسرح وترتفع

الـموسيقى ويتكلّم الكورس]

الكورس: أيهـا الـمسيح..أيهـا الـمعلّم..يـا إبن داود

           أيـن أنت؟..ألـمسنـا يا يسوع..الـمسنا

           أنظر الى عينـي..انـي لا أرى

           أنظـر إلـيّ..انـى عـاجـز

           انظـر إلـى فـمي .. لا أتكلـم

           أنظـر إلـى جلدي..انـى كتلة من الدم

           أنظـر إلـى كيس نقودي..انـى فقيـر..فقيـر جداً

           أنظـر إلـي .. انـي جوعـان..أريد خبزك وسمكك

           يـا إبن داود..هـل لك أن تلمس وتشفـي؟

           ألا تقبلنـي يا أيهـا الناصري..فـأنـا سامري وأممـي

           يـا مسيحنـا الـمنتظر..ألا تدفع لنـا؟..ألا تطعمنـا؟..

           ألا تداوي جراحاتنـا؟

           ايـن انت؟..ايـن انت ذاهب يا مليكنـا؟

           ايـن انت يـا مسيحنـا..خلصّـنا يا إبن داود.

    (موسيقى صاخبـة ثم تهدأ، ويقترب يهوذا وبطرس الى المسرح)

يهوذا: انهـم أكثر من خمسين ألفـا يصرخون لك أيهـا الـمعلّم..دعهم يصرخون بولائهم لـك، ولكن أضف لـمسة من كرامتـك وقُد الثورة..قُد الثورة..ماذا ينقص لتقود الثورة وتحررنـا وتُصبح ملكـاً؟..آه وأي ملك أنت ستكون؟!

بطرس: لقد سبق وان قال ان مملكته ليست من هذا العالـم. 

يهوذا: (دون الإلتفات لبطرس) معجزة واحدة..معجزة واحدة منـه تسقط القلاع وتهدم قوى الشر ونفوز بالـُملك والـمجد والقوة…ولكن ماذا تريد يا معلّم أكثـر لإقناعك انك حققت إنتصاراً وأنك أصبحتَ ملكاً..لـماذا تقف هكذا عاجزاً..ومـا هو سرّك أيهـا الناصري؟

بطرس: أصمت يا هوذا..انك بدأت تهذى. والآن وداعـاً فسوف ألحـق بالسيد. يهوذا تذّكر أقوالـه جيداً..تذّكـر..لا تنسى (يخرج).

يهوذا: (محدثـا نفسه) أنـى أريدك أن تصنع معجزة واحدة..معجزة واحدة فقط..يرتفع بعدهـا شأنك أكثـر..وستُجبـر حتى رؤساء اليهود لأن ينصبوك الـمسيّا الـمنتظـر..سأذهب للكهـنة ورؤساء الهيكل الآن..نعم سأذهب وأطلب منهم أن يعترفوا بك فهذا سيزيد من قوتهم وقوتنـا . سأجعلهم ينادون فى أنحاء الجليل واليهوديـة بأن الآتـي قد ظهـر..مخلّص إسرائيل قد آتـى..قد آتـى..قد آتـى.

آه..ولكن ماذا لو لـم يستمعوا لقولـي و حاكموك!

أنـا لا أعتقد أن إعتقالك سيكون مشكلة بالنسبة لك ..

أنك ستـمر من وسطهم دون أن تُمس بسوء كما سبق وأن فعلت ذلك فى الناصرة من قبل..

أو..أو..لو حتى نجحوا وعلّقوك على خشبة فهنـا يمكنك أن تظهر قوتك أمام الـجميع وتنزل من على الصليب فيعترفون بأنك الـمسيّا..مخلص اسرائيل.. (يخرج).

                  ………………………………

الـمشهد الثانـي: (مقـر قيـافـا رئيس الكهـنة)

( يدخل من طرف الـمسرح كاهنان ومن الطرف الآخر قيافا رئيس الكهنة)

كاهن 1: أيهـا الربـي الـمقدس قيافـا.. اننـا فى إنتظارك..الكتبة والكهنة وكتبـة الشريعة جاءوا كلهم من أجلك.

قيافـا: ليس لدينـا الوقت الكثيـر إزاء الـمشكلة.

( الكورس من الخارج بصوت صياح)

    أوصـانـا يا إبن داود…أوصانـا فـى الأعالـي

    أنت ملك إسرائيل…أنت ملك إسرائيـل

كاهن 2: أصغ يا سيدي لهؤلاء الرعاع..خدعة أو خدعتان مع أبرص نجس

تقوم الـمدينـة بعدهـا وراء هذا الرجـل.

كاهن 1و2: انـه خطـر..هذا الجليلي خطـر..

كاهن 1: ان الرجل فى الـمدينة يستوحذ الآن على التأييد والـمساندة

قيافـا: انـه يثيـر الشعب علينـا ويجب أن نوقف هذا العبث

كاهن 1و2: انـه خطـر..أنـه خطـر..

كاهن 2: ما العمل إذن فـى أمر هذا الناصري..رجل الأعاجيب؟

كاهن 1: لا جيش معه..لا حرب يقودهـا..لا شعارات يرفعهـا..ولكن جاء بشيئ عجيب فى أقوالـه

كاهن 2: الرحمة..الـمحبة..الآخـاء..السلام..ومحبـة حتى للإعداء !!

قيافا: ان جاذبيتـه تزداد وبعد قليل سيصبح هو الزعيم فى هذه البقعة من البلاد.

كاهن 1: كيف إذن يمكن أن نوقفـه عند حده؟..كيف؟..كيف؟

قيافـا: ان الشعب يتوجـه ملكاً..وذلك أمر يحرمـه الرومان..آه..بسبب رجل واحد سيكون هناك هلاكنـا.

كاهن 2: بسبب رجل واحد النهايـة ستكون لنـا.

كاهن 1: ما العمل إذن؟، وكيف سنعالج أمر ذلك الـملك النجـّار؟

قيافا: كما سحقنـا تماما أمر يوحنا بن زكريـا سابقـاً ..هذا النجّار يجب

أن يموت من أجل الأمـة..هذا الرجـل يجب أن يـموت.

كاهن 1: حتـما يجب أن يـرحـل.

كاهن 2: يجب أن يـموت..يجب أن يـموت.

  الكورس من الخارج: أيهـا الـمسيح ألا تحارب من أجلنـا

                        أعطنـا الحريـة يا إبـن داود

                        نريدك ملكـاً علينـا..ملكـاً ..ملكـاً

                        تعال يا إبـن يوسف..فأنت الـملك الـمنتظـر

                        خلّصنـا يـا إبـن داود..

قيافـا: أسمعتم هؤلاء الرعـاع؟..مـاذا يتوقعون من رجل يجدف

انهـم لعنـة..لعنـة..يجب أن يتوقفـوا ويجب أن يزول هذا..

الكورس:      هـذا يسوع النبـي من ناصرة الجليـل

                هـذا ملك اليهـود..

                هـذا هـو الآتـى بإسم الرب…

                هـذا هو موسى العظيم أتـى لكى نعبـر فنأكل الـمن 

                  وننال الحـريـة..

قيافـا: اللعنـة..اللعنـة..

           (يخرج من جهـة ولكنه يقف ويتراجع مع دخول يهوذا)

قيافـا: آه..الإسخريوطي..أحد تلاميذ ذاك الناصري

         يـا تُرى مـا الذى أتـى بك أيهـا اليهودي إلـى محفلنـا هذا؟

يهوذا: جئتُ..جئتُ..جئتُ لأساعدكم

كاهن 1: (مقبلا اليه) تساعدنـا!!..تساعدنـا فى ماذا؟

يهوذا: أساعدكم فى تحقيق ما تضمرون فى صدوركم..ولو ان هذا النوع من الأشياء صعب عليّ حقاً..ولقد استدعى الأمر بعض الوقت لكى أقرر ما العمل..ولكن كان يجب أن أجـيئ..فأنـا الذى رأى كيف أن الـمعلّم لم يعد يسيطر على الأمور كما كان من قبل.

قيافـا: كف عن الإحتجاج..انسى الـمعاذيـر..نريد معلومات عنـه

كاهن 1: لدينا الأوراق اللازمـة لإعتقالـه..أنت تعرف تحركاته ونحن نعرف القانون.

قيافا: بالطبع ان مساعدتك هذه ..فى هذا الأمر لن تذهب سدى دون ثواب

كاهن 2: سندفع لك فضـة

كاهن 1: نقـداً

قيافا: ان كان حقاً الذى دفعك لنا هو مساعدتنـا..فكل ما نريد هو أن يجده الجند ليـمسكوه؟

كاهن 2: دون جماهيـر من حولـه

كاهن 1: حينئذ لا يمكن أن نفشل.

يهوذا: أنـا لا أريد نقودكم ..أو فضتكم..فالذى دفعنـي الى هذا

قيافا: (مقاطعاً) أنـا أعلم انهـا أسمى البواعث..ولكن ألست معي ان معلّمك لم يظهر آيـة واحدة تثبت انـه من اللـه..هل جعل الجبل يهتز مثل موسى؟..هل أنزل منـاً من السماء؟..هـل حارب من أجلنـا كداود العظيم وحررنـا من سيطرة الرومـان؟

كاهن 1: هل يقبل ناموسنا؟..انـه يستهزأ بكل ما جاء به موسى.

كاهن2: ألـم تراه ينقض يوم الرب..السبت العظيـم؟

قيافا: انـه يجالس العشّارين والخطـأة..

كاهن1: أتصدق ان هذه هى أعمال إبن الـمبارك كما يقول؟

كاهن2: لقد قال عن نفسه بأنـه هو والآب واحد..!

قيافا: هذا تجديف..وأي تجديف.

يهوذا: ولكن…

قيافا : (مقاطعاً) أنـا أعلم انك يهودي مخلص لشريعة آبائك فيجب أن تساعدنـا.

يهوذا: بالطبع..وهذا ما جئت أنـا من أجلـه

كاهن1: لو كان حقاً هو الـمخلص الـمنتظر كان سيقودنا للخلاص..للحريـة، ولكن أنظر الى أعمالـه..تعاليـمه..كلهـا تدل على انـه خطـر على أمتنـا.

كاهن2: كم آتـى من قبل أنبيـاء صنعوا بعض الـمعجزات مثلـه ولكن لـم يقل واحد منهم انـه الـمنتظر..الـمسيّا الـمرتقب والذى تذخـر توراة موسى بالرموز والنبؤات عنـه.

قيافـا: قل لنـا إذن أيـن نجده؟

يهوذا: يوم الخميس..(فى تردد)

قيافا: شكراً أيهـا الإسخريوطي ..

كاهن 1: خذ فضتك

يهوذا: لا أريدهـا

كاهن2: يجب أن تأخذهـا ويمكنك ان تختار سبيلاً للإحسان..هذا إذا كنت فى الحقيقة لا تريدهـا (ضاحكاً).

كاهن1: تصدّق على الفقراء مثلاً..

كاهن2: أو قدمهـا للهيكل (مازحاً)

قيافا: نحن نقدر مشاعرك ..ولكن ليست هذه نقوضاً..انهـا..أنهـا مجرد أجر..أجر زهيـد.

