لم الكنيسة الكاثوليكية اختيارنا؟

نستقي الإجابة على هذا السؤال من :إعلان «الرّبّ يسوع »1

حول وحدانيّة وشموليّة الخلاص

عند يسوع المسيح والكنيسة

 

"اذهبوا في العالم كلّه، وأعلنوا البشارة (الإنجيل) إلى الخلق أجمعين. فمن آمن واعتمد يخلص، ومن لم يؤمن يُحكم عليه". (مرقس 16: 15-16). "الويل لي إن لم أبشّر" (1 قورنتس 9: 16).

التبشير بيسوع المسيح "الطريق والحق والحياة"«يطبع» طريق الحوار مع الأديان الأخرى، لا يحلّ مكانها بل يواكبها.

 

هدف هذا الإعلان

    تذكير الأساقفة واللاهوتيين وكافة المؤمنين الكاثوليك ببعض الحقائق العقائديّة الأساسيّة الّتي يمكن أن تساعد التفكير اللاهوتي على اكتشاف حلول متطابقة مع معطيات الإيمان وقادرة على الإجابة على تحدّيات الثقافة المعاصرة، وذلك في مجال الحوار المسكونيّ مع باقي التّقاليد الدينيّة، بالإضافة إلى التعرّض لبعض المسائل المهمة والردّ على بعض الآراء المغلوطة أو غير الواضحة، وذلك دائماً بالرجوع إلى التعاليم والوثائق السابقة الصادرة عن الكنيسة.

    ديمومة التبشير الإرسالي للكنيسة في خطر بسبب بعض النظريات الّتي تحاول أن تبرّر وجود التعدّديّة الدينيّة، ليس فقط بالواقع de facto ولكن أيضا بالمبدأ de jure. فنراها ترفض بعض الحقائق المهمة مثل:

        أن وحي يسوع المسيح هو كامل ونهائي،

        طبيعة الإيمان المسيحي في مواجهة الأديان الأخرى،

        الإلهام في الكتاب المقدس،

        وحدة الشخصيّة ما بين الكلمة الأزليّ ويسوع الناصري،

        وحدة عمل الخلاص الّذي أجراه الكلمة المتجسّد مع الروح القدس،

        الوحدة والشموليّة الخلاصيّة لسرّ يسوع المسيح،

        الوساطة الخلاصيّة العالميّة للكنيسة،

        عدم الفصل ما بين ملكوت الله، ملكوت المسيح والكنيسة،

        جوهر وحقيقة الكنيسة الوحيدة الواحدة للمسيح موجود في الكنيسة الكاثوليكيّة.

 

هنالك بعض العقبات الّتي تجعل فهم هذه الحقائق وقبولها صعباً، منها:

1.    القناعة بأن معرفة حقيقة الله كاملة هو صعب المنال وصعب الإدراك، حتى بواسطة الوحي المسيحي.

2.    الموقف "التناسبيّ" باتجاه الحقيقة، القائل بأنه ما هو حقيقة عند البعض هو غير ذلك عند الآخرين.

3.  التعارض الكبير ما بين العقليّة الغربيّة "المنطقيّة" logique والعقليّة الشرقيّة "الرمزيّة" symbolique. "الذاتيّة" subjectivisme الّتي تؤمن بأن العقل هو المصدر الوحيد للمعرفة، تمسي غير قادرة على النظر إلى العلاء للوصول إلى حقيقة الكائن.

4.    العجز عن فهم وقبول وجود أحداث في التاريخ تتكلّم عن نهايّة العالم.

5.    رفض البعد الميتافيزيقي للتجسد التاريخي للكلمة الأزلي واعتباره فقط ظهوراً لله في التاريخ.

6.          "الروح الانتقائيّة"، الّتي في البحث اللاهوتي، تأخذ بعض الأفكار من تيارات فلسفيّة ودينيّة متعددة، بدون النظر إلى صحتها المنهجيّة أو توافقها مع العقيدة المسيحيّة.

7.          وأخيراً الميل إلى تفسير الكتاب المقدس بدون الرجوع إلى التقليد المقدس وتعاليم الكنيسة.

