الزواجات المختلطة لدى الكنائس الشرقية الكاثوليكية

تمهيد تاريخي

لقد توخيت من هذه الدراسة تفحّص الموضوع الذي أخذ حيزاً كبيراً من المسائل القانونية والرعوية الآنية، وما يتعلق منها بالزواج المختلط الذي يجمع بين كل من الكاثوليك الشرقيين من جهة وغير الكاثوليك الشرقيين أو الغربيين من جهة أخرى بحيث أصبحت واقعاً حقيقياً في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص . حيث يتطلع الكاثوليك الشرقيون أو اللاتين في الغالب إلى الاقتران بغير الكاثوليك مما ينجم عن عملهم تردٍّ في المسائل القانونية يصعب عندها إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل هذا النوع من الزواج في الحقل الرعوي . أمام هذا الواقع المعقّد وارتباطه بالمسائل العقائدية التاريخية، يستحسن التأكيد على أنّ معالجة مشاكل الزواجات المختلطة يجب أن تتناسب والأسلوب التاريخي – القانوني بهدف التمكن من حلّ المشاكل الكنسية المتأتية. إني متيقّن من أنّ هذا العمل مع الأخذ بعين الاعتبار " العملية القانونية لأي نظام كنسيّ " يمكن أن يقدم خدمات ثمينة لتفاهم كنسيّ أفضل لعملية النظام القانوني.

كانت الكنيسة الكاثوليكية في القرون الأولى، تتحاشى وتمنع من خلال أنظمة تشريعيّة أي نوع من المشاركة أو التعايش مع الهراطقة أو المنشقين وكذلك مع غير المسيحيين سواء في المشاركة بالصلاة أو قبول الأسرار بأنواعها (سر المعمودية-سر الكهنوت- سر الافخارستيا)، أو في الارتباط بعقود زواج مع هؤلاء نظراً لرفضهم وعدم تمسّكهم بالأنظمة والتعاليم الكنسيّة. أمّا الذين كانوا يخالفون هذه الأنظمة التشريعيّة فكانوا يحرمون، إمَّا بشكل مؤقت أو بشكل دائم، من الكنيسة لتخلّيهم عن الإيمان الحقيقي أو عدم محافظتهم ومراعاتهم للنظام الكنسيّ .

من هنا يتبيّن وبجلاء تفهّم السبب الذي جعل الكنيسة الكاثوليكية، أمام ظهور الكثير من الشّيع الهرطوقيّة في القرون الأولى وخصوصاً الشيع التي كانت تجسّم وبشدّة الفساد والضلال على إيمان الآباء الكاثوليك أو على ذرّيتهم، إلى أنْ تتخذ موقفاً قانونياً سلبياُ بلغة شديدة اللهجة لأنها تؤمن بدورها في المحافظة على وديعة الإيمان.

لم تأخذ المشكلة القانونيّة للزواجات المختلطة حتى القرن الثالث حيّزاً في كتابات آباء الكنيسة، وإن كانوا يرفضونها بشدة طبقاً لنصوص العهد الجديد. إلا أن يوحنا فم الذهب في تفسيره لرسالة القديس بولس الأولى إلى قورنتس، كان يتساهل في قبول الزواج مع طرف غير كاثوليكي على أن يكون وسيلة لإرتداده .

وبدون شك، لقد كان جلّ اهتمامات المجامع الكنسيّة التي انعقدت خلال القرون الخمسة الأولى، حول موضوع "الزواج المختلط" يتعلق في الحماية إيمان الزوج الكاثوليكي وتجنيبه أيّ نوع من أخطار الضّلال . لذا بالرجوع إلى المصادر التشريعيّة القانونية الكنسيّة القديمة والتي هي تشريعات المجامع المسكونية (الخلقدونية 451 م – ترولاني 691 م) . والمجامع المحليّة (اللاذقية 347 م – 395 م قرطاجه 419 م)، يتبيّن لنا أن الكنيسة الكاثوليكية عانت الكثير من مشاكل الزواج المختلط في القرون الأولى سواء في الشرق أم في الغرب :

 

1- المجمع المسكونى الخلقدونية 451 في القانون 14أقرّ:

" بما أنه قد أذن في بعض الابرشيات للقراء والمرتلين بالزواج، فقد أقرّ المجمع المقدّس أنه لا يسوغ لأحد منهم أن يتزوّج امرأة هرطوقية. والذين ولد لهم أولاد من مثل هذه الزواجات عليهم، إذا كانوا قد عمّدوا أولادهم عند الهراطقة، أن يقودوهم إلى شركة الكنيسة الكاثوليكية. وإذا لم يكن هؤلاء قد عُمّدوا فلا يستطيعون أن يجعلوهم يُعمّدون عند الهراطقة، ولا أن يزوّجوهم هرطوقيّاً أو يهوديّاً أو وثنيّاً، ما لم َيعد طبعاًً من سيتزوّج الفريق القويم الإيمان، أن يعتنق الإيمان القويم. وإذا تجأوز أحد قرار المجمع المقدّس هذا، فليُخضع للعقوبات القانونيّة" .

 

2-مجمع ترولو سنة 691

تمّ عقد المجمع الخامس السادس (المسكوني) في القسطنطينية في قبة البلاط الامبراطوري الفخمة المعروفة باسم ترولو في عهد يوستينيانوس الثاني حيث وضعوا القوانين.

ق. 72- "لا يجوز لرجل أرثوذكسي أن يتزوج امرأة مبتدعة، ولا لامرأة أرثوذكسية أن تتزوج رجلاً مبتدعاً. فإذا اتفق حدوث شيء من هذا نطلب من المتزوجين اعتبار زيجتهم باطلة ويجب فسخها إذ لا يحسن مخالطة من لا يجوز مخالطته، أو أن يعيش الخروف مع الذئب أو أن يكون نصيب شعب المسيح مع الخطأة. وكل من خالف أوامرنا هذه فليقطع .

الزواج الذي يعقد بين مؤمن ومبتدع باطل. وبموجب ذلك يجعل القانون البدعة سبباً مبطلاً.

 

3- مجمع اللاذقية 343-38:

اللاذقية التي عقد فيها هذا المجمع واقعة في فريجية وليس في سورية.

ق. 10-"يجب على أعضاء الكنيسة ألا يزوجوا أولادهم، بدون تمييز، من المبتدعين" .

ق. 31-" لا يجوز عقد زيجات مع المبتدعين ولا مصاهرتهم بإعطائهم أبناءنا وبناتنا. ويجوز أن نأخذ منهم إذا وعدوا بان يصيروا مسيحيين" .

ومن قوانين الآباء ال 217 المطوبين الذين اجتمعوا في قرطاجة سنة 419، القانون 21 الذي ينص على ما يلي: "وقد استحسن المجمع أيضا أن أبناء الاكليريكيين لا يجوز أن يتزوجوا من أي من (الوثنيين) أو من المبتدعين".

وفي أقوال وآراء بعض المفسّرين القانونيين في القرن الثاني عشر كرأي فان اسبن الذي يقول: "بما أن العادة في الكنيسة الشرقية تسمح للاكليريكيين أن يكونوا متزوجين فلاشك في أن زواج أولادهم من المبتدعين هو، بصورة خاصة، غير لائق. على أن هناك عدة أسباب تدل على أن الزواج من المبتدعين يجب أن يتجنبه أبناء الكنيسة الجامعة عامة بلا استثناء، والصواب كل الصواب في منعه .

وحسب رأي عالم الشرع الكنسي ثيودور بلسامون الذي وضع مجلداً بعنوان تفاسير قوانين الرسل والمجامع وأباء الكنيسة، يقول إن "المبتدعين يتّخذون من مصاهرتهم مؤمنين سبيلاً لإفساد أفكارهم ودفعهم إلى اعتناق تعاليمهم الفاسدة ". والعالم اليوناني الكسيوس أريستينوس، يفسر قانونيْ مجمع اللاذقية 10 و31 والقانون السادس لمجمع ترولو وهذا القانون 21 بان الكنيسة تمنع الأرثوذكسي من أن يتزوج شخصا غير أرثوذكسي، إلا انه إذا اتفق أن كان أحد المرتلين أو القُرّاء قد تزوج امرأة غير أرثوذكسية قبل وضع هذا القانون فعليه أن يقدّم أولاده إلى الشركة في الكنيسة الجامعة. امّا إذا كان أولاده لم يتعمدوا بعد فلا يجوز أن يعمدهم عند المبتدعين .

في هذا الموضوع الأخير، أقرّ المجمع المسكونيّ الأول سنة 325 في القانون 19 إعادة معمودية "أتباع بولس السميساطي اللاجئين إلى الكنيسة الجامعة" . وسنة 381 أقرّ المجمع المسكوني الثاني أن تعاد معمودية الاتين من بعض البدع كاتباع بولس السميساطي، و"أتباع افنوميوس الذين يعمّدون بغطسة واحدة، والـصابيليين الــذين يعلّمون أنّ الآب هو نــفسه الابن". أمّا سائــر المبتدعين من "آريوسيين وتبّاع مكدونيوس…والذين يدعون أنفسهم أطهاراً والابوليناريين، فيُقبَلون بعد أن يعطوا صكاً برفضهم ضلالاتهم ولعنهم كلّ بدعة لا تتفق مع تعليم كنيسة الله الجامعة المقدسة الرسولية، ومن ثمّ يُختَمون ويُمسَحون بالزيت المقدّس" . وكذلك مجمع ترولو سنة 691 أعاد التمييز بين البدع التي تُعتبر المعمودية فيها صحيحة وتلك التي تــعتبر المعمودية فيها باطلة. وأضاف أنّ "النســاطرة وأتباع افتيخيوس وأتبــاع ديوسقوروس وساويروس…يجب على كل منهم أن يقدّم صكاً مكتوباً يرفض فيه بدعته، وبذلك يصيرون أهلاً لتناول سرّ الشركة المقدّس" .

