قرار المجمع فى الحركة المسكونية

                                                                   الاب انطونيوس مقار ابراهيم

     راعي كنيسة الاقباط الكاثوليك في لبنان

مقدمة :

   أُعلن هذا المرسوم بشكلٍ رسمي فى عام 1964 بموافقة 2137 ورفض 11 فقط . واعلنه البابا بولس السادس الهدف منه حثّ جميع الاخّوة المنفصلين على أن يعودوا الى الجماعة التى تعيش الوحدة انطلاقا من سر القربان المقدس . وأن يفقه الجميع بأن الصلاة والحياة المسيحية الصحيحة قادرين على العودة للوحدة .

  قدم فى هذا القرار بعض المسودات منها :

1- مسودة تشرح الانقسامات التى توالت على مر التاريخ . والمجمع ينصح باستعمال وسائل حيوية للتقارب والعمل فى سبيل إستعادة الوحدة مثلا :

أ- إعادة النظر فى قانون الايمان

ب- التعرف على التراث الخاص لكل كنيسة .

ج –الاستفادة من  الوسائل روحية ولاهوتية وطقسية .

 2 – مسودة أخرى توصى بالتفتيش عن العناصر الكنائيسة خارج نطاق الشركة ومنها التعارف المتبادل ، الابتعاد عن الافكار المسبقة ، التجديد الروحى قلبا وعقلا .

الافكار الرئيسية :

السهر والتوجيه الصحيح لإستعادة المنفصلين ليكونوا واحدا ، فإستعادة الوحدة هى الهدف الاساسى للمجّمع . والتى أعلنها البابا يوحنا الثالث والعشرين ، البابا بولس السادس

أ – ضرورة العمل على أن تتجدد الكنيسة.

ب- أن تستعاد الوحدة بين جميع المسيحيين .

ج – أن يقام الحوار بين الكنيسة وانسان اليوم.

 فالانقسامات تشكك العالم إذا إنها تناقض إرادة المسيح . وتصبح عائق كبير أمام البشارة . وبما أن الخلافات قائمة بين الكنائس ، فأخذ المجمع على عاتقه أن يحدد مفهوم الكنيسة كما أرادها المسيح ، والتقليد الكنسي . وقال أن الكنيسة (شركة) تربط أعضاؤها رباطات روحية وهى الايمان والرجاء والمحبة .إذا الكنيسة ينعشها الروح ويوحد أعضاءها وينير طريقها نحو المسيح (حجر الزواية) وهذا يتطلب ايمان يتجدد بعمق فى حياة المؤمن عن طريق العودة الى الاسفار المقدسة .الحركة الطقسية والذبيحة الجماعية تقودنا بالعماد الى المسيح الالف والياء ينبوع الخلاص. السيد المسيح أسس كنيسة واحدة والجماعات الكثيرة مدعوا لإتباع المسيح بروح واحدة لأن التجزأ يناهض إرادة المسيح ويصبح حجر عثرة فى طريق الخلاص .

 المبادئ العامة للحركة المسكونية :

1-سر وحدة الكنيسة : حيث ظهرت محبة الله بتجسده وافتدائه . صلاة يسوع ليكونوا واحدا ، مؤسسا لهم سر الافخارستيا الذي يوحد ، مانحا الروح القدس ليسكن بين البشر . موكلا مهمة التبشير والتعليم والرعايا لتلاميذه . وبهذا أرادا المسيح أن ينمو شعبه ويحقق شركته فى الوحدة ، وإعلان الايمان الواحد . هذا هو سر وحدة الكنيسة فى المسيح

وبالمسيح وبالروح القدس الذي يحقق المهمات على تنوعها .

 2 – العلاقات بين الاخوة المنفصلين والكاثوليك : قد ساد الكنيسة بعض الانقسامات التى رفضها بولس الرسول فى عصره . وحذثت إنقسامات وانفصالات عن الكنيسة الام ،هذا الانفصال لايبني الكنيسة ولايجعلها تنعم بوحدة المسيح حيث يجعل منهم جسدا واحدا فى حياة جديدة ، فالكنيسة الواحدة هى وسيلة الخلاص ، يجب أن ينضم اليها كل المنفصلين لكى يتشكل شعب الله الواحد .

3- الحركة المسكونية : لابد من بذل مجهود وفير فى الصلاة والصوم والقول والعمل للوصول الى الوحدة ، فالمجمع يدعوا الجميع الى التعرف لعلامات الازمنة والمساهمة بصورة جدية للعمل المسكونى . والمقصود من الحركة المسكونية والمشاريع والمبادرات التى تنسق على حسب احتياجات الكنيسة . وتبذل الجهود لإزالة كل ماهو لايتفق مع أوضاع المنفصلين . ثم تدعو الحركة المسكونية الى الحوار بحضور أشخاص من مختلف الكنائس ذو خبرة وثقافة يشرحون التعليم مظهرين مميزاته ، فيتوصل الجميع الى أصدق تعليم لكل الجماعة وحياتها ويتوصلوا أيضا الى مراعاة الضمير فى سبيل الخير العام .

