السينودس حول كلمة الله: المقترحات

الفاتيكان، 24 نوفمبر 2008 (ZENIT.org)

عقب اختتام السينودس حول كلمة الله (5- 26 أكتوبر 2008)، وضعت الجمعية العامة العادية لسينودس الأساقفة 55 مقترحاً. وتسلم البابا بندكتس السادس عشر النص اللاتيني الأصلي الذي يشمل هذه المقترحات، والذي قد يُستخدم كقاعدة لكتابة الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس، واعداً بنسخة مؤقتة وغير رسمية عن هذه القائمة من المقترحات تنشرها الأمانة العامة للسينودس الإيطالية.

                                                                             

مقدمة

المقترح الأول

الوثائق المقدمة للحبر الأعظم

نود أن نلفت نظر الحبر الأعظم إلى بعض الاقتراحات المحددة التي يعتبرها الآباء في غاية الأهمية – إلى جانب الوثائق حول كلمة الله في حياة الكنيسة ورسالتها المتعلقة بهذا السينودس، أي وثائق Lineamenta، Instrumentum laboris، والعلاقات ما قبل المناقشات (disceptationem) وما بعدها، ونصوص المداخلات، بالإضافة إلى النصوص الشفهية، والكتابية، وروابط المناقشات ومناقشتها – .

يسأل الآباء السينودسيون الحبر الأعظم بتواضع أن يحلل إمكانية تقديم وثيقة حول سر كلمة الله في حياة الكنيسة ورسالتها، كذلك على ضوء السنة المكرسة للقديس بولس، رسول الأمم، بمناسبة ذكرى مرور ألفي سنة على ولادته.

المقترح الثاني

من الدستور العقائدي كلمة الله (Dei verbum) إلى السينودس حول كلمة الله

بعد 40 عاماً على إصدار الدستور العقائدي حول الوحي الإلهي خلال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، يعترف الآباء السينودسيون بكل امتنان بالمكاسب الكبيرة التي حققتها هذه الوثيقة في حياة الكنيسة، على الصعيد التفسيري واللاهوتي والروحي والرعوي والمسكوني.

على مر تاريخ intellectus fidei والعقيدة المسيحية، أوضح هذا القانون البعد الثالوثي والتاريخي والخلاصي للوحي.

وخلال هذه السنوات، نما من دون شك الوعي الكنسي بأن يسوع المسيح، كلمة الله المتجسدة، "بكامل حضوره، بكل ما يظهره عن نفسه، بأقواله وأفعاله، بإشاراته وعجائبه، وبخاصة بموته وقيامته المجيدة من بين الأموات، وأخيراً بإرساله روح الحق، يعطي للوحي إنجازه الأخير ويثبته بالشهادة الإلهية: يسوع المسيح هو الله معنا لكي لا ندخل في ظلمات الخطيئة والموت، ونحيا للحياة الأبدية" (كلمة الله DV 4).

وقد سمح لنا كل ذلك بالتعمق بالقيمة اللامتناهية لكلمة الله المعطاة لنا في الكتاب المقدس كبينة ملهمة من الوحي، والتي تشكل إلى جانب التقليد الحي قاعدة الإيمان السامية (DV 21). إنها الكلمة عينها التي يحافظ عليها التعليم ويفسرها بأمانة (DV 10)، الكلمة التي يُحتفل بها في الليتورجية المقدسة والتي تُمنح لنا في سر القربان المقدس تحت شكل خبز الحياة الأبدية (يو 6).

من خلال المحافظة على ثمار هذه السنوات بكل عناية، تشعر الكنيسة اليوم بضرورة التعمق أكثر في سر كلمة الله بمختلف بياناته ومتطلباته الرعوية. وهكذا تأمل الكنيسة أن ينمو المؤمنون في معرفة سر المسيح، المخلص الواحد، والوسيط الواحد بين الله والناس (1 تيم 2، 5؛ أف 1: 9، 15)، وأن تتمكن الكنيسة المتجددة، من خلال الإصغاء الورع لكلمة الله، من المباشرة بفصل تبشيري جديد، معلنة البشرى السارة لجميع البشر.

القسم الأول

كلمة الله في إيمان الكنيسة

المقترح الثالث

تشابه Verbi Dei

إن تعبير كلمة الله هو تشابهي، إذ يرجع أولاً إلى كلمة الله كشخص ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، كلمة الآب الذي صار بشراً (يو 1، 14). إن الكلمة الإلهية الموجودة سابقاً في خلق الكون، وبخاصة في خلق الإنسان، تتجلى خلال تاريخ الخلاص وتتأكد كتابة في العهدين القديم والجديد. وتسمو كلمة الله هذه في الكتاب المقدس على الرغم من أنه يحويها بطريقة خاصة جداً. ومن خلال إرشاد الروح (يو 14، 26؛ 16: 12، 15)، تحميها الكنيسة وتحافظ عليها في تقليدها الحي (DV 10) وتقدمها للبشرية من خلال التبشير، والأسرار، وشهادة الحياة. إذاً، يجب على الرعاة أن يعلموا شعب الله إدراك مختلف معاني تعبير كلمة الله.