لذا، تنوّه النصوص القانونية المكتوبة في هذه المجامع المذكورة، إلى شدّة وقساوة الإجراءات حتىّ الإقرار، أنه يجب تحاشي ما قد يلحق بأبناء الطرف الكاثوليكي من خطر وبعدٍ عن العقيدة الإيمانية، وما قد يسبب الأضرار الجسيمة من جرّاء الزواجات المختلطة. ولحماية أبنائها المؤمنين من خطر الفساد والانحلال الأخلاقي والديني فرضت واقعة المنع . إلا أن الكنيسة الكاثوليكية اعتبرت دوما أنّ مبرّرات هذا التشدّد تكمن في طبيعة الزواج المسيحي" .

وكان رعاة الكنيسة الأولى يعرفون حق المعرفة أن العطف والمحبة يمكن أن يتولّدا وينموا أيضاً بين أشخاص لا ينتمون إلى ذات الكنيسة الواحدة . وهذه الحقيقة لم تكن لتتبدل حيال الملكوت إلا لانعدام الألفة الروحية الشاملة ولانعدام المفهوم العام وحساسيته لحقيقة الملكوت، وبـعبارة أخرى لفقدان" وحــدة

الإيمان .من هنا، لاحظنا تقدماً واضحاً في حقل الزواج المختلط من خلال انفتاح الكنيسة في مواجهة الطرف الآخر وإن كان انفتاحاً جزئياً بطيئاً يمكن له، وخلال قرون، أن يتحدث عن نظامين تشريعيين لزواج مختلف أحادي العبادة وزواجٍ مختلطٍ .

 

الزواج باختلاف المذهب في سينودُسات الكنائس البطريركية الكاثوليكية

لا شك أنّ الكنائس الكاثوليكية الشرقية سارعت إلى تنظيم ذاتها، وخلق منهجية خاصة حيال مشاكل الزواج باختلاف المذهب في سينودُساتها البطريركية المعترف بها من قبل الكرسي الرسولي، مستندة بذلك على تقاليد قانونية قديمة، ومتمسكة وبحرص شديد بتشريعات المجامع المسكونية حتى القرن الثامن، بالإضافة إلى بعض تشريعات المجامع المكانية والأجوبة التشريعية لآباء الكنيسة، معتمدة بذلك على التقاليد القانونية المحلية للجماعات اليونانية أو السريانية، وعلى قاعدة أعمال المجامع ما بعد القرن الثامن. وأيضاً على ما اتّخذه الأحبار الاعظمون من قرارات، وكذلك على جميع مراسيم المجامع الروحانية المقدّسة والسينودوسات المكانية المُصدَّقة لدى الكرسي الرسولي . ومن أهم السينودوسات المحلية : سينودوس الاقباط الكاثوليك لعام 1898؛ سينودوس الكنيسة المارونية لعام 1596 في قنوبين؛ والسينودوس اللبناني – جبل لبنان عام 1736؛ سينودوس السريان الكاثوليك في الشرفه لعام 1888؛ سينودوس الروم الملكيين عين طراز لعام 1835؛ سينودوس الكنيسة الكلدانية حورفيرد لعام 1853؛ سينودوس الأرمن الكاثوليك الوطني لعام 1911.

وفق أنظمة المجامع والسينودوسات المذكورة أعلاه، اعتمدت الكنائس الكاثوليكية الشرقية على المبدأ الذي يعتبر أن المشاركة مع الهراطقة والمنشقين بمثابة انتماء، على الأقل بشكل خارجي، إلى الشيعة أو البدعة . فإن مسألة تشريعات الزواج المختلط طُرِحَتْ " كمانع حُرْم " . إذ أنه ولأسباب شرعية كانت السلطة الكنسية تمنح الحلَّ من هذا المنع باستثناء ( الكنيسة الكلدانية ) شريطة ألا يلحق الطرف الكاثوليكي أيّ ضررٍ مذهبي .

أما الطرف غير الكاثوليكي، وفي حال رغبته الاقتران بكاثوليكي، عليه اعتناق المذهب الكاثوليكي. فيما يتعلق بالعماد وتربية الأبناء يجب أن تتم حسب تربية كاثوليكية، على ألا يقوم الخادم غير الكاثوليكي بمنح البركة وإجراء مراسيم الزواج .

وفيما يخص الصيغة القانونية، فقد كان كاثوليك الكنائس الشرقية حتى 2 أيار 1949 معفيين من الصيغة القانونية اللاتينية سنة 1917، وذلك بموجب أحكام القانون 1099 عند إقامة الزواج مع طرف غير كاثوليكي، بحيث كانت تعتبر الزواجات التي تم الاحتفال بها بأي صيغة قانونية صحيحة وإن كانت أمام كاهن أرثوذكسي أو سلطة مدنية باستثناء الشرقيين المقيمين في المناطق الخاضعة إلى السلطة الكنسية المنوّه عنها في القرار Tamets أو القرار Ne temere . إذن فإن شروط صحة الزواج لم تكن متماثلة لدى جميع الكاثوليك الشرقيين مما يشكل الشكوك حول صحّة الزواج بسبب النقص في الصيغة القانونية.

لقد أُرسلت تعليمات مجمع التفتيش المقدس المنعقد بتاريخ 12 كانون الأول 1888 إلى كل من البطاركة ورؤساء الأساقفة والأسـاقفة الشرقيين، متضمنة أنظمة سبق وذُكرت في سينودسات الكنائس البطريركية الكاثوليكية فيما يخص التفسيح؛ والضمانات والاحتياطات التي يقرّها القانون الطبيعي والإلهي للحفاظ بمقتضاها على إيمانهم الكاثوليكي وتنشئة الأبناء تنشئة كاثوليكية؛ منع الحضور أمام الكاهن الهرطوقي أو المنشقّ قبل وبعد إجراء مراسيم الزواج المختلط، وطلب حضوره كخادم لسرّ أو ككاهن رعية . بالرغم من هذا المانع فإن الزواج المختلط والذي بورك من قبل كاهن غير كاثوليكي كان يعتبر صحيحاًً . لكنّ يبقى الطرف الكاثوليكي مجرّداً من الأسرار ( في الكنيسة الكاثوليكية) لحين حصوله على غفران خطيئته:

"على رعاة النفوس، إذا ثبت عندهم أن المتعاقدين سيحضران إلى خادم غير كاثوليكي لإبداء الرضى الزواجي، أو إذا سئلوا عن جواز هذا الحضور، أن ينبهوا الزوجين إلى الخطيئة الكبرى التي يرتكبانها بهذا الحضور. ولهم السكوت في حدث خاص، على أن تقدم الضمانات المفروضة،وعلى أن لا يسأل الطرفان عن جواز الحضور ولايصرحا بإنهما سيقومان به، أو على أن يُفهم من الظروف أن لا فائدة من هذا التنبيه بل ضرراً فتصبح الخطيئة المادية صورية. أمّا إذا حضر الزوجان إلى الكاهن الكاثوليكي بعد زواجهما أمام خادم غير كاثوليكي واعترفا بذلك أو اشتهر أمره، فلا يحضران الزواج إلا بعد إجراء ما يجب إجراؤه وتوبة الطرف الكاثوليكي وقبوله الحالة والكفارة الخلاصية" .

 

1- في مانع اختلاف المذهب "في نظام سرّ الزواج للكنيسة الشرقية"تاريخ 22 شباط 1949

نشر البابا بيوس الثاني عشر القوانين التي تتعلق بنظام سرّ الزواج للكنائس الكاثوليكية الشرقية بتاريخ 22 شباط 1949 إستجابة للتمنيات التي عُرضت على الكرسي الرسولي من شتى الكنائس الشرقية الكاثوليكيّة، في أن يوحّد قدر المستطاع النظام الكنسي فيما يتعلق بموانع الزواج وبصيغة عقده. وكان الباعث على هذا الطلب كثرة التزاوج بين أناس ينتمون إلى طقوس مختلفة بسبب ما ورد ذكره من سهولة السفر والتنقل. فضلاً عن الرغبة في أن تُزال بالكلية الإرتيابات التي تغشى صحة الزيجات وتضر بقدسّيتها. وكما أنّ كثيراً من القوانين المقدسة لم تُحفظ بأكملها، ممّا جعل بعض الكنائس الشرقية تستقي وتعوّض عنها بقوانين الحق القانوني اللاتيني. لذا كان لابد من وجود نظام عام بخصوص سرّ الزواج لجميع الكنائس الشرقية الكاثوليكية.

