أسس الزواج الناجح

 الأساس الأول : الحب المتبادل

يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الحب حتى ليُخيّل للمرء بأنّ الحب قد أصبح من السلع التجاريّة الرخيصة. أو من الوسائل السريعة للتغرير بالمراهقين من الطرفين. لقد أُفرغت الكلّمة من مضمونها بشكل مؤسف فمَن يحب اليوم يكره غداً. وأصبح التنقّل بين الحب والكراهيّة يتم بين ليلة وضحاها. حتى بات من الصعب على الإنسان أن يصدّق بوجود الحب الحقيقي، هل الحب الحقيقي موجود…؟ نعم….

إنّه ينمو بين الطرفَين المتحابَين كنبتة صغيرة تحتاج إلى رعاية يوميّة إلى أن تنمو وتكبر فتتحوَّل بمرور الأيام إلى شجرة عميقة الجذور.

إنّ اللقاء الأوّل قد يحمل إلى الطرفين نوعاً من الارتياح وهذا يتحوَّل تدريجياً إلى إعجاب وبمرور الزمن قد يتحوَّل إلى حب.

فنحن لا نؤمن بالحب الصاعق فما يشتعل بسرعة ينطفئ بسرعة كذلك.

ولكن كيف يمكن أن نعيش الحب على صعيد الأسرة…؟

إنّ الحياة الزوجيّة فيها الكثير من الصعوبات والمتاعب التي يواجهها الزوجان يوميّاً:

• متاعب العمل الصعوبات الماديّة،

• صعوبات التكيّف مع الواقع الجديد في الأسرة.

• الخلافات في الرأي حول بعض الأمور.

كلّ هذه الصعوبات يسهل التغلّب عليها إذا كان الحب المتبادل الحقيقي موجوداً.

فالمحبّة لا يمكن أن تنفصل عن التضحية. إنّ المحب لا ينظر فقط إلى مصلحته بل يأخذ دائماً بعين الاعتبار شعور ومصلحة شريكه. قد يشعر المحب أحياناً بالغبن ولكن شعوره هذا يضيع في خضم المحبّة التي تربط بين القلبين.

وهنا نصل إلى نتيجة هامة هي أنّ الحب هو أخذ وعطاء كامل وهو تضحية. فإذا فهمنا الحب على هذا الأساس نكون قد بنينا اللبنة الأولى في صرح حياتنا الزوجيّة.

ولكن قد يخطر سؤال في ذهن البعض: هل تتحقق السعادة الزوجيّة ببناء المحبّة قبل الزواج أم بعده….؟

نقول لا بدّ من وجود حد أدنى من التوافق النفسي والروحي بين المقدمين على الزواج لبناء السعادة الزوجيّة.

وقد يسمّي البعض هذا حبا,ً لا بأس.

ولكن هذا الحب الوليد يحتاج وخاصة بعد الزواج إلى جهود الطرفين لكي ينمو ويتعمق بمرور الأيام فلا شيء يقضي على الحب كالإهمال وعدم الرعاية.

فلا يكفي أن نؤمن بوجود الحب بيننا بل يجب أن نعيش هذا الحب وأن نسير معاً وبخطوات ثابتة نحو آفاق جديدة.

إنّنا نشعر بعد 20 عاماً من الحياة المشتركة بأنّ الطريق أمامنا ما زالت طويلة وبأنّنا ما زلنا في أوّلها.

فأمامنا الكثير لكي نصل إلى العطاء الكامل والتضحية المثلى.

 

الأساس الثاني: الأمانة الزوجيّة

 

يجب أن يكون ماثلاً أمام أعينكم أنّ الزواج المسيحي يتميّز بأنّه اختيار نهائي لذلك عليكم قبل أن تقولوا نعم أمام هيكل الربّ وأمام الكاهن أن تكونوا متأكدين من أنّ هذا القبول يعني بالنسبة إليكم أنّكم تختارون بملء حريتكم اختياراً نهائياً وأن لا انفصام لهذه العلاقة إلاّ بالموت.