كاهن1: بالطبع أجر زهيد

يهوذا: يوم الخميس..ستجدونـه حيث تريدون ..بعيداً عن الشعب..فى بستان..فى جبل الزيتون.

الجميع(قيافاوكاهن1و2):حسنل فعلت يا يهوذا..يا يهوذا الطيّب

(يهـّموا بالخروج ولكن يعود أحد الكهنة ويلقى إليه بكيس نقود)

كاهن2: هذه فضتك..ثلاثون من القضة..أجرك..يا مخلّص إسرائيل

(وهو يخرج ضاحكاً)..شكراً يا صديقي من أجل الضحيّة.

يهوذا: (منفردا) ثلاثون من الفضة..كم أنـه ثـمن بخس من أجل ملِك..

ولكن لا يهُم..فالـمال سيجري بين يدي عندما نفوز بالـمُلك..الـمُلك..الـمُلك (يخرج)

الكورس:      وإقترب عيد الفِصح..وإقتربت الساعـة

                وإجتمع السيد بخاصتـه..

                وغسل الأرجـل وإتكأ معـهم..مع الإثنى عشر

(يتم عرض الجزء الخاص بالعشاء الأخير من فيلم للسيد الـمسيح أو عرض صور بالفانوس السحري ويصحب العرض صوت الراوي)

الراوي: وصيّة جديدة أنا أعطيكم..أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم

         ليس عبد أعظم من سيّده ولا رسول أعظم من مرسلـه

        إن كنتم تحبونـني فإحفظوا وصايـاي

        إن سألـتم شيئـاً بإسمي فانـي أفعلـه

        سلامـا أترك لكم..سلامي أعطيـكم

        أنـا الكرمـة وأنتم الأغصان فإثبتـوا فيّ

        صلّوا لكي لا تدخلوا فـى تجربـة

        أيهـا الآب قد أتت الساعـة..

        ان واحد فيكم يسلـمني

        الذى يأكل معـي الخبز يرفع عليّ عَقبَـه

الكورس: (بعد إيقاف عرض الصور أو الفيلم وإضاءة الأنوار)

        من الذى سيسلـمك يـا معلـم..

        أنـا؟…أنـا؟…أنــا؟

        قـل لنـا مـن هـو؟

        نحن تلاميذك يا سيّد..نحن نضع أنفسنـا عنك..

        نحن مُختاريك يا معلّم..فإلـى أين تذهب؟

        لسنـا نعلـم أيـن تذهب؟

        هـل لن نراك بعد ذلـك؟

        انك يا معلّم تتكلم بأمور عجيبـة ولست تقول مثلاً واحداً

يهوذا: (يظهر على الـمسرح من جهـة)

        سأذهب..سأذهب يا معلّم فإنهـم ينتظرون

بطرس: (يدخل وراء يهوذا) إلـى أين أنت ذاهب يا يهوذا؟..هل أرسلك الـمعلّم لتبتـاع لنـا شيئـا؟

يهوذا: إبتعد أنت يا سِمعان..فلقد تأخرت عليهـم.

بطرس: من هـم؟..وإلـى أين أنت تـمضي فى هذا الليل الـمظلم؟

يهوذا: سأقدم ذبيـحة (ضاحكاً)

بطرس: ما هذا الهراء الذى تقولـه يا يهوذا؟

يهوذا: ألـم تسمع ما يقولـه؟..ان واحدا سيسلـمه وانـه ماضِ إلـى أبيـه السماوي..وانك ستنكره..وألـم تشاهد ما يفعلـه بنـا؟..غسيل للأقدام!!..عجبـا نشاهد من ملِك!..وبعد هذا تقول لـي ما هذا الهراء؟!

بطرس: هل لعبت النبيذ برأسك؟..أم إستولـى عليك شيطان خبيث؟

يهوذا: بل اني أصنع التاريخ..أُعـد الطريق للـملك..هـا..هـا..هـا

لقد طلب منـي ذلك..

بطرس: كُف عن هذا أرجوك

يهوذا: لقد عرف ما أنوي أن أفعلـه..وباركـه.."إفعل ما تريد أن تفعله

سريعاً"..سريعـا..سريعـا..سريعاً يا سِمعان (يخرج ويخرج بطرس من الجهة الأخرى).

( تطفأ الأضواء ويظهر خيال ظل لقبلـة يهوذا للـمسيح أو يتم عرض جزء من فيلم السيد الـمسيح عند إعتقالـه،أو عرض صور بالفانوس السحري)

الكورس:      قل لنـا أيهـا الـمسيح..كيف ستكون محاكمتك القادمة؟

                أنت فى قبظتنـا الآن..بقبلـة صغيرة أسلمك يهوذا

                أين هم رجالك؟..ألا تخطط للحرب؟..ألن تهرب هذه المرّة؟

                لـماذا سلّمت ذاتك؟..ماذا أنت فاعـل؟

                الآن قد أمسكنا بك..

                قل لنـا أيهـا الـمسيح ماذا سنرى فى الفصل الأخيـر؟

(عرض صور الآلام مع موسيقى هادئـة)

الكورس:      أيهـا الـمسيح لقد أصبح لك إسماً مشهورا فى كل الأنحاء

                تشفي المرضى..وتبعث الـموتـى وتصنع الأعاجيب

                أنت كل الـمعجزة التى نتحدث عنهـا فى هذه الأيام

                ولكنك الآن شيئ آخـر..تبدو ضئيلاً..صامتـاً

                يسوقونـك كشاه للذبـح..

                أين قوتك؟..أين عظاتك؟..أين سوطك؟

                إنك قادر على الإطاحة بهذا كله..إذا أردت

                إن كنت أنت الـمسيح..إفعل شيئـا لإنقاذك

                أم أن هنـاك خطـأ قد حدث؟

                بـرهـن لنـا أنك الإلـه..الـمسيّا العظيـم

                ناقض الهيكل..ومُشبع الخمسة آلاف

                لقد حلّقت بنـا الآمال وأنت تعظ فـى تخومـنـا

                وتُقنـا للحريـة والخلاص..

                ولكن..ها أنت الآن مُجدف وبيـن لصيـن ولست ملكاً

                أصلبـه يا قيافـا..

                أصلبـه يا هيرودس..

                أصلبـه يا بيلاطس..

                أصلبـوه..أصلبـوه..أصلبـوه

                فدمـه علينـا وعلى أولادنــا..

( يظهر صليب كبير وعليه الـمصلوب ولكن ظهره للـمشاهدين أو يعرض خيال ظل للصليب أو منظر الصليب بالفانوس السحري وتسلط الأضواء على يهوذا)

يهوذا: (يدخل متثاقلاً) ماذا صُنع بك يا ملكي..ضربوك بقسوة..واصبحت فى حالـة سيئـة..لـماذل تقف هكذا صامتـاً..انول من على الخشبة..ألا تستطيع؟..ألا تسمعنـي؟..لا أفهم لـماذا تترك الأمور تفلت هكذا من يديك؟..

أنت مسيحي الـمنتظـر..ملكـي أليس كذلك‍

إذن إئت بالـمعجزة..اصنعهـا من أجلي..بل من أجلنـا جميعا

لقد حوّلت الـماء الى خـمر..وأسكنت العاصفـة..وسرتَ على اليـمّ..

أقـمت موتـى..وشفيت الـمئات وأخرجت شياطين..ألن تقوى أن تهدم كل هذا وتنزل بقوة عظيمة من على الجبل؟‍

أريد أن أعرف..لـماذا تموت؟..لـماذا تـموت؟..لـماذا يجب أن تموت؟

هـل يمكنك أن ترينـي الآن سببـا لإرادتك بأن تـموت هكذا؟

هـل هناك ملك يُعلّق على خشبـة؟‍

أنت ..أنت مجرد رجل..مجرد بشر مثل أي إنسان أعرفـه..

أنت لست ملكاً..لست أنت الـمنتظـر..لقد خذلتنـي..بل خذلتنـا جميعنـا..أنظر الآن ماذا صنعتَ بنـا؟

أين هـم رعيتـك يـا ملك؟

لقد انصرفوا الآن عنك عائديـن إلـى..صيد الأسماك وتركوك معلقاً تنزف

انـه خطـأك..خطـأك أنت وحدك

تبـاً لـي أنـا الشقي.زلقد بعتك بثـمن تافـه هـا هـي (يلقي بالنقود)

خذوهـا..خذوهـا خذوهـا بعيداً عنـي ..

انهـا لعنـة..انهـا لعنـة..

أنهـا ثـمن رجل..رجل جليلي قتلتـه أنا بيدي..

لقد أسلمتك أيهـا الناصري بيدي هاتين وكان أملي أن أكون حاكما أو أميرا من أمرائك..ولكنك أردتنـا شيئـا آخـر.ز

لقد ضاع الـُملك..مات الـملك..مات الـملك..أنت لست الـمسيّا

(تطفأ الأنوار ويظهر حبل مشنقة من خلف ستـار كخيال ظل)

الكورس:      مسكين يا يهوذا..

                وداعـا أيهـا الأميـر

                إن الـملك لـم يـمت بل قام فى اليوم الثالث

                وأتـى بالـمعجزة الكبرى التى أردتهـا

                لو إنتظرت قليلاً لرأيتـه وعاينـته ولـمسته

                وأمنت بانـه الـمسيّا الـمنتظـر

                فـمملكـته هـى مجد الآب والإبن والروح القدس

                ولكنك رحلت أيهـا الإسخريوطي وأنت تحمل وزر السيد

                ولذلك دُعيت بإبـن الهـلاك

(يظهـر صور الـمسيح القائم من الأموات مع موسيقى هللويـا)

                          ستــــار

(تم كتابة هذا النص فى ديسمبر 1980 ولـم يتم عرضه من قبل)

                    _________________

                 

          

 



                من هو يهوذا لإسخريوطـي؟

يهوذا إبن سـمعان الإسخريوطي هو ذلك التلـميذ الذى خان سيده الإلهـي،هذا ما قد جاء ذكره فـى العهد الجديد فى كثيـر من الأحداث.

جاء ذكر اسمه 22 مرّة فى الأناجيل الـمقدسة وسفر أعمال الرسل، لكن لـم يأت أي شيئ عن كيفيـة إختياره،أو لـماذا إختاره السيد الـمسيح،أو ماذا كانت صناعتـه قبل الإختيار.

ماذا جاء عنـه فـى الكتاب الـمقدس:

1. جاء إسـمه ضمن أسماء الرسل الإثنى عشر

فى الإنجيل حسب القديس متى ومرقس ولوقا جاء اسمه ضمن قائـمة الرسل لكن متبوعا بهذه العبارة"الذى أسلـمه":

                               "وهذه أسماء الإثنى عشر رسولاً.الأول سمعان المدعو بطرس ثم اندراوس أخوه ويعقوب بن زبدي ويوحنا أخوه وفيلبس وبرتلماوس وتوما ومتى العشار ويعقوب بن حلفى ولبّاوس الـملّقب تَدّاوُس وسمعان القانوي ويهوذا الإسخريوطي الذى أسلـمه"(متى2:10-3).

                               "ويهوذا الإسخريوطي الذى أسلمه" (مرقس16:3-19).

                               "ويهوذا الإسخريوطى الذى أسلمه"(لوقا15:6-16).