لقد اتّسم النظام التشريعي"في سرّ الزواج للكنيسة الشرقية" بصرامة شديدة، كونه اعتبر اختلاط المذهب Mixto Religio مانعاً محرما كنسياًً يستمدّ أساسه من الشريعة الإلهية. وهذا المفهوم "المذهب المختلط" الذي يعني الزواج بين شخصين مسيحيين معمدين ينتمي أحدهما إلى مذهب مختلف عن الأخر، يتميز عن مفهوم "اختلاف الدين" أي الزواج الذي يتم بين شخص مسيحي معمد وشخص غير معمد، سواء كان مسيحياً أو غير مسيحي. وبموجب القانون 60 يعتبرهذا الزواج باطلا. فأساس التمييز بين المفهومين هو التعميد. إنّ القاعدة العامة حول الزيجات مختلطة المذهب نصّ عليها القانون50:

تنهى الكنيسة في كل مكان اشد النهي عقد زواج بين شخصين معتمدين الواحد كاثوليكي والآخر منتم إلى بدعة هرطوقية أو منشقة. وإذا كان على الفريق الكاثوليكي أو على الأولاد خطر ضلال من جراء ذلك، فالزواج محّرم بمقتضى الشريعة الإلهية نفسها.

يبيّن القانون موقف الكنيسة الكاثوليكية، وهو منع الزيجات بين المعمدين الكاثوليك والمعمدين غير الكاثوليك. وأن سبب هذا التشبّث ما هو إلا تلافياً للمشاركة في الأشياء المقدسة والخوف من وقوع الطرف الكاثوليكي، في عقده الزواج المختلط، في خطر ما يؤدي إلى فقدان إيمانه الكاثوليكي وتعرّضه للضلال ممّا يؤثر سلباً على تنشئة أبنائه، سيما إذا قام بإجراءاته كاهن غير كاثوليكي. والمقصود من الفريق الذي ينتمي إلى بدعة هرطوقية أو منشقة هم الكفرة الذين ينكرون الخالق والشيوعيون العاملون . ومع ذلك ولأسباب خطيرة، مع الضمانات المُعطاة من الطرف غير الكاثوليكي أو من كلا الطرفين، فإن التشريع بمقتضى القانون 51 يقدّم التفسيح من المانع Mixto Religio بشروط هي:

ق 51 البند 1- لا تُفسح الكنيسة من مانع اختلاط المذهب ما لم تُستوفَ الشروط التالية: 1-أن تُحرج إلى ذلك أسباب عادلة خطيرة. 2- أن يؤدي الزوج غير الكاثوليكي ضماناً بدفع خطر الضلال عن الزوج الكاثوليكي وأن يؤدي كلا الزوجين معاً ضماناً بتعميد جميع الأولاد وتربيتهم تربية كاثوليكية لا غير. 3- أن يوقن من إتمام هذه الضمانات يقيناً أدبياً. البند 2. –يجب عادة أن تقتضي هذه الضمانات كتابة.

إنّ الاسباب الصوابية والخطيرة للتفسيح تتعلق بخطر الجحود أو خطر عقد الزواج أمام خادم غير كاثوليكي. لذلك لا بدّ من ضمانات قبل التفسيح تُبرَز كتابةً لأنَّها ضرورية لصحته . والضمانات هي العهود التي يجب أن تعطى من الزوجين للحصول على التفسيح من المانع المذكور. وهي مُلزمة من الطرف الكاثوليكي، وإذا رفض الطرف غير الكاثوليكي إعطاء الضمانات فالكنيسة لا تعطي التفسيح. وقد كان التفسيح في مانع اختلاف المذهب محفوظاً للحبر الروماني، الذي كان باستطاعته ممارسته شخصياُ باعتباره القاضي الأعلى للكنيسة الكاثوليكية، أو بواسطة المحكمة الخارجية forum externum بواسطة المجمع السنتو فيشيو، وليس للبطاركة أو الرؤساء المحليين أن يفسحوا فيه ألا إذا منحهم ذلك الكرسي الرسولي بتفويض خاص أو بواسطة المجامع المثبتة أو العادة المشروعة .

 

1-1- الصيغة المفروضة لصحة الزواج باختلاف المذهب:

وفيما يخص الصيغة القانونية للاحتفال بالزواج المختلط فإنّ القانون53 § 1 قرر عدم صحة هذا الزواجات المختلطة المحتفل بها في الكنائس الأرثوذكسية ومن قبل كاهن أرثوذكسي. لأنّه بذلك يرتكب خطيئة السكريليج بمشاركة غير الكاثوليك في الاحتفالات الدينية.

"لا يجوز للزوجين، لا قبل عقد الزواج أمام الكنيسة ولا بعده، أن يذهبا بذاتهما أو بواسطة وكيل من قبلهما أمام خادم مذهب غير كاثوليكي باعتبار كونه مقلدا خدمة دينية ليبديا بحضرته رضاهما بالزواج أو ليجدداه. و لو كانا حاصلين على التفسيح الكنسي من مانع اختلاط المذهب.

بموجب الشرع الشرقي المعمول به سنة 1949 ألزم القانون 90 الأشخاص الذين قبلوا سرَّ العماد في كنيسة كاثوليكية شرقية الحفاظ على الصيغة القانونية الخاصّة بإجراءات الزواج حتى وإن تمّت مع أشخاص لا ينتمون إلى المذهب الكاثوليكي، معمدّين كانوا أم لا:

"تُلزم الصيغةُ المرسومة أعلاه: البند 1- 1" جميع المعتمدين في الكنيسة الكاثوليكية، وجميع المهتدين إليها من الهرطقة أو الانشقاق ولو ارتدوا عنها فيما بعد سواء أكانوا ممن اعتمدوا فيها أو ممن اهتدوا إليها، وذلك كلما عقدوا زواجاً بينهم. 2" جميع المذكورين في البند الأول إذا عقدوا زواجاً مع غير الكاثوليكيين من معتمدين وغير معتمدين، حتى بعد نيل التفسيح من مانع اختلاط المذهب أم اختلاف الدين.

وقد نتجت عن هذا الإلزام بالحفاظ على الصيغة القانونية مشاكلٌ جسيمةٌ مع الكنائس الأرثوذكسية وقد تبيّن أنّ العديدَ من هذه الزيجات كان باطلاً نظراً لإقامة مراسيمه من قبل كاهن أرثوذكسي .

لذا ! وفي سبيل جعل النظام أكثر ليونةً، فقد أُعطي للبطاركة سلطات جديدة بحيث تمكنهم من إعطاء التفسيح لأسباب خطيرة من الصيغة القانونية، ومن جهة أخرى تمكنهم من الحفاظ على سلامة أصل الزواجات غير الصحيحة وتصحيحه لوجود عيب في الصيغة القانونيّة.

في 19 حزيران سنة 1956 قرر مجمع السنتو فيشيو ما يأتي: "نرخص بالإنعام لبطاركة الطوائف الشرقية في تصحيح زواجات مرؤوسيهم المختلطة باطلا لعيب في الصيغة، وأن رفض الفريق غير الكاثوليكي تأدية الضمانات، على أن يؤديها الفريق الكاثوليكي وفقاً للأصول ويحصل يقين أدبي بتربية الأولاد تربية كاثوليكية" .

إنّ مجمع التفتيش والمجمع المقدس للكنائس الشرقية، عام 1958، يمنحان للتفسيح عن الصيغة وللتصحيح لعدم توافر الصيغة (لمدة خمس سنوات): "خارج البطريركيات يمنح نفس الامتياز للمطارنة أو الأساقفة المحليين…الذين ليس لهم رئيس غير الكرسي الرسولي".

بالرغم من كل هذه الإجراءات، لم يُكفّ عن اعتبار هذا التشريع غير مرضٍ، حيث رشح عنه ضغوطٌ ومتاعبٌ جمّة بين المسيحيين الشرقيين سواء كان على الصعيد الشخصي أو الاجتماعي .

فالكنائس الأرثوذكسية في الشرق الأوسط كانت تشعر بالإساءة والغبن بسبب عدم اعتبار إجراءاتها لمراسيم الزواج صحيحة . لذا فقد كان الشرقيون يترقبون الأفضل ورأوا في المجمع الفاتيكاني الثاني فرصة لعملية الإصلاح . وبالفعل فقد حظيت مشكلة الزواجات المختلطة في المجمع الفاتيكاني الثاني بمناقشة حامية وإعادة نظر جدّية حول الصيغة القانونية المطلوبة لصحة الزواج المختلط .

لقد كان اقتراحات وقرارات اللجنة الشرقية وآباء المجمع الشرقي، لإظهار الواقع المعقّد للزواجات المختلطة في الشرق الأوسط وازدياده خطورته، نظراً لإقامة مراسيمه في الكنائس الأرثوذكسية وقع كبير، إذ أنّهم طالبوا بإلحاح العودة إلى تطبيق الأنظمة التي كان معمولاً بها قبل M.P. Crebrae allatae، والأخذ بعين الاعتبار الزيجات التي تتم ما بين كاثوليك شرقيين وغير كاثوليك شرقيين، والتي يقوم بإجراء مراسيمها مفوضون كاثوليك أو سواهم.

أثناء تحليل نصوص المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني بخصوص موضوع بحثنا، ينبغي التحقيق بأنًَ أباء المجمع غالباُ ما كانوا يفكرون حسب التشريع الصالح في تلك الأوقات. لذلك علينا أن نأخذ بعين الاعتبار القانون الشرقي الصالح في أثناء المجمع .

 

2- مرسوم في الكنائس الشرقية الكاثوليكية:

لقد تكلم المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني عن الكنائس الشرقية في مرسوم Orientalium Ecclesiarum سنة 1964 الذي يحوي أفكاراً من شأنها أن تخدم موضوعنا. فقد أراد المجمع إفهام الكنائس الشرقية غير الكاثوليكية أن الوحدة لا تعني الصهر والذوبان، إذ تفقد كل كنيسة طابعها الخاص المميّز وتخسر طقسياتها وحياتها الروحية. بل يريد المجمع أن يدل على أن من حق كل كنيسة "أن تحتفظ، أينما كانت، بطقسها الخاص فتمارسه وتتقيد به على قدر استطاعتها" .

