كيف تعامل السيد المسيح مع الساخرين؟ (11)

الحلقة الحادية عشرة

« ولَمَّا وَصَلَ يسوعُ إِلى بَيتِ الوَجيهِ وَرأَى الزَّمَّارينَ والجَمعَ في ضَجيج، قال: اِنْصَرِفوا! فالصَّبِيَّةُ لم تَمُت، وإِنَّما هِيَ نائِمَةَ ، فضَحِكوا مِنه. فلَمَّا أُخرِجَ الجَمْع، دَخَلَ وأَخَذَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ فَنَهَضَت.» (مت 9: 23- 25)

 

هناك ضجيج، أصوات النائحين، تنهدات الحزانى، تعبيرات حسرة وألم هنا وهناك. يغلف بَيتِ الوَجيهِ جو من الكآبة، ورائحة الحزن تفوح في أرجاءه، فالميت صبية صغيرة في مقتبل العمر.

يأتي يسوع من خارج دار الحزن هذه، ليعلن لهم الخبر السار (بشارة) إن الصبية لم تمت!! إنها نائمة !

فضَحِكوا مِنه…

ضحك الجمع المحتشد في دار الحزن ! وهم من الجيران والأقارب والأصدقاء.  يقول الكتاب المقدس : « إِنَّ السًّاخِرينَ مِنِّي هم أَصدِقائي ولكِن إِلى اللهِ تَفيضُ عَينايَ» (اي 16/ 20 ).

لم انقلب نحيبهم إلى ضحك؟

نعم هم اصدقاء اتوا للمساندة ومشاطرة الاحزان مع الاهل الملكومين. فلم تحول مجلس المتضامنين الي مجلس الساخرين! يقول كاتب المزامير « طوبى لِمَن لا يَسيرُ على مَشورَةِ الشِّرِّيرين ولا يَتَوَقَّفُ في طَريقِ الخاطِئين ولا يَجلِسُ في مَجلِسِ السَّاخِرين». ( مز 1: 1) وقد حذر الكتاب من مجالسة الساخرين لان مجلسهم يسهر  لينتج الآثام : « لِأَنَّ الظَّالِمَ قدِ آنقَرَض والسَّاخِرَ قد فَنِيَ وآستُؤصِلَ جَميعُ الَّذينَ يَسهَرونَ لِأَجلِ الإِثْم» ( اش 29 : 20) .

الساخر لا يحب ان يوبَّخ : «السّاخِر لا يحِبّ أَن يوَبَّخ وإِلى الحُكَماءِ لا يَذهَب» ( أم 15 : 12). وإن وبخ لا يسمع التوبيخ :« الاْبنُ الحَكيمُ يَسمعُ تَأديبَ أَبيه وأَمَّا السَّاخِرُ فلا يَسمعُ التَّوبيخ.» (أم 13: 1). ويحب ان يتمادى في سخريته :« إِلى مَتى، أيّها السُّذَّج، تُحِبّونَ السَّذاجة والسَّاخِرونَ يَبتَغونَ السّخرِيَّة والجُهَّالُ يُبْغِضونَ العِلْم؟  » (ام 1: 22 ).

السخرية سلاح يهدف إلى جرح الآخر وإصابته بالآلام :« صِرْنا عارًا لِجيرانِنا هُزؤًا وسُخرِيَّةً لِلَّذينَ حَولَنا » ( مز 79: 4 ) . كما يصف هذه المعاناة كاتب الرسالة الى العبرانيين :« وبَعضُهُمُ الآخَرُ عانى السُّخرِيَّةَ والجَلْد، فَضْلاً عنِ القُيُودِ والسِّجْن» ( 11: 36)

 

كيف تعامل المسيح مع الساخرين؟

طلب منهم ان يتنحوا ..

أوقف الضجيج ، فما الفائدة من النواح وما المغزى من استدرار الاحزان ؟ « لا تنْسَ ضَجيجَ خُصومِكَ ولا الجَلَبَةَ المُرتفِعةَ على الدَّوامِ في مُقاوِميكَ. » (مز 74: 23) الرب هنا والحياة له.

طلب اليهم ان يخرجوا : اِنْصَرِفوا!

يقول الكتاب : « أُطرُدِ السَّاخِرَ فيَخرُجَ النِّزاع وَيسكُنَ الخِصامُ والشَّتْم» (ام 22: 10)  وان ينهي هذا المجلس الساخر من عمل الله فهم مصدر فتنة وتعطيل لعمل الله : « النَّاسُ السَّاخِرونَ يُلْقونَ الفِتنَةَ في المَدينَة والحُكَماءُ يَصرِفونَ عنها الغَضَب » ( ام 29 : 8)

صرفهم يسوع: فلَمَّا أُخرِجَ الجَمْع أفقدهم سلطان السخرية « فآسمَعوا كَلامَ الرَّبِّ أَيُها النَّاسُ السَّاخِرون المُتَسَلِّطونَ على هذا الشَّعْبِ الَّذي في أُورَشَليم.»( اش 28 : 14) ويحرر البسطاء من هذا السلطان.

« إِلى مَتى، أيّها السُّذَّج، تُحِبّونَ السَّذاجة والسَّاخِرونَ يَبتَغونَ السّخرِيَّة والجُهَّالُ يُبْغِضونَ العِلْم؟» ( أم 1: 22)

« الوَيلُ لَكُم أَيُّها الضَّاحِكونَ الآن فسَوفَ تَحزَنونَ وتَبكون.» (لو 6: 25)

توجّه الي الصبية : دَخَلَ وأَخَذَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ فَنَهَضَت.

التي تمثل البشرية المصابة والواقعة تحت حكم الموت ووأمسك بيدها ووهبها الحياة… نعم فهذا هو هدف الله ان يهب الحياة للناس ولن يثنيه ساخر بسخريته عن عزمه.

لم يجلس مع الساخرين بل مع الآب والصبية : « لم أَجلِسْ في جَماعةِ الضَّاحِكينَ مُمازِحاً بل تَحتَ يَدِكَ جَلَستُ مُنفَرِداً» (ار 15 : 17).

 

وأنا كيف اتعامل مع الساخرين؟؟

هل انهج نهج يسوع المسيح؟

 

كم من مرة منعتني سخرية الساخرين من ان اقول الحق؟

كم مرة ارهبتني السخرية ولم تدعني اقيم العدل؟

كم مرة تراجعت عن اتمام وصايا الله امام ابتسامة صفراء اطلقها ساخر من الايمان؟

كم مرة أعاقت السخرية خيرا أزمعت ان اصنعه مع القريب؟

كم مرة … لم استطع التحرر من مجالسة الساخرين او وكنت مدفوعا لمجاراتهم في سخريتهم؟

كم من مرة استمتعت بالسخرية من شخص ما وتألمت من سخرية البعض مني!!

 

صلاة

ربي وإلهي

هبني الرحمة بالقريب ، فأتعلم ألا اسخر منه.

هبني تواضع النفس ، لأكتشف نقائصي قبل ان اسخر من ضعفات الآخر.

هبني أن أعرفك فيمن هم حولي ، لا سيما في الخاطي والجاهل والعنيد وسقيم الروح.

هبني شجاعة الانصراف عن مجالسة الساخرين واعطني قوة احتمال سخريتهم.

أجعل إلهي ابتسامتي رسالة حب موجهة للقريب تفتح امامه ابواب الرجاء.