 

وحي يسوع المسيح كامل ونهائي:

الوحي بكمال الحقيقة تحقّق في سرّ يسوع المسيح المتجسّد الّذي هو"الطريق والحق والحياة". إذاً العمل الخلاصيّ المسيحي الّذي هو العهد الجديد والنهائي لا ينتهي أبداً وليس هناك أي وحي جديد للبشريّة يجب أن ننتظره قبل ظهور الرب يسوع المسيح وعودته في المجد. (طيطس 2: 13).

    لذلك إنه مخالف لإيمان الكنيسة القول بمحدوديّة وعدم اكتمال ونقصان الوحي الّذي جاء به يسوع المسيح، والّذي يكتمل في الأديان الأخرى. سبب هذا الاعتقاد الباطل هو القناعة بأن الحقيقة عن الله لا يمكن أن تُفهم وتُدرك بكاملها من أي دين تاريخي، ولا حتى من الدين المسيحي بالتالي أو حتى من قبل يسوع المسيح نفسه.

    للردّ على هذا الاعتقاد الباطل يجب "الطاعة للإيمان" (روما 1: 5). التمييز بين "الإيمان اللاهوتي" foi théologale   و"الاعتقاد" croyance في الديانات الأخرى. فـ"الإيمان" يعني قبول، بوساطة النعمة، الحقيقة الموحى بها، الّتي تسمح بالولوج إلى السرّ واستيضاحه. أما "الاعتقاد"، عند الديانات الأخرى، فيعني مجموعة الخبرات والتحليلات، وهو كنز بشري من الحكمة و"التديُّن"، عاشها الإنسان البشري وفكّر فيها طوال مسيرته في اكتشاف الحقيقة عن الإله وعن المطلق.

    هذا التمييز ما بين "الإيمان" و "الاعتقاد" غير موجود دائماً في التفكير المعاصر، لذلك يصبح هنالك خلط في الأمور، ما بين "الإيمان اللاهوتي" الّذي هو قبول للحقيقة الموحى بها من قبل الله الواحد والثالوث، و "الاعتقاد" عند الديانات الأخرى، الّذي هو عبارة عن خبرة دينيّة دائما في بحث عن الحقيقة العليا وعن الله.

    لكن وبما أن الله يريد أن يجذب إليه كلّ الشعوب عن طريق ابنه يسوع المسيح يريد أن ينقل إليهم كمال وحيه ومحبّته، فإنه لا يأنف أن يكون موجوداً وبطريق متعدّدة الأشكال، ليس فقط في الأفراد، بل وأيضاً للشعوب، في ثرواتهم الروحيّة الّتي تعبّر عنها الديانات الّتي يتبعونها، بالرغم من أنها تعاني من بعض النواقص والأخطاء. وهكذا تستلهم الكتب المقدسة لهذه الديانات من سرّ المسيح وجوه الخير والنعمة الّتي قد نجدها فيها.

 

الكلمة المتجسد والروح القدس في عمل الخلاص:

 هنالك رأي يقول أن المطلق، أو السرّ العظيم لله قد ظهر للبشريّة تحت أشكال كثيرة وشخصيات تاريخيّة كثيرة: يسوع الناصري كان أحد هذه الشخصيات. أي أنه أحد الوجوه الكثيرة الّتي تبنّاها الكلمة في أحد الأزمنة لكي يخلّص البشريّة.

    هذه النظريات تتعارض مطلقاً مع الإيمان المسيحي الّذي يقول لنا بشكل قاطع أن يسوع الناصري، ابن مريم، هو فقط الابن وكلمة الآب. هذا ما تؤكّده المجامع المسكونيّة منذ نيقيّة إلى خلقيدونيّة وحتى المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني. خطة الخلاص الّتي أرادها الله الأحد والثالوث، منبعها ومركزها هو سر تجسّد الابن، وسيط النعمة الإلهيّة الأوحد للخليقة وللفداء (قولسي 1: 15-20) (روما 8: 29-30). إذاً يسوع المسيح هو الوسيط والفادي العالمي (لكلّ البشريّة).

