كيف أعيش هويتي الكاثوليكية في مصر

الهوية بصفة عامة

1- الهوية وعناصر تشكيل الهوية:

                               الهوية أو الذاتية

                               الأنا والانتماء

                               الانتماء وأنواعه

                               عناصر تشكيل الهوية أو الانتماء 

2 – الانتماء الديني خصائص ومميزات

                               ماهية الانتماء

                               عناصر تشكيل الهوية

                               الانتماء الديني وأهميته في حياة الفرد والجماعة

                               تحديد معني الدين والتدين

3 – الهوية المصرية المعاصرة: خصائص ومميزات

                               مجتمع متعدد الأطياف

                               مجتمع يعاني من العديد من المشكلات

                               الأمية-مشاكل في التعليم- الفقر- البطالة- الهجرة

                               طبيعة النظام السياسي:

4 – الهوية المسيحية في مصر المعاصرة وصعوبات تواجهها

                               غياب التسامح الذي كان موجودا أو اختفاءه

                               التطرف بمعنى عدم قبول التنوع والاختلاف

                               بمعنى عدم قبول الآخر

من مراحل تطور الأنا: امتلاك انتساب انتماء

                               تعصب- انفتاح: تحرر من مركزية الأنا والجماعة

أهمية عنصر الحوار للوصول إلى انتماء ناضج

5 – الهوية الكاثوليكية بصفة عامة

طبيعة الكنيسة:

جامعة-مقدسة-رسولية                            

ديناميكية العلاقة بين المنتمي والمنتمى إليه

6 – الهوية المسيحية القبطية الكاثوليكية وكيف نصل إلى تحقيقها

                               الانتماء لمصر

                               الانتماء للكنيسة القبطية الأم

                               الانتماء الحي والمتجذر للكنيسة الكاثوليكية

دورنا في هذا المجتمع

 

أولا- الهوية وعناصر تشكيل الهوية:

1- الهوية: والذاتية

        وتعنى أن يكون للمرء باستمرار كيان مميز عن الآخرين ويرى ايريكسون و كثير من العلماء أن الكثير من جوانب تطور الأنا يرجع إلى نمو معنى الهوية . وتعنى الهوية الوعي بالذات ويمكن اعتبارها معادل للأنا و فقدان الهوية في علم النفس يعنى انفصام في الشخصية و شرود نفسي حيث سيعيض المريض عن انعدام الشخصية بأوهام عظمة تتميز مرحلة الطفولة بما نسميه تكوين صورة الأنا

بينما تتميز مرحلة المراهقة و الفترة المبكرة من الرجولة بما يمكن أن نسميه أزمة هوية بسبب فترة الثورة و التمرد على الصورة الأبوية (التشخص) وخاصة مع الوالد من نفس الجنس و الفشل في التشخص يقلل من الإحساس بالهوية و يعيد المراهق النظر في هويته فيما يخص والديه و يستكمل مسيرة نموه مبتعدا عنهما في انفصال يكاد يكون شبه نهائي داخلا في المجتمع و ذائبا في أبطال الجماعة أو أبطال الجماهير أو بطل الأغلبية العددية

2-الأنا والانتماء:

هو الجزء الرئيسي من الشخصية و ينمو كاستجابة للمثيرات البيئية فسواء المادية أو الاجتماعية…ووظيفته هي اختبار الواقع أو التقييم للتمييز بين بالذات والبيئة أو التوسط بين مطالب ألهو و مطالب ألانا الأعلى و مطالب العالم الخارجي وهو تجربة الفرد عن نفسه وجزء الشخصية الملامس مباشرة للعالم الخارجي وهو جزء شعوري ويشمل على صورة الواقع وهو يمثل الفطرة السليمة ومن الهم عدم الخلط بين ألانا و مفهوم الشخصية والهوية ومفهوم ألذات مفهوم ألذات هو تقدير الفرد تقييمه كشخص و على ذلك فألانا هو إمكانية الفرد للإنجاز أما مفهوم ألذات فهو يحدد إنجازه الفعلي ألانا أذن جزء من بناء الشخصية الذي هو ألانا وألهو و ألانا الأعلى ألذات فهي الشخص مواجهة شخص آخر تطور ألانا: ينمو الفرد بدرجه متزايدة حتى يتمكن من السيطرة على دوافعه وأن يتصرف مستقلا عن أبويه وأن يتعامل مع بيئته…