أمـا الإنجيل بحسب القديس يوحنـا فلقد جاء ذكره أولاً عندمـا قال  السيد الـمسيح:"ألـم أكن أنـا إخترتكم أنتم الإثنى عشر وواحدا منكم هو شيطان.قال ذلك عن يهوذا الإسخريوطي إبن سمعان لأنـه كان مزمعاً أن يسلـمه وهو أحد الإثنى عشر"(يوحنا71:6-72).

 2. فى العشاء الأخيـر

+"وفيما هم يأكلون قال الحق أقول لكم إن واحداً منكم سيُسلـمني. فحزنوا جداً وجعل كل واحد يقول لعلّي أنا هو يارب. فأجاب قائلاً الذى يغمس يده معي فى الصفحة هو يُسلـمني. وإبن البشر ماضِ كما هو مكتوب عنه ولكن الويل لذلك الرجل الذى يُسلِّم إبن البشر. قد كان خيراً لذلك الرجل لو لم يُولد. فأجاب يهوذا مُسلـمه قائلاً لعلي أنا هو يا معلّم. فقال له أنت قلت"(متى21:26-25). 

+"ولـما قال يسوع هذا اضطرب فى الروح وشهد وقال الحق الحق أقول لكم إنّ واحداً منكم سيُسلمني. فنظر التلاميذ بعضهم الى بعض وهم متحّيرون فيـمن يقول عنـه. وكان أحد التلاميذ متكئاً على حضن يسوع وهو الذى كان يسوع يحبه. فأومـأ اليه سمعان بطرس وقال له سَلْ من الذى يقول عنه. فاستند ذاك إلى صدر يسوع وقال له ربِ من هو. فأجاب يسوع هو الذى أغمِس لقـمة وأُناولـه وغمس لُقـمة وناولهـا ليهوذا ابن سمعان الإسخريوطي. وبعد اللقـمة دخل فيه الشيطان فقال له يسوع ما أنت صانعه فاصنعه عاجلاً. ولم يعلم أحد الـمتكئيـن لـماذا قال له ذلك. فظن بعضهم إذ كان الكيس عند يهوذا أن يسوع قال له اشتر ما نحتاج اليه للعيد او أمره أن يُعطي الـمساكين شيئاً. أمـّا ذاك فلـمّا تناول اللقمة خرج للوقت وكان ليل"(يوحنا21:13-30).

3. فـى بستان الزيـتون

+ "حينئذ جاء إلى تلاميذه وقال لهم ناموا الآن واستريحوا فقد اقتربت الساعة وابن البشر يُسّلم الى أيدي الخطأة. قوموا لننطلق فهوذا قد اقترب الذى يُسلمني. وفيما هو يتكلّم إذ جاء يهوذا أحد الإثنى عشر ومعه جمع كثير بسيوف وعِصي من قِبل رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب. والذى أسلـمه أعطاهم علامة قائلاً الذى أقبّله هو هو فأمسكوه. وللوقت دنا إلى يسوع وقال له السلام يا مُعلّم وقبّله. فقال له يسوع يا صاحب لأيّ شئ جئت. حينئذ جاءوا وألقوا أيديهم على يسوع وأمسكوه"(متى45:26-50).

+ "وكان يهوذا الذى أسلـمه يعرف الـموضع لأنّ يسوع كان يجتمع هناك مع تلاميذه كثيراً. فأخذ يهوذا الفِرقـة وخدّامـاً من عند رؤساء الكهنة والفريسيين وجاء الى هناك بـمصابيح ومشاعل وأسلحة. وخرج يسوع وهو عارف بجميع ما يأتـى عليـه وقال لهم من تطلبون. فأجابوه يسوع الناصري. فقال لهم أنا هـو. وكان يهوذا الذى أسلـمه واقفاً معهم. فلـمّا قال لهم أنا هو ارتدّوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض"(يوحنا2:18-6).

4.                           بعد القبض على يسوع

 + "حينئذ لـمّا رأى يهوذا الذى أسلـمه أنّـه قد قضي عليـه تندّم ورد الثلاثين من الفِضّـة إلـى رؤساء الكهنة والشيوخ قائلاً إنّي قد خطئت إذّ أسلـمت دمـاً زكيـّاً. فقالوا لـه ماذا علينا أنت أبصر. فطرح الفِضّـة فى الهيكل ومضى فخنق نفسه. فأخذ رؤساء الكهنـة الفضّـة وقالوا لا يحِّل أن نجعلهـا فى بيت التقدمـة لأنهـا ثـمن دم. فتشاوروا وابتاعوا حقل الفخّار مقبـرة للغربـاء ولذلك دُعي ذلك الحقل حقل الدم إلـى اليوم. حينئذ تم ما قيل بإرميـا النبي القائل وأخذوا الثلاثين من الفضّة ثـمن الـمُثـمن الذى ثـمّنـه بنو اسرائيل ودفعوهـا عن حقل الفخّار كما أمرنـي الرب"(متى3:27-10).

5.                           بعد صعود السيد الـمسيح

"وفى تلك الأيام قام بطرس فى وسط الإخوة وكان عدد الأسماء جميعاً نحو مشة وعشرين فقال أيها الرجال الإخوة ينبغي أن تتم هذه الكتابـة التى سبق الروح القدس فقالهـا على لسان داود النبي عن يهوذا الذى صار دليلاً للذين قبضوا على يسوع وقد كان مُحصى معنا وحصل له حظُّ فى هذه الخِدمـة. فاقتنى هذا حقلاً من أجرة الظلم ثم علّق نفسه فانشق من وسطه واندلقت أمعاؤه كلهـا وصار ذلك معلومـاً عند جميع سكّان أُورشليم حتى سُمّي

ذلك الحقل بلغتهم حقل دَمـَا أي حقل الدَّم. وقد كُتب فى سفر الـمزامير

لتصِر دارهم خرابـاً ولا يكن فيهـا ساكن وليأخذ رئاستـه آخـر. فينبغي إذّاً أن يُعيّن واحد من الرجال الذين اجتمعوا معنـا فى كل الزمان الذى فيه دخل وخرج الرب يسوع بينـنا منذ معموديـة يُوحنّا إلـى اليوم الذى فيه ارتفع عنّا ليكون شاهداً معنا بقيامته. فقدمّوا اثنيـن يوسف المُسمّى برسَابا الـملقّب البار ومتيّـا وصلّوا وقالوا أيها الرب العارف قلوب الجميع أظهر أيَّ هذين اخترت لكي يستخلف فى هذه الخدمة والرسالة التى سقط عنها يهوذا ليذهب إلى موضعه. ثم ألقوا القرعة بينهما فوقعت القرعة على متيـّا فأحصي مع الرسل الأحدَ عشر"(أعمال15:1-26). 

معلـومات إضافيـة 

1. إسم "يهوذا Judas/loudas" فى اللغة اليونانيـة،أو فى اللغة العبريـة Judah يعنى "حمـدْ". وهـو إسم شائع فى العهد القديم والعهد الجديد،وحتى بين رسل السيد الـمسيح الإثنى عشر يوجد هناك من إسمه "يهوذا" غير يهوذا الإسخريوطي.

2. لقب "الإسخريوطي Iscariot"يعنـى فى اللغة العبريـة"Ish kerayoth  والتى تعنى رجل من مدينـة "كريوت Kerioth" إحدى مدن سبط بني يهوذا (يشوع25:15)،وهـى على بعد 12 ميل من مدينة حبرون،وبهذا يكون

الرسول الوحيد "الغيـر جليلي". وهناك تفسير آخـر للقب الإسخريوطي لكونـه من جماعـة Sicarii وهى جماعة يهوديـة متمردة تقود ثورة لطرد الرومان من أرض اسرائيل.

3. اليهوديـة هـى الـمنطقة التى كان يقطنهـا فى الغالب الكهنـة واللاوييـن حيث يقومون بالخدمـة فـى أورشليـم.

4. يسوع هو الذى إختار يهوذا الإسخريوطي وليس العكس"ألـم أكن أنـا إخترتكم أنتم الإثنى عشر وواحدا منكم هو شيطان.قال ذلك عن يهوذا الإسخريوطي إبن سمعان لأنـه كان مزمعاً أن يسلـمه وهو أحد الإثنى عشر"(يوحنا71:6-72).

5. يسوع كان يعلـم عنـه كل شيئ قبل إختيـاره"لأنّ يسوع كان عارفاً منذ الإبتداء من الذين لا يؤمنون ومن الذى سيُسلـمه"(يوحنا65:6).

6. قبل خيانتـه، كانت خطيئـتة التى سجلتهـا الأناجيل الـمقدسة هـى سرقتـه للأموال،فعندما رأى مريم تدهن قدمي يسوع بطِيب كثير الثـمن تذمر قائلاً:"لِم لم يـُبع هذا الطِيب بثلاث مئة دينار ويُدفع للـمساكين.إنما قال هذا لا إهتماما منه بالـمساكين بل لأنـه كان سارقـاً وكان الكيس عنده وكان يحمل ما يُلقى فيه"(يوحنا6:12).

7. الرسل جميعهـم،بـما فيهم يهوذا الإسخريوطي، ذُكر فـى الأناجيل الـمقدسة بعض الخطايـا التى اقترفوهـا.فلقد جاء أنهـم كانوا غير مؤمنيـن[عند تسكين العاصفة "فقال لهم أين إيـمانكم"(لوقا25:8)]، التطّلع للـمراكز والقوة[عندما جاءت أم ابني زبدى تطلب أن يجلس إبناهـا فـى ملكوتـه "فلمّا سمع العشرة غضبوا على الأخوين"(متى20:20-26)]، مجد الناس [عندما قال لبطرس: "اذهب خلفي يا شيطان فقد صرتَ لـي شكّاً لأنك لا تفطن لـما للـه لكن لـما للناس"(متى33:16)]، (تركـه جميع الرسل[فى بستان الزيتون عند القبض على يسوع "حينئذ تركه تلاميذه كلهم وهربوا"(مرقس50:14)،وحتى بطرس الرسول قد أنكره ثلاثة مرّات (متى 69:26-75).

8. ألقـى يهوذا الإسخريوطي بالثلاثين من الفضّة على أرض الهيكل فى بيت التقدمـة "فطرح الفضّة فى الهيكل..فأخذ الكهنة الفضّة وقالوا لا يحلّ أن نجعلهـا فى بيت التقدمـة"(مت5:27و6). وبيت التقدمـة هذا هو مكان مقدّس لا يدخلـه إلاّ الكهنـة، وحتى يسوع لا يستطيع دخولـه لأنـه لـم يكن من سبط لاوي.

9. الثلاثون من الفضّة كانت مبلغـاً ضئيلاً تساوى قيـمة عبد "وإن نطح الثور عبداً أو أمـة فليؤدَّ إلـى مولاه ثلاثون مثقالاً من الفضّة والثور يُرجم"

(خروج32:21)، فإذا كان يهوذا فـى الحقيقـة جشع وطـمّاع فلـماذا

لـم يُفاوض رؤساء الكهنـة على مبلغ أكبـر من قيـمة عبد؟.

10. نـدِم يهوذا على خطيئـته وعرف بأنـه أسلم إنسانـاً زكيـاً:"تنّدم

ورد الثلاثين من الفضّـة الى رؤساء الشيوخ قائلاً إنـي أخطأت إذ

أسلمت دماً ذكيـّاً"(متى4:27).