الوحدة تبقي علامة خلاص للكنيسة لأن من خلالها تتمكن الكنيسة من إعطاء شهادة حية وإعتراف بتراث مشترك . فيوصي المجمع أن يتقبل الناس الحركة المسكونية كطريق للوحدة تنشئ فرح ومشاركة تامة فى عمل المسيح .

الفصل الثانى : العمل المسكونى :

1الاهتمام بالوحدة أمر ضروري ومن خواص الكنيسة والكهنة . وهذا الاهتمام يعطى لكل واحد حسب طاقته . وهذا ماتؤلفه الوحدة الاخوية بين المسيحيين .

2 – تجدد الكنيسة : يقوم فى الامانة على دعوتها لإتباع المسيح مصدر كل صلاح .وتظل الكنيسة بحاجة اليه كمؤسسة بشرية أرضية . والتجدد له قيمة مسكونية رفيعة وعلامة تبشر بنجاح الحركة المسكونية .

3- توبة القلب : هى اساس كل نجاح ودفق للمحبة وتوق للوحدة لذا ينبغي أن نطلب دائما من الروح القدس نعمة التجرد والتجدد والتواضع والطاعة ، لكي يحقق المؤمنين دعوتهم فى تعزيز وحدة الكنيسة أى وحدة المسيحيين . بمقدار ما يتحدون بالاب والكلمة والروح القدس اتحاداً وثيقاً يستطيعون أن يجعلوا الاخوة المتبادلة أكثر عمقا .

 4 الصلاة المشتركة : هى قلب الروح للحركة المسكونية ، فالاجتماع الى حضور الصلاة يقود بلا شك الى الوحدة . حيث أن المسيح أصعد صلاتة للاب \’ليكونوا واحدا \’.فمطلوب الكاثوليك مع الاخوة المنفصلين فى صلاة مشتركة ، حيث يمثل حضور المسيح والمشاركة مرتبطة بمبدأين هما :

                ا- التعبير عن الوحدة      ب- المشاركة فى وسائل النعمة .

 5 – التعارف المتبادل : من الضروري درس برحابة صدر كل ما يفرقنا ويجمعنا لنكتسب كل ما يكمن فينا وما هو إيجابى عند الاخرين من ثقافة وروحانية ، لكى يتوضح لنا الوضع الحقيقي للكنيسة .

6- التنشئة المسكونية : دراسة اللاهوت من الوجهة المسكونية ليتجاوب مع الحقيقة .وهذه التنشئة مرتبطة أرتباطا وثيقا بالتكوين الكهنوتى ، فعلى الدارسين أن يكونوا ملمين بالقضايا والنتائج النابعة من رسالتهم .

7 – طريقة التعبير عن عقيدة الايمان وعرضها : بأستخدام الاسلوب المناسب لكى لايوجد عائق فى طريق الحوار ، فبقدر الامكان تعرض العقيدة كاملة وواضحة . ويفسر الايمان الكاثوليكى بصورة أشد عمقا وبلغة تمكن الاخوة المنفصلين من فهمه . يجب أن الدافع للحوار المحبة والتواضع وحب الحقيقة .

8 – التعاون مع الاخوة المنفصلين : على المسيحيين بأجمعهم المجاهرة بالايمان بالله والثالوث . وهم مدعون للعمل المشترك فالتعون بينهم يعبر بصورة حية عن ما يحميهم ويربطهم ويدفعهم الى تعزيز السلام ومطابقة الانجيل اجتماعيا فى إطار خدمة الفقراء والمعوزين .

الفصل الثالث : فى الكنائس المنفصلة عن كرسي روما:

9 –  الانقسامات فى التاريخ نوعين :

أ- نوع حدث فى الشرق بسبب الجدال حول الصيغة العقائدية (أفسس -خلقدونية ) 

 ب – نوع حدث فى الغرب بسبب ما يسمي بالاصلاح.

ونتج عن ذلك تراكمات أدت الى أنفصالات عن الكرسي الرسولي . ويعود ايضا السبب الى ظروف المكان وخطورة المسائل المتعلقة بالايمان . رغبة المجمع البحث عن ما يجمع هذه الجماعات من روابط وإعتبارات مفيدة فى إطار العمل المسكوني .

10- روح الشرق : يطلب المجمع التدخل فى أتفاق مشترك يذكر بالقضايا الجديرة بالاعتبار وبالاخص فى الكنائس التى تعود الى أساس رسولي ، حيث يوجد فيها تراث منقول من الرسل ،يوصي المجمع الاخذ بعين الاعتابر حالة الكنائس الشرقية فى عهدها وطبيعة علاقتها مع كرسي روما قبل الانشقاق . وهذا يأتى نتيجة أقامة حوار منشود ومثمر .