وبخصوص الزواجات مع الطرف الأرثوذكسي، يُعلَنُ في الرقم الثامن عشر من هذا المرسوم إعلاناً مُهمّاً، وهو المتعلق بالصيغة القانونية للزيجات المختلطة بين كاثوليك شرقيين وغير كاثوليك من أتباع الكنائس الشرقية، وقد قرر ما يلي:

"تداركاً لوقوع زواجات باطلة إذا عقدت بين كاثوليك شرقيين، وشرقيين غير كاثوليك، وخدمة لثبات الزواج وقداسته وأيضاً لضمان السلام في العائلات، قرّر المجمع المقدس أنّ الصيغة القانونية لمباركة هذه الزواجات هي إلزامية لجواز الفعل فقط. أمّا لصحة الزواج فان حضور خادم مكرَّس يكفي، مع مراعاة ما يجب مراعاته قانونياً" .

السبب الرئيس للصيغة القانونية الخاصة المذكورة، هو تدارك الزيجات التي غالباً ما تكون قد أُجريت في كنائس أرثوذكسية بشكل كثيراً ما يتناقض مع وجود عيب بالصيغة القانونية التي أقرّها نظام الزواج سنة 1949، وذلك بهدف تصحيح الوضع الرعوي والتشريعي السائد في الكنائس الشرقية ولجعل الزواج أكثر ثباتاً.

 

قرار مجمع الكنيسة الشرقية الصادر في 28 شباط 1967:

"نظراً لانعقاد الزواج بين مؤمنين كاثوليكيين من المذهب اللاتيني ومؤمنين غير كاثوليكيين شرقيين معمدين، ونظراً للصعوبات الجدية التي يخلقها اختلاف التشريعات الكنسية في الشرق والغرب على السواء، وضعت من مناطق مختلفة، عرائضٌ رُفعت إلى قداسة البابا سائلةً إيَّاه أن يتفضّل بتوحيد الشريعة الكنسية في هذا الموضوع معمماً على الكاثوليكيين من المذهب اللاتيني ما وضع للمؤمنين الكاثوليكيين الشرقيين. لذا سمح قداسته في حال عقد الزواج بين مؤمنين كاثوليكيين من المذهب اللاتيني أو الشرقي أينما وجدوا ومؤمنين شرقيين غير كاثوليكيين أن يكون الشكل الكنسي لعقد الزواج ملزماً فقط فيما يتعلق بصحة المراسيم الدينية، أمّا فيما يتعلق بصحة العقد، فان وجود المسؤول المكرس واحترام سائر الأحكام الشرعية يكفيان.

ويتوجب على الرعاة في مثل هذه الحال أن يسهروا على تسجيل كل زواج بدقة في السجلات المخصّصة لذلك في أقرب وقت ممكن. هذه القاعدة تسري أيضا على كل زواج يعقد بين مؤمن كاثوليكي شرقي وشخص غير كاثوليكي شرقي معمّد، وذلك تطبيقاً للقرار المسكوني حول الكنائس الشرقية الكاثوليكية. وللمحافظة على قدسية الزواج، فان المسؤولين غير الكاثوليكيين مرجوون بكل احترام وإلحاح، أن يساعدوا في تسجيل الزواج في سجلات الزوج الكاثوليكي لاتينياً كان أم شرقياً. ويحق لمطارنة الابرشيات الذين يفسحون عن مانع اختلاف المذهب الإعفاء من موجب التقيد بالشكل الكنسي فيما يتعلق بصحة المراسيم، كلما، في نظرهم السليم، وُجدتْ صعوباتٌ تبرر ذلك" .

 

3- الزيجات المختلطة في تشريعات CCEO ( القانون 813 – 816)

لقد حدد قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، في الوثيقة الرسولية التي أصدر بها قانون الكنيسة اللاتينية سنة 1983، أن الشرائع في الكنيسة تهدف إلى خلق نظام في المجتمع الكنسي، يعطي الأولوية للمحبة والنعمة والمواهب، ليجعل تطوّرَها العضوي أكثرَ حيويةً في حياة المجتمع الكنسي وفي حياة الأشخاص الذين ينتمون إلى هذا المجتمع. وبتاريخ 18 كانون الأول 1990، أصدر قداسة البابا "مجموعة قوانين الكنائس الشرقية" لكل الكنائس الشرقية الكاثوليكية. فهي تمثّل البنية التشريعية التي جمعت، لأول مرة معا،ً كل قوانين النظام الكنسي المشترك بين الكنائس الشرقية الكاثوليكية والمعلنة بسلطة المشترع الأعلى في الكنيسة. وبدأ مفعولها الإلزامي منذ أول تشرين الأول من سنة 1991 والذي يصادف عيد حماية العذراء مريم الطوباوية.

يُعبّر المشرّع عن قناعته بأنّ: "في ما يتعلّق على وجه عامّ بقضيّة الحركة المسكونية، التي أطلقها الروح القدس إتماماً لوحدة كنيسة المسيح الشاملة، فإن مجموعة القوانين الجديدة لم تكتف بالا تعارضها فحسب، بل أيدّتها كل التأييد. ذلك أن هذه المجموعة تدافع عن حق الشخص الإنساني الأساسي – إلا وهو الحق في أنْ يُعلن كلُّ إنسان إيمانه بطقسه الخاص، الذي كثيراً ما يستقيه من ثدي أمه، وهذه هي قاعدة كل حركة مسكونية – ولا تهمل أية وسيلة، لتتمكن الكنائس الشرقية من تحقيق رغبات المجمع الفاتيكاني الثاني بسلام ونظام، فتزدهر وتقوم بهمّة متجّددة بالدور المعهود إليها" . مما يتضح أنّ قناعةَ المُشرّع مبررةٌ بالفعل أنّ " الكنائس الشرقية، التي ليست حتى الآن في وحدة تامّة مع الكنيسة الكاثوليكية، يحكمها أساساً تراثٌ تنظيمي قانوني واحد، الا وهو "القوانين المقدّسة" العائدة إلى عهد الكنيسة الأولى. والقوانين المقدّسة للمجامع المسكونية الأولى، للسينودسات الخاصة، والآباء القديسين لم تؤخذ باعتبارها الينبوع الأساسي لتصنيف المجموعة القانونية الشرقية الكاثوليكية الجديدة، وإنما هي أسس لتفسيرها. ويعترف المجمع الفاتيكاني الثاني بأنّ هناك عناصرَ عديدةً من القداسة والحق توجد خارج هيكلها، عناصرَ إنْ هي إلا هبات خاصة بكنيسة المسيح تدفع إلى الوحدة الجامعة. تشير بعضُ النصوص في المجمع الفاتيكاني الثاني في الحركة المسكونية، إلى العناصر التي تجمع بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الشرقية الأرثوذكسية (رقم 14-18) ، ومع المجموعة المسيحية (رقم 21-23) . إذن الكنائس الشرقية والجماعات المنفصلة نفسها لا تخلو أبداً من معنى وقيمة في سرّ الخلاص. فروح المسيح لم يمتنع عن استخدامها بمثابة وسائل خلاصية تنبع قوتها من كمال النعمة والحقيقة الذي أوكل إلى الكنيسة الكاثوليكية. قرار مجمعي في المرسوم" في الحركة المسكونية" (1964) يقول في الرقم :3

"الذين يولدون اليوم في تلك الجماعات ويتشرّبون إيمان المسيح لا يمكن أن يُتّهموا بخطيئة الانفصال. والكنيسة الكاثوليكية تحيطهم بالاحترام الأخوي والمحبة. ذلك لأن الذين يؤمنون بالمسيح وقد قبلوا سرّ العماد بصورة صحيحة هم مع الكنيسة الكاثوليكية في شركة ما وإن غير كاملة. ولا جَرَمَ أنّ ما بينهم وبين الكنيسة الكاثوليكية من اختلافات متنوعة في قضايا عقائدية، وأحياناً نظاميّة، أو في شأن بنية الكنيسة، يكوّن عدداً من العقبات هي أحياناً خطيرة جدّاً في طريق الشركة الكنسية الكاملة، بيد أنّ الحركة المسكونيّة ترمي إلى تذليلها".

فالوحدة كما يريدها المسيح لكنيسته تتحقق بواسطة: التبشير بالإنجيل بأمانة، وبتوزيع الأسرار وبالرعاية في المحبة على يد الرسل وخلفائهم أي الأساقفة وعلى رأسهم خليفة بطرس. فالإيمان والأسرار والحكم الكنسي هي بمثابة العناصر الأساسية للشركة الكاملة بين المعمديين مع الكنيسة الكاثوليكية (قانون 8 من الشرع الشرقي الجديد.

 

ما هو المقصود في الشركة؟

مجموعة القوانين الشرقية الكاثوليكية 1990 تقرر مجموعة الأنظمة أو القوانين التي تشير إلى بعض الأسرار المسموح الاشتراك بها مثلاً:

ق. 670 – البند 1- بوسع المؤمنين الكاثوليك حضور الشعائر الدينيّة لدى المسيحيّين الآخرين، والاشتراك فيها لسبب صوابي، مع العمل بما يقرّره الأسقف الايبارشي أو سلطة أعلى بعد أخذهما مدى الشركة مع الكنيسة الكاثوليكية بعين الاعتبار.