11. القطع الثلاثون من الفضـة والتى قانونـا كان يـمتلكها يهوذا الإسخريوطـي، تم إستخدامهـا فـى شراء مقبـرة لدفن غيـر اليهود والغربـاء فـى أرض اسرائيل"وإبتاعوا بهـا حقل الفخّار مقبرة للغربـاء"(متى7:27). ومن العجيب ان تلك الأرض جاء ذكرهـا فـى القديم عندما دعا الرب ارميا النبي قائلاً:"اخرج الى وادى هنّوم الذى عند مدخل باب الفخّار"(ارميا2:19). ولقد جاء ايضاً أن هذه الأرض كان اليهود يحرقون فيهـا بنيهم كتقدمـة للأوثان (ارميا 7و8). وعليـه فلقد فسّر البعض أن نقود يهوذا قد إشترت وادى الـموت لـه ولكل من يتبع الشيطان تميماً لنبؤة ارميا النبي القائل:"لذلك ها إنهـا تأتي أيام يقول الرب لا يُقال فيهـا تُوفَتَ ولا وادى ابن هِنّوم بل وادي القتل ويدفنون فى تُوفَت لعدم الـموضع"(ارميا32:7).

 12. دعـاه يسوع "يا صاحب" عندما جاء للقبض عليـه (متى49:26)، وكلـمة "صاحب" تعنـى مشاركة، مصاحبـة، أورفيق وهذا يدل على  عِظم العلاقـة التى كانت بين السيد الـمسيح والرسل والتلاميذ، وانـه حتى فـى اللحظات الحرجـة مازال يدعوه "ياصاحب".

13. مات يهوذا شنقاً بدلاً من طلب الـمغفرة"فطرح الفِضّة فـى

الهيكل ومضـى فخنق نفسه"(متى5:27) ،فكانت هذه هـى خطيئـته

العظمى وليست تسليـم يسوع.

14. تنبـأ داود النبي فـى القديـم عنـه قائلاً:"بل صاحب سلامي الذى اتكلت عليـه وأكل خبزي هو رفع عليّ عقِبـه"(مزمور10:40)،وعن تبعات هذه الخطيئـة ما جاء عنـه فى الـمزمور 108"لتكن ايّامـه قليلة وليأخذ رئاسته آخـر…..". أما زكريـا النبي فقد تنبأ عن أجرتـه:"وقلت لهم إن حسن فى عيونكم فهاتوا أجرتي وإلاّ فامتنعوا. فوزنوا أجرتي ثلاثين من الفِضّة"(زكريا12:11).

15. يهوذا الإسخريوطي هـو الذى ذهب الى رؤساء الكهنـة والشيوخ ليفاوضهم على تسليـم يسوع وليس العكس،وهذا يعنـى انـه لـم يخضع لتأثيـر خارجـي يدفعـه للسقوط.

16. كثيـر من النظريات والتفسيرات قد نُشرت منذ القرن الأول والثانـي الـميلادي وحتى اليوم لشرح دوافع يهوذا الإسخريوطي للإنتحار(أمثال Origin  و Theophanes وTheophylact قد قالوا مثلاً بأن يهوذا قد أراد أن يـموت ليلتقى بالسيد الـمسيح لأنـه كان يعلم أن يسوع قد دخل الى ملكـه بالـموت حتى يقدم لـه الندم على أنـه أسلم دمـاً زكيـاً.

17. أصبح يهوذا الإسخريوطي الـمثال الحي للخيانـة فـى الثقافـة الغربيـة،ولقد وضعـه دانتي فى اسفل دائرة جهنم وفى صورة مجمدة،وأيضاً أصبح اسمه يستخدم فى اللغة كنايـة على الخيانـة والغدر.

                 ____________________



       مـا الذى نتعلـمه من حياة الإسخريوطـي؟

1.                           يتعرض الإنسان فـى كثيـر من الأحيان لأن يُستخدم من قِبل الشيطان لتنفيـذ خططـه ودوافعـه،هـذا لو ان الإنسان إستسلم لـه. هذا مـا أكده لنـا القديس بولس الرسول:"فإن مصارعتنـا ليست ضد اللحم والدم بل ضد الرئاسات والسلاطين وولاة هذا العالم عالم الظلمة والأرواح الشريرة فى السماويات"(افسس 11:6).

2.                           أبسط الخطـايـا فـى نظرنـا قد تقود إلـى أشر منهـا.

3.                           تبعات الخطيـّة رهيـبـة حتى ولو كانت كذبـة بسيطة.

4.                           مخطط اللـه سيتـم مهـما كانت الأحوال مستحيلة أو سيئـة.

5.                           خطيئـة اليأس من رحـمة اللـه هـى من أشر الضربات التى تصيب الإنسان الخاطئ وتبعده عن الله.

6.                           إختيار الله لإنسان حتى ولو كان "إبن الهلاك" كيهوذا(يوحنا12:17) يعطينـا دائـما الرجـاء بأنـه عندما يختارنـا الله فهو عالـم بـما فينـا من ضعف "فإنّا نحن كنا حينـاً أغبياء كفرة ضالين مُستعبدين لشهوات ولذّات شتَّى جارين على الخبث مـمقوتين مُبغضين بعضنا لبعض. فلـمّا تجلّى لُطف الله مخلصنـا ومحبتـه للناس خلّصنـا هو لا إعتباراً لأعمال بر عملناهـا بل لرحمتـه بغسل الـميلاد الثاني وتجديد الروح القدس"(تيطس3:3-5).

7.                           قد يقترب الإنسان من السيد الـمسيح وربـما يُبشر الآخريـن عنـه، صانعـاً أعاجيب،ولكن مازال العالـم وشهواتـه فـى قلب ذلك الإنسان،وهنـا تصبح آخرتـه أشر:"ليس كل من يقول يارب يارب يدخل ملكوت السموات. فإنّ كثيرين سيقولون لـي فى ذلك

    اليوم يارب يارب ألـم نكن باسمك تنبأنـا وباسمك أخرجنا شياطين

    وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أعلن لهم أن لم أعرفكم قط

    فاذهبوا عني يا فاعلي الإثم"(متى21:7-23).

8.                           سيوجد دائـما من يتبع يسوع بالإسم فقط،لهم ظاهر التقوى وهم فى الحقيقة ذئاب خاطفـة:"وقد كان فى الشعب أنبياء كذبـة كما أنّـه سيكون فيكم معلّمون كذبـة يدُّسون بدع هلاك مُنكرين الرب نفسه الذى إشتراهم جالبين على أنفسهم هلاكاً سريعاً. وسيقتفى كثيرون دعاراتهم وبسببهم سيُجّدف على طريقة الحق وبالحرص وزخرف الكلام سيجعلونكم تجارة. إلاّ أنّ دينونتهم منذ القديم غير ملغاة وهلاكهم لا ينام"(2بطرس1:2-3). 

                   _________________



   متى نفعل ما قد فعلـه الإسخريوطي؟

انـه من السهل علينـا أن ننسى حقيقـة ان يهوذا الإسخريوطي هو أحد الرسل الذى إختارهـم يسوع، وأيضاً انـه قد خـانـه إسوة بـما فعلوه بعض التلاميذ الذين تركوا السيد الـمسيح "من ذلك الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يـمشون معه"(يوحنا67:6).

ان الـمشاعر الإنسانيـة تجاه الإسخريوطي متبايـنة ومختلطة،فـالبعض يحمل الكراهيـة لذلك التلـميذ لخيانتـه للسيد الـمسيح، بينـما آخرون يتعاطفون معـه لأنـه لـم يكن يدري ما هو فاعلـه لأنـه كان بـه شيطان،وآخرون إعتبروه بطلاً لأنـه هو الذى أسرع بإنهـاء مهـمة يسوع الأرضيـة،وآخرون تعللوا قائليـن أين هـى عدالة الله فى أن يحمل شخص مـا كل هذا الجرم.

ومـهما كانت كل تلك الـمشاعر من إتهام أوتعاطف فهـى لا تنفـى الحقائق التاليـة:

                               أن ذلك الإنسان قد إختار بكامل إرادتـه أن يسلّم إبن الله "يا يهوذا أبقبلة تسلّم إبن البشر"(لوقا48:22).

                               كان لصـاً "لأنـه كان سارقاً وكان الكيس عنده"(يوحنا6:12)

                               كان يعلم يسوع ان حياة يهوذا الخاطئـة لن تتغيـر"ألم أكن أنا اخترتكم أنتم الإثنى عشر وواحد منكم هو شيطان.قال ذلك عن يهوذا الإسخريوطي إبن سمعان لأنـه كان مزمعاً أن يسلـمه وهو أحد الإثنى عشر"(يوحنا71:6-72).

إن اللـه يدعو الإنسان لأن يتبع وصاياه محترمـا إرادتـه تاركاً فـى يده "الحيـاة والـموت". وكثيـراً منـا يتبع بكامل إرادتـه طريق ذلك التلميذ الخائـن عندمـا ننسى الله ونفعل مـا لا يرضيـه.

والكثيـر منـا يضع أخطاؤه على الآخريـن كما فعل من قبل آدم وحواء، ومن هنـا كان الكم الهائل من الإدانـة والتجريـم لـما فعلـه يهوذا الإسخريوطي،وإعتبـر البعض انـه لو قدّر لـه أن يحيـا وقت يسوع كان لا يـمكن أن يخونـه أو ينكره أو يبتعد عنـه.

مهـلاً، فلا نترك لـمشاعرنـا أن تديـن الآخريـن ونحن قد نفعل مـا فعلـه يهوذا،بل فـى بعض الأحيان أشر منـه. وهـاكم قائـمة بـما قد نقوم بـه من أفعال أو أعـمال أو أقوال تشابـه خيانـة الإسخريوطي:  

1. فـى مثال الغنى الجاهـل الذى إتكل على ما فى خزائنـه

فـى هذا الـمثال نجد أن الغنى قال:"يا نفسي لك أرزاق وافرة تكفيك مؤونة سنين كثيرة فإستريحي وكُلي وإشربـي وتنعـّمي"(لوقا18:12)، فجاء الصوت قائلاً لـه:"يـا جاهـل لـمن أعددتَ كل هذا؟". لقد نسى هذا الغنـي أنـه بشر وأن هناك إلـه، فلـمن أعدّ كل هـذا؟.

"فـمتى أكلت وشبعت تُبارك الرب إلهـك لأجل الأرض الجيّدة التى أعطاك إحتـرز أن تنسى الرب إلهـك ولا تحفظ وصايـاه وأحكامـه وفـرائضـه"(تثنية10:8).

3. عندمـا نقول قـول "الجـاهـل فـى قلبـه أنـه ليس إلـه" (مزمور2:52). ونعيش لا نؤمـن بوجود خالق للحيـاة أو نحاول أن نفلسف وجودنـا ونتبع نظريات الإلحـاد والوجوديـة والطبيعـة وغيـرهـا. وننسى قول الـمرّنم"اسأل البهائم فتعلّمك وطيور السماء فتخبرك أو كلّم الأرض فتعلّمك ويحدثك سمك البحر من لا يعلم من كل هؤلاء أن يد الرب صنعت هذا". ولهذا يقول يشوع ابن سيراخ لنـا:"لا تطلب ما يُعييك نَيلـه ولا تبحث عـمّا يتجاوز قُدرتك لكن ما أمرك اللـه بـه فيـه تأمـّل ولا ترغب فـى إستقصاء أعـمالـه الكثيرة فإنـه لا حاجـة لك أن ترى الـمُغيبات بعينيك"(يشوع بن سيراخ22:3-24).