3-الانتماء وأنواعه:

شعور الفرد بأنه مقبول عند آخر أو عند الجماعة أو شعوره بالتبعية بالجماعة وحسب ثورندايك فالانتماء هو صفه لكيان يشعر انه ينتسب بشده إلى كيان آخر و يكمله.فالإنسان لديه استعداد أن يربط بين بندين أو أكثر خلال عملية التعلم إذا أدرك أنهما ينتميان إلى بعضاهما بطريقه أو بأخرى…. ولدى الإنسان في كل زمان و مكان وتاريخ و حضارة نزعه أو دافع عميق يدفعه نحو الانتماء إلى شيء أو فرد أو مجموعه أو نظام أو مبدأ .وهناك عشرة أنواع للانتماء:

1-الأسرى            2-الوطني             3-السياسي            4-العرقي

5-الثقافي             6-المهني              7-الاقتصادي         8-التاريخي  

9-الديني              10-الروحي

وليس من الممكن تناول كل عناصر هذا الوضع في لقاء واحد فسيكولوجية الانتماء كورس يدرس في الجامعات على الأقل لمده ترم كامل حيث يولد الفرد كائنا بيولوجيا محضا يكاد يكون خاليا من أي معوقات اجتماعيه اللهم تلك الكامنة وراثيا كاستعدادات قد تجد الفرصة لتنمو وتتشكل أو قد تظل كامنة مدى الحياة حسب البيئة و المجتمع وهذا الكائن البيولوجى سرعان ما يبدأ بالثقل بحيث يتجول رويدا رويدا إلى كائن اجتماعي حيث يتشرب الواقع البيئي و الاجتماعي تشربا آليا وقد يعترض البعض على كلمة آليا ويفضل إن يكون التشرب أو التشكل تفاعليا انتقائيا .وكأن الفرد يقف موقفا اختياريا بين حوافز البيئة الاجتماعية وعناصرها فيختار منها و ينتقى اختيارا مدركا .وطبعا هذه مبالغه لا تتوفر حتى عند البالغين الغير ناضجين فما بالكم عند الأطفال الغير مدركين لكن الواقع يتحدث عن عملية ديالكتيكيه مستمرة و محتومة تعمل داخل النفس البشرية لكل فرد بين عنصري الوراثة و البيئة فهل الشخصية الإنسانية هي محصلة العوامل الوراثية التي يولد الفرد بها و نتيجة تفاعلها مع البيئة المحيطة أم أن الشخصية الإنسانية هي محصلة الاستجابة للعوامل البيئية التي ولدت وتأثرت بها فهي نتاج العوامل البيئية هل الشخصية حافز أو مثير يتغير و يؤثر في البيئة و المجتمع أم الشخصية ألإنسانية استجابة لما يقع عليها من تأثيرات كل هذه أسئلة و تساؤلات اترك الإجابة عليها لمجموعات العمل لتناقش و تحاول الوصول إلى اتفاق في حين لم تصل مدارس علم النفس و الاجتماع بعد إلى أي نوع من الاتفاق بينها…

نستطيع أن نلخص مفهوم الانتماء بمعنى أن كل ما يشعر به الإنسان من الحب يكون في نفس الوقت منتميا إليه فهو لا ينتمي إلى ما لا تتباؤر حوله حياته الوجدانية : فالإنسان ينتمي إلى الأسرة، العائلة، الحي، البلد وهناك إلى جانب المفاهيم البيئية والأسرية المادية المحسوسة مرحله ثانيه من الانتماء إلى ما هو أسمى الانتماء إلى مجموعه من التصورات و المفاهيم المجردة التي ليس لها واقع في نطاق المحسوسات كالانتماء إلى الوطن ليس كقطعة ارض أو الانتماء إلى رئيس الجمهورية ليس كشخص أو الانتماء إلى ألوان علم ليس كقماش أو الانتماء إلى طائفة ليس كمجموعه أفراد يحكمها شخص معين تدين بآراء و عقائد ثابتة لا تقبل التغير أو التطور …القاعدة هي أن الإنسان كلما صار أكثر رقيا و تحضر صار بالتالي اقدر على التعامل مع التصورات و المفاهيم المجردة و بالتالي لا يكون انتمائه إلى أشياء أو كائنات مفردة