البند 2- إن لم يكن للمسيحيين غير الكاثوليك أماكن يحتفلون فيها بالعبادة الإلهية على وجه لائق، بوسع الأسقف الايبارشي أن يسمح باستخدام أحد المباني أو المدافن أو الكنائس الكاثوليكية، وفقاً للشرع الخاص بكنيسته المتمتعة بحكم ذاتي.

ق. 671 – البند 1- يقوم الخدّام الكاثوليك بخدمة الأسرار المقدّسة على وجه جائز، للمؤمنين الكاثوليك لا غير؛ كما لهؤلاء أن يقبلوها على وجه جائز من الخدّام الكاثوليك لا غير.

البند 2- أمّا إذا اقتضت الضرورة أو دعت إلى ذلك فائدة روحيّة حقيقيّة، وبشرط تجنّب خطر الضلال أو اللامبالاة، فيجوز للمؤمنين الكاثوليك، الذين يستحيل عليهم ماديّا أو أدبياً الوصول إلى خادم كاثوليكي، أن يقبلوا أسرار التوبة والقربان الأقدس ومسحة المرضى من خدّام غير كاثوليك، إذا كانت الأسرار المذكورة أعلاه صحيحة في كنائسهم.

البند 3- كما إنّ الخدّام الكاثوليك لهم أن يقوموا بخدمة أسرار التوبة والقربان الأقدس ومسحة المرضى على وجه جائز، لمؤمني الكنائس الشرقيّة التي ليست في شركة تامّة مع الكنيسة الكاثوليكيّة، إذا طلبوها من تلقاء أنفسهم وكانوا مستعديّن كما يجب، وذلك يسري أيضاً على مؤمني الكنائس الأخرى التي يرى الكرسي الرسولي أنّها، بالنسبة إلى الأسرار المقدّسة، في نفس وضع الكنائس الشرقيّة المذكورة أعلاه.

كما إن واقع عدم وجود شركة كاملة من المؤمنين غير الكاثوليكيين مع الكنيسة الكاثوليكية لها عدة نتائج قانونية: هم متحدون مع المسيح وبالمسيح والكنيسة بواسطة المعمودية، ليس لديهم كل الحقوق والواجبات كما لدى المؤمنين الكاثوليك. المبدأ الأساسي المذكور في القانون 1490 ش.ك: "القوانين الكنسية تلزم المعمدين في الكنيسة الكاثوليكية أو المنتمين إليها…". إذن الشرائع الكنسية الكاثوليكية لا تطبق على غير الكاثوليك. ذلك للتأكيد على أنّ هذه المجموعة تدافع عن حق الشخص الإنساني الأساسي في أن يعلن إيمانه بطقسه الخاص. ومن حقهم بل من واجبهم أن يحكموا نفسهم وفقاً لأنظمتهم الخاصة الذاتية فيما يتعلق بالمادة التشريعية والإدارية والقضائية.

لذا، فإنّ مسلك التحليل اللاهوتي والقانوني للنظام التشريعيCCEO يمثل المرحلة الأخيرة للخطوات المنجزة في ترجمة عملية، بعبارات تشريعية جامعة، للتعاليم الإيمانية المقررة في المجمع الفاتيكاني الثاني ولاسيما فيما يخصّ الموضوع المسكوني، والحريّة الدينية، واحترام المعتقد وحرية الضمير بخصوص المعمّدين الأرثوذكسيين: فهنالك الاعتراف بأوضاعهم الكنسية وصحّة الأسرار الممنوحة لهم في كنائسهم وصولاً إلى الاعتراف بحرّية كل كنيسة أو طائفة في إصدار نظام تشريعي وقضائي على إلا يتعارض والحقّ الطبيعي. وعلى أساس هذه المبادئ المسكونية، أُدرجت النصوص القانونية المتعلقة بالزواجات المختلطة.

لقد كان يُفهم من مصطلح " الزيجات المختلطة " شموله أيضاً على نظام الزواج بعقود ما بين طرف كاثوليكي وآخر غير معمّد . بينما لَحَظَ قانونُ الحق الكنسي الخاص بالكنائس الشرقية الكاثوليكية أنّ لعبارة الزواج المختلط معنى دقيقاً يًُفهم منه فقط الزواج ما بين طرف معمّد في الكنيسة الكاثوليكية أو مقبول لديها بعد العماد، وطرف ينتمي إلى كنيسة أو طائفة كنسيّة غير كاثوليكية، يتعارض والزواج بالاختلاف الديني. في الحالة الأولى يتم الزواج بين طرفين يتمتعان بحصولهما على سرّ العماد المشترك والإيمان المسيحي حتى وإن لم تكن هذه الحال مكتملة . أمّا في الحالة الثانية فتفتقر إلى الأساس المشترك إلا وهو العماد المسيحي فتعتبر هنا " ديانتان مختلفتان ".

القانون 813- يُحرَّم الزواج بدون سابق ترخيص من السلطات المختصّة، بين شخصين معمّدين، أحدهما كاثوليكي والآخر غير كاثوليكي.

نلاحظ تفسيراً قانونياً في القانون 813 بخصوص تسمية " طرف كاثوليكي " يفهم منها أيّ شخص كان كاثوليكياً أم مكتمل الانتماء إلى الكنيسة الكاثوليكية. أما الطرف " غير الكاثوليكي " فيفهم منه أي شخص حصل على سرّ العماد في كنيسة غير كاثوليكية شرقية أو لدى مجموعة مسيحية غير كاثوليكية غربية . فالقانون CCEO يفتح بالفعل، في الحقل المسكوني، إمكانية جديدة ووضعاً قانونياً جديداً لمؤمني الكنائس الشرقية غير الكاثوليك والذين لا يمكن اعتبارهم منشقين أو هراطقة لأنهم يتمتعون بحسن النوايا عملاً بالقانون " 1436 § 1 ".

ق. 1436 – من أنكر إحدى الحقائق التي يجب الإيمان بها كإلهية وكاثوليكية أو شكَّ فيها، أو جحد الإيمان المسيحي برمته وأنذر على وجه شرعي ولم يرتدع، يُعاقب بالحرم الكبير كهرطوقي أو جاحد.

ق. 1437- من ازدرى الخضوع للسلطة الكنسية العليا أو الشركة مع المؤمنين الخاضعين لها. وانذر على وجه شرعي ولم يؤدّ الطاعة، يعاقب بالحرم الكبير كمنشق.

إنه تغيير جوهري تشريعي بشأن الزواج المختلط حتى وإن لم يكن له تأثير عمليّ، إلا وهو إلغاء الحالة المانعة للزواج المختلط Mixto Religio . غير أن الأنظمة الجديدة تفرض " مانعاً " بسيطاً يمكن إلغاؤه والرجوع عنه بمنح ترخيص من قبل السلطة المختصّة. على أن تعلّل أسباب المنع للصعوبات المتعلقة بالزواج المختلط وافتقاره إلى الروحانية المكتملة، إلا وهي ثمرة الإيمان الواحد التي تجمع الزوجين . إذن لإمكانية إجراء مراسيم الزواج المختلط، لا بدّ من الرجوع إلى السلطة الكنسية المختصة للحصول على موافقتها عملاً بالقانون 813. كما وقضى القانون 814 بأن الجهة صاحبة الاختصاص المخوّلة منح الموافقة لإجراء مراسيم الزواج المختلط هي السلطة الكنسية المحلية حصراً وللحصول على الترخيص لا بدّ من تقديم سبب صوابي وفق القانون 814 المتعلق بالزواج المختلط بين طرف كاثوليكي وطرف آخر غير كاثوليكي غربيّ أو غير معّمد .

ويمكن أن يُعزى هذا إلى السبب الصوابي إلى تقارب الطرف غير الكاثوليكي من الكنيسة الكاثوليكية ولصالح الطرف الكاثوليكي . ويبدو ذلك جليّاً في حال تمكين هذا الزواج من ممارسته لحقّه الطبيعي وخاصّة في ما يتعلّق منه بممارسة الطقوس نظراً لقلة الوجود الكاثوليكي في المنطقة.

 

3 – 1 – شروط منح الترخيص:

إنّ الشروط المذكورة في القانون 814 ليست مرتبطة بشكل مباشر بالإجراء الاحتفالي بسر الزواج، وإنما بالترخيص المعطى من السلطة الكنسية المحلّية سواء لإجراء المراسيم للسماح بالحضور في أثنائها. لا ريب أنه يتوجّب التأكد من صدق الالتزامات المعلنة قبل إعطاء الترخيص، لاتخاذ القرار بالمنح أم المعروف عنه، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ صحّة الموافقة لا تتوقف على الصراحة بالوعود المقدّمة فحسب ، إنما تتوقف على الشروط التالية :

ق. 814- بوسع الرئيس الكنسي المحلّي، منح هذا الترخيص لسبب صوابي، لكن لا يمنحه ما لم تتمّ الشروط التالية:

(1) أن يعلن الطرف الكاثوليكي عن استعداده لدفع خطر ترك الإيمان، ويعد وعدا صادقاً بأنه سيبذل كلّ ما في وسعه لتعميد جميع أبنائه وتربيتهم في الكنيسة الكاثوليكية؛

(2) أن يُحاط الطرف الآخر في حينه علماّ بهذه الوعود، الواجب أن يؤديها الطرف الكاثوليكي، ليتّضح أن ذلك الطرف أدرك حقاً وعود الطرف الكاثوليكي وواجباته؛

(3) يجب تلقين الطرفين أهداف الزواج وخصائصه الجوهرية التي يجب ألا يستبعدها أيٌّ من المخطوبين.