    هناك نظريّة أخرى تقول أن الروح القدس له طابع أكثر شمولي من الّذي لدى الكلمة المتجسد، والمصلوب والقائم. بالعكس فسرّ المسيح الفدائيّ يشمل كلّ البشريّة ويتجاوز حدود الكنيسة المنظورة. أما عمل الروح فلا يقتصر فقط على الأفراد بل أيضاً يعني المجتمع والتاريخ، الشعوب، والثقافات والأديان، والمسيح القائم يعمل في قلوب البشر من خلال قوة روحه هذه. وهذه الروح هي الّتي تبذر بذار الكلمة الموجودة في الطقوس والثقافات وتهيؤها للنمو الكامل في المسيح. الروح القدس هذا لا يحل مكان عمل المسيح الخلاصي، ولا يعبّئ فراغاً، بل عمله هو تحضير إنجيليّ تبشيريّ، وهذا لا يمكن أن يكون بدون المسيح أو خارجاّ عنه.

 

وحدة وشموليّة السرّ الخلاصيّ ليسوع المسيح:

هنالك من ينفي وحدانيّة وشموليّة سرّ خلاص المسيح. هذا الاعتقاد ليس له أي أساس في الكتاب المقدس. بعكس ذلك الكتاب المقدس يؤكد في أكثر من موقع على أن يسوع المسيح هو وحده المخلّص وخلاصه يشمل كلّ البشريّة. (1 يوحنا 4: 14، يوحنا 1: 29، أعمال 4: 12، 1 قورنتس 8: 5-6، 1 تيموطاوس 2: 4-6).

    إذاً يجب أن نؤمن كحقيقة إيمان كاثوليكيّة بأنّ الإرادة الخلاصيّة والشاملة لله الواحد والثّالوث قد ظهرت وتحقّقت مرةً وللأبد في سرّ تجسد وموت وقيامة ابن الله.

 

وحدانيّة ووحدة الكنيسة:

المسيح، المخلّص الوحيد، أسس الكنيسة كسرّ خلاص، لذلك فإن ملء السرّ الخلاصي للمسيح هو للكنيسة أيضاً، وحضور وعمل الخلاص في يسوع المسيح  يتتابع أيضاً مع الكنيسة ومن خلال الكنيسة (قولسي 1: 24-27)، الّتي هي جسده (1 قورنتس 12: 12-13)، إذ أن الكنيسة هي جسد المسيح السرّيّ وهو رأسها بالتالي ولا ينفصل الواحد عن الآخر. (2 قورنتس 11: 2).

    لذلك وبما أنه لا يوجد إلا مسيح واحد، فليس هناك إلا جسد واحد له، وعروس واحدة، "كنيسة جامعة "كاثوليكيّة" ورسوليّة واحدة ووحيدة" (فاتيكان الثاني، نور الأمم، رقم 8). والمسيح يبقى مع كنيسته هذه كما وعد بنفسه (متى 16: 18، 28: 20) ويقودها بروحه (يوحنا 16: 13).

     لذلك على المؤمنين أن يعترفوا بوجود تتابع تاريخي- مؤسس على الخلافة الرسوليّة – ما بين الكنيسة الّتي أسسها المسيح والكنيسة الكاثوليكيّة. فهذه هي كنيسة المسيح الوحيدة، الّتي أوكلّها رّبنا بعد قيامته لبطرس لكي يكون لها راعياً. (يوحنا 21: 17، متى 28: 18)، وجعلها عموداً وأساساً للحقيقة (1 طيموتاوس 3: 15)، وهذه الكنيسة كمؤسسة قائمة ومنظّمة في هذا العالم نجدها حقيقة في الكنيسة الكاثوليكيّة، الّتي يرعاها خليفة بطرس والأساقفة الّذين هم في وحدة كاملة معه. (نور الأمم، رقم 8).

    هنا يجب أن نذكر مع المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثانيّ أنه من جهة، بالرّغم من الانقسامات بين المسيحيين، فإنّ كنيسة المسيح لا تزال موجودة وممثلة في الكنيسة الكاثوليكيّة وحدها. ومن جهة أخرى فإن الكثير من عناصر القداسة والحقيقة نجدها أيضاً خارج حدود هذه الكنيسة أي في الكنائس والعائلات الكنسيّة الّتي ليست في وحدة كاملة مع الكنيسة الكاثوليكيّة، ولكن هنا يجب أن نؤكد أن قوتهم هذه تنبع من ملء النعمة والحقيقة الّتي مُنحت للكنيسة الكاثوليكيّة.

