صـمـت الله

الله حاضر في تاريخ البشر رغم أن المظاهر تشير إلى عكس ذلك ، كيف ؟

 

  v  عندما يقرر فرعون إعدام ، ذكور مواليد العبرانيين (خر 1/15-16) لا يحدث شيء . الله صامت ؟!!   لكن شيئاً ما يتم إعداده وذلك من خلال شفقة ابنة فرعون التي تخلص موسى من المياه ( خر 2/1-10 ) وسينشأ في بلاط فرعون ، مما سيكون له نفع عظيم في المستقبل .

الله صامت  لكنه موجود

 

  v  استمر الشعب يعيش تحت الظلم الله صامت . إنما شيء ما سيتجلّى وهو رد فعل موسى تجاه ظلم وبؤس اخوته  ( خر2/11-15 ) وهو يعبّر عن إحساسه بالكرامة والحرّية .

الله صامت  لكنه موجود

 

  v  آمال موسى أُجهضت ، إنه الفشل و الهروب من المواجهة ( خر 2/15-16 ) فيذهب إلى" ميديان " و يتزوج هناك الله صامت. ولكن الأمر لم ينته بعد ، فهناك علامة بسيطة ألا وهي اسم ابن موسى "جرشوم"  الذي يعني " نزيل في أرض غريبة " ( خر 2/22 ) .إن موسى لم ينسَ اخوته الله موجود 

 

الله صامت  لكنه موجود

 

الله موجود

و أمين لشعبه

و استمع لصراخهم

و تذكّر عهده مع إبراهيم و اسحق و يعقوب

( خر 2/42 ) .

 

الله صامت   لكنه موجود

لا يمكنا اكتشاف معنى ما حدث إلاّ بعد انتهاء الحدث لكن الله موجود و فعّال في تاريخ البشر وليس كمن  له دور في برامجنا أو كمن يتدخّل في المرحلة الأخيرة من البرنامج . و ليس كاحتياطي للقوة و القدرة الذي نطلب إليه أن يدبّر الأمور لصالحنا لأن الله ليس مصدر للنحس أو الحظ .

لعل اللقاء الأول و الحقيقي مع الله هو في صمته و غيابه الظاهري عن تاريخنا . ليس الله هو الإجابة عن تساؤلاتنا ولا يأتي حسب توقعاتنا و لكنه يفتح قلوبنا كي ندرك أن هذا الإله الغائب عند الحاجة إليه كان موجوداً بصورة لم نكن نتوقعها .

إنه لا يتدخّل بمعزل أو بجانب حرّيتنا الإنسانية و مساعينا للتحرير بل لا ينقطع أن يأتي في تاريخنا بفاعلية .لكن هذا غير جلي للعيون و نادراً ما ندركه في الحال و بمفردنا لأننا لا يمكن أن نبحث عن وجود الله إلاّ مع الآخرين ولكي نكتشف وجوده في التاريخ علينا :

1-   أن نكون صناعاً لهذا التاريخ .

2-  أن يكون لدينا نوع من الألفة مع من نريد أن نكتشفه .

إن الله موجود بفاعلية مطلقة في تاريخ البشر .

" أما كانت قلوبنا مضطرمة فينا حين كان يخاطبنا في الطريق و يشرح لنا الكتب المقدسة " . ( لو 24/32 ) وهذا هو الاختبار الأساسي في تحريرنا ، إن عمل الله يقوم في توسيع آفاقنا و تنوير بصائرنا و قلوبنا حتى نشترك معه في صبره على مستوى الأحداث اليومية و نكتشف من خلالها إجاباته .

 

الأب ميشيل لوبورديه