كيف تعامل السيد المسيح مع المُشتت-17

دراسة في انجيل متى

 ( 17 )

 وبَينَما هو يُكَلِّمُ الجُموع، إِذا أُمُّه وإِخوَتُه قد وَقَفوا في خارِجِ الدَّارِ يُريدونَ أَن يَكَلِّموه،  فقالَ لَه بَعضُهم: ((إِنَّ أُمَّكَ وإِخوتَكَ واقِفونَ في خارِجِ الدَّارِ يُريدونَ أَن يُكلِّموكَ)).  فأَجابَ الَّذي قالَ لَه ذلك: ((مَن أُمِّي ومَن إِخوَتي؟))  ثُمَّ أَشارَ بِيَدِه إِلى تَلاميذِه وقال: ((هؤلاءِ هم أُمِّي وإِخوَتي.  لأَنَّ مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ أَبي الَّذي في السَّمَوات هو أَخي وأُختي وأُمِّي)). ( مت 12: 46 – 50 )

 مقدمة

وبَينَما هو يُكَلِّمُ الجُموع

الآن وقت التعليم، زمن بناء الملكوت. ملكوت مركزه محبة المسيح والاصغاء له. ترمز الدار هنا إلى الكنيسة محل التعليم. التي ستبقى محل إقامة وإلتقاء العائلة الروحية التي اتت لتصغي إلى تعاليم وحكمة الآب السماوي! فأحيانا يدعوني المشتت إلى خارج الدار لسبب ما يجعله في نظري مقبولا ، كي اترك الداخل وانشغل بما أو بمَنْ في الخارج!

 

بينما يسوع يعلم كلمة الله ويعلن للخلق بشارة السماء ومحبة الآب لهم وتبنيه للإنسان ، جاء المشتت قائلا « إِنَّ أُمَّكَ وإِخوتَكَ واقِفونَ في خارِجِ الدَّارِ يُريدونَ أَن يُكلِّموكَ».  بمعنى توقف عما تفعله هناك أمرا طارئ ، أمر يخصك ويخص حياتك الشخصية والعائلية ، فهم ايضا لهم حقوق عليك !!

 أساليب وحيل المشتت

 1.     يذكّر بالمسؤوليات التي تخدم أغراضه هو

أن المشتت جاء ليخبر يسوع أن أُمَّه وإِخوتَه واقِفونَ في خارِجِ الدَّارِ يُريدونَ أَن يُكلِّموه. بما انهم أمه واخوته فلهم حقوق عليه.

2.     يحذر من العواقب

احذر اللعنة فالكتاب يقول « مَلْعونٌ المُحتَقِرُ أَباه وأُمَّه» ( تث-27-16 )

3.     ينصح بما يبدو انه لائق

فليس من اللائق ان تترك أسرتك تنتظر! فالوصية تقول: «: أَكرِمْ أَباكَ وأُمَّكَ، لِكَي تَطولَ الأَمُكَ في الأَرضِ التَّي يُعطيكَ الرَّبُّ إِلهُك إيَاها.»  خر-20-12

4.     يحسن استثمار بعض المشاعر

 ربما يريدونك في أمر ما جسيم ؟ هب لهم بعض الوقت … فالكتاب يقول  « وكَلَّمَ الرَّبُّ موسى قائلاً: مُرْ كُلَّ جَماعةِ بَني إِسْرائيلَ وقُلْ لَهم: كونوا قِدِّيسين، لأَنِّي أَنا الرَّبَّ إِلهَكم قُدُّوس.
لِيَهَبْ كُلُّ إِنْسانٍ أُمَّه وأَباه. وآحفَظوا سُبوتي: أَنا الرَّبُّ إِلهُكم.»
لا19: 1-  3 

5.     يصنع المقارنات

 ها انك ترى أن  الشريعة تضع حفظ السبوت على مستوى إكرام الوالدين !!

6.     يلعب بالزمن

نصيحة المشتت واجبة الآن، أما ما هو غيرها فالعمر طويل لاتمامها ، فيحث المشتت يسوع قائلا: هلّم إليهم إنهم خارج الدار ينتظرونك! اترك الخدمة والتعليم لبعض الوقت ولا تحتقر أمك « الاْبنُ الحَكيمُ يُفَرَحُ أَباه والجاهِلُ مِنَ البَشَرِ يَستَهينُ بِأُمَه  »  ام-15-20  .

7.     يظهر شفقة  مغرضة

يا معلم لا تتعب أمك « مَن أَطاعَ الرَّبَّ أَراح أُمَّه »  (سي-3-6)

 هدف المشتت:

ان نترك إعلان ملكوت الله: بان يقطع الاتصال مع الله (الصلاة)  فيعرقل مسيرة نمو ملكوت الله ( ان يتوقف تعليم كلمة الله).

