الحوار بين الأديان لا يمكن أن يتم بمعزل عن البحث عن الحقيقة

البابا: "البحث عن الحقيقة هو واجب طبيعي وفرض خلقي"

بقلم روبير شعيب

 الفاتيكان، الاثنين 9 يونيو 2008 (Zenit.org).

 التقى الأب الأقدس بندكتس السادس عشر صباح السبت الماضي، في قاعة الكونسيستوار بالفاتيكان، بالمشاركين في الجمعية العامة للمجلس الحبري للحوار بين الأديان بعنوان "الحوار في الحقيقة والمحبة: توجيهات رعوية".

 وكان المجتمعون قد جهدوا في الأيام السابقة للتوصل إلى فهم أعمق لموقف الكنيسة الكاثوليكية من أبناء التقاليد الدينية الأخرى، مسلطين الضوء على نظرة واسعة للحوار، مبنية على البحث عن الحقيقة ودوافعها، أي المحبة، تماشيًا وتجاوبًا مع الرسالة التي أوكلها يسوع المسيح إلى كنيسته.

 وذكر البابا في معرض حديثه بالخطاب الذي ألقاه في مطلع حبريته إلى ممثلي الكنائس، والجماعات الكنسية، والديانات غير المسيحية في 25 أبريل 2005، حيث قال: "تريد الكنيسة أن تستمر في بناء جسور الصداقة مع أتباع كل الديانات، بغية البحث عن الخير الأصيل لصالح كل إنسان والمجتمع ككل".

 واستشهد بندكتس السادس عشر بالبابا بولس السادس الذي كتب في رسالته العامة "التبشير بالإنجيل" بأن "مسؤولية الكنيسة الأولى هي خدمة الحقيقة: حقيقة الله وحقيقة الإنسان ومصيره الغامض، وحقيقة العالم. وهي حقائق صعبة نبحث عنها على ضوء كلمة الله".

 ونوه البابا إلى البحث البشري عن أجوبة على "الأسئلة الوجودية" المتمثلة بمصدر ومصير الكائنات البشرية، بالخير والشر، لافتًا إلى أن "البحث عن الحقيقة هو واجب طبيعي وفرض خلقي".

 "محبة المسيح تضطرنا"

 وتابع الأب الأقدس حديثه مستشهدًا برسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس: " Caritas Christi urge nos" (محبة المسيح تضطرنا)، وشرح قائلاً: "تحض محبة المسيح الكنيسة إلى الذهاب صوب كل كائل بشري دون تمييز، ما وراء حدود الكنيسة المرئية. إن مصدر رسالة الكنيسة هو الحب الإلهي. وهذا الحب ظهر في يسوع المسيح الذي أصبح حاضرًا عبر عمل الروح القدس. وكل مبادرات الكنيسة هي مطعّمة بهذا الحب".

 لذا "فالحب هو الذي يحض المؤمنين على الإصغاء للآخر والبحث عن مجالات للتعاون". وهذا الحب يشجع المحاورين المسيحيين في حوارهم مع أبناء الديانات الأخرى إلى "عرض، لا فرض، الإيمان بالمسيح الذي هو الطريق والحق والحياة (يو 14، 16)".

 ثم كرر البابا التشديد بأن الإيمان المسيحي لا يعتبر "الحقيقة والعدل والحب مجرد مثل عليا، بل هي وقائع مهمة جدًا"، موضحًا أن "المحبة بالنسبة للكنيسة ليست نوعًا من الرعاية الاجتماعية التي يمكن إيكالها إلى الآخرين، بل هي أمر يرتبط بطبيعة الكنيسة بالذات، وهي تعبير عن جوهرها بالذات" (راجع الرسالة العامة "الله محبة"، 25).

 

 

البابا يدعو إلى تفعيل التعاون بين الأديان من أجل خير المجتمع ومساعدة المرضى والمنكوبين

الفاتيكان، الاثنين 9 يونيو 2008 (Zenit.org).

 لفت البابا في معرض خطابه إلى المشاركين في الجمعية العامة للمجلس الحبري للحوار بين الأديان، نهار السبت المنصرم، إلى أن "ازدهار وتنوع اللقاءات ما بين الأديان في عالم اليوم يحتاج إلى تمييز دقيق"، معبرًا عن ارتياحه إلى أن الجمعية العامة قد توقفت للتفكير مليًا بهذه النقطة، وللتعمق في مسائل عملية مثل هوية المتحاورين من مختلف الأديان، التربية الدينية في المدارس، الارتداد، والحرية الدينية، وواصفًا هذه الأمور بـ "المسائل الهامة والتي يجب على مع يعمل في المجتمعات التعددية أن يعيرها وافر الاهتمام".

 وشدد أيضًا على "ضرورة التنشئة المناسبة لمن ينشط في حقل الحوار بين الأديان" لأن هذا الحوار، "يحتاج إلى أن يكون مسيرة إيمان إذا ما أراد أن يكون أصيلاً". وفي هذا الإطار شجع البابا المجلس الحبري للحوار بين الأديان على تنظيم دورات وبرامج تنشئة في الحوار بين الأديان، وخصوصًا للشباب والإكليريكيين.

 إيجابيات الحوار بين الأديان

 وبالحديث عن النتائج الإيجابية التي يستطيع الجميع أن يحصدوها من الحوار الصحيح والأصيل بين الأديان، أوضح البابا أن التعاون بين الأديان يولد فرصًا للتعبير عن "القيم السميا في كل تقليد ديني"، مثل "مداواة المرضى، إسعاف المنكوبين وضحايا العنف، العناية بالمسنين والفقراء".

 تشكل هذه الحقول بعضًا من الفرص التي يستطيع أبناء الأديان أن يتعاونوا فيها، وشجع البابا "جميع الذين يهبون إلى مساعدة المتألمين في المجتمعات مستلهمين تعاليم أديانهم".