لنتأمل مع بندكتس 1-2-3-4-5 من يوليو

 روما، الاثنين 1 يوليو 2008 (zenit.org).

ننشر في ما يلي تأمل اليوم من يوليو للبابا بندكتس السابع عشر، من كتاب "بندكتس".

الأول من يوليو

قلب الله

يتحدث العهد القديم عن قلب الله 26 مرة. ويعتبر هذا القلب عضو إرادته الذي يقيس الإنسان نفسه عليه… إنه اللوغوس الموجود في صلب كلٍ منا – دون علمنا – لأن محور الإنسان هو القلب، ويحتوي القلب على القوة التي تقود كل شيء، والتي هي اللوغوس. اللوغوس يمكننا أن نكون منطقيين، أي أن نتجاوب مع اللوغوس؛ هنا، في القلب، تتم ولادة اللوغوس الإلهي في الإنسان، ويتحد الإنسان بكلمة الله الشخصي والمتجسد… قلب يسوع المطعون… لا يكترث بالحفاظ على الذات بل بهبة الذات. لقد خلص العالم عبر تشريع نفسه. القلب يخلِّص فعلاً، ولكنه يفعل ذلك عبر هبة الذات. ولذا، في قلب يسوع، نجد محور المسيحية. هذا القلب يعبّر عن كل شيء، عن كل ما هو جديد وثوري في العهد الجديد. القلب الأقدس يدعو قلبنا. يدعونا إلى الخروج من محاولة الحفاظ على ذواتنا، وإلى تسليم ذواتنا له ومعه، لكي نكتشف ملء الحب الذي هو وحده الأبدية، والذي يحفظ العالم.

 الثاني من يوليو

الاشتراك في حكمة الله

 الحكمة هي أن نشترك بقدرة الله في رؤية الأمور والحكم فيها كما هي على حقيقتها. يكشف الله عن نفسه كإله عبر أحكامه العادلة؛ كونه الله، يرى الأمور دون أقنعة، تمامًا كما هي بالحقيقة، ويتعامل مع كل شخص طبقًا لحقيقته. الحكمة هي اشتراك في الطريقة التي يرى فيها الله الواقع. ولكن هناك بالطبع بعض الشروط المسبقة للمعرفة انطلاقًا من وجهة نظر الله. لا يمكننا أن نحوزها ما لم نكن متحدين بالله. وهذا الأمر يعني بدوره أن أسلوب المعرفة الأخير والأعمق هذا ليس مجرد خبرة عقلية. في الأمور الجوهرية، الحياة ليست منفصلة عن المعرفة. وإذا كان هذا النوع من المعرفة يتضمن شيئًا من عدم قابلية الله للفساد، فهو تتضمن أيضًا طهارة ذلك الـ "أنا" الذي من دونه يفسد الإنسان. من هنا، يتضح معنى المفاهيم التالية: "مواهب الله"، و "الاشتراك في طريقة تفكير الله". إذا ما سمحنا له أن يطهرنا من فساد الـ "أنا" لنتوصل تدريجيًا إلى العيش في الله، والاتحاد به تعالى، عندها فقط نستطيع التوصل إلى حرية التحكيم الداخلية، إلى استقلالية تفكير وقرار لا خوف فيها، لأنها لا تعبأ من بعد بقبول أو رفض الآخرين بل تتعلق بالحق وحده. عملية التطهير هذه هي دومًا مسيرة انفتاح للذات، وبالوقت عينه هو تقبل الذات من يدي الله. لا يمكن لهذا أن يحدث دون ألم شذب الكرمة. ولكنه يجعل ممكنًا نوع القوة الوحيد الذي لا يقود إلى العبودية، بل إلى الحرية.

 الثالث من يوليو

المسيح هو الجواب

 نحن مقتنعون بالعمق أن المسيح هو الجواب، وأنه دون الإله الملموس، الله الذي وجهه هو وجهه يسوع المسيح، لا بد للعالم أن يدمر نفسه؛ وهناك برهان جلي على فشل الأطروحة القائلة بأن العقلانية المنغلقة، التي تعتقد أن الكائن البشري يستطيع أن يعيد بناء العالم بشكل أفضل منفردًا. بل على العكس، دون الحدود التي يضعها الإله الحق، يدمر البشر أنفسهم. ونرى هذا الأمر بأم عيننا. يجب أن نجدد في داخلنا هذه القناعة: يسوع هو الحقيقة؛ فقط إذا ما سرنا في إثر خطاه نستطيع أن نسير في الدرب المستقيم، ويجب أن نمشي في هذا الاتجاه ونقود الآخرين. في كل آلامنا، لا يكفي أن نحافظ على اقتناعنا بأن المسيح هو وجه الله، بل يجب أن نعمق هذه القناعة وفرح معرفتها، وأن نكون بالتالي خدامًا لعالم المستقبل، لمستقبل كل شخص بشري. يجب أن نتعمق بهذه القناعة في علاقة شخصية مع الرب لأن القناعة تستطيع النمو أيضًا انطلاقًا من اعتبارات عقلانية. إن تفكيرًا صادقًا مقنعًا عقليًا يستطيع أن يضحي شخصيًا، وراسخًا، ومتطلبًا بفضل صداقة تعاش شخصيًا، ويوميًا، مع المسيح. وهذا الأمر يبدو لي بالغ الأهمية.