لنتأمل مع بندكتس 30-31 من مايو

الثلاثون من مايو  

روما، الجمعة 30 مايو 2008 (ZENIT.org).

 ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثلاثين من مايو للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".

المعمودية كانتماء

عبر هذا الدخول في شركة الاسم مع الله، يدخل الإنسان في وجود جديد، كما ولو أنه ولد من جديد…إن نَعم الحب لشخص آخر يعني تخليًا عميقًا عن الذات. ولكن فقط عندما يجازف المرء ويقوم بتقدمة الذات لآخر، فقط عندما يتم التخلي عن الكيان الذاتي، يمكن لحب كبير أن ينشأ. من الممكن تقديم الكثير من الأمثلة. سيكون دومًا صعبًا على الإنسان الكلام عن الحق والإقامة في الحق. ولهذا السبب يلتجئ إلى الرياء الذي يجعل الحياة أسهل. الحق والشهادة، الشهادة والاستشهاد، هي مترابطة رباطًا وثيقًا في هذا العالم. اعتناق الفرد الحقيقة بثبات هو دومًا مجازفة. ولكن فقط عندما يعرّض المرء نفسه لمجازفة التألم لأجل الحقيقة، عندها يضحي إنسانًا حقًا. وبقدر ما يتعلق بشدة بذاته، ويرتد نحو أخدار أمان الرياء، وعندها يخسر نفسه… أن نتعمد يعني أن نحمل اسم المسيح، يعني أن نضحي أبناء معه وفيه. إن متطلبات هذا الاسم الذي يلج فيه الإنسان في المعمودية هي أكثر جذرية من متطلبات أي اسم أرضي. فهو يلمس جذور استقلاليتنا أكثر من أي رباط أرضي. لأنه يتطلب أن يضحي وجودنا "مماثلاً للابن"، وأن ننتمي إلى الله بشكل كلي لدرجة نصبح معها "صفة" من صفات الله. وكأبناء يجب علينا أن نعترف بالكلية بأننا ننتمي للمسيح، وبأننا "جسد واحد"، مع كل إخوته. المعمودية تعني أننا نخسر أنفسنا كـ "أنا" منفصل ومستقل، ونجد أنفسنا في "أنا" جديد.

 

 


 

 الحادي والثلاثون من مايو

الزيارة

إن تلك التي هي معمّدة بكليتها، كالواقع الشخصاني للكنيسة الحقة، هي في الوقت عينه ضمانة الخلاص الموعود، وأيضًا ضمانته الجسدانية. يخبرنا لوقا عن زيارة مريم لأليصابات فيقول أنه حالما وقع سلام مريم في أذني أليصابات "ارتقص" يوحنا في حشا أمه فرحًا (1، 44). للتعبير عن هذا الفرح، يستعمل لوقا الكلمة عينها – ارتقص – للتعبير عن فرح الذين تتوجه إليهم التطويبات (لو 6، 23). تظهر هذه الكلمة أيضًا في إحدى الترجمات القديمة للعهد القديم التي تصف دواد بينما هو يرقص أمام تابوت عهد الرب بعد أن أعاده إلى إسرائيل (2 صم 6، 16؛ ترجمة صيماخوس). ولربما لم يخطئ لورنتان بالكلية عندما وجد أن كامل نص الزيارة هو مبني كنص موازٍ لرجوع تابوت العهد؛ وبالتالي فإن ارتقاص الطفل يكمل فرح داود ونشوته لضمانة أن الله قريب. مهما يكن، فهناك تعبير عن أمر كدنا نفقده في عصرنا مع أنه ينتمي إلى قلب إيماننا؛ فالفرح بأن الكلمة صار بشرًا، والرقص أمام تابوت العهد، بفرح طروب مشتت عن الذات، هو أمر جوهري في إيمان من وعى قرب الله الخلاصي. فقط في هذا الإطار يمكننا أن نفهم التقوى المريمية. بعيدًا عن كل المشاكل، التقوى المريمية هي نشوة فرح بإسرائيل الحقيقي الذي لا يدمَّر؛ إنه دخول مبارك في فرح "نشيد التعظيم" وهو تسبيح لذلك الذي تدين له ابنة صهيون بكل كيانها، هي التي تحمل في حشاها تابوت العهد الحق، الذي لا يفسد ولا يدمَّر.