4. عندمـا نسمع الكلـمة ولا نعـمل بهـا

يقول الرب يسوع لنـا:"أنتم أحبائـي أطلعتكم على كل مـا سمعت من

 

أبـي"(يوحنا15:15)، ولكن يقول الرسول يعقوب:"إن كان أحد سامعاً

للكلـمة وليس عاملاً فذاك يشبـه رجلاً ناظراً وجـه خلقتـه فى مرآة

فـإنـه نظر ذاتـه ومضى وللوقت نسى مـا هـو"(يعقوب23:1). والآن هـل يصدق فينـا قول اشعيا النبي:"لقد صارت لكم رؤيـة الكل مثل كلام السِفـر الـمختوم الذى يدفعونـه لعارف الكتابـة ويُقال لـه اقرأ فيقول لا أستطيع لأنـه مختوم أو يُدفع الكتاب لـمن لا يعرف الكتابـة ويُقال لـه إقرأ فيقول لا أعرف الكتابـة"(اشعيا11:29-12).

ونحن الذين سمعنـا وقرأنـا وتعلـمـنا ..ماذا تبقـى؟

5. عندمـا نعبد آلهـة أخرى

يقول الرب على لسان ارميا النبي:"انذهلي أيتها السماوات وإقشعرّي وإنتفضي جداً يقول الرب فإن شعبي صنع شرّين تركونـي أنـا ينبوع الـمياه الحيـّة وإحتفروا لهم آبـاراً أباراً مشققـة لا تـمسك الـماء"

(ارميا12:2-13). تركنـا الرب وصنعنـا لأنفسنا آلهـة أخرى كالـمال والعالـم وصداقتـه والـمجد الزائـل، وبخّرنـا للبعْل وسِرنـا وراء تلك الآلهـة التى دفعتنـا بعيداً عن رب الأرباب. ومن العجيب أننـا أحيانـا كثيرة نعود ونقف أمام الله فـى الكنيسة ونصرخ ونطلب،ولكن يقـول الرب على لسان ارميا النبي:"أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذبـا

وتبخّرون للبعـل وتسيرون وراء آلهـة أخرى لـم تعرفوهـا ثم تأتون

وتقفون أمامي فـى هذا البيت الذى دُعي بإسمي عليـه"(ارميا9:7-10).

غريب أمر تلك السامريـة التى عندما علمت من هو الرب أسرعت تقول لـه "أعطني من هذا الـماء لكيلا أعطش"(يوحنا15:4). الرب يسوع ينبوع الـمياه الحيـّة القائل لنـا:"إن عطش أحد فليقبـل إلـيّ ويشرب"

(يوحنا37:7) ولهذا فـمن يرغب أن يعود إلـى البئر ويُدلـي بالدلو مراراً وتكراراً لعلـه يجد قطرة مـاء..قطرة من هذا الـماء الـمُحيي، فلنقبـل إليـه ولا ننسى أنـه "ينبوع الـمياه الحيّ".

6. عندمـا لا نتبع وصايـا الله

يقول البعض أن الشرائع والطقوس والوصايـا هـى إضاعـة للوقت وكـم أضعنـا العـمر فـى طاعتهـا. وصيّـة واحدة لـم يملك الإنسان أن ينفذهـا فـما بالنـا بهذا الفيض من الوصايـا والقوانين والتشريعات، ولهذا نجد البعض قد أشعل فـى تلك الوصايا وما تبقى منهـا ينفذ بلا روح.وهنـا يصدق عليهـم ما جاء على لسان ملاخي النبي:"أقوالكم إشتدت عليّ قال الرب وقلتم ماذا قلنا عليك، قلتم عبادة اللـه باطلة وما الـمنفعـة من أننا حفظنـا شعائره وأننا سلكنـا بالخزي قدام رب الجنود"(ملاخى13:3-14). 

وفـى هذا نجد رد الرب الإلـه على لسان اشعيـا النبي قائلاً:"فقال السيّد لأن هذا الشعب قد اقتـرب إلـيّ بـفـمه وأكرمـني بشفتيـهِ وأمـّا قلبـه فأبعده عنـيّ وصارت مـخافتهـم منّي وصيـّة الناس مُـعلّـمةً.(اشعيا13:29). ولهذا يقول القديس بولس:"فـماذا نقـول؟. هل الناموس خطيّة. حاشا. بل لـم أعرف الخطيّة إلاّ بالناموس. فإنّني لـم أعرف الشهوة لو لـم يقُل الناموس لا تشتـه"ِ(رومية7:7).ويقول أيضاً:"إذّاً الناموس مقدس والوصيـّة مقدسة وعادلـة وصالـحة"

( رو12:7)، وأيضاً يقول: "فأنـا إذن بالروح عبد لناموس الله وبالجسد عبد لناموس الخطيّة"(رو25:7).

فلـماذا ننظر للوصـايـا كأنهـا سيف حــاد؟

هـل ننسى قول الرسول بولس لنـا:"أمـّا أنتم فلستم فـى الجسد بل فـى الروح إن كان روح الله ساكنـاً فيكم"(رومية9:8) و "لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبنـاء الله. إذ لـم تأخذوا روح العبوديـة أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبنّي الذى به نصرخ يا أبـّا الآب. الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنـا أنّنـا أولاد الله. فإن كنـّا أولاداّ فإننـا ورثـة الله ووارثون مع الـمسيح. إن كنـّا نتألـم معـه لكي نتمجّد أيضاً معـه"(رومية 14:8-17).

لهذا لا يمكن أن نقل وداعـاً للوصايـا، أو حتى لا ننفذهـا، أو ننفذهـا بفتور وعن غيـر إيـمان، بل يجب أن يكون إقتناعنـا كامـل بضروريتهـا ولا ننسى مطلقـاً بأننـا أبنـاء الله.

إن إبتعادنـا عن الوصايـا يدعنـا فـى ظلام كـما يقول لنا الوحي الإلهي على لسان اشعيا النبي:"من أجل ذلك إبتعد الحق عنّـا ولـم يدركنـا العدل. ننتظر نُـوراً فإذ ظلام.ضيـاء فنسير فى ظلام دامس. نتلّمس الحائط كعُـمي وكالذى بلا أعين نتحسس"(اش9:59-10).

فيجب أن نحب الله محبـة تفوق كل وصف "فنحن نحبـه لأنـه أحبنـا أولاً"(1يوحنا19:4) ولهذا يدعونـا يوحنـا الرسول قائلاً:"فبهذا نعلم أنـّا نحب أبنـاء الله بأن نكون محبيـن للـه وعاملين بوصايـاه لأن هذه هـى محبة الله أن نحفظ وصاياه. ووصاياه ليست بثقيلة"(1يوحنا2:5-4).

ويذكـر لنـا سفر الأمثال:"يا إبنـي لا تنسى شريعتي بل ليحفظ قلبك وصاياي"(أمثال1:3).

لا يـمكن أن نحصى كم من الـمرّات ننسى فيهـا الرب..

– ننسـاه إذ فعلنـا الخطيئة لأن "الخطيئة إنـما هـى مخالفـة الشريعـة"(يعقوب4:3).

– ننساه إذا لـم نعـمل مشيئـته كهذا العبد الكسول الذى أكل وشرب وسكر وهو يقول "إن سيّدي يُبطئ فـى قدومـه"(لوقا45:12-46).

– ننساه إذا لـم نحبـه فـى القريب كـما يقول لنا يوحنا الرسول:"من يحب أخاه يثبت فـى النور وليس فيـه عثرة وأمـّا من يبغض أخـاه فهو فى الظلـمة وفـى الظلـمة يسلم ولا يعلم أين يـمضى لأن الظلـمة قد أعـمت عينيـه"(1يوحنا10:2).

– ننساه فـى أحزاننـا على الرغـم من قول يعقوب الرسول لنا:"احسبوه كل فرح يا إخوتـي حينما تقعون فـى تجارب متنوعـة عالـمين ان إمتحان إيـمانكم يُنشئ صبـراً"(يعقوب2:1-3).

– ننساه فـى أفراحنـا ولا ندعوه إلـى عُرسنـا كـما دُعـى هـو إلـى عُرس قانـا الجليـل(يوحنا2:2)، ولا نباركـه مرنـمّين "باركي يانفسي الرب ولا تنسي كل حسناتـه"(مزمزر2:102).

– ننساه عندمـا لا تُثـمر أعـمالنـا فنشابـه الشياطين الذين يؤمنون بالله ولا يعـملون أعمالـه "أنت تؤمن أن الله واحد. حسنُ تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون. ولكن هل تحب أن تعلم أيهـا الإنسان الباطل الرأي أنَّ الإيـمان بدون أعـمال ميّت"(يعقوب19:2-20).

– ننساه كما فعل آدم فـى القديـم فنسى الوصيّة وسقط فـى خطيئة الكبـرياء.

– ننساه كـما فعل داود الـملك عندما عاش فـى الرفاهيـة ولـم يمنع عينيه من النظر الى إمرأة أوريـا الحثيّ وهكذا سقط هذا البناء الكبيـر وسقط النبي العظيم لأنـه نسى الرب.

– ننساه كـما فعل شمشون الجبـّار عندما كسر نذره وأسلم قيادتـه لإمرأة فضاعت قوتـه وجـّر الطاحون كالحيـوان.

– ننساه كـما نسيه سليمان الحكيم الذى أخذ الحِكمة من الله مباشرة،عندما سمح ببناء معابد لآلهـة نساءه وجاملهم وبخّر للآلهـة الأخرى خلاف الله فسقط هذا الحكيـم.

– ننساه كـما فعل الشعب العبـرانـي فـى القديم "نسوا الله مخلصهـم الذى صنع العظائـم فـى مصر"(مزمور21:105) على الرغم ان الله قد "خلّصهـم من يد الـُمبغض وإفتداهم من يد العدو"(مزمور10:105).

– ننساه كـما فعل بطرس عندما هرب من وجـه الجنود ولـم يقوى أن يتحمل الألـم ويعلن أنـه من أتباع هذا الـمعلّم فسقط وأنكر سيـّده.

والآن يـا إخوتـي وأخواتـي

هكذا يقول الرب لنـا على لسان ارميا النبي:"قفـوا على على الطرق وأنظروا وإسألوا عن السُبل القديـمة أين هو الطريق الصالح وسيروا فيـه فتجدوا راحـة لنفوسكم"(ارميا16:6).

ويقول على لسان الرسول :"أمـّا أنت يا أخـى فأثبت على ما تعلّمت وأيقنت عارفـاً ممـن تعلّمت"(2تيموثاوس14:3).

ويقول على لسان الحكيـم:"إلـى متى ترقـد أيهـا الكسلان ومتى تنهض من نومك"(أمثال9:6).

ويقول على لسان الـمرّنم: "اليـوم إذا سمعتـم صوتـه فلا تقسوا قلوبـكم"(مزمور8:94).