*هل الانتماء أمر وراثي غريزي بمعنى أنه سلوك نمطي يشمل كل أفراد النوع

*هل الانتماء أمر بيئي مكتسب بمعنى أنه سلوك مبنى على مجموعة هائلة من الاختيارات و الخبرات التي تتكون وتتشكل في الجهاز النفسي و تصبح سمه من السمات الأساسية للشخصية

*هل الانتماء هو مزيج من الموروثات الغريزية التي تولد بها و يقوم المجتمع بتشكيلها فتصير كعادة اكتسبها النوع غير ما يعبر عنه كار ل يونغ بالا شعور الجمعي الأصل في الإنسان تكتلي الإنسان كائن اجتماعي غير قادر على العيش بمفرده

– الانتماء هو التنازل الكلى أو الجزئي عن حرية التفكير والعاطفة والإرادة والتلبس بفكر وعاطفة و أراده ما أو من ينتمي إليه

– هو نوع من الحب و الارتباط الوجداني نحو شخص أو موضوع

4- عناصر تشكيل الهوية أو الانتماء:

1- البيئة الطبيعية : السمات الجسديه اللون و اللغة و الجنس

2-البيئة الاجتماعية :الأنظمة الأعراف القوانين المؤسسات

3- بيئة الرموز :المعتقدات الدينية و الرموز (الصليب – الهلال)

4- العناصر العقلية :المعطيات العلمية و البديهية و الفلسفية …

5- العناصر السيكولوجية : العاطفية و الروحية ….

ثانيا – الانتماء الديني خصائص ومميزات

تحديد معنى الدين والتدين

 

من الصعب إعطاء تحديد قاطع لمعني الدين فحسب ما سبق أن قدمنا فإن ذلك التحديد يختلف من مجال إلي آخر ومن دراسة إلي أخري فمن علم ألاجتماع إلي علم النفس بل وداخل العلم الواحد نفسه حسب ألاتجاه الذي تتبناه الدراسة أو تلك في تفسير هذه الظاهرة .لكننا نستطيع أن نقول إن الدين ظاهرة عالمية توجد أسسها في الدوافع الداخلية لجميع البشر من كل حضارة وثقافة وهي ظاهرة سبقت في ظهورها وجود الأديان الكبرى نفسها. وبرغم ألاختلافات المتعددة فإن جميع الأديان تتفق حول وجود "إله" كائن أعلى أو أكثر – خلود النفس – القيم الأخلاقية والدنيوية الأخيرة بعد الموت – وهذه الملاحظات تبين أن للأديان قاعدة نفسية مشتركة ولها نفس الخصائص السيكولوجية . ولقد قام عالم النفس ج.ه لويبا عام 1912 بتجميع أكثر من 48 تعريف للدين وأكد بعده العالم ج.ب. برات عام 1930 أن الدين ليس ظاهرة مستقلة عن الشخصية.

والدين كظاهرة يشير إلي نوع من التبعية لكائن إلهي يعبر عنها من خلال مجموعة من الأفعال والسلوكيات الإلزامية التي تهدف إلي إظهار هذا الخضوع وتتجسم هذه الأعمال فيما يسمي بالطقوس والعبادة .أما العالم لاتاتسيو فيعتبر الدين كرباط Religare) ( وعهد يربط الكائن البشري بالكائن الإلهي .أما الدين من الناحية التأسيسية "Istitutional " فيتجسد في المؤسسات الموجودة في المجتمعات المختلفة "الكنيسة" – "المعبد" – "الجامع" وكل منها يعبر عن مجموعة من المعتقدات والممارسات والعبادات والطقوس المتعلقة جميعا مع هذا "الكائن الإلهي" أو "الآخر المطلق" المعبود والمقدس من هذا الدين أو ذاك أو بالأحرى من هذه المؤسسة الدينية أو تلك . بينما يمكن اعتبار كل الممارسات الأخرى (التفاؤل والتشاؤم والسحر..الخ) الغير تابعة للمؤسسات الدينية جزء سنطلق علية "التدين الشعبي " الغير رسمي.