وهذا القبول يحمل في طياته أيضا,ً التعهد بالإخلاص والالتزام مدى الحياة. وطبعاً هذا الفهم يجنبكم الكثير من المتاعب والصعوبات في المستقبل ولكن هل تكفي هذه القناعة وحدها للقضاء على التجارب التي تعصف بنا. كلا لا تكفي. بل يجب الاعتماد على نعمة الربّ فهو الذي أسس سر الزواج وهو الذي باركه.

فعلينا أن نلجأ إليه لكي يساعدنا في الحفاظ على أمانتنا لعهد الزواج.

 

الأساس الثالث: الاحترام المتبادل

 

يتبادل الخاطبون فترة الخطبة عبارات الإطراء. وتكون العلاقة بينهم على أساس من الاحترام الشديد والحساسيّة المفرطة، ولكن البعض للأسف ما أن تنتهي حفلة الزواج حتى ينقلب الأمر إلى العكس تماماً فتصبح العلاقة خالية من أي شعور بالاحترام.

فإذا سألت الزوج أجابك: لقد أصبحت زوجتي فلا حاجة بعد الآن أن نتعامل كالغرباء. بل لا بدّ من رفع كلّ الحواجز بيننا وأن نتعامل بعفويّة تامة. البعض يسمونها عفويّة والبعض الآخر يسمونها رفع الكلّفة، وقد تتطور في كثير من الأحيان وفي إطار من المزاح إلى جرح شعور الشريك.

ومن الطبيعي أن تلجأ الزوجة أو أن يلجأ الزوج في هذه الحالة إلى الرد في أقرب فرصة سانحة، فنُفاجأ بعد فترة قصيرة من الزمن بالعلاقة بين الزوجين وقد تحوّلت إلى مهاترات ونـزاعات وتبادل كلمات نابية.

طبعاً نحن لا نعني أن يتعامل الزوجان كما يتعامل الأمراء في القصور الملكيّة بل أن يكون أساس التعامل, اِحترام شعور وكرامة الشريك.

فمن يحترم زوجته يحترم نفسه وكذلك الزوجة التي تحترم زوجها تحترم نفسها وتحافظ أيضاً على كرامة الأسرة.

فلا يمكن أن نتصوّر حباً بدون احترام لأنْ لا حب بدون احترام.

وهناك عادة سيئة لابدّ من الإشارة إليها وهي العتاب بين الزوجين أمام الآخرين.

إنّ عرض أي مشكلّة أمام الآخرين يؤدي إلى نشوء صراع يتخّذ فيه الحاضرون مواقف مختلفة إلى جانب الزوج أو جانب الزوجة ونصبح في هذه الحالة وكأنّنا في حلبة ملاكمة يتنافس كلّ طرف فيها بتسديد أكبر عدد من اللكمات إلى الطرف الآخر.

ولا يمكن تصوّر أي شعور بالاحترام في هذا الجو العاصف.

فالعتاب يجب أن يكون على انفراد وبعيداً عن الآخرين وخاصة الأطفال.

 

الأساس الرابع: الاستقلال الذاتيّ للأسرة, بعيداً عن تأثير الأهل

 

الزواج هو بناء خليّة مستقلّة. فعندما نقدم على الزواج فذلك يعني بأنّنا اتفقنا على بناء أسرة جديدة وهذه الأسرة متميّزة عن غيرها وهي كيان جديد ومستقل.

وينتج عن ذلك بأنّ للأسرة الجديدة الصدارة والأولويّة على كلّ ما عداها. فإذا كان الزوج والزوجة جسداً واحداً فلا يمكن أن نتصوّر كيف يمكن لأحد أن يكون أقرب إلى الزوج من زوجته أو أقرب إلى الزوجة من زوجها.

ولا يتخيَّلن أحد بأنّنا ندعو إلى فصم العلاقات مع الأهل بل نحن نؤكد على حقيقة وجود الأسرة بالدّرجة الأولى. وهذه الأسرة علينا أن نحافظ على وجودها وعلى روح المحبّة فيها قبل كلّ شيء, أمّا العلاقات مع الأهل فتأتي بالدرجة الثانية.

فإذا وضعنا هذه الحقيقة أمامنا يسهل علينا بعد ذلك أن نحافظ على أسرتنا فتكون العلاقة مع الأهل على أساس سليم من الاحترام والتقدير والحب.