لا شك في أن القانون814 يُخضع الطرفَ الكاثوليكي لالتزامات تتعلّق بعقيدته وعقيدة الكنيسة، كما وعليه واجب احترام الحرية الدينية ومعتقد الطرف الآخر بدون إكراهه على تغيير مذهبه . يتطلّب الشرط الأول من الطرف الكاثوليكي وجوب التصريح علناً أنه يلتزم بإبعاد أخطار التخلي عن إيمانه ومعتقده الكاثوليكي. وعملاً بالتشريع الإلهي، فإن على الطرف الكاثوليكي الواجب المحتوم للحفاظ على المعتقد ولا يمكن في أي حال إعفاؤه من هذا الواجب.

 

"يجب قبل كلّ شيء، أن يوضع نصب عيني الفريق الكاثوليكي ما عليه من واجبات ناشئة عن الإيمان، في ما يخصّ ممارسة هذه الواجبات ممارسة حرّة، وما ينجم عن ذلك من واجب اهتمام، على قدر ما يستطاع من الجهد، بأمر عماد الأولاد وتربيتهم في الإيمان الكاثوليكي" .

بالإضافة إلى ذلك، فإن واجب تعميد وتنشئة الأبناء في الكنيسة الكاثوليكية يطرح مشكلة موضوعية " صعبة بحق"، هذه المشكلة تخصّ الزوجين بالتساوي كحقّ وواجب . إن العبارة كلّ ما في وسعه" كانت غائبة عن تشريعات Crebrae allatae لعام 1949 ق. 51 . تعني إعطاء حالات خاصة للحياة العائلية حيث إرادة الطرف الكاثوليكي غير كافية لعماد جميع الأبناء في الكنيسة الكاثوليكية . أما التشريعات المسكونية الشرقية واللاتينية المعمول بها تفرض عقوبة على من لا يعمّد أو ينشئ أبناءه في الكنيسة الكاثوليكية (ق. 1439 الشرقي؛ ق. 1366 اللاتيني) . لذا فإنّ تنفيذ هذا الواجب محدّد بظروف لا علاقة لها بالطرف الكاثوليكي . لذلك فالقانون الكنسي يأخذ بعين الاعتبار الحالات الحسيّة الواردة من العادات والتقاليد وكذلك من التشريعات المدنية والتي على الوالدين التمسّك بها .

فيما يخصّ الطرف غير الكاثوليكي، فلا يطلب منه أي تعهّد خطيّاً كان أم شفويّاً، لأن طلباً كهذا يمكن له أن ينتهك الحرّية الدينية وفق المبادئ المعلنة في تصريح المجمع الفاتيكاني الثاني. لذا وبموجب تشريعات القانون 814رقم 2 فإن المطالبة الوحيدة المتعلقة بالطرف غير الكاثوليكي هي إلزامه وجوب الأعلام المسبق بالوعد والالتزامات المقطوعة للطرف الكاثوليكي . على أن تتمّ هذه المطالبة قبل الزواج حتماً في تعهّد تندرج فيه شروط الزواج الأخرى، ويستحسن إعلان ذلك أيضاً قبل أن يقدّم الطرف الكاثوليكي الشروط والوعد أمام كاهن الرعيّة أو السلطة المحلّية . ولا ضير من الإشارة إلى أنه يمكن للزوج غير الكاثوليكي أن يتخذ مواقف حيال وعود والتزامات الشريك بمعنى القبول أو عدمه أو اللاّمبالاة .

من هنا تنشأ مشكلة سبق ونُوّه إليها مفادها : " يجب التثّبت من أنّ الطرف غير الكاثوليكي يمكن أن يبقى متمسكاً بالتزام مماثل لخاصيّة وأصالة التعهّد المسيحي " .

وعلى السلطة المحلّية السهر والتأكد من وجود سبب صوابي ومنطقي لإمكان إعطاء الأذن بالزواج المختلط، ويأخذ بالحسبان، بالإضافة إلى ذلك، الرفض الصريح للطرف غير الكاثوليكي . من هنا تكمن صعوبة الزواج المختلط الواقعية . وليتمكن رأس السلطة الكنسية من إعطاء الترخيص، عليه التأكد من أن الطرفين هما على معرفة تامة بالغايات والخاصيّة الجوهرية للزواج وعدم إلغاء أي منهما وفق رقم 3 ق. 814. إنّ معرفة الزوجين بالغايات والخاصية الجوهرية للزواج منذ البدء بالاستعداد لهذا الزواج المختلط لها أهميتها لأن عدم الاستعداد – من وجهة النظر الرعوية – تنجم عنه خلافات عقائدية يمكن اعتبارها عائقاً لصحّة الزواج . في هذه الحال، كان من الأهميّة بمكان اختبار الزوجين حول طبيعة الزواج، غاياته، خاصيته الجوهرية بقصد إزالة ما يعارض صحّة وجواز إجراءات الزواج.

"لدى إعداد مثل هذا النوع من الزيجات، يجب بذل كل جهد معقول لإفهام العقيدة الكاثوليكية بشأن خصائص الزواج ومقتضياته، ولاجتناب ما قد يحصل، مستقبلاً، من ضغوط وعوائق سبقت الإشارة إليها" .

القانونان 813 و814 لقيا اعتراضاً شديداً من رؤساء الكنائس الشرقية الكاثوليكية والأرثوذكسية في منطقة الشرق الأوسط بالشروط التي وضعتها الكنيسة الكاثوليكية . وتعبيراً عن رفضهم لهذه الشروط اتخذ سينودس كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك في دورته السنوية سنة 1994 قراراً هذا نصّه: "بالعمل على إزالة كل النصوص والتدابير العملية التي تسيء إلى تلك الروابط وتضعفها، خصوصاً ما يتعلق منها بموضوع الزيجات المختلطة بين الأرثوذكس والكاثوليك" .

هناك وثيقة اتفاق كاثوليكي – أرثوذكسي قد تمّ يوم الاثنين الموافق في 14 / 10/ 1996 في دير سيدة النجاة بالشرفة للسريان الكاثوليك- لبنان، وقد وقّع عليه البطاركة الكاثوليك وعددهم (7) والأرثوذكس وعددهم (3) وهو كناية عن قرارات اتّخذوها ووافقوا عليها وطلبوا تعميمها حول مواضيع ثلاثة: 1- الزيجات المختلطة؛ 2- التعليم المسيحي المشترك؛ 3- المناولة الأولى.

قد نوّه الآباء إلى أن القانون 814 يتعلق بجواز الزواج وليس بصحته فيما يخص الزواج بين الكاثوليك وغير الكاثوليك من معمدين. بعد تداول الإيضاحات حول موضوع الزيجات المختلطة خَلُصَ الآباءُ إلى الإقرار بالعُرْف السائد لدى الكنائس الشرقية؛ بقاءُ الزوجة في كنيستها حقٌ تمارسه بحريتها، وإجراء رتبة الزواج في كنيسة الزوج ويدعو الكاهن الطرف الآخر-إذا حضر- إلى أن يتلو معه بعض الصلوات؛ وتعميد الأولاد في كنيسة والدهم. تُتّخَذُ القرارات المعبّرة عن هذا الموقف في السينودسات لجميع الأساقفة التي هي المرجع التشريعي الأعلى في كل كنيسة متمتعة بحكم ذاتي. فلها وحدها حق سنّ القوانين الكنيسة وإيجاد طريقة إصدار الشرائع ونشر القرارات (ق. 110 و111). فإذا لم يُقرّ أي سينودس الأساقفة وثيقة الاتفاق الكاثوليكي – الأرثوذكسي فكأنه لم يُوافقْ عليها.

 

هناك من البطاركة مَن اتخذوا القرارات المعبّرة عن موقفهم:

– البطريرك حايك يقول إنَّ مجمع السريان المنعقد بدير الشرفة يوم الثلاثاء 24 حزيران 1997 أقرّ بالعرف السائد لدى الكنائس الشرقية وتبنّي فيه الآباءُ ما جاء في الوثيقة.

– البطريرك صبَّاح في رسالته تاريخ 19/11/1997 يقول: إنّ مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في القدس لم يضع حتى الآن أي تشريع في هذا الشأن.

 

3-2- طريقة إعداد التصاريح والوعود :

هناك صعوبات في الحقل المسكوني، تعترض طريقة إعداد التصاريح والوعود المشمولة في القانون 815. إذ أن الشرع العام لا يُقرّ الطريقة التي يتمّ بها إعداد التصاريح والوعود بموجب القانون814 وتترك هذه المهمّة للشرع الخاص815 :

 

تُقّرر في الشرع الخاص بكل كنيسة متمتعة بحكم ذاتي، الطريقةُ التي بها تتمّ هذه التصريحات والوعود التي لا بدّ منها، وتُحدّد طريقة إثباتها في المحكمة الخارجية وتبليغها إلى الطرف غير الكاثوليكي.

يبيّن القانون 815 بوضوح أهمّية الشرع الخاص في حياة كل كنيسة متمتعة بحكم ذاتي، حيث أن لكل كنيسة الحق بأن تُصدر قواعد وفق أنظمتها وتقاليدها وتراثها بما يتفق والظروف اليومية، لمعالجة وتوصيف، وبالأحرى، لسنّ بعض المواد . وبموجب القانون 1493§2يقصد بالشرع الخاص ما يلي :

 

تعني كل القوانين والعادات المشروعة وأحكام الشرع وقواعده الأخرى التي ليست عامّة لا لدى الكنيسة جمعاء ولا لدى جميع الكنائس الشرقية.