المقترح الرابع

البعد الحواري للوحي

عندما يتعلق الأمر بالتجلي، يتضمن الحوار أولية كلمة الله الموجهة إلى الإنسان. من خلال محبته الكبيرة، أراد الله فعلاً أن يلتقي بالبشرية وبادر إلى التكلم مع البشر داعياً إياهم إلى مشاركته حياته. ويتجلى امتياز المسيحية في حدث يسوع المسيح، قمة التجلي، وإنجاز وعود الله، ووسيط اللقاء بين الله والبشر. هو "الذي كشف لنا الله" (يو 1، 18) يكون الكلمة الوحيدة والجازمة التي أًعطيت للبشرية. وبغية تلقي الوحي، لا بد أن يفتح الإنسان عقله وقلبه على عمل الروح القدس الذي يساعده على فهم كلمة الله الموجودة في الكتاب المقدس. والإنسان يستجيب لله بكل حرية وبإطاعة الإيمان (رو 1، 5؛ 2 كور 10: 5، 6؛ كلمة الله DV 5). كما أن مريم، أم يسوع تجسد هذه الطاعة للإيمان بطريقة مثالية، هي التي تعتبر أيضاً النموذج المثالي لإيمان الكنيسة إذ تصغي إلى كلمة الله وتستجيب لها.

المقترح الخامس

الروح القدس وكلمة الله

إن الكتابات المقدسة لها مكانتها التفسيرية الخاصة في الكنيسة، لكونها هبة من الروح القدس المعطى للكنيسة عروس المسيح.

والروح المؤلف للكتابات المقدسة يرشد كذلك إلى فهمها بشكل صحيح في إعداد الإيمان الكنسي (fides Ecclesiae) على مر الأزمنة.

ينصح السينودس الرعاة بتذكير جميع المعمدين بدور الروح القدس في الوحي (DV 11)، وفي تفسير الكتابات المقدسة وفهمها (DV 12).

وعليه، نحن التلاميذ جميعاً مدعوون إلى التضرع كثيراً إلى الروح القدس، لكيما يرشدنا دوماً إلى التعمق في معرفة كلمة الله وإلى الشهادة بإيماننا (يو 15: 26، 27). كما يجب على الرعاة أن يذكروا المؤمنين بأن الكتابات المقدسة تُختتم بتذكر دعوة الروح والعروس المشتركة: "تعال أيها الرب يسوع" (رؤ 22: 17، 20).

 

المقترح السادس

قراءة آبائية للكتاب المقدس

بغية تفسير النص البيبلي، يجب ألا يتم إهمال القراءة الآبائية للكتاب المقدس التي تميز معنيين: المعنى المكتوب والمعنى الروحي. إن المعنى المكتوب هو الذي يشار إليه بأقوال الكتاب المقدس، والذي يتم اكتشافه بفضل وسائل التفسير النقدي العلمية. والمعنى الروحي يتعلق أيضاً بواقع الأحداث التي يتحدث عنها الكتاب المقدس، مع الأخذ بالاعتبار التقليد الحي للكنيسة جمعاء ومبدأ الإيمان، الذي يشمل الترابط الجوهري لحقيقة الإيمان بذاتها وفي كامل تدبير الوحي الإلهي.

المقترح السابع

الوحدة بين كلمة الله وسر الافخارستيا المقدس

تجدر الإشارة إلى الوحدة العميقة بين كلمة الله وسر الافخارستيا المقدس (كلمة الله 21)، كما هو مذكور في بعض النصوص مثل يو 6: 35، 58؛ لو 24: 13، 35؛ بغية تخطي الثنائية بين الحقيقتين، التي غالباً ما تظهر في التأمل اللاهوتي واللاهوت الرعوي. على هذا النحو، تصبح الصلة مع السينودس السابق حول الافخارستيا أكثر وضوحاً.

إن كلمة الله تتحول إلى جسد سري في سر الافخارستيا وتتمم الكتاب المقدس. والافخارستيا هي مبدأ تفسيري للكتاب المقدس، تماماً كالكتاب المقدس الذي ينير ويوضح سر الافخارستيا. بهذا المعنى، يتمنى الآباء السينودسيون أن يتم تنظيم تأمل لاهوتي حول الجانب السري لكلمة الله، لأنه من دون إدراك الحضور الفعلي للرب في سر القربان، يبقى معنى الكتاب المقدس غير مكتملاً.

المقترح الثامن

كلمة مصالحة واهتداء

كلمة الله هي كلمة مصالحة لأن الله صالح بها كل شيء مع نفسه (2 كور 5: 18، 20؛ أف 1، 10). والمغفرة الرحيمة من عند الله المتجسد في يسوع تشفي الخاطئ.

هنا تجدر الإشارة إلى أهمية كلمة