    لذلك فإن الكنائس الّتي هي ليست في وحدة كاملة مع الكنيسة الكاثوليكيّة، لا تزال متحدة معها بخيوط رفيعة بالخلافة الرسوليّة وسرّ الإفخارستيا الصحيح، وهذه هي كنائس حقيقيّة محلّيّة خاصة. وبالتّالي فإنّ كنيسة المسيح موجودة وعاملة في هذه الكنائس بالرّغم من غياب الوحدة الكاملة مع الكنيسة الكاثوليكيّة.

    من جهة ثانيّة، فإن المجموعات الكنسيّة الّتي لم تحافظ على درجة الأسقفيّة الصحيحة ولم تحافظ على سرّ الإفخارستيا بجوهره الأصيل والكامل، فهي ليست كنائس بالمعنى الصحيح. إلاّ أنّ كلّ المعمّدين في هذه الكنائس هم أعضاء في جسد المسيح بسبب عمّادهم، وهم في نوع ما من الوحدة غير الكاملة مع الكنيسة. بينما عمّادهم يدعوهم إلى نيل ملء الحياة مع المسيح بالاعتراف بالإيمان الكامل، وبالإفخارستيا والوحدة الكاملة مع الكنيسة.

    ولكن هنا نقول أنّ هذه الكنائس والجماعات المنفصلة، ليست مجرّدة مطلقاً من معاني وقيم سرّ الخلاص، وروح المسيح لا يرفض أن يستخدمها كوسائط خلاص، حيث القوة تأتي دائماً من ملء النّعمة والحقيقة المعهودة للكنيسة الكاثوليكيّة.

 

الكنيسة، ملكوت الله وملكوت المسيح:

 إنّ رسالة الكنيسة هي "التبشير بملكوت المسيح والله وتأسيسه في كلّ الأمم. هكذا الكنيسة هي سرّ، أيّ علامة ووسيلة الوحدة العميقة مع الله ووحدة الجنس البشري بأجمعه. إذاً علامة وأداة الملكوت وهي مدعوّة لأن تبشّر به وتقيمه. لذلك لا يمكن هنا الفصل ما بين المسيح والملكوت والكنيسة، وإننا إذا فصلنا الملكوت عن يسوع نفصله بالتالي عن الله ونشوه معناه ونجعله موضوعاً بشرياً أو إيديولوجياً بحتاً، ونشوّه بالتالي هويّة المسيح (1 قورنتس 15: 27). والكنيسة بدورها مرتبطة بالمسيح وبالملكوت السماوي ولا يمكن أن تفصل عنهما.

 

الكنيسة والأديان وموضوع الخلاص:

يجب أن نقرّ أولا ً أن الكنيسة وفي مسيرتها على الأرض ضروريّة للخلاص. وفقط المسيح هو الوسيط والطريق الوحيد للخلاص، وهو حاضر بيننا بجسده الّذي هو الكنيسة، ويعلمنا بوساطتها ضرورة الإيمان والعمّاد (مرقس 16: 16، يوحنا 3: 5). لذلك من الضروري تذكر هاتين الحقيقتين: الإمكانيّة الحقيقيّة للخلاص بالمسيح لكلّ البشر وضرورة الكنيسة للخلاص.

    الكنيسة هي "سرّ الخلاص للعالم كلّه" لأنها متّحدة مع المسيح الرأس الّذي هو المخلّص. ولكلّ الّذين هم ليسوا أعضاء حقيقيين للكنيسة فإن خلاص المسيح يمرُّ إليهم بسبب النعمة الّتي تنير لهم الطريق كلّ حسب وضعه الروحي الخاص وطريقة حياته. وهذه النعمة الممنوحة من المسيح بوساطة روحه مرتبطة بالكنيسة. والله يمنح نعمة الخلاص هذه لهؤلاء البشر "بطرق معروفة لديه فقط".