ان الرب يسوع لـم يعطينـا وصيـة جديـدة سوى "أن نحب بعضنـا البعض " (يوحنـا 12:15) وكـما قال الرب فـى القديـم لشعبـه: "إنّ هذه الوصيّة التى أوصيك بها اليوم ليست فوق طاقتك ولا بعيدة منك. لا هى فـى السماء فتقول من يصعد لنا إلـى السماء فيتناولهـا ويُسمعنـا إياهـا فنعـمل بهـا. ولا هـى فـى عبـْر البحر فتقول من يقطع لنـا هذا البحر فيتناولهـا ويُسمعنـا إيّاهـا فنعمل بهـا. بل الكلمة قريبة منك جداً فـى فـمك وفى قلبك لتعـمل بهـا"(تثنية الإشتراع11:30-14).

لهذا فالرب يريدنـا أن نحيـا نحن وذريـتنـا فنتذّكره دومـاً ولا ننساه ومن أجل هذا أوصانـا قائلاً:" "بأن تُحب الرب إلهك وتُطيع أمره وتتشبث بـه لأن بـه حياتك وطول أيامك" (تث 20:30)، وكانت هـى أيضاً وصيـّة الرب يسوع لنـا " أحبب الرب إلهـك بكل قلبك وكل نفسك وكل قدرتـك وكل ذهنك وقريبك كنفسك"(لوقا27:10).

فلا نديـن ذلك الإسخريوطـي الذى باع سيده من أجل حفنـة من الـمال ولنتأمـل كل طرقنـا حتى لا نُدعـى بأبنـاء الهلاك.

                              __________



               لـماذا خان التلـميذ معلّـمه؟

كان يهوذا الإسخريوطـي،الرسول الذى أختيـر ضـمن الرسل الإثنى عشر ليرى ويُعاين أعمال الـمسيح ومعجزاتـه وتعاليـمه، ولكي يحمل رسالـة الخلاص للعالـم بعد ذلك،يعرف تـمامـا من هو يسوع الإنسان.عرفـه من يكون؟،ومـاذا يحب؟،ومـاذا يكره؟،وغير ذلك من الأمور الدنياويـة كنتيجة طبيعيـة لكونـه ضمن جماعـة الـمختاريـن حيث رافق يسوع لـمدة ثلاث سنوات.

والسؤال الذى يتردد فى أعماق كل إنسان منذ اليوم الذى سلّم فيـه التلميذ معلّـمه لأيدي أعدائـه، وحتى اليوم هو:لـماذا فعل ذلك؟. أمن أجل الـمال؟، أم لأجل انـه كان لصـاً؟، أم لأنـه قد أصيب بخيبـة أمل بعد أن ظل يسمع أقوال يسوع عن الـموت؟، أم لأن الشيطان قد دخل فـى قلبـه كروايـة الإنجيل؟، وإلـى غيـر ذلك من التساؤلات التى مازال صداها يتردد. 

بعض النظريات والتفسيرات:

1. لقد تبع يسوع من أجل أن يخونـه

أصحاب هذه الفكرة يقولون أن يهوذا كان وطني غيور ورأى فى يسوع عدواً

ينادي بـمحبة الأعداء بدلاً من كراهيتهم وقتلهـم،ولهذا إلتحق بجماعة

الرسل ليعرف يسوع عن قرب ويحاول أن يجذبـه نحو قتال الرومان. هذه الفكرة تتناقض نهائيـا مع ما جاء فـى انجيل متى"حينئذ لـمّا رأى يهوذا الذى أسلـمه انّـه قد قضي عليه تندّم ورد الثلاثين من الفضّة"(متى3:27).

2. نظريـة الدفاع عن النفس

لقد إعتبـر يهوذا نفسه خادمـاً للمسيحية وأنـه بتسليم يسوع سوف يحث الـمسيّا الـمنتظر أن يطلب ملائكة السماء لكي يدافعوا عن مَلكهم كقول المسيح عندما جاء الجند مع يهوذا للقبض عليه:"أتظن أنـي لا أستطيع أن أسأل أبـي فيقيم فى الحال أكثر من إثنتي عشرة جوقة من الملائكة"

(متى54:26). ولهذا فإنتحار يهوذا كان نتيجة طبيعيـة لخيـبة الأمل فى أن يسوع لم يحقق ما قد توقعـه وحلِم بـه يهوذا. لقد وجدت هذه النظريـة قبولاً فـى بعض الأوساط وحتى فى أيامنـا هذه،لكن كانت الجملة التى قيلت على لسان يسوع فى صلاتـه الأخيرة للآب السماوي عن يهوذا:"إنّ الذين أعطيتهم لي قد حفظتهم ولم يهلك أحد إلاّ ابن الهلاك ليتم الكتاب"

(يوحنا12:17) لهى أعظم ما يدحض هذه النظريـة.

3. نظريـة القضاء والقدر

والتى فيهـا ان يهوذا قد أختيـر سلفـاً لكى يكون خائنـاً.    

أصحاب هذه النظريـة يقولون أن يسوع كان عالـماً منذ البدايـة أنـه

يجب أن يُصلب ويـموت،ولهذا فلقد أختار يهوذا الإسخريوطي لأنـه كان يعلم أنـه سيخونـه وبهذا يتحقق الـمخطط الإلهـي.و أصحاب هذه النظريـة يستشهدون بـما جاء فى الإنجيل بأن يسوع كان "عارفاً بكل أحد"(يوحنا24:2)،و"كان عارفاً منذ الإبتداء من الذين لا يؤمنون ومن الذى سيُسلمه"(يوحنا65:6)،وعند القبض عليه"فخرج يسوع وهو عارف بجميع ما يأتي عليه"(يوحنا4:18). ولكن بهذا تنتفـي مسؤوليـة يهوذا الشخصية ولا حاجة لـه لكي يندم ويرد الثلاثين من الفضّة (مت 3:27)، وأيضاً يُصبح

يهوذا كأنـه آداة بلا إرادة ومشاعر وأحاسيس، وهذا يتعارض مع عدل الله

الذى دائـما يضع أمام الإنسان حريـة الإختيار"أنـي قد جعلت بين أيديكم الحياة والـموت البركة واللعنـة فاختر الحياة لكي تحيا أنت وذريتك"(تثنية الإشتراع19:30).

ان اصحاب مبدأ القضاء والقدر يجعلون الله تعالى عِلّة أولى للشر ويحكمون على البشر بانهم كائنات لا حرية لها فى شيئ وانما هم كالحيوانات العجماوات.

4. نظريـة الرشوة

والتى تستند على ما جاء من ان رؤساء الكهنـة "وعدوه أن يعطوه فضّة"

(مرقس11:14)،وهذا الـمال هو مكافأة لتسليم يسوع لهذا "كان يلتمس

كيف يسلـمه فى فرصـة"(مرقس11:14).

5.نظريـة أن يهوذا كان غير جليلي

كان يهوذا غير جليلي مثل باقي الرسل فهو من منطقة اليهوديـة،ولهذا فلقد

رأى رؤساء الكهنة الفرصـة سانحة لكي يقوموا بالضغط عليـه وإزكاء نار الغيرة والحقد الكامنـه عند اليهود ضد أرض الجليل،وهذا ما نسمعه من فم نثنائيل لفيلبس عندما دعاه "أمن الناصرة يكون شيئ صالح"(يوحنا46:1) ،وربـما قام رؤساء الكهنـة بالتهديد بقتل يهوذا لكي يقوم بتسليم يسوع. بالطبع لـم تذكر الأناجيل أن رؤساء الكهـنة هم الذين قاموا بالـمبادرة بل كان يهوذا هو الذى ذهب ليفاوضهم.

6. نظريـة الحسد والكراهيـة

لقد ذهب آخرون إلـى أن يهوذا كان مسوقاً بنوازع الحسد والكراهيـة والتى نبتت فى قلبـه نتيجة منازعات داخل جماعة الرسل او بعض الإساءات لكونـه من غير الجليل، وربما عند سماعه الـمشاحنات حول من يكون الأعظم فيهم فى الـملكوت(مرقس32:9-33)،أو من الذى سيجلس عن يمين الـمعلّم أوعن يساره كما طلب ذلك يعقوب ويوحنا إبنا زبدى

(مرقس25:10)،لهذا أحس هذا التلميذ كأنـه غريب لا مكان له فى الصدارة فأراد الإنتقام من كل الجماعـة. ولكن إذا كانت هذه هى حقيقة دوافعه فى الخيانـة فـما ذنب سيّده،ولـماذا يصب غضبـه وحقده على الـمعلّم بالذات؟،ولـماذا ندِم بعد ذلك؟.

7. نظريـة قارورة الطِيب:

ذكرت الأناجيل حسب القديس متى والقديس مرقس أن يهوذا قد مضى

مباشرة إلـى رؤساء الكهنة ليفاوضهم لكي يُسلم يسوع بعد حادثـة بيت عنيـا فى بيت سمعان الأبرص والتى فيهـا جاءت إمرأة ومعها قارورة طِيب كثير الثمن وأفاضته على رأس يسوع (متى6:26-16)و(مرقس3:14-11). وفـى تلك الحادثـة ذُكر أن التلاميذ قد غضبوا وقالوا "لـِمَ هذا الإتلاف فقد كان يمكن ان يباع هذا بثمن كثير ويعطى للـمساكين"، تـمشيـاً مع ما تعلموه من السيد الـمسيح "بع كل مالك وأعطه للـمساكين فيكون لك كنز فى السماء"(مرقس21:10).

أمـا القديس يوحنا فقد ذكر تلك الحادثـة ولكن أتى بكلمات التذمّر على

لسان يهوذا الإسخريوطي الذى قال:"لـِمَ لم يبع هذا الطِيب بثلاث مئة دينار

ويُدفع للـمساكين"(يوحنا5:12). ومهما كان من هو القائل أيهوذا أم التلاميذ جميعهم، فلقد أجابهم يسوع قائلاً:"دعوهـا لـماذا تُعنفونهـا فقد صنعت صنيعاً حسناً. إن الـمساكين هم عندكم فى كل حين..الحق الحق أقول لكم إنـه حيثما كُرز بهذا الإنجيل فى العالم كله يُخبر بـما صنعتـه تذكاراً لهـا"(مرقس6:14-10). لقد أحس يهوذا بالإمتهان فكيف يُمجد ما فعلتـه تلك الـمرأة من إتلاف وتبذيـر؟، وكيف لا يعتنـى الـمعلّم بالـمساكين؟، وشعر أن يسوع يهتم بنفسه فقط لأنـه كما قال "ليس عندهم فى كل حين"، ولأن يهوذا كان يجهل الإلهيات فلم يفهم ما عناه يسوع بقولـه:"إنـما صنعت ذلك لدفني"(متى12:26).