ولا بدّ من التنويه, بأنّ أكثر أسباب تضخّم الخلافات الزوجيّة يكمن في أنّ الزوج أو الزوجة لا يحترمان استقلال الأسرة وكيانها فيلجؤون إلى الأهل للاحتكام في خلافاتهم، بدلاً من حلّها بالتفاهم فيما بينهم بالحوار الهادئ.

فكلّ خلاف بين الزوج والزوجة يسهل حلّه بينهما بالمحبّة والاحترام وبالحوار الهادئ أمّا إذا عرض على الأهل فإنّه يتضخّم ويتعقّد فيصعب حلّه. لذلك على الزوجين الاعتماد على أنفسهم في حلّ مشاكلّهم.

أمّا إلقاء العبء على غيرهم فلن يحلّ أيّة مشكلة.

 

الأساس الخامس: المشاركة بكلّ معانيها

 

آ – المشاركة على صعيد الحب: إنّ المشاركة على هذا الصعيد تكون بالتعبير اليومي عنه من خلال التضحية وتحمّل الأعباء, فلا يمكن للحب أن يعيش دون تجاوب الطرفين ومشاركتهما.

ب – المشاركة في العلاقة الجنسيّة: تواجه الأزواج في الأيام الأولى للزواج مشكلّة تتلخّص في كيفيّة الوصول بالعلاقة الجنسيّة إلى مستوى المشاركة ويصطدم ذلك دائماً بعدم استعداد الزوجة لذلك نتيجة عوامل عديدة قد تعود إلى التربية البيتيّة أو البيئة التي تصوّر الخوض في الأمور الجنسيّة أو التحدث عنها عيباً فتنشأ الفتاة في هذه البيئة وفي تصورها بأنّ المبادرة بالأمور الجنسيّة يجب أن تكون دائماً من الزوج. وعلى الزوجة أن تسلك سلوكاً سلبيّاً فقط لا يتعدّى حدود المسايرة وطبعاً هذا اعتقاد خاطئ لا يقرُّه العقل.

فإذا اعتبرنا أنّ العلاقة الجنسيّة بعد الزواج هي إحدى الوسائل للتعبير عن الحب فلا يمكننا أن نقبل بأن يكون من جانب الزوج فقط وأن لا تشارك الزوجة أيضاً فيه.

ولكنّنا نهمس في أذن الزوج ونقول له عليك أن تكون صبوراً فلا تتعجّل الأمور ويجب أن تفهم أنّ استجابة الزوجة ومشاركتها تحتاج إلى وقت أطول عادة من الرجل.

كما أنّ للعاطفة والحب دور كبير في تهيئة الجو لبلوغ الانسجام التام في هذا المضمار.

ومن المؤسف حقاً أن نعلم أنّ الخلافات الزوجيّة السطحيّة التي تُذكر أمام الأهل غالباً هي قناع يُخفي الكثير من عدم الانسجام في العلاقات الجنسيّة.

إنّ بعض الزوجات يعتبرن العلاقة الجنسيّة شراً لابدّ منه أو عبئاً لابدّ من تحمله. وهذا بكلّ بساطة يؤدي بهن إلى برودة جنسيّة قد تتحوَّل إلى مزمنة إذا لم يحاولن التغلّب عليها.

فيجب أن يكون واضحاً أمام الجميع, أنّ العلاقة الجنسيّة بعد الزواج هي وسيلة من وسائل التعبير عن الحب وعلى الزوجة أن تشارك فيها وأن تبذل كلّ جهد ممكن للوصول بهذه العلاقة إلى مرحلة التناغم والإنسجام التّام، وأن تتخلّص من المفاهيم الخاطئة التي ربّما سمعتها أو تلقتها عن طريق الأسرة أو البيئة.

وهذه المشاركة تنعكس على حياة الأسرة تفاهماً وسعادة.

فيسود فيها السَّلام والمحبّة والصفاء.

ج ـ المشاركة في مسؤوليّات الأسرة: على الزوج والزوجة أن يتعاونا في تحمّل مسؤوليّات الأسرة. فالزوجة تختص ببناء البيت من الداخل. وعلى الزوج أن يتحمل أعباء ومسؤوليّات الأسرة وذلك بتأمين المستلزمات المعاشيّة لها.

