عظة البطريرك صفير 21/09/08

بكركي، الأحد 21 سبتمبر 2008 (Zenit.org).

ننشر في ما يلي العظة التي ألقاها البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطر صفير في قداس الأحد في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، بعنوان "ان ابن الانسان ما أتى ليخدم بل ليخدم".

ان هذا اليوم كرسته الأمم المتحدة للسلام في العالم. وطلبت الى جميع الناس وخاصة، الذين يهتمون بالشأن العام، العمل من أجل السلام، وتحسيسهم بوجوب اشاعة السلام كل في محيطه. والسيد المسيح الذي أتى لينشر السلام في النفوس وعلى الأرض، ما فتئ يردد على مسامعنا وجوب العمل من اجل السلام، وهو الذي في يوم مولده بشرت السماء الأرض بالسلام من خلال انشودة الملائكة المعروفة:" المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر".(لو 2: 14 ).

" قضى السيد المسيح حياته على الأرض، وهو يبشر بالسلام بين الناس. وقد أصبحت أقواله في السلام على كل شفة ولسان لدى المؤمنين به وبرسالته. وغالبا ما ردد: "السلام استودعكم، سلامي أعطيكم، لا كما يعطيه العالم أنا أعطيكم. لا يضطرب قلبكم ولا يخف" ( يو 14: 27). وقد طوب فاعلي السلام بقوله:" طوبى لفاعلي السلام ، فانهم أبناء الله يدعون" ( متى 5:9).  وأمر الناس باشاعة السلام في ما بينهم، فقال:" فليكن فيكم ملح، وسالموا بعضكم بعضا"(مر 9: 50). وعندما ظهر لتلاميذه، فور قيامته من بين الأموات، حياهم بقوله لهم :"وفيما هم يتكلمون بهذا، وقف يسوع في وسطهم ، وقال لهم:"السلام معكم" لو 24: 36 ).

هذا السلام، الذي بشر به السيد المسيح نراه، في هذه الأيام يتقلص ، في مختلف البلدان، لما نشهده من تهديدات تتبادلها بعض الدول والجماعات، وهذا ليس بمؤشر خير وعافية. واذا التفتنا الى منطقتنا نرى أيضا مشاهد لا تشجع على نشر السلام، وهناك دول يهدد بعضها بعضا بأسلحة متطورة تتسبب بابادة جماعية. وهذا ما يشيع الخوف في النفوس. وعلى وجه التحديد، اذا حصرنا النظر في ما يجري حولنا وعندنا، فان المشهد ليس بمشجع. فهناك أحداث مؤلمة تجري في مختلف مناطق لبنان، تارة في الوسط، وحينا في الشمال، وحينا في الجنوب، وكلها تنبئ بما يعمرالنفوس من حقد وعداوات تتمثل في غالب الأحيان بجرائم قتل منكرة يتمت أطفالا أبرياء، وأيمت زوجات وحرمت عائلات كثيرة من معيلها. وهذا ما يجب ألا يكون

.
هناك من يعملون ما بوسعهم، بحجة محاربة الفساد، على التشكيك بصدقية بعض المراجع. فيطلقون الاتهامات جزافا، وينشرون الأضاليل والأكاذيب عن سابق تصميم وتعمد، ادعاء منهم أنهم يحاربون الفساد. وهذا افتراء لا أساس له من الصحة. لا بل هذا هو الفساد بعينه.

وانا نشكر الأمم المتحدة لأنها تسعى الى نشر السلام في العالم، بما تحذر منه من تجاوزات، وتطلقه من مشاريع انسانية، وتقوم به من مبادرات تؤول الى توطيد السلام العالمي.

وانا نبارك المساعي التي تقوم بها بعض الجهات اللبنانية، وفي مقدمها الرابطة المارونية التي تسعى الى إحلال السلام بين الفئات المتناحرة ضمن الطائفة المارونية، ومتى ساد السلام مختلف الفئات، توطد في لبنان في أجمعه. وهذا ما نصلي من أجله، ونسأل جميع المؤمنين أن يصلوا معنا على هذه النية، نية انتشار السلام في القلوب، ليتجسد أعمالا انسانية على الأرض، وبين الناس، ويبدد ما يساورهم من قلق. وبعد فالحقيقة لا بد من ان تظهر مشعة كالشمس ، مهما حاول المحاولون تغطيتها بالأكاذيب والأراجيف.

وقى الله لبنان شر الكذبة والكذابين. والمسيح ما أتى العالم الا ليخدم، وليس ليخدم، ومن أراد أن يتبع المسيح بات لزاما عليه أن يكون على مثاله، فيكرس ذاته لخدمة الناس، وليس عليه أن يسعى لوضع الناس في خدمته".