1-الدين هو :

الدين حسب فروم هو " كل نظام فكرى وسلوكي تعتنقه جماعة معينة ويقدم للفرد إطارا للقيم يمكنه الرجوع إليها ويمثل بالنسبة إليه موضوع تقديس وبهذا المعنى يعين الدين موضوعا عالميا بقدر ما هو متجذر بعمق في طبيعة البشر الخاصة إلي إطار للقيم التي يمكنهم الرجوع إليها وتمثل بالنسبة إليه عامل متكامل .معطي معاش علي المستوي النفسي والعقلي موجه نحو شخص إلهي وهو في الوقت ذاته منفتح نحو الآخر ونحو الواقع .وهو معطى حياتي يدخل في إطار السلوك البشري المؤثر والمقصود به إدراك معنى الحياة وإعطاء هذا المعنى للوجود الذاتي ووجود الآخر. وإن هذا المعنى الحياتي يرتبط بصورة خاصة بالدين بقدر ما يقدم إجابة ذات معنى عن هدف الوجود وما وراء هذا الوجود والآخر المطلق كمصدر لمعنى هذا الوجود في العالم .يحمل هذا المعطى تدريجيا وينضج عبر مسيرة من الخبرة الجماعية والفردية.

 

2-أما التدين فهو:

 

1-   الإجابة التي يقدمها الفرد عن معنى وجوده مرتبطا بما هو فائق للطبيعة .وهى تعنى تبعية واضحة لإيمان مؤسساتي إلي مؤسسة دينية معينة يعتنق الفرد معتقداتها ومبادئها وليصل الفرد إلي تدين حقيقي ناضج يجب أن يكون تدين شخصي مترابط بكل مواقف الحياة وكل مراحل حياته.

 

2-    هو الحاجة والقدرة الموجودين لدى الإنسان في أن يضع نفسه بطريقة أو بأخرى في "علاقة" مع قوة فائقة الطبيعة أعلى من البشر محاطة بالأسرار ومهيبة.

 

3-    وبذلك فإن التدين يعنى الاتجاه النفسي نحو هذا الكيان .لهذا فإن التدين الشخصي يتسع ليشمل كل عناصر الشخصية الإنسانية .إذا كان تدينا حقيقيا.

 

4-   كما ان التدين يعتبر عنصرا اساسيا في المجتمع الانساني…لذلك يخضع لما يمر به هذا المجتمع من تغييرات في مختلف المجالات.

كما تقدم الأديان للتدين الفردي صيغا معتمدة ومقبولة اجتماعيا من الممارسات و التطبيقات النظرية و العلمية وهى بهذا تستقطب الفرد وتحتوي تدينه داخل الإطار المقبول و المطلوب والمحدد من مؤسسات المجتمع الدينية والسياسية والاجتماعية لكن التدين كثيرا ما يهرب من الأديان بحثا عن خبرات جديدة فهو دوما في سعي وشوق ونهم نحو كل ما هو جديد – شيق – مبهر …

 

3- بنية الدين وتكوينه: الدين والتدين

تستطيع المؤسسات الدينية الدخول في علاقات اجتماعية وأن تتحول هذه العلاقات إلي قواعد منظورة من خلال أعضائها .وهذه الخصائص تتحول تدريجيا إلي العناصر المنظورة للدين المؤسساتي ويحتل فيه المكانة الأولي عناصرها ثلاثة :

محتوي الإيمان : التوجه الإيجابي للأفراد نحو المعتقدات الجماعية وأتباع لها ويعتبر الإيمان أساس العمل في الحياة مهما كان دور العلم .

محتوى العقيدة : عندما يجد الإيمان صيغة لغوية منظمة فإنه يصف طبائع الله ونظرة الدين للعالم وللأشخاص والأحداث التاريخية …ويمكن دراسة المحتوى العقائدي على 3 مستويات :