والسلطة التي تُصدر أو تصادق على الشرع الخاص حصراً لدى سينودوس أساقفة الكنيسة البطريركية ولكامل الكنيسة البطريركية حسب القانون ( 110§1) ويلتزم سينودوس أساقفة الكنيسة البطريركية بإرسال، وبالسرعة القصوى، الوثائق المتعلقة بالأنظمة والقرارات إلى الحبر الأعظم عملاً بالقانون 111. أما الكنائس البطريركية التي أصدرت الشرع الخاص فهي: الكنيسة الملكية للروم الكاثوليك عام 1995؛ الكنيسة المارونية عام 1996؛ الكنيسة السريانية الكاثوليكية عام 1999 ؛ عدا الكنائس الأرمنية والكلدانية.

1- صادق سينودوس أساقفة الكنيسة الملكية المنعقد برئاسة البطريرك مكسيموس حكيم الخامس في تموز 1994 على شرعها الخاص، وتمّ إصداره في 5 أيار 1995 ولمدّة ثلاثة أعوام للاختبار exporimentum ad . حيث نصّت المادة 99 من عرض اقتراح حقّ خاص، أن يكون مضمون القانونين 816 – 813 مدروساً من قبل اللجنة ليصار فيما بعد إلى اتخاذ القرارات المناسبة بروح مسكونية.

2- انعقد مجلس سينودوس أساقفة الكنيسة المارونية برئاسة البطريرك صفير بتاريخ 4 حزيران 1996، وأصدر شرعه الخاص الذي وُضع موضع التنفيذ بنفس اليوم الذي أصدر فيه . تصف أحد تدابير الحق الخاص التزامات المتعاقد الماروني بالتصريح الكتابي بتنفيذ القانون 814 وأن شروط الضمانات يجب أن تكون كتابة أمام كاهن الرعية الذي عليه بدوره تبليغها وشرح معنى ومحتوى القانون للطرف غير الكاثوليكي .

3- استدعى البطريرك موسى داوود أساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية إلى اجتماع في الشرفة بتاريخ 8 أيار 1999، وأصدر بهذه المناسبة الشرع الخاص الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 1كانون الثاني 2000 ولمدّة ثلاثة أعوام من الاختبار .

وتشير المادة 78 منه إلى أنّه تقرّر تطبيق مقررات مجلس البطاركة المعقود في دير الشرفة بتاريخ 14/10/1996 بالاستناد إلى القانون 814 . وتجدر الإشارة إلى أن صياغة المادة 78 باطلة لأن الأنظمة الخاصّة لا يمكن لها أن تتعارض والحق العام في القانون CCEO . وقد نظمت الكنائس الأخرى المتمتعة بحكم ذاتي Sui iuris مواد ضمانات الزواج المختلط في شرعها الخاص تأييداً لما قد ينصّ عليه الشرع العام. لذا فإن الأسس المثبّتة كشرع خاص مغايرة وتتعارض مع الأسس المثبّتة في الشرع العام فهي باطلة بموجب القانون 985.

البند 2- يُمارس السلطانُ التشريعي بالطريقة المحدّدة في الشرع، والسلطان الحائز عليه في الكنيسة مشرّع دون سلطة الكنيسة العليا، لا يمكن تفويضه على وجه صحيح ما لم يستدرك الشرع العام غير ذلك؛ وليس في وسع مشرّع أدنى أن يسنّ على وجه صحيح قانوناً مخالفاً لشرع أعلى.

 

 3-3- الصيغة القانونية في الزواجات المختلطة :

بمقتضى الشرع الشرقي الكاثوليكي الجديد 1990 الذي ينص على أن صحة الزواج للمعتمدين في إحدى الكنائس الكاثوليكية الشرقية، يتطلب حضور الكاهن ومنح البركة مما ورد في الكتب الطقسية:

ق 828 البند 1- ليست زيجات صحيحة إلا التي يُحتفل بها بطقس مقدس، أمام الرئيس الكنسي المحليّ أو الراعي المحليّ، أو الكاهن الذي منحه أحدهما صلاحية مباركة الزواج، وأمام شاهدين لا أقل، ولكن وفقاً لأحكام القوانين التالية ومع عدم الإخلال بالاستثناءات المذكورة في القانون 832 والقانون 834 البند 2. البند 2- بالطقس المقدس يعني هنا اشتراك الكاهن بحضوره وبركته.

إن النظام الكاثوليكي الشرقي وبالتوافق مع التقاليد والوثائق الوفاقية وما بعد الوفاقية تطالب بالطقس المقدس من أجل صحّة الزواج . هذا يعني البركة الكهنوتية وبواسطتها تنتقل إلى الزوجين النعمة الإلهية أسوة بجميع الأسرار، وتقديس الرابطة الزوجية كي يكونا متحدّين من الله بصورة الوحدة غير المنقوصة بيسوع ومع الكنيسة (ق. 776 البند 2).

من حيث أن "الطقس المقدّس" عنصر أساسي في الصيغة القانونية المألوفة عملاً بالقانون828 البند 2 التي تتضمنها بركة الزفاف والتي هي من حقّ الكاهن. إلا أنه من منظور الكنيسة الشرقية اللاهوتي والقانوني فإن البركة تعتبر أكثر من دعاء . لذا فهي شرط لصحّة سرّ الزواج المرتبط بالحلّ الكهنوتي الذي يحصل عليه الزوجان من الروح القدس كمناولة لمحبة يسوع والكنيسة .

ق. 834 البند 2- أما إذا احتفل الطرف الكاثوليكي المنتمي لأيّة كنيسة شرقيّة متمتّعة بحكم ذاتي بالزواج من طرف تابع لكنيسة شرقيّة غير كاثوليكية، فصيغة الاحتفال بالزواج المقرّرة شرعاً يُعمل بها من حيث الجواز فقط؛ أمّا من حيث الصحّة فتلزم مباركة الكاهن مع العمل بالأمور الأخرى التي يقتضيها الشرع.

ومن حيث أنه يستشفّ من التقليد والنظام الشرقيين، ومن خلال إجراء مراسيم الزواج العادي أن الصيغة الطقسية التي تنحصر بشكل جوهري في صلاة البركة، والصيغة القانونية لا تنفصلان عن بعضهما . بينما الصيغة الطقسية في النظام اللاتيني هي شرط لجواز الإجراءات أما الصيغة القانونية فهي شرط لصحة الزواج . فإن التوجيهات الصادرة عن مجمع الكنائس الشرقية بتاريخ 6 كانون الثاني 1996 الرقم 82 تشرح معنى الرتبة المقدّسة من خلال إجراء مراسيم الزواج:

إن واجب الرتبة المقدسة أي أن يبارك كاهن الإكليل ليكون الزواج صحيحاً هي من ميزات الشرع الشرقي. والبركة تعني أنه يعمل كخادم حقيقيّ للسرّ، بحكم سلطان التقديس الكهنوتي (الممنوح له)، كي يوحدّ الله العروسين على مثال الوحدة غير الزائلة القائمة بين المسيح والكنيسة، ولكي تقدسهما نعمة السرّ.

إلا أن الصيغة المألوفة المقرّرة في كلا القانونين، يجب أن تراعى ad validitatem في الزواج المختلط ما بين طرف كاثوليكي سواء كان لاتينياً أم شرقياً، وطرف آخر ينتمي إلى طائفة كنسيّة غربية عدا التفسيح (ق. 835). وفي حال عدم وجود الكاهن فإن القانون CCEO يتناول صيغة غير عادية مستمدّة من مظاهر وإعلانات الزواج المطبّقة على حالات كالزواج مع غير الكاثوليك شرقيين كانوا أم غربيين .

إن زواجاً مختلطاً بين طرف كاثوليكي وآخر أرثوذكسي شرقي، تمّ إجراء مراسيمه في الحالة غير العادية بموجب نصوص القانون 832 البند 1 هو باطل، عملاً بالقانون 781وحتى في الكنيسة الكاثوليكية بسبب عدم توفر الشعائر الدينية المطلوبة بمقتضى أنظمة الكنائس الشرقية غير الكاثوليكية والتي تستند إلى القانون 781.

 

3-4- الاحتفال الطقسي للزواجات المختلطة:

بالإشارة إلى الإجراءات الطقسية للزواج المختلط فإن CCEO لم يعط أي توضيح للطقس الديني الواجب استخدامه في الزواجات المختلطة من قبل كاهن كاثوليكي . لكن إجراءات الزواجات المختلطة في منطقة الشرق الأوسط، تتمّ بشكل عام خارج الطقوس الدينية الافخارستية سواء في الكنائس الشرقية أم في الكنيسة اللاتينية .

إنَّ ما يسمى "الاحتفالات المسكونية"، التي فيها الكاهن الكاثوليكي أو الأرثوذكسي أو ممثل عن المجموعات المسيحية، يطالبون ويحصلون على الرضى من الزوجين بشكل منفرد، هذا الاحتفالات ممنوعة:

ق. 839- سواء قبل أو بعد الاحتفال على وجه قانوني، يُحظَّر القيام باحتفال ديني آخر بنفس الزواج لإبداء أو لتجديد الرضى في الزواج، كما يُحظر الاحتفال الديني الذي يطلب فيه كاهن كاثوليكي وخادم غير كاثوليكي معا الرضى من الطرفين.