    لذلك يُعتبر هنا مخالفاً للإيمان اعتبار الكنيسة فقط إحدى الطرق للخلاص من بين طرق عديدة أخرى. أو أن الديانات الأخرى مكمّلة لعمل الكنيسة. حقاً أن مختلف التقاليد الدينيّة تحتوي على عناصر دينيّة منبعها الله، وبعض الصلوات والطقوس عند ديانات أخرى يمكنها أن تُعدّ الطريق للإنجيل، عندما تحثُّ القلوب على البحث عن الله والانفتاح على عمله الإلهي. ولكننا لا يمكننا أن ننسب إليها أصلها الإلهي الكامل وفعاليتها الخلاصيّة كما هي في الأسرار المقدسة المسيحيّة. وأيضا هنالك بعض الطقوس الّتي تحتوي على مغالطات ويمكن أن تكون عائقاً أمام الخلاص.

    هنا، ومع مجيء المسيح مخلصاً، أراد الله أن يجعل من الكنيسة أداة خلاص للبشريّة بأسرها (أعمال 17: 30-31). ولكن هذه الحقيقة لا تنفي موقف الكنيسة المقدِّر للديانات الأخرى في العالم، ولكنها في نفس الوقت ترفض العقليّة اللامباليّة والّتي تقول أن كلّ الأديان متساويّة. لذلك يجب أن يتذكر كلّ أبناء الكنيسة أن عظمة دعوتهم ووضعهم لا تأتي من فضلهم بل بنعمة خاصة من المسيح لهم. ولذلك وتطبيقاً لوصيّة المخلّص (متى 28: 19-20) ومن باب المحبة لكلّ البشر، فإن الكنيسة تبشّر ومجبرة على التبشير بدون توقّف بالمسيح الّذي هو "الطريق والحق والحياة" (يوحنا 14: 6)، الّذي به يجب أن يجد كلّ البشر ملء حياتهم الدينيّة والّذي به صالح الله العالم.

    "الخلاص موجود في الحقيقة" (1 طيموتاوس 2: 4)، لذلك الحوار الّذي تبادر إليه الكنيسة دوماً هو جزء من عمل الكنيسة التبشيري. وبالتالي يجب الإيضاح هنا أن "المساواة" في الحوار تعني المساواة في الكرامة البشريّة ما بين الأطراف، ولا تعني المساواة في العقائد، ولا تعني المساواة في شخصيّة يسوع المسيح – الّذي هو الله نفسه صار إنساناً – وباقي مؤسسي الديانات الأخرى. لذلك على الكنيسة قبل كلّّ شيء أن تبشّر الآخرين بيسوع المسيح وبضرورة الخلاص عن طريق الاهتداء إليه وإلى كنيسته.

 

خاتمة:

الدين الحقيقيّ كما حدّده آباء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني "موجود في الكنيسة الجامعة "الكاثوليكيّة" والرسوليّة، الّتي وهبها الرب يسوع رسالة التبشير به أمام كلّ إنسان (متى 28: 19-20). وكلّ البشر مدعوون إلى أن يبحثوا عن الحقيقة المتعلّقة بالله وبكنيسته وعندما يعرفونه أن يعتنقوه ويبقوا أمناء نحوه.

    إن وحي المسيح يكمل عمله في التاريخ. و "الحقيقة، الّتي هي المسيح عينه، هي سلطة عالميّة". والسرّ المسيحي يتجاوز كلّ حدود المكان والزمان ويحقق وحدة العائلة البشريّة. ومن مختلف الأمكنة والتقاليد، الكلّ مدعوّ بالمسيح للمشاركة في وحدة عائلة أبناء الله، والمسيح يهدم أسوار الانقسامات ويحقّق الوحدة بطريقة مثاليّة وساميّة، بالاشتراك بسرّه. هذه الوحدة عميقة للغايّة، الأمر الّذي يدفع الكنيسة لأن تقول مع القديس بولس: "فلستم إذاً بعد اليوم غرباء أو نزلاء، بل أنتم من أبناء وطن القديسين ومن أهل بيت الله" (أفسس 2: 19).[1]

 



[1] قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، وإبّان اللقاء المعقودة في 16 حزيران 2000 مع الموقع اسمه أدناه الكاردينال رئيس مجمع العقيدة والإيمان، وبعلم أكيد وبسلطته الرسوليّة وافق على هذا الإعلان، وأثبت صحّته وأمر بنشره. أعطي في روما، في مجمع العقيدة والإيمان، في عيد تجلّي الرب الموافق 6 آب ‏2000‏‏