حديث البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، خليفة القديس بولس

موضحاً أهمية سنة القديس بولس في سوريا والشرق الأوسط

 روما، الجمعة 27 يونيو 2008 (ZENIT.org)

 ننشر في ما يلي بعض المقاطع من الحوار مع غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، الذي اعتبر نفسه "خليفة" الرسول بولس في العدد الأول من مجلة "Paulus" عشية افتتاح سنة القديس بولس.

 ***

هناك شخص يحمل القديس بولس في حمضه النووي. دعوة تسري في الدم والروح، إذا جاز القول. ذلك الشخص هو غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، الذي يخبرنا عن تأثير الرسول في حياته منذ بدايتها. ويقول: "إن انتمائي إلى القديس بولس هو حشوي بالمعنى الحقيقي للكلمة، لأنه معي منذ حملت بي أمي التي هي من منطقة معروفة "بجبل العرب"، والتي تبعد مسافة 50 كلم عن دمشق، باتجاه عمان. لقد هرب بولس إلى ذلك المكان بعيداً عن اضطهاد اليهود، وقد ذكر ذلك في الرسالة إلى الغلاطيين، عندما قال: انطلقتُ إلى بلاد العرب (غلاطية 17،1)، قبل رجوعه إلى أورشليم: لم يقصد السعودية، لا بل منطقة صحراوية بين دمشق والأردن. ولدت في داريا، حيث اهتدى بولس بلقاء مع الرب، ولكنني أعيش في دمشق، المدينة الوحيدة خارج الأراضي المقدسة التي ظهر فيها الحي القائم من بين الأموات. وقد ازداد تعلقي برسول الأمم أكثر، خلال سيامتي الأسقفية، عندما عييني البطريرك السابق مكسيموس الخامس، أسقفاً على طرسوس، لذلك شعرت بأنني في جميع الحالات خليفة بولس. واستمريت بالتعلق بذلك لأنني أعيش في المنطقة التي أحب أن أسميها "حي القديس بولس"، أي المنطقة التي يظهر فيها من جهة بيت أنانياس، ومن جهة أخرى الكنيسة التي تعمد فيها بولس. والعيش في هذا المكان، هو أساسي بالنسبة لي، لأن أنانياس قام بأعماله هناك. وأنانياس هو ربما واحد من الأساقفة الأوائل في العالم، بالمعنى المعاصر، حتى أنه سبق بطرس، لأنه في الوقت الذي كان فيه بطرس هو أيضاً يبشر، ويتنقل بكثرة، كان أنانياس يشغل منصباً محدداً إذ كان أسقفاً محلياً. كما أود أن أذكر تاريخ 15 فبراير 1959، قبل خدمتي الكهنوتية، عندما ذهبت في تأمل روحي إلى الينابيع الثلاثة، وبعدها إلى سجن القديس بولس في روما. احتفلت البارحة بالذبيحة الإلهية في بازيليك القديس بولس خارج الأسوار، وكنت أمام ضريح القديس بولس كبطريرك وكخليفة له. تأثرت كثيراً لأنني هناك احتفلت بالذبيحة الإلهية الأولى في خدمتي."

   […] في إطار الكنسية، يقوي البطريرك هبة الوحدة الخاصة بحاميه، ويقول لنا كيف أنه من الممكن أن نكون "بناة كنائس"، بالمعنى الروحي، وبالمعنى المادي في الوقت عينه.  "كما أن هناك ورشة بناء أخرى وهي تشييد كنيسة في دمشق، في الوقت الذي شيدنا فيه كنيسة أخرى في قريتنا الصغيرة مخصصة للقديس بولس، وقد تم تدشينها سنة 2004.

إنها لظاهرة فريدة من نوعها في العالم، كنيسة مشتركة ألهمتنا بها روح القديس بولس: كنيسة ذات ملكية مشتركة بين الروم الأرثوذكس، والروم الكاثوليك. وأعتقد أنها المثل الوحيد على الملكية المشتركة بين الكاثوليك والأرثوذكس […] "

 أمام المبادرات للذكرى المئوية الثانية، تبدأ التحضيرات. فالمناسبة فريدة للكنيسة جمعاء، ولكنها بخاصة لبقية الجماعات المسيحية القديمة التي أسسها الرسول – كحبة نمت في أعماق الأرض – . "من أجل سنة القديس بولس، أفكر في عدة مبادرات يجب أن تجري في لبنان. ومن بين الأمور العديدة، نرغب في إنتاج فيلم عن حياة بولس يظهر أعمال الرسل ورسائلهم. لقد حضرنا الدليل – نصاً ذات جمال روحي فائق -، والآن نحن بحاجة فقط إلى خلفيات.

 كما أننا نفكر في إعادة إحياء بعض الأماكن المهمة للإحتفالات، على الرغم من أنها ليست معروفة جداً. مثلاً، لا بد من ذكر Msimie، المكان الذي هو على بعد 50 كلم في جنوب دمشق، حيث لجأ بولس، بعد مجيئه من منطقة رومانية: لأنه لو مكث في دمشق، لكان قتل. ولكن، نجد من خلال الجغرافيا الروحية البولسية للشرق الأوسط أن المكانين الأكثر أهمية على الدوام هما دمشق وروما. والمكان الآخر المهم هو أثينا، ولكن كون اليونان أرثوذكسية، لا نعلم ما سيكون الجواب على مبادرة من البابا. والأمر سيان بالنسبة إلى تركيا المسلمة. أما في دمشق، هناك جماعة أرثوذكسية كبيرة، وظهر للوهلة الأولى بأنها غير مهتمة بالمبادرة، ولكنها الآن أدركت حماسة الكاثوليك، وتحمست هي بدورها. وإضافة إلى أن دمشق ذات غالبية مسلمة، فقد أصبحت الآن محط أنظار العالم بفضل أقليتها المسيحية غير الظاهرة. وهذا الأمر سيتيح الفرصة ليعلم الجميع أنه أيضاً في العالم العربي، وحيث نحن أقلية، يقام احتفال مسيحي للشهادة بالإيمان في يسوع المسيح، ولإحياء جميع المسيحيين الشرقيين. كما أن رئيسنا أظهر اهتماماً كبيراً، إذ طلب من الوزراء أن يكونوا في خدمة بطاركة الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية لسنة القديس بولس! وبذلك هم في خدمتنا مع كل من وزير السياحة، والإقتصاد، والاتصالات."

 […] "إن الكنيسة من دون بولس، هي كنيسة بلا صوت. وهذا الصوت يحدثنا عن ضرورة وجود "بابا" في العالم، وعن عدم قوة وجود المسيحيين في العالم من دونه. ولكن صوت بولس يقول لنا أيضاً أن خدمة البابا العظمى ليست الرئاسة لا بل تثبيت ودعم إخوته. من أجل ذلك، نحن بحاجة إلى صوت مسيحي فريد يبشر بالإعلان الأساسي للإنجيل، من غير الغوص في التفاصيل التي تؤدي فقط إلى الانقسام. ولنتذكر دوماً كلام يوحنا الثالث والعشرين: "ما يوحدنا أكثر بكثير مما يقسمنا".

 نقلته من الإسبانية إلى العربية غرة معي