لكن القانون 839 CCEO لا يمنع مداخلة الكاهن الكاثوليكي الشرقي أو اشتراكه من داخل الطقوس الدينية الأرثوذكسية فيما إذا تمّت مراسيم الزواج في كنيسة أرثوذكسية. كما وينطبق هذا على الكاهن الأرثوذكسي عندما تتمّ مراسيم الزواج في كنيسة كاثوليكية.

 

3-5- العناية المسكونية والرعوية لحالات الزواجات المختلطة :

في الحقل المسكوني الرعوي، يذكر القانون 816 CCEO واجبات السلطات الكنسية المحلية ورعاة النفوس حيال الزواجات المختلطة المحتفل بها، مع الأخذ بعين الاعتبار عمق الخلافات الناتجة عن تبعيّة الزوجين لكنائس أو مذاهب مختلفة يمكن لها خلق جملة من الصعوبات .

ق. 816- على الرؤساء الكنسيين المحلّيين وغيرهم من رعاة النفوس أن يُعنَوا بالا يُعوز الزوج الكاثوليكي والأبناء المولودين من زواج مختلط العون الروحي للإيفاء بواجبات ضميرهم، ويساعدوا الزوجين على تعزيز الوحدة في شركة الحياة الزوجية والعائلية.

يقرّر القانون واجب الكاهن الكاثوليكي أولاً في تهيئة الأجواء بين الطرفيْن المتزوجيْن في منح الأولاد المولودين العناية الروحية من خلال تقبلهم للأسرار الإلهية. ويذكّر القانون، في نفس الوقت، الرؤساء المحلّيين ورعاة النفوس، بضرورة الأخذ بعين الاعتبار الاختلاف بين الزوجين الناجم عن انتمائهم إلى كنائس أو مجموعات مسيحية مختلفة، التي يمكن أن تواجه مشاكل صعبة. لذا يُقرّ الإرشاد الرسولي في وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم:

إن الزواجات المختلطة تتضمن عدّة عناصر، في رعايتها وتطويرها فائدة سواء أكان لما لها من أهمية ذاتية، أم لما تستطيعه من مساهمة في الحركة المسكونية. وهذا يتضح، خاصة عندما يكون كلا الزوجين أمينين لواجباتهما الدينية. وبعد فالعماد المشترك، وقوة النعمة وحيويتها، توفر للزوجين، في هذه الزيجات، المبدأ والسبب لما يجب أن يعربا عنه من اتحاد في مجال القيم الأخلاقية والروحية. وإدراكًاً لهذه الغاية، ولتبيان ما لمثل هذا الزواج المختلط من أهمية مسكوني أيضاً، وهو زواج يعيشه كلا الزوجين المسيحيين بملء الإيمان، يجب البحث عن تعأون مخلص بين الخادم الكاثوليكي وغير الكاثوليكي منذ المباشرة بالزواج وبالعرس" .

هذه الإجراءات تثير وتحرّك موانع في العلاقات بين الكاثوليك، والمسيحيين غير الكاثوليك الذين يرغبون بناء أسرة مختلطة . في هذا الإطار، الكنيسة مطالبة كعمل رعوي، بالإسراع في تقديم مساهمتها وفقاً للتوجيهات والقواعد المتضمنة في الوثائق الصادرة مؤخراً عن الكرسي الرسولي والمجالس الأسقفية، ليمكن تطبيقها كما يجب في مختلف الظروف والأحوال ، لأن الأسر المسيحية نتاج الزيجات المختلطة، يمكنها العيش وممارسة دعوتها في هذا المضمار الاجتماعي والكنائسي والثقافي . هذه الأسر المختلطة " ككنائس بيتية " هي الأماكن الأولى للبشارة حيث الصلاة الجماعية وهي الأماكن المفضّلة لانتشار الإيمان.

 

الخلاصة

لقد أظهرت من خلال هذا البحث، التطوّر القانوني للمؤسسة القانونية الخاصة بالزواج المختلط وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط، بدءاً من مطلع القرن الرابع وحتى يومنا هذا، ولم ينته بعد وحيث تجد عمق مفهومها سواء في العلاقات التي تتواجد بين حياة المسيحيين، أو في التعدّدية القانونية والكنسية.

لقد تجاوز التشريع القانوني الكاثوليكي الشرقي العديد من الأحكام المسبقة والضغوط، وتمكّن من جمع جميع المظاهر الإيجابية الكامنة في أنظمة الزواج وبوجه خاص الزواج المختلط دون السكوت عن الخلافات والفروقات التي قد تكون أحياناً جوهرية، والصعوبات التي يجب أن تكون واضحة ومتفحصة بكلّ انتباه وبشكل مرض لكلّ من الكنائس الكاثوليكية الشرقية وللمجموعات غير الكاثوليكية، والتي تشمل: سرّ الزواج، عدم فسخ الزواج، تربية الأبناء وصيغة إجراء مراسيم الزواج المختلط .

من هذا المنظور النوعي، يتبيّن أنّ الحوار بين الكنائس، والذي يمثل برنامجاً عملياً لتحقيق الانتشار الإنجيلي : ut unum sint "ليكونوا بأجمعهم واحداً" يُرجى منه إعطاء حياة للبعد القانوني " بين الكنائس " التي ترتكز على تعدّدية القانون الكنسي . للحصول على الثمار المنشودة من نتاج الزواجات المختلطة، يقع كل الاعتماد على الحوار اللاهوتي مع الكنائس الأرثوذكسية، وتكريس رعاة الكنيسة في التحضير للزواج والإشراف على عائلات الكنائس فيما بينها. لا بد من الملاحظة، أنه لمعالجة مسائل الزيجات المختلطة في منطقة الشرق الأوسط، يجب أن نكون متيقنين من أننا أمام مشاكل غالباً ما تكون رعوّية . وبكل أسف إنَّ الواقع العملي للزواج المختلط في منطقة الشرق الأوسط لا يتطابق مع التشريع القانوني الشرقي واللاتيني، أي مع موقف الكنيسة الكاثوليكية.

على كلٍّ أرجو أن أكون، وضمن حدود إمكانياتي، قد ساهمت، بدراستي هذه، بتسليط الضوء ومعرفة أوضاع الزواجات المختلطة في كنائس منطقة الشرق الأوسط .

 

مصادر المحاضرة

*رشاد رسولي، البابا يوحنا بولس الثاني، إلى الاساقفة والكهنة ومؤمني الكنيسة الكاثوليكية جمعاء في وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم، 1980.

* الخوري باخوس الفغالي، في الزواج، تعليق على قانون الزواج الشرقي الجديد، بيروت 1959.

* حنانيا الياس كسّاب، مجموعة الشرع الكنسي، منشورات النور، بيروت، 1975.

*  دنتسنغر-هونرمان، الكنيسة الكاثوليكية في وثائقها، ترجمة المطران يوحنّا منصور –الاب حنّا الفاخوري، منشورات المكتبة البولسية، 2001.

*  ماهر محمصاني وابتسام مَسَرَّة، الاحوال الشخصية. النصوص المرعيّة الاجراء في لبنان، بيروت 1970.

*  توجيه لتطبيق المبادىء الليترجيّة الواردة في "مجموعة قوانين الكنائس الشرقية"، اصدر من مجمع الكنائس الشرقية 1996.

ABATE, A. Il matrimonio nella nuova legislazione canonica, (Brescia 1985).

BHARANIKULANGARA, K., “Particular law of the Eastern Catholic Churches”, Maronite Rite Series, vol. IV, New York 1996.

BUCCIERO, M., I Matrimoni Misti, aspetti storici, canonici e pastorali, Romae 1997, 10.

BUCCI, O., "La genesi della struttura del diritto della Chiesa latina e del diritto delle Chiese Cristiane orientali in rapporto allo svolgimento storico del diritto romano e del diritto bizantino", Apoll., 65 1992).

CECCARELLI-MOROLLI, D., “I matrimoni misti alla luce dei Sacri Canones del primo millennio”, Nicolaus, XXII, fasc. 2 (1995).

GALTIER, F., Le mariage, discipline orientale et discipline occidentale, la reforme du 2 Mai 1949 (Crebrae Allatae Sunt) Beyrouth 1950.

GIANESIN, B., Matrimoni misti, Bologna 1991.

Al- Maçarrat”, Revue bimestrielle d’étude et d’information religieuses, historiques et sociales, dirige par les Pères Paulistes –Harissa (Libano), n. 816, Année canonique, LXXXI, (Mai-Juin 1995).

Le Droit Particulier de l’Eglise Maronite, in la Revue Patriarcale. Porte-parole du Patriarcat Maronite, n. 15, numéro special (1996).

 Al- Magalleh Al- Patriarkieh” della Chiesa Patriarcale Siro-cattolica l’anno 1999, n. 3 settembre 1999.

PRADER, J., Il Matrimonio in Oriente e Occidente. Roma 1992.

SALACHAS, D., Il Diritto Canonico delle Chiese orientali nel primo millennio, Confronti con il diritto canonico attuale delle chiese orientali cattoliche. CCEO, Roma 1997.

SALACHAS, D., “Le sacrement du mariage dans les deux Codes”, L’année canonique, 40 (1998).

YAKOUB, A., nel Commento al Codice dei Canoni delle Chiese Orientali. Studium Romanae (a cura di) PINTO, P. V., Corpus Iuris Canonici.

عن موقع القديسة تريزا: جمعية التعليم المسيحي بحلب