        مستوى العقيدة الرسمية المعلنة من المؤسسة المعنية

        مستوى العقيدة بقدر ما هو مقبول ومعترف به

        مستوى العقيدة على ما هي معاشة على المستوى الشعبي

        وبذا قد يصل التدين إلي عكس ما يطلبه الدين أو يأمر به حيث يربط الفرد مع ما هو "إلهي" كل ما يمر به من ظواهر خارقة وما يعتقد من قوات غير بشرية "الشيطان" حتى لو كان ذلك عكس المعطيات الإيمانية. ودليل ذلك اعتقاد الكثير من المؤمنين في مصر مسيحيين كانوا أم مسلمين بالحسد والسحر والأعمال والعفاريت و…. مما يقودهم إلي ممارسات غريبة تنهى عنها الأديان وتشجبها لكنهم يمارسونها باسم الدين!! كما تقوم كل ديانة بتقديم نماذج للسلوك والأخلاق من شخصيات وقديسين يمثلون رموزا في ذاتهم وعلى كل مؤمن في تدينه أن يحاول تطابق سلوكياته مع سلوكياتهم وشخصيته ومشاعره وأحاسيسه ودوافعه مع ما يقدم الدين من نماذج. كما أن كل تدين يعطي مجالا لما نسميه "تبعية دينية" أو "إحساس بالانتماء" لفئة معينة دون الآخرين سواء دين أو طائفة أو مذهب أو ملة أو حركة أو جماعة أو نشاط أو اتجاه… يشاركهم الشخص نفس أسلوب التعبير والسلوكيات وأسلوب العلاقة مع الآخر المطلق .

4-خصائص التدين من وجهة النظر السيكولوجية:

*التدين "ديناميكي" بطبعه: في مسيرة مستمرة تبدأ من أول مراحل النمو و تتطور

*التدين شمولي بطبعه: تشمل كل عناصر الحياة و تلمس كل أركان الشخصية

*التدين يعني البحث عن معنى : هدفها تحديد معاني الحياة و الوجود.

 

5-خلاصة

يمكن في النهاية اعتبار "التدين" مساو أو معادل أو معبر عن "الدين الشخصي"

Religiosity= Personal religion والتدين يشكل عنصرا إنسانيا ثابتا في خبرة الوجود الإنساني على مر العصور …فقد أثرت العلاقة مع الآخر المطلق عبر العصور وفي مختلف البلاد والأديان على المنتج الإنساني في تحديد صيغ وأنماط وأساليب الحياة و السلوك. فالتدين هو التوجه الداخلي والخارجي الذي يعيشه الفرد نحو "الكائن الإلهي" وعليه تكون الإجابة المؤثرة على العديد من التساؤلات التي تدفعه إلى البحث عن مصيره ومعني وهدف وجوده في الحياة. غياب التدين أو تدنى درجته يشكل فراغا في الشخصية يمكن أن يحل محله صيغ أخرى تحتل مساحة في الضمير و تلعب نفس دور الأديان مما يشكل خطرا على الشخصية نفسها وعلى المجتمع بأكمله حيث أن الأديان المقدمة من المجتمع تعبر عن الضمير الجمعي وقد اجتازت عبر قرون وجودها كافة الصعوبات وواجهت مختلف المشاكل وقدمت حلولا ولو تقليدية لا يمكن تجاهلها. يمكن عبرها للشخصية الإنسانية أن تعيش بطريقتها في نطاق آمن دون التعرض لأخطار ومجازفات غير محسوبة.

 

ثالثا- الهوية المصرية وخصائصها المميزة

1-   مجتمع متعدد الأطياف :

يميز بين الأبيض والأسود– مسيحي ومسلم – أرثوذكسي – كاثوليك – بروتستانت

2-   مجتمع يعانى :

1-الأمية الأساسية (قراءة وكتابة ) أكثر من 60%

2-الأمية الدينية : الاكتفاء بالقشور والقناعة بالطقوس

3- الأمية السياسية : الغياب الفعلي للسياسة وسياد ة اليأس من أي إصلاح

3- مشاكل في التعليم :

                2- ارتفاع معدلات التعليم وتوقف التوظيف

                2- مناهج تدميرية -تقتل أي فرصة للإبداع والخلق

                               – لا تسمح بنشأة إنسان يقبل الاختلاف و التعددية

                               – لا تسمح بنشأة إنسان يقبل الآخر المختلف

4- الفقر : صعوبات اقتصادية منذ بدأ تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي 1974

5- البطالة: منذ بداية تطبيق سياسة الخصخصة و التوظيف الوهمي

6- الهجرة : سواء كحلم يداعب عقول أكثر من 90% من الشباب سواء بالهجرة إلي النفط حيث الانغلاق الفكري و الديني و أحادية الرؤى

7- طبيعة النظام السياسي : الديموقراطية تعبي

                        – انتخابات دورية            

                        – صوت لكل مواطن

                        – تداول السلطة

8- وفي ظل غياب الديموقراطية الحقيقية غاب

                               1- التسامح

                               2- قبول التنوع والاختلاف بمعنى قبول الآخر

                               3- والتعايش المشترك أصبح عبئا

رابعا- الهوية المسيحية في مصر :