كيف تعامل السيد المسيح مع « المُشتّت »

 1- يسوع يحرر من هموم العيلة اذا أعاقت الخلاص

أحيانا تشكل علاقاتنا الأسرية والعاطفية عائقا يعوق أعلان البشارة أو الاستماع إليها والعمل بها  « وقالَ لَه آخَرُ مِنَ التَّلاميذ: يا رَبّ، إِيذَنْ لي أَن أَمْضِيَ أَوَّلاً فَأَدْفِنَ أَبي. فقالَ لَه يسوع: اِتْبَعْني وَدَعِ المَوتى يَدفِنونَ مَوْتاهم  ». مت-8: 21- 22  « وقالوا:  أَليسَ هذا يسوعَ ابنَ يُوسُف، ونَحنُ نَعرِفُ أَباهُ وأُمَّه ؟ فكَيفَ يَقولُ الآن:  إِنِّي نَزَلتُ مِنَ السَّماء ؟»  يو6: 42

2- يسوع يؤكد أن القرابة الدموية تضعف وتنتهي

فأَجابَ يسوع الَّذي قالَ لَه ذلك: ((مَن أُمِّي ومَن إِخوَتي؟ )) ان يتسع مفهوم الأسرة مع باكورة العهد الجديد ، فنجد يوحنا السابق يستنكر القرابة الدموية كمبرر الذي أتى ممهدا للعهد الجيد قائلا لليهود «ولا يَخطُرْ لَكم أَن تُعلِّلوا النَّفْسَ فتَقولوا :إِنَّ أبانا هوَ إِبراهيم . فإِنَّي أَقولُ لَكم إِنَّ اللهَ قادِرٌ على أَن يُخرِجَ مِن هذهِ الحِجارةِ أَبناءً لإِبراهيم». مت-3-9

 3- يسوع يعلن ميلاد الاسرة الروحية

نعم، لقد اعلن يسوع ابوة الله الآب لجميع البشر ، فأعلن ضمنا ميلاد الاسرة الروحية

·        تفوق قرابة الأسرة الدموية، إنها لا تعني خسارة الأهل  بل ربح وانفتاح على اسرة أكبر أسرة بلا حدود « فقالَ لَه بُطرس: ها قد تَرَكْنا نَحنُ كُلَّ شيءٍ وتَبِعناك، فماذا يكونُ مَصيرُنا ؟   فقالَ لهم يسوع: ((… وكُلُّ مَن ترَكَ بُيوتاً أَو إِخوةً أَو أَخواتٍ أَو أَباً أَو أُمّاً أَو بَنينَ أَو حُقولاً لأَجلِ اسْمي، يَنالُ مِائةَ ضِعْفٍ ويَرِثُ الحَياةَ الأَبَدِيَّة.» مت 17 : 27 – 29

·        أدرك التلاميذ هذا المفهوم فيروي لنا القديس متى  «ثُمَّ مَضى في طَريقِه فرأَى أخَوَيْنِ آخَرَيْن، هُما يَعْقُوبُ بنُ زَبَدَى ويُوحَنَّا أَخوهُ، معَ أَبيهِمَا زَبَدى في السَّفينَةِ يُصلِحانِ شِباكَهما، فدَعاهما فَتَركا السَّفينَةَ وأَباهُما مِن ذلك الحينِ وتَبِعاه.»  مت4: 21 – 22

·        هذه القرابة يجمعها لا الدم ولا اللون ، ولا اللغة ولا الثقافة ، بل يجمعها آب واحد «  وأَكونُ لَكم أَبًا وتَكونونَ لي بَنينَ وبَنات ، يَقولُ الرَّبُّ القَدير »2كور-6-18

·        يكون الشغل الشاغل للابناء هو العمل بمشيئة الآب السماوي « ثُمَّ أَشارَ بِيَدِه إِلى تَلاميذِه وقال: ((هؤلاءِ هم أُمِّي وإِخوَتي. لأَنَّ مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ أَبي الَّذي في السَّمَوات هو أَخي وأُختي وأُمِّي» فيسوع نفسه الابن البكر في هذه الاسرة قال  إن « طَعامي أَن أَعمَلَ بِمَشيئَةِ الَّذي أَرسَلَني وأَن أُتِمَّ عَمَلَه.»   يو4: 34

·        تبقى القرابة الروحية إلى الابد « العالَمُ يَزولُ هو وشَهَواتُه. أَمَّا مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ الله فإِنَّه يَبْقى مَدى الأبد» . 1يو-2-17

 نلاحظ :

يذهب يسوع إلى صلب الموضوع، فيسال: من هم أمي وأخوتي ؟

ثُمَّ أَشارَ بِيَدِه إِلى تَلاميذِه وقال: ((هؤلاءِ هم أُمِّي وإِخوَتي.

لأَنَّ مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ أَبي الَّذي في السَّمَوات

هو أَخي وأُختي وأُمِّي )).

 ( مت 12: 50 )