ولكنّ هذا الاختصاص في تحمّل المسؤوليات, لا يعني أن تمتنع الزوجة عن المشاركة في تحسين الظروف المعاشيّة للأسرة. أو أن يمتنع الزوج عن المشاركة في مسؤوليات البيت مثل تربية الأطفال أو العناية بهم أو غير ذلك من الواجبات التي كانت تقتصر على المرأة. فالحب والتضحية, إذا كانا يقودان تصرفات الزوج والزوجة فلا أتصوّر وجود حدود للمشاركة والتعاون بينهما.

 

الأساس السادس: المصارحة والصدق بين الزوجين

 

إنّ الارتباط الزوجي يفترض الاتحاد برباط الحب ولا يمكن أن يتمّ ذلك دون المصارحة والصدق. وهذا يتطلب بالدرجة الأولى الشفافيّة والصفاء فكلّ علاقة تبنى على الصدق والمصارحة هي علاقة ثابتة وقويّة. وتبدأ المصارحة في فترة الخطوبة فتتناول البيئة التي نشأ فيها الخطيبان والاهتمامات والهوايات والنوادي أو الأخويات التي انتسبا إليها. وتعرّج على الحياة العاطفيّة لكلّ منهما والتطلّعات والآمال المستقبليّة. ويجب أن يستمر الصدق والمصارحة بعد الزواج, وذلك بأن لا يُخفي الزوج أو الزوجة الصعوبات التي يمرّان بها على صعيد العمل أو الحياة العاطفيّة بينهما، ولا يجب أن نفهم بالمصارحة أن يسرد الزوج مغامراته العاطفيّة التي سبقت الزواج, بأن يفتخر بعلاقاته الغراميّة السابقة الصحيحة والمختلقة، لأنّ ذلك يسيء إلى كرامة الزوجة ويزلزل بناء الثقة في الأسرة.

 

الأساس السابع: حسن إدارة الأمور الماليّة في العائلة

كثيراً ما تنشأ الخلافات الزوجيّة بسبب اختلاف نظرة الطرفين فيما يتعلّق بالأمور الماديّة، فلا بدّ من طرح بعض الأفكار في هذا الموضوع.

في بعض العائلات يقتصر الإنفاق على الزوج فهو آمر الصرف الوحيد في الأسرة وعلى الزوجة أن ترجع إلى زوجها قبل القيام بشراء أي شيء، وهذا يشعرها بكثير من الحرج.

وإذا سألنا الزوج قال: إنّ زوجته مسرفة ما أن تحصل على مبلغ من المال حتى تصرفه في شراء أشياء لا قيمة لها ولا أهميّة, بينما هناك عائلات تترك موضوع الإنفاق للطرفين بحريّة تامة فيقوم الزوج بشراء ما يحتاجه وكذلك الزوجة دون حرج وتكون موارد الأسرة بتصرّف الطرفين. وهذا الاتجاه يغلب خاصّة في الأسر التي تساهم الزوجة بعملها في ميزانيّة الأسرة. وطبعاً عندما تعمل الزوجة فلا بدّ أن تشعر بأهميّة الاقتصاد, فلا تُبذّر راتبها بل تحاول أن تخفّف من أعباء, زوجها وتساهم هي أيضاً في المصاريف الضروريّة للأسرة.

إنّ التصرّف السليم في الأمور الماليّة في الأسرة يتطلّب :

– أن يلتزم الطرفان بنظام معيّن للإنفاق ويستحسن أن يُتفق على ذلك في مرحلة الخطوبة.

– الاتفاق على الأولويات بحيث يفهم كل طرف ما هي جوانب الإنفاق التي تأتي بالدرجة الأولى ثمّ الثانية ثمّ الثالثة.

– عدم إرهاق الأسرة بالمصاريف الغير ضروريّة.

– ليس من الضروريّ أن يتولى الزوج الإنفاق وحده بل عليه أن يمنح الثقة لزوجته, لتساهم هي أيضاً في تحمّل المسؤوليّة إذا كانت أهلاً لذلك.

– التزام الصراحة حول حقيقة الوضع المادّي لكلٍّ من الزوج والزوجة.