·       عقدة الاضطهاد: منذ القرون الأولى و نحن نعيشه و حتى لما ملكنا أنفسنا صار الاضطهاد داخليا أي بالانقسام حتى انه عند وصول الفتح الإسلامي كان البطريرك هاربا من اضطهاد بطريرك آخر ….ثم المسلمون و الأتراك و المماليك . نحن ما زلنا نعيش بتقويم الشهداء …المتأخر 13 يوما عن العالم وليس هناك من أمل في الخروج من هذه الدائرة حيث يولد المسيحي في مصر و لديه شعور بأنه الأقلية الخاضعة المحاصرة و يعيش في محاوله لفك هذا الحصار

·       التدين السطحي: يبدو المصريون أكثر الشعوب تدينا حسب قول هيرودوت ومازا لو يبدون كذلك حتى ألان فمنهم خرج عتاة الإرهابيون وقادة المنظمات الإرهابية وهم يحافظون على المظهر الخارجي والطقس ويقدسونه سواء في الطقوس الدينية أو العبادات الخارجية أو الأعياد أو حتى النظام الغذائي بالأصوام والأكلات المحددة والمحفوظة ومتداولة منذ أجيال.

·       ديننة كل شيء: إسقاط الله والدين والإرادة الإلهية القدرة على كل شيء وصفه بطابع ديني يقارب الخرافة في كثير من الأحيان سواء في التعامل مع الأشياء أو الأشخاص أو الأحداث أو حتى الظهورات الوهمية و المعجزات الخرافية (كقيامه ألوزة لأبونا المناهري)… إلى إطلاق إرادة الله على الحوادث و الكوارث الناشئة عن إهمال فردى و جرائم أشخاص ….

*الاحتقار المتبادل: كل دين يكن احتقار عميق يكاد يشكل البنية الأساسية للانتماء الديني قد يصل هذا الاحتقار إلى الرفض والقتل وقد يكتفي بالسخرية والاستهزاء وقد ينتهي بالتكفير و الهر طقه والحرم والاستبعاد

·       الاتجار بالدين: فهو أكثر تجاره مربحه ومأمونة ومضمونه فمن شركات توظيف الأموال إلى المزارات ألدينية ألوهميه …إلى الملابس و الذقون إلى الفتاوى في أتفه أمور الحياة …إلى التحريم و التحليل إلى التدخل في أدق العلاقات الإنسانية ….كل ذلك يتم يوميا وبإسم الدين وكثيرا ما ساهمت الأديان القديمة والحديثة في تأكيد هذه الأهداف الزائفة متناسية الجذور العميقة للتدين الإنساني أي الحاجة إلي التكامل من خلال اعتناقه للمبادىء والقيم كالحب والحرية والعقلانية . لكل إنسان إذن حسب فروم دينه والبحث يجب أن يجري نحو اكتشاف هذا الدين .

خصائص النضج الديني

1-   التمييز: ويتضمن غنى متناهي للإحساس الديني يتجسد في سلوك موجه .

2-    الاستقلال الديناميكي: ويعني تجسيد السلوك الديني في دوافع ذات مستوى أعلى تتوالد من التساؤلات "الوجودية" للفرد: حرية وعدم ارتباط بالزمن والمكان والأشخاص والشروط.

3-   النتيجة البديهية: وهي ارتباط السلوك ودوافعه على المستوى الأخلاقي مع باقي جوانب السلوك في الحياة بالمبادئ نفسها.

4-   الطابع التكاملي: وتدخل الشخصية كلها ديناميكيا في إطار المبادىء الدينية والقيم الأخلاقية المعتنقة والتي تضفي بطابعها بالتالي على جميع عناصر الشخصية وعلى نموها ونضجوها.

5-   الطابع الكلي الشامل: ويعنى أن التدين يعنى مسيرة تدريجية لباقي قيم الحياة الأقل أهمية من القيم الدينية ويدمجها في الإطار الكلي الشامل للشخصية.

6-   الطابع التحويلي الذي يقلل الفوارق: عبر ذلك يصير الدين "واجبا" مفتوحا يحمل إمكانية غير محددة على التطوير والإغناء، بكل هذه التحديات.