11 – القليد الليتورجي : يمثل حياة الكنيسة وعربون المجد السماوي ، به يجد الناس سبيلا للاتحاد بالمسيح ، فالاحتفال بالافخارستيا يبنى كنيسة الله . والكنائس الشرقية تملك أسرار حقيقة بفعل الخلافة الرسولية ( الكهنوت – الافخارستيا ) والاشتراك فيهما مستحيل لكن يحبذ . يوصي المجمع الغربين بالنظر الى التراث الروحي والنسكي والاسراري الذي تملكه الكنائس الشرقية ، فهذه ترفع الانسان إلى التأمل فى الاسرار الالهية .

12 – نظام الشرقيين : مأخوذ من ما وضعه الاباء القديسون والمجامع . وهذا لايتعارض مع الوحدة الكنسية بل هو عون لتحقيق رسالتها ، فلابد من تبديد كل شك .وكنائس الشرق تدرك ضرورة وحدة الكنيسة والمحافظة على التقليد شرط أول لتحقيق الوحدة .

   13- ميزة الشرقيين فى التمسك بالقضايا : أو ما يسمي بالتعبير اللاهوتى حول العقيدة .ويجب الاعتراف بأن العقيدة والتقليد متأصلان فى الكتاب المقدس . والحياة الطقسية متغذية من التقليد الرسولي وكتابات الاباء . بعد كل ذلك يرى المجمع ضرورة إقرار الوحدة والشركة والمحافظة عليها . ولايفرض شيئا ما لم يكن ضروريا . ولابد من بذل الجهود فى مختلف المستويات والوان حياة الكنيسة بالصلاة والحوار الاخوي المتعلق بالعقيدة والخدمة

الراعواية.

الكنائس والجماعات المنفصلة عن الغرب :

 تشكل أزمة نتجت فى القرون الوسطى وباقية . ولكن هذه الكنائس باقية مرتبطة بكرسي روما بقرابة خاصة وعلاقات عاشها الشعب المسيحى فى الشركة الكنسية . هذه الكنائس بمختلف عقائدها وحياتها الروحية تتميز جدا فى ما بينها .

 يأمل المجمع أن الرغبة فى الحركة المسكونية والسلام والوحدة تملأ كل مكان بحيث ينمو التقدير المتبادل . والخلافات القائمة بين هذه الكنائس وكنيسة روماليست تاريخية أو ثقافية أنما تكمن فى تأويل الحقيقة الموحى بها .

 الايمان بالمسيح :

هو النقطة المشتركة لتحقيق الوحدة فالكل ينظر الى المسيح كينبوع الشركة الكنسية ومحورها .

   دراسة الكتاب المقدس عنصر هام فمن خلاله بواسطة الروح القدس الجماعة الكنسية تبحث عن الله الكلمة المتجسد  والتأمل فى حياة المسيح وتعاليمه . إن ما يفرق الكاثوليك عن الجماعات الاخرى هو السلطة التعليميه فى شرح وتفسير الكتاب المقدس.

  الحياة السرية :

العماد يوحّد البشر بالمسيح المصلوب ويجدد فيهم الاسهام فى الحياة الالهية ، فالمعمودية هى رباط الوحدة السرية القائمة بين الذين تجددوا . حتى وإن كانت الجماعات المنفصلة أهملت سر الافخارستيا – المعمودية – الكهنوت ، إلا أن فى احتفالها السرى ( العشاء الاخير) تشهد بأن الحياة تقوم فى الاتحاد مع المسيح . والحياة تتغذى من الايمان به وتتعزز بنعمة العماد ولسماع كلمة الله فى الصلاة الفردية والجماعية . الايمان بالمسيح ينتج عنه ثمار مديح وأفعال شكر على الاحسانات التى تقبل من الله . وهذا يتطلب العدل والمحبة الصادقة تجاه القريب . ومن هنا يمكن أن تقوم نقطة الانطلاق نحو الحوار المسكونى فى تطبيق الانجيل .

  الخـاتـمـة :

المجمع يوجه أنظارنا الى الامتناع عن كل خفة وغيرة ممكن أن تسئ الى تقدم الوحدة وعرقلة النشاط الرسولى (المسكونى) ويرغب المجمع فى أن تنمو مبادرات أبناء الكنيسة الكاثوليكية مع الجماعات المنفصلة دون وضع عقبات فى سبل العناية الالهية . يعلن المجمع عن إدراك هذا المشروع المقدس مشروع مصالحة المسيحيين فى وحدة الكنيسة الواحدة والوحيدة .والرجاء كله يوضع فى المسيح وفى حب الاب وقدرة الروح القدس " لأن محبة الله أفيضت فى قلوبنا بالروح القدس" ( رومية 5/5 ) .