 

الأساس الثامن: قبول الآخر كما هو

 

هل أقبل شريكي كما هو أم أنّني أحلم بتغيير شخصيّته وطباعه؟

يقع البعض في خطأ فادح فيتصوّرون أنّ بإمكانهم تغيير شخصيّة شريكهم وطباعه بعد الزواج بسهولة تامة وبفترة قصيرة. وكثيراً ما يصابون بخيبة أملٍ كبيرة بعد الزواج بعجزهم عن بلوغ ذلك. إنّه شيء طبيعي أن لا يحصل التغيير بهذه السرعة. فمن المعروف أنّ طباع الإنسان وعاداته تتطوّر باستمرار ولكن ببطءٍ شديد, بحيث لا يشعر الواحد منّا متى حصل هذا التّطور, أو كيف تغيّرت عاداته. وهذا التغير البطيء يحصل تلقائيّاً نتيجة التفاعل مع ظروف حياتيّة جديدة وخاصة بعد الزواج. أمّا إذا حاول الزوج أو الزوجة الوصول إلى هذه الغاية عن طريق الضغوط والأوامر فالنتيجة ستكون عكسيّة تماماً فيهب كلّ واحد منهما للدفاع عن موقفه مما يؤدي إلى الخلافات التي لا تنتهي.

فيجب أن يوّجه كلّ واحد منكم السؤال لنفسه, هل أقبل شريكي كما هو بسلبيّاته وإيجابيّاته…؟ فلا يوجد إنسان كامل فالكمال لله وحده.

فإذا كان الجواب نعم فلتستمر المسيرة نحو بناء أسرة سعيدة.

 

الأساس التاسع: الإستعداد للتّنازل عن بعض العادات المكتسبة خلال حياة العزوبيّة

 

آ – السّهر مع الأصدقاء بدون الزوجة :

يستمر بعض الأزواج الذين اعتادوا على السهر برفقة أصدقائهم قبل الزواج بهذه العادة وكأنّ شيئاً لم يحدث.

وهكذا تنتظر الزوجة بفارغ الصّبر عودة زوجها من عمله فيفاجئها بأنّه على موعد مع أصدقائه وبأنّه لن يعود إلى المنـزل إلاّ بعد منتصف الليل فتشعر الزوجة بأنّ اهتمامات زوجها بها تأتي بالمرتبة الثانية بعد أصدقائه فتبادر بهذه الحالة إلى محاولة قطع علاقته بأصدقائه، بينّما يحاول هو الحفاظ على هذه العلاقة فينشب الخلاف بينهما. إنّ باستطاعة الزوج أن يوفّر على نفسه الوقوع في هذا المأزق بالتخفيف من خروجه مع أصدقائه تدريجياً كما أنّه يستطيع الحفاظ على صداقته مع المتزوجين منهم، بحيث تكون الزيارات والنـزهات عائليّة، مما يمكنه من اصطحاب زوجته فلا تشعر بالوحدة وعلى الزوجة أيضاً أن تحذو حُذوه.

ب – تبديل طرق الإنفاق وتوجيهها لصالح الأسرة:

كثير من العزاب والعازبات يصرفون أموالهم بدون حساب وعلى وجوه مختلفة وخاصة لشراء الكماليات، وعلى النـزهات والسهرات بينما تكون مصاريف الفتاة منصبّة على الملابس وأدوات الزينة والعطور، بحيث ما إن ينتصف الشهر حتى يكون الراتب قد تبخّر.

إنّ على الزوج والزوجة أن يدركا بأنّ الإستمرار بهذه العادة يصبح مستحيلاً بعد الزواج. فكلّ المصاريف يجب أن توجّه لصالح الأسرة فعلى كلّ منهم أن يتخلى عن أنانيته وأن يضّحي بالكثير من عادات الصرف التي اكتسبها خلال حياته كعازب. كما أنّ الاتفاق بين الزوجين على تحقيق أهدافٍ معينة يساعدهم على التخلّص من عاداتهم السابقة، مثل الإتفاق على تبديل منـزلهم بمنـزل أوسع أو على شراء قطع أثاث معينة، فكلمّا تحقق هدف انتقلنا إلى هدف آخر وهكذا. فيشعر الزوجان بأنّهما ساهما في تحقيق سعادة الأسرة بالمشاركة الفعّالة وبالتضحية مما يزيد اللحمة بينهما.