خامسا-الهوية الكاثوليكية بصفة عامة

طبيعة الكنيسة:

واحدة

جامعة

مقدسة

رسولية

ديناميكية العلاقة بين المنتمي والمنتمى إليه

7-   الهوية الكاثوليكية القبطية وكيف نعيشها

 

الانتماء للكنيسة القبطية

 

هويتنا القبطية الكاثوليكية مبنية على "الغيرية" أي على الأخر المختلف فكما رأينا في الجزء الأول من المحاضرة ألانا و ألذات … فالهوية تتشكل عبر معرفة الأخر والوعي الذاتي يتحقق بفضل الأخر المختلف عن ألذات وبين ألذات والأخر اختلاف ومسافة ضروريتان حتى أن سار تر قال "أن الأخر هو الوسيط بين ألانا وألذات"… فكما قال الله منذ البدء لا يحسن أن يكون الإنسان وحده فلنصنع له عونا يناسبه تك 18:2 إن هذا الأخر لحم من لحمنا و عظم من عظامنا وفي الوقت نفسه مختلف واختلافه هو الذي يعطي لذاتنا أن تتعرف على ذاتها كهوية أمام غيرية الأخر.

 

الانفتاح على الآخر

 

من الضروري الانفتاح على الأخر المختلف والانطلاق نحو الأخر المختلف. دعوة إبراهيم اترك أرضك وعشيرتك وأهل بيتك. اترك ما يصنع هويتك وادعوك تخلق هوية جديدة باكتشاف الأخر المطلق وانطلق نحو قطب جديد يصنع هوية جديدة ولا ننسى أن إلهنا ثالوث.

والدعوة نحو الآخر هي دعوة تخطي الرفض والعنف والخوف من الاختلاف فالآخر يجب أن يكون مختلفا ليكون آخر والحب والزواج يفترضان ويدينان على الاختلاف وبدون المسافة والاختلاف تتلاشي هوية الغير وتموت فلكل واحد دعوته الفريدة وعلاقته الشخصية بالمسيح.

 

احترام الاختلاف

 

حيث أن كل شخص فريد من نوعه وغير قابل للتكرار لكن منفتح على علاقة مع الآخرين هكذا كل جماعة فريدة من نوعها ومنفتحة فما ينطبق على الآخر أو ينطبق على الجماعات و الطوائف . فكل منها متميز له كيان فريد يجب أن يحترم ويقدس و يدافع عنه. وفي الشرق الأوسط و في بلدنا هناك عبقرية الإبداع والخلق وبالتالي تعددية وغيريه في الهوية واختلاف لكن يجب أن يعير هذا الاختلاف فرص للانفتاح والحوار والإثراء والتعايش لا التجاهل والتخوف والرفض فما الخوف سوى علاقة مرضية عن وجود خلل في الهوية

                وما التعصب سوى علاقة مرضية عن وجود خوف من الأخر

                وما التطرف سوى علاقة مرضية لرفض وجود الأخر المختلف

إن هويتنا القبطية الكاثوليكية تعتمد على إننا مختلفون مع آخرين نحبهم ونحترمهم ولقد نشأت كنيستنا لتكون جسر لتعبره كنيستا الغرب والشرق نحو الوحدة وعدم قيامنا بهذا الدور هو تعبير عن أزمة في الهوية… تصوروا أننا وصلنا إلي عكس ما خلقنا لأجله صرنا عقبة في طريق الوحدة علينا إعادة اكتشاف هويتنا فالهوية ليست مجموعة من المعطيات الثابتة الاستاتيكية بل هي كل ديناميكي حي ينمو ويتبدل ويتشكل حسب مقتضيات الأمور. فمهما كانت الهوية مبنية على الماضي ومرادفة للأصالة و التراث فانها يجب أن تتعلم كيف تتأقلم مع الحاضر وتتطلع نحو المستقبل وإلا أصبحت جثة هامدة والآخر المختلف يعتبر حافزا لا عائقا في استمراريتي ونمو هويتي.

 

إن أزمة الرجاء وحالة اليأس والإحباط التي تمر بها الجماعة الكنسية اليوم والشعب المصري بصفة عامة، يمكن أن نكون اختبارا حقيقيا لقوة إيماننا، بل يمكن أن تتحول إلى فرصة لإظهار حقيقة ما تكنه قلوب المؤمنين واكتشاف سبل جديدة ودروبا حديثة يمكن من خلالها استكشاف حيوية الروح القدس الخلاقة التي لا تكف ابدا عن السعي لحمل شعب الله في طريق الكمال والقداسة والرجاء.