8. نظريـة لكي تتم النبؤات:

لقد جاء فـى أكثر من موضع هذه العبارة "ليتم الكتاب"،وفى الإنجيل حسب القديس متى الرسول هناك نص واضح ان الـمال الـمدفوع والذى قام بردّه يهوذا قد أستخدم لشراء حقل الفخّار تحقيقاً لنبؤة ارميا النبي(متى6:27-10)

ولهذا فإن يهوذا قد لعب دوراً هامـا لتحقيق النبؤات عن الـمسيّا الـمنتظر وانـه لو لـم يخون يسوع ويُسلّمه مـا كان يسوع قد صُلب ومات وقام من بين الأموات ووهب للجنس البشري الخلاص والحياة الأبديـة.  وطبقاً للتقليد وما قد ذكرته الأناجيل فإن دور يهوذا قد إقتصر فقط على إرشاد رؤساء الكهنة لـمكان يجدوا فيـه يسوع بعيداً عن الناس لأنهم لـم يستطيعوا القبض عليـه نهاراً خوفـا من الناس لأنـه كان عندهـم كنبي، ولـم يُذكر أن يهوذا قد عاين الصلب أو رأى الـمسيح القائم من بين الأموات "أما التلاميذ الأحد عشر فذهبوا إلـى الجليل حيث أمرهم يسوع. فلـمّا رأوه سجدوا له ولكن بعضهم شكّوا"(متى16:28-17).

9. نظرية الجشع والطمع ومحبة الـمال

كانت خطيئـة يهوذا التى سجلتهـا الأناجيل الـمقدسة قبل خيانته للسيد الـمسيح، هـى سرقتـه للأموال،فعندما رأى مريم تدهن قدمي يسوع بطِيب كثير الثـمن تذمر قائلاً:"لِم لم يـُبع هذا الطِيب بثلاث مئة دينار ويُدفع للـمساكين.إنـما قال هذا لا إهتماما منه بالـمساكين بل لأنـه كان سارقـاً وكان الكيس عنده وكان يحمل ما يُلقى فيه"(يوحنا6:12). وربـما كانت آحلامـه هـى الـمُلك الأرضي والـمجد العالـمي، وعندما رأى يسوع لا يعمل على تحقيق هذا الـمُلك غضب و"مضى

وفاوض ؤرساء الكهنة والولاة كيف يُسلمه إليهم"(لوقا4:22). وتلك النظريـة تتعارض مع الثلاثون من الفضّة والتى كانت مبلغـاً ضئيلاً تساوى قيـمة عبد، فإذا كان يهوذا فـى الحقيقـة جشع وطـمّاع فلـماذا لـم يُفاوض رؤساء الكهنـة على مبلغ أكبـر من قيـمة عبد؟. وأيضاً لـماذا

نـدِم يهوذا على خطيئـته وعرف بأنـه أسلم إنسانـاً زكيـاً وردّ الثلاثين من الفضّـة(متى4:27).

 

10. نظريـة الحض على الثورة:

لقد كان يهوذا الإسخريوطي،مثلـه كباقي الرسل، ينتظرون ملك الـمسيّا الأرضي،ولـم يكن يتوقعوا موت الـمسيح لهذا قال بطرس ليسوع:"حاشى لك يارب لا يكون لك هذا"(متى22:16) عندما أخبرهم بأنـه ينبغى له أن يتألم ويُقتل ويقوم فى اليوم الثالث. لهذا فلقد قام يهوذا بالإسراع والتعجيل لهذا الـمُلك وذلك بخلق أزمـة وذلك بأنـه عندما يُقبض على يسوع من رؤساء الكهنة والشيوخ سيثور الشعب عليهـم "لأن جميع الشعب كانوا متعلقين بالإستماع له"(لوقا48:19)، "لأنـه كان يُعدّ عندهم نبيـّاً"

(متى46:21)،فيأتوا ليحرروه ويقيموه ملكـاً كما فعلوا من قبل عند دخولـه أورشليم(متى9:21). وعندمـا وجد يهوذا أن خطتـه لـم تنجح وسمع الجموع تهتف "اصلبـه أصلبـه"(مرقس13:15)،بدلاً من الثورة، ندم فـى قلبـه.

11. نظـريـة شهوة الإنتقام

كان يهوذا مدفوعاً بشهوة الإنتقام ربـما لأنـه قد أحس بأن امره قد إنكشف وأن الـمعلّم فى تلميحاتـه ونظراتـه عرف ما فى داخله من شر،فلم يقتنع بإعطاء الـمعلومات التى تـمكن السلطات اليهوديـة من القبض على فريستهم، ولكنه قاد الجند وأعطاهم علامـة التعرّف عليـه وهى القبلـة الغاشة.كان يكفى أن يشير يهوذا بأصبعه إلـى يسوع ويبقى هو من وراء الستار ولكن هذا الـموقف كان لا يمكن أن يُطفئ نار الإنتقام فى صدر صديق إنقلب ليكون عدواً.

12. لأنـه دخل فـى قلبـه الشيطان

يُذكر فـى عديد من الآيات أن الشيطان قد دخل قلب يهوذا:

-فعند العشاء "قد ألقى إبليس فى قلب يهوذا بن سِمعان الإسخريوطي أن

يُسلـمه"(يوحنا2:13)،و "وبعد اللقـمة دخل فيه الشيطان"(يوحنا27:13)

-وقرب عيد الفصح "قد دخل الشيطان فى يهوذا الـمُلّقب بالإسخريوطي وهو أحد الإثنى عشر"(لوقا3:22).

– دعاه يسوع شيطان "ألـم أكن أنا اخترتكم أنتم الإثنى عشر وواحد منكم هو شيطان"(يوحنا70:6). 

فى الحقيقة يستطيع الشيطان أن يستخدم البشر لتحقيق أهدافـه لأنه لا يمكنه أن يتواجد فى نفس المكان، وفى نفس الزمن،فهو ذو قوة ومعرفة محدودة، ولكى يؤدى دوره عليه أن يعمل من خلال جنوده وأتباعه من البشر، أو من خلال نظامه، ولهذا دعا الإنجيل هذا النظام: "العالـم"، الذى حذرنـا منه الرسول يوحنا: "لا تحبوا العالم أو الأشياء التى فى العالم" (1يو15:2-17). هذا "العالـم" يعنى طريقة التفكيـر وطريقة الحياة نفسها. لهذا يستخدم الشيطان الطبيعة الـمائلة إلـى الفساد فى الإنسان والتى أوضحها الرسول بولس عن الإنسان قبل أن يؤمن بالرب يسوع :" وحين كنتم أمواتاً بزلاّتكم وخطاياكم التى سلكتم فيها حيناً على مقتضى دهر هذا العالم ورئيس سلطان الهواء الروح الذى يعمل الآن فـى أبناء الكُفر الذين بينهم تصرّفنا نحن كلّنا حيناً فى شهوات أجسادنا عاملين مشيئة الجسد والأفكار وكنّتم بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين" (افسس 1:2-3).

عندما يختار البشر الشر بكامل إرادتهم، يصبحون "أبناء الشر" كما جاء على لسان السيد الـمسيح فـى انجيل القديس يوحنا " أنتم من أب هو ابليس وشهوات أبيكم تبتغون أن تعملوها" (يو44:8).

هذا العدد الهائل من البشر الذى يفعل الشر بإرادته، أو بغير إرادته يساعد الشيطان فى أداء دوره كـإلـه للعالـم. هـو يـغوي الإنسان للسقوط فـى الخطيئـة:"فقال الرب الإله للـمرأة ما هذا الذى فعلتِ فقالت الـمرأة الحيّة أغوّتنـي فأكلت" (تك13:3)، لهذا قال بولس الرسول:

"ولكنى أخاف انها كـما أغوت الحيّة حواء بإحتيالها كذلك تُفسد بصائركم عن الخلاص الذى فى الـمسيح" (2كورنثوس3:11).

ان الشيطان مهما كانت قدراته لا يجبر الانسان على عمل الشر ولا يرغمه على ذلك انما يقوم بدور الاغراء والغواية والخداع ويترك الانسان بحرية ارادته ان يستعذب الشر ويمارسه لهذا يقول يعقوب الرسول "قاوموا ابليس فيهرب منكم. اقتربوا الى الله فيقترب اليكم"(يعقوب7:4-8). وينصح القديس بولس الرسول الـمؤمنين الثبات فى الحق والتفرغ للصوم والصلاة "لكي لا يجربكم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم"(1كورنثوس5:7).

لقد تعامل السيد الـمسيح مع يهوذا بكل حب على الرغـم من أنـه كان يعلم مسبقـاً بأنـه سيخونـه، فتركـه يخدم ويعاين الـمعجزات (لوقا6) ويحضر إجتماعات الصلاة مع باقى الرسل(يوحنا2:18)، وأعطاه مسؤوليـة رعاية الصندوق والرسالة والتبشير حتى أن بطرس الرسول يقول عنـه:"كان محصي معنـا وحصل له حظ فى هذه الخدمـة"(أعمال الرسل27:1). 

ولقد أعطى السيد الـمسيح العديد من الفرص لكي يجعل ضمير يهوذا يستيقظ،فعند العشاء أعلن للرسل قائلاً:"إن واحداً منكم سيُسلـمني"

(متى21:26)،فتسآل يهوذا قائلاً:"لعلي أنا هو يا معلّم" لأنـه أحس فـى قلبـه بأنه هو الـمقصود، فآجابه يسوع قولاً وعـملاً (متى26:13).وحتى فـى اللحظات الأخيرة دعاه يسوع "ياصاحب"(متى50:26).

إن عـمق محبة الله للبشر تظهر فـى محبتـه للخطاة وهذا ما يعلنـه السيد الـمسيح "لـم آت لأدعو أبراراً بل خطاة إلـى التوبـة"(مت13:9) وأيضاً "يكون فرح فـى السـماء بخاطئ واحد يتوب أكثـر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلـى التوبـة"(لوقا7:15)، "لا يحتاج الأصحاء إلـى طبيب بل الـمرضى"(مت12:9). وفـى تعاملات السيد الـمسيح مع الخطـاة نجد صوراً عديدة فمثلا مع الـمرأة السامريـة قد حوّل هذه الـمرأة الخاطئة بحبـه وحنانـه إلـى مبشرة فنسيت جرتهـا وذهبت تذيع بين الناس عن الـمسيح (يوحنا 1:4-41). وفـى لقائـه مع الـمرأة التى أمسكت فـى ذات فعل الزنـا (يوحنا1:8-11) فلم يوبخـها بل كان رقيقاً شفوقاً وقال لهـا" إذهبـي ولا تعودي تخطئين". وفـى لقائـه مع زكا رئيس العشاريـن (لوقا19) قد فعل بالحب ما عجزت عنه الشريعة بالأمر والنهـى والصرامـة فرد الخاطئ عن طريقـه.

هذا هـو الله الذى أحب الإنسان إلـى الـمنتهـى فوهبنـا فـى

الـمسيح يسوع الخلاص والحيـاة الأبـديـة، لهذا تعامل مع يهوذا بكل الرحمة،ولكن كان القلب ممتلئ بالشرور . 

                 ____________________

 



          الإسخريوطـي التائب

هـــا هــم يـأخـذون الجليـلي الـى الجلجثــة..

هـــا هــم يــسوقــونــه للصلــب…

الـكـل يتدافـع،الكـل يصرخ،الكل يسير خلف الناصـري..

مـنهـم من يتبع مـؤمـنـاً،فـرحـاً،فهـذا هـو طريق الخلاص..

مـنـهـم مـن يتبع مُشككاً،مُضلاً،فكيف يُصلب إن كان حقا ابن الله..

مـنـهـم من يتبع مُستسلمـاً،غير مُدركـاً،فلمـاذا يموت من سار على اليـّم.

مـنـهـم من يتبع مفتقراً،مـحزونـاً،فلقد ترك الـمـعلم حافة البئر الحجري،وأروقة الهـيكل وأزقة كفر ناحوم.هجر العليّة،وحظيرة الخراف.

ووسط هـذا الحشد سِرت أنـا أيضـاً،سِرت ورائـه.

لقد دعاني يومـا مـا،دعـاني لأن أتبعـه،دعــانـي لأكون أحد رسله،ولأحمـل رسالته للأخرين…

سـرتُ فـى الطريق مع هـذه الجـمـوع…

رأيتك يا سيدي تسقط،وجبنت أن أتقدم لأحمل صليبك..فكان هناك قيراونيا آخر..

رأيتك يا معلمي تبكي،وخفت أن أندفع لأجفف دمعك ..فجاءت إحدى بنات أورشليم ومسحت الوجه.

سمعت الحشود تصرخ،لا هـذا بل برأبـا،فصرخت معهـم وزِدتُ فلا ملك إلا القيصر..رئيس هـذا العالم.

رأيتك يا سيدي مـسمـراً،وترددت فى أن أساعد أو أمنع ولكن كان الجند أسرع مني فوقفت متفرجاً.

رأيتك يارب معلقاً،ورددت مثل الآخرين لو كنت إبن الله فخلّص نفسك،أرنـي آية لكي أؤمن بك،أرنـي آية يا صانع الأعاجيب،أنـي أريد أكثر من زلزلة أو ظلمة أو شرخ فى حجاب هيكل أو حتى موتى يقومون..

سمعتك تصرخ عطشاً،وفهمت انه عطش جسدانـي، ولم أفهم انه عطش للأنفس فأعطيتك خلاً ممزوجاً بمـرارة مع قلب خائن فى جسد شهـوانـي.

سمـعتك تصرخ صرختك الـمـدوية "إلهـي..إلهـي..لـمـاذا تركتني"، فقلت أن الله قد تركك هو أيضا،فلا سبيل للخلاص،وهـا أنا ايضـاً أتركك.

رأيت من طعنك بالحربة حتى بعد الـموت فأخرج أكثر من الماء والدم،ورأيت من إقترع على ثيابـك، والتى لم تكن أكثر من ثياب لنجار من الناصرة..

سمعت من يصرخ بإيـمان بانك حقاً إبن الله ورأيت من عاد خائفاً،مرتعداً لا

يبغي الإتباع .

يــا مـعلّـم،جئتك أنا الإسخريوطي تائبـاً..

يـا معـلّم،أيهـا الـمـختار الحبيب

رأيتك تـموت مـُسلما ذاتك بطريقة عجيبة وغريبة ولم أفهم..

لــِم اخترت طريق الجلجثة هـذا؟..

لــِم تركتنــي؟..

لـمـاذا عُلّقت؟..

لـمـاذا تألـمت؟..

لــِم مُت بهـذه الطريقة الـمُشينة؟؟..

يــا معلمـي الى أين انت ذاهب؟..هـا أني أقف كما وقف بطرس فى القديم أسألك الى أين تمضي؟

هـا اني أسمعك تردد نفس القول لـي:

"لا تضطرب قلوبكم ولا تجزع،إنـي ذاهب لأعد لكم مـكانا،لتكونوا حيث أنا أكون،لن أدعكم يتامى،فإنـي أرجع اليكم،انكم في وأنا فيكم.سلامي أعطيكم.انكم لستم من العالم إذ انـي اخترتكم من بين العالم.حزنكم يجب أن يتحول الى فرح،ما من أحد يسلبكم هـذا الفرح.الآب نفسه يحبكم.بهذا أوصيكم ان يحب بعضكم بعضا كـمـا أنا

أحببتكم.ليس لأحد حب أعظم من هـذا أن يبذل نفسه فى سبيل أحبائة".

يـا آبت القدوس،هـل تسمع لقاتلك المجنون ومُسلمك وناكرك أن يحادثك؟

عجيب أنت فى حبك،ولكن ليس فى هذا عجباً،لأنك انت هـو الحب، وأردت أن تـموت كما عشت محباً بغير شروط.

يـا آبت القدوس،يا معلّم الحب،أرفع اليك صلاتـي،حديثي،مأساتـي..

إني لن أطلب منك آيـة،أو خبزا دائما كما كنت فى عهد العجل الذهبي..

إن لـي طلبة واحدة،واحدة أسألك إيـاها،أريد أن أكون معك حيث تكون..

أريدك يا من أذقتني حلاوة القرب منك فـى تلك السويعات التى عشتها معك أن تشعرنـي دائما بلمسات يدك الـمعزية.

عنايتك بي ستطيح بيأسي،همسك سينسيني الخوف،رحمتك ستجذبني،ونور قبرك الفارغ رجاء لا ينطفئ لي.ساعدنـي يا معلمي لكي أنشر رسالة حبك غير الـمشروط للعالم فيعرفك العالم كما عرفتك..

يا معلمي،ساعدني فأنا مسكين إذا ابتعدتَ عني وشقي وبائس لو فارقتني حمايتك،وتعيس لو فقدت حبك وحنانك.انـي اؤمن بأنه فى ساعة الموت عندما يأتي الشر بقائمة خطاياي ليدفعونـي للجحيم سوف تأتي من أحبتها نفسي دائما مريم لتخلصني لأموت بين أحضانك، ولأستمع الى صوت من أحببته "هوذا فتاي الذى اخترته..حبيبي الذى سرت به نفسي فأدخل الى

فرحي"..آمين.

(تـأمـل يوم الجمعة العظيـمة –1995)

                      __________________

              

منشورات أخرى للـمؤلف
:

1. منشورات صدرت عن كنيسة السيدة العذراء للأقباط الكاثوليك بلوس أنجلوس:

كتب:

  1. مريم العذراء التى حُبل بهـا بلا دنس – مايو 1997
  2. مريم الملكة المختارة والدة الإلـه – سبتمـبر 1999
  3. العذراء الناصعة-الرائعة-القانعـة

        العذراء الخاضعة..الدامعـة..الضارعـة – أكتوبر1999

  1. مريم وأبناءها: أمومتها..شفاعتهـا..إكرامها – مايو 2000
  2. الصراع..قصة صراع الإنسان بين الخير والشر – نوفمبر 2000
  3. طلبة سيدتنا مريم العذراء..شرح وتفسير – 15 أغسطس 2001
  4. القديس يوسف نجـّار الناصرة – ديسمبر 2001
  5. القديسة ريتا شفيعة الحالات الصعبة والمستحيلة –مايو ‏2002
  6. أعيـاد القديسة مـريـم العذراء –( 8 ديسمبر 2002)

بانفليت:

1.   رسالة من كنيستك–العدد الثانـى "الشهر المريـمي" (5/2000)

2.   رسالة من كنيستك–العدد الثالث "الباراقليط" (6/2000)

3.   رسالة من كنيستك–العدد الرابع "شهر قلب يسوع" (6/2000)

4.   رسالة من كنيستك–العدد الخامس"غبطة أبينا البطريرك"(9/00)

5.   رسالة من كنيستك–العدد السادس"طلبة العذراء المجيدة"(5/2001)

6.   رسالة من كنيستك –العدد السابع "ميلادك الجديد"(12/2001)

مجـلـة:

1.   مجلة ثيئوتوكوس –العدد الأول (أغسطس 1996)

2.   مجلة ثيئوتوكوس –العدد الثانى (ديسمبر 1996)

3.   مجلة ثيئوتوكوس –العدد الثالث (مارس 1997)

4.   مجلة ثيئوتوكوس –العدد الرابع (ديسمبر 1997)

5.   مجلة ثيئوتوكوس –العدد الخامس (أبريل 1998)

6.   مجلة ثيئوتوكوس –عدد خاص عن غبطة البطريرك (9/98)

7.   مجلة ثيئوتوكوس–العدد السابع"الصوم-رسائل بولس-اسبوع الآلام"(9/99)

8.   مجلة ثيئوتوكوس –العدد الثامن "الخدمـة" (ديسمبر 1999)

9.   مجلة ثيئوتوكوس –العدد التاسع "الأسرة" (ديسمبر 2000)

2. منشورات شخصيـة

1.   عند الصليب – أبريل 2000

2.   أنتم من فوق – ديسمبر 2000

3.   عجائب الرب – فبراير ‏2002‏‏

4.   قلب يسوع وقلب الإنسان – يونيو ‏2002‏

5.   أخوة يسوع ما هـى حقيقتهم؟ – سبتمبر 2002

6.                           من وحـي الـميلاد – نوفمبر‏2002

7.   القديسة تريزا الطفل يسوع – ديسمبر 2002

8.   قلب يسوع – ديسمبر 2002

9.   مريـم العذراء الفتاة والأم والزوجـة – (يناير 2003)

10.                     الـمسبحة الورديـة (مارس 2003)

11.                     القديس يهوذا تدّاوس (أبريـل 2003 )

12.                     ثلاثون من الفضة (مايو 2003)

13.                        الـتوبـة والـمصالحـة (تحت الـمراجعة)

14. تعاملات الله – (تحت المراجعة) ‏‏

3. منشورات تحوى عظات لمثلث الرحمات الأنبا أغناطيوس يعقوب

1.   تأملوا معـى – 12 مارس 1999

2.   نشيد الـمحبـة – نوفمبر 1999

3.   مع المسيح فـى آلامـه – مارس 2000

4.   رسالـة الـمسيح – مارس 2001

5.   الإيـمان حياة وقـوة – مارس ‏2002‏

6.   وليمة الـمحبة – ( يناير 2003)

4. رسائـل عائليـة

1.   من أرض بابل-(1996)

2.   شوق وحزن وحِميـة –( مارس 1997)

3.   أتلوا هذه الرسالة فـى كل بيت من بيت يعقوب

4.   أنتم من فوق فتأملوا واعملوا – (مايو 1999)

5.   رسالـة "عظوا بعضكم بعضاً" (16 يناير 2000)

6.   رسالة أخرى "سقطتُ فتبددوا…"(16 يناير 2000)

7.   رسالة الى الأم الحزيـنة – (26 أبريل 2000)

8.   مـا بعد الرحيـل – (تحت الكتابـة)

5.                           مقالات نُشرت فى مجلـة الصلاح للأقباط الكاثوليك بـمصر

1.   الـملائكـة – (1990)

2.   الجبال السبعة – (1990)

3.   لكل فعل رد فعل – سبتمبر/اكتوبر 1991

4.   إمرأة ثمنهـا يفوق اللآلـئ – نوفمبر 1998

5.   التجليّ والظهورات فـى الـمسيحية – يناير/فبراير 1999

6.   صلب يسوع – مارس/ابريل 1999

7.   الهروب –اكتوبر 2002

8.   خطيئة هذا القرنْ – مارس/ابريل 2003

6. مقالات صدرت بمجلة رسالة الكنيسة الصادرة عن مطرانية الأقباط الكاثوليك بالمنيـا: "أرنـي اللـه" – ابريل 1979

                    __________________



    الـمراجع:

1.     Catholic Encyclopedia –Judas Iscariot

2.     Other Internet resources

 

 

 

 

نبيل حليم يعقوب

لوس انجلوس فى مايو ‏2003‏‏