 

الأساس العاشر: قبول التغيير الذي يطرأ عند قدوم الأولاد

 

بعد الزواج بسنة أو سنتين أو أكثر يطلّ على العائلة ضيف جديد يحتلّ الصدارة في الإهتمام والعناية "لم تَعودا اثنين بل أصبحتما ثلاثة".

هذا الضيف ليس هو الزوج، وليس هو الزوجة. هذا الضيف هو تجسيد للمحبّة المتبادلة بين الزوجين. هذا الضيف لم يأت ليقيم لفترة معيّنة ثم يذهب.

إنّه جاء ليستقر ومكانه هو القلب, كلّ العيون متجّهةً إليه، تضحك إذا ضحك وتحزن إذا بكى لقد أصبح سيّد كلّ شيء في هذا المنـزل وتسرع الأم لتغمره بحنانِها ومحبتِها.

ويعود الأب مساءً لينعم بدفء ابتسامته وثرثرته الغامضة التي تحمل كلّ معاني البراءة والصفاء. إذا فهمنا معنى وجود هذا الطفل في الأسرة بهذا الشكل فإنّ وجوده سيغيّر كلّ شيء وسيجعل طاقات الحب تتفجر في قلب الزوج والزوجة وسيجعل السعادة تخفق بخفقان قلبه الصغير.

ولكنّ بعض الآباء والأمهات يشوهون معنى قدوم الأطفال ويبدأ ذلك بالهمسات الأولى بعد الولادة، الزوجة تقول إنّه يشبهني وتؤيدها أمها: نعم إنّه يشبهك أنظري إلى وجهه، إلى عينيه، إنّه صورة طبق الأصل منك, وتأتي أمّ الزوج لتقول باسم الآب والابن، إنّه يشبه أباه في كلّ شيء، وتبدأ عمليّة شد الحبل بين الطرفين، كلّ يحاول تملّك هذا الطفل البريء.

ولكن هذا الطفل لا يمكن لأحد أن يمتلكه بل على الجميع أن يسهروا عليه إلى أن يشبّ فيقف على قدميه ثم ينطلق لبناء أسرة جديدة.

إنّ السعادة ليست بالتملّك بل بالعطاء.

قد تتعلّق الزوجة بالطفل تعلّقاً شديداً تكاد معه تنسى زوجها. فإذا عاد من عمله لم تعد تستقبله بابتسامتها العريضة وكلماتها الحلوة فهي دائماً مشغولة بالطفل، هو كلّ حياتها، لم يبق في قلبها إلاّ زاوية ضيّقة لزوجها.

فيبدأ الزوج بالتساؤل ماذا حصل..؟ أين كلمات الحب والغزل..؟ أين الأماني العريضة..؟ أين الأحلام..؟ لقد جاء هذا اللص ليسرق كلّ شيء فلم يعد له من مكان في قلب زوجته، فتبدأ الغيرة تنهش قلبه. ولكن هل يغار من ابنه، نعم إنّه يغار فعلاً حتى ولو لم يعترف بذلك فينعكس شعوره بالإهمال هذا إلى محاولة استرداد ما فقده ولو بالقوّة والحوار الصاخب، فتبدأ الخلافات بين الزوجين تتصاعد فكأنّ هذا الطفل البريء قد تحوَّل بسبب الفهم الخاطئ إلى عنصر لهدم الحب, إنّ علاج هذه الحالة يكمن في توجيه الزوج والزوجة إلى ضرورة تنظيم العناية بالأطفال بحيث لا تؤثر على العلاقة المشتركة بينهما. لأنّ الخلاف بين الزوجين سينعكس بالضرورة على الطفل فيؤثر على نموه العاطفيّ وعلى صحته النفسيّة. التي يدّعي الطرفان، الحرص عليها. فإذا كنا نريد أن ينمو الطفل في جو المحبّة والحنان والتفاهم علينا أن نعرف كيف نحافظ على المحبّة بين الزوجين.

هذه بعض النقاط المضيئة في الطريق التي ستسلكونها، وعلى كلّ زوج منكم أن يكيّف حياته حسب ظروفه الخاصّة.

عن موقع جمعية التعليم المسيحي بحلب