مشيئة الله في حياتنا

( إذا حدثت كارثة فلا تقل يا ربّ نجني بل استعن بفكرك وساعديك وقدراتك لتواجهها.)

حسن أن نرى مشيئة الله في كل شيء ونقبلها برضى وحُسـن نية. ولكن أُعطيت لنا قدرات ومواهب كي نستعملها، لذلك لا ينبغي أن نتصور جميع الأحداث المحيطة بنا دائما على أنها مشيئة  الله. فالله يريد الإنسان المقاوم والمكافح، والمناضل، الذي يواجه الظروف المضادة له بما أعطاه الله من قدرات. فالاستسلام للظروف ليس استسلاماً لمشيئة الله، بل قد يكون كسلاً و خمولاً، وخيانة، ومن ثمّ، فكرة المذاهب الشرقية عن القضاء والقدر، والاستسلام( لإرادة ربنا) ليست بمذاهب مسيحية على الإطلاق، لأن الاستسلام للظروف يضع الإنسان بين قوسين، ويلقيه على هامش الحياة، بحجة أن الله يريد ذلك !! 

كلاّ فالله لا يريد أن يقبل الإنسان  كل ظروف حياته، بل أن يغير بعضها، ويفنن و يبتكر فهذا هو الإنسان وفي كل ذلك تتجلّى كرامة الإنسان .

وعي الإنسان ومشيئة الله :

يريد الله من الإنسان أن يقف الإنسان أمامه متسائلاً، ويصارعه مثل يعقوب، ويناقشه مثل موسى، ويجادله مثل ارميا، إلى أن يقتنع الإنسان وحينئذ يستسلم، فحتى مريم لم تقل "نـعم " منذ أوّل وهلة، بل تساءلت وطلبت إيضاحاً من الملاك : " كيف يكون ذلك وأنا لا أعرف رجلاّ ؟ ( لو 1 )  

بولس الرسول يضطهد الكنيسة بالسيف، لأنه مقتنع بـذلك، إلى أن يظهر له المسـيح ويقتنع بطريق  آخر. فيغير اتجاهه ويصبح عمودًا من أعمدة الكنيسة. وما كان من الممكن أن يصبح هكذا لو لم يبدأ كمضطهد للكنيسة. ومن ذلك يظهر أن الله لا يتخلّ عن الإنسان الذي لا يضحي بطموحاته و لا قدراته ثم يوجهها توجيهاً آخر، لا في سبيل الأنانية بل في سبيل الخير العام