كلمة البابا بندكتس السادس عشر عن دور العلمانيين في الكنيسة

روما، الجمعة 21 نوفمبر 2008 (ZENIT.org).

ننشر في ما يلي الكلمة التي القاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر يوم السبت الماضي امام المشاركين في الجمعية العامة للمجلس الحبري للعلمانيين التي انعقدت لمناقشة موضوع: "عشرون عاماً على الارشاد الرسولي (المؤمنون العلمانيون): ذكرى، توسع، تحديات وواجبات جديدة".

 

السادة الكارادلة،

اخوتي المحترمون فى الاسقفية و الكهنوت،

أيها الإخوة والأخوات،

 

انا سعيد بلقائكم جميعا في هذا اليوم، اعضاء ومستشارين في المجلس الحبري من، ملتئمين من اجل الجمعية العامة. اريد ان احيي الكاردينال ستانيسلاو ريلكو والمونسنيور جوزف كليمنس، رئيس و امين سر المجلس ومعهما كل المسؤولين الحاضرين. أرحب خاصة بالمؤمنين القادمين من عدة خبرات رسولية ومن اماكن اجتماعية و ثقافية متنوعة. ان الموضوع الذي اخترتموه لهذه الجمعية العامة، " عشرون عاماً على الارشاد الرسولي (المؤمنون العلمانيون): ذكرى، توسع، تحديات وواجبات جديدة"، يقدم لنا بشكل مباشر الخدمة المناطاة بمجلسكم التي يهبها للكنيسة من اجل خير المؤمنين العلمانيين في العالم قاطبة.

ان الارشاد الرسولي (المؤمنون العلمانيون)، المصنف بمثابة (الوثيقة العظمى) للعلمانية الكاثوليكية في وقتنا الراهن، هو ثمرة يافعة لتبادل افكار وخبرات الاساقفة للسينودس السابع عام 1987 حول موضوع:" دعوة ورسالة العلمانيين في الكنيسة والعالم" الذي قام بمراجعة عملية لتعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني بما يتعلق بالعلمانيين،- كرامة المعمدين، الدعوة الى القداسة، الانتماء الى الشراكة الكنسية، المشاركة في بناء جماعة المسيحيين ورسالة الكنيسة، الشهادة في كل الاوساط الاجتماعية، والالتزام في خدمة الانسان على ضوء النمو المتكامل و الخير العام للمجتمع-، مواضيع حاضرة بالاخص في وثائق المجمع (نور الامم، فرح ورجاء).

لذلك عمل الارشاد الرسولي (المؤمنون العلمانيون)، وانطلاقا من تعليم المجمع، على قراءة تمييزية وعميقة لواقع التوجه والالتزام العلماني في الكنيسة بمواجهة التغييرات الاجتماعية خلال تلك السنوات. ان مشاركة العلمانيين قد تزايدت في العديد من الكنائس الابرشية  بفضل المجالس الراعوية، ابرشية او محلية. وقد اعتبر ذلك امراً ايجابياً جدا لانه متأتي من انتماء كنسي حق. لقد ادت المعرفة العميقة للبعد الكاريزماتي الكنسي العام الى اعطاء اهمية للمواهب الخاصة الفردية التي تغدقها العناية الالهية على الاشخاص، وهذا ما ولد خصوبة روحية عظيمة، تربوية وارسالية. انه لم يكن صدفة ان يعترف و يشجع الارشاد المذكور " الموسم الجديد لجمعيات المؤمنيين العلمانيين" علامة لـ " غنى وتنوع طاقات الروح القدس، في النسيج الكنسي"(الرقم 29)، معددا تلك " المعايير للكنسية" (الرقم 30) الضرورية، من جهة لاجل عملية تمييز من قبل الرعاة، ومن جهة اخر من اجل نمو حياة جمعيات المؤمنين، والحركات الكنسية والجماعات الجديدة. في هذا المضمار، ارغب بتوجيه شكر خاص للمجلس الحبري من اجل العلمانيين للعمل الذي قام به خلال العشرين السنة الماضية باستقبال ومرافقة ، وتمييز، وتشجيع تلك الحالات الكنسية، بتفضيل لتعميق هويتهم الكاثوليكية، ومساعدتهم للانخراط التام بقلب التقليد الكبير وبقلب النسيج الكنسي الحي، داعما توسعهم الارسالي.

التكلم عن العلمانية الكاثوليكية يعني الاشارة الى عدد لا يحصى من الاشخاص المعمدين، الملتزمين في عدد كبير ومتنوع من الحالات من اجل النمو كرسل وشهود للسيد و من اجل اعادة اكتشاف وعيش خبرة جمال وحقيقة ان يكونوا مسيحيين.

ان الوضع الثقافي والاجتماعي الراهن يجعل من العمل الرسولي اكثر ضرورة من اجل المشاركة التامة في كنز النعمة و القداسة والمحبة والعقيدة الذي يشكل التقليد الكاثوليكي.

لا يمكننا اعتبار الاجيال الطالعة فقط  بمثابة اولوية يجب ان تصل اليهم تلك المشاركة، ولكنهم هم ايضا المعنيين الاوليين الذين ينتظرون بقلوبهم مقاصد الحقيقة والسعادة من اجل تقديم الشهادة، كما حصل في سيدني، وانا كنت حاضراً، خلال الايام العالمية للشباب. من اجل ذلك اشجع المجلس الحبري من أجل العلمانيين بأن يتابع نشاط هذا الحج العالمي للشبيبة باسم المسيح، وان يجهد لدفع تربية فعالة وراعوية للشبيبة.

انا على علم ايضا بالتزامكم بمواضيع بالغة الاهمية، على سبيل المثال في ما يتعلق بكرامة النساء ومشاركتهم بالحياة الكنسية والاجتماعية. كنت سابقا قد حظيت بالفرصة لاعبر عن تقديري للمؤتمر الذي نظمتموه بمناسبة مرور عشرين عاما على الارشاد الرسولي (كرامة المرأة) وكان المؤتمر يحمل عنوان:"مرأة و رجل، الانسانية بكليتها". الرجل والمرأة متساويان في الكرامة، وهما مدعوان لاغناء الواحد الاخر بالوحدة والتعاون، ليس فقط بالزواج والعائلة ولكن ايضا في المجتمع بكل ابعاده. ان الكنيسة تقدّر جدا عمل النساء اللواتي يعملن على نشر الانجيل، والعمل على اعطاء صورة حقيقية للقيم على ضوء الضمير وبشجاعة في قلب التغييرات الثقافية في مجتمعنا.

اسمحوا لي، اصدقائي الاعزاء، بفكرة اخيرة تتعلق بالخيار العصري الذي يطبع المؤمنين العلمانيين: العالم ، بنسيجه المتعلق بالحياة العائلية، المهنية، الاجتماعية، هو بمثابة الموضع اللاهوتي، الاطار والوسيلة لتحقيق دعوة العلمانيين ورسالتهم (المؤمنون العلمانيون،15-17).

ان كل حالة او مناسبة ونشاط نقوم به، نأمل بأن يعكس صورة الوحدة بين الايمان والحياة التي يعيشها المؤمنون العلمانيون، مشبعة بالرغبة لنقل نعمة اللقاء مع المسيح والتأكيد على كرامة الشخص البشري. من اللأأهمية أن يشهدوا للمحبة وبنوع خاص للاكثر فقرا، الذين يعانون، والمعوزين  وهم مدعوون لتطبيق الالتزام المسيحي لبناء اسس العدالة والسلام  اللذين يعتبران دائما ضرورة للتعايش الانساني، ومن اجل فتح آفاق جديدة للانجيل!

اطلب اذا من المجلس الحبري من اجل العلمانيين أن يتابع ايلاء اهمية راعوية كبيرة للتنشئة، الشهادة والتعاون بين المؤمنين العلمانيين على كل الاصعدة حيث يطرح التساؤل على مصداقية العيش في المجتمع. بطريقة خاصة، اؤكد مجددا على اهمية وضرورة التنشئة الانجيلية وعلى المرافقة الراعوية للاجيال الصاعدة الكاثوليكية الملتزمة بالسياسة كيما تكون مطابقة مع ايمانهم.

ان العمل في كرم الرب الواسع هو بحاجة لمؤمنين علمانيين الذين، على مثال الكلية القداسة العذرء مريم، يقولون ويعيشون " النعم" لمشروع الرب في حياتهم. في هذه الرؤية اريد ان اشكركم على عملكم الثمين وامنحكم من كل قلبي بركتي الرسولية.

نقله إلى العربية الأب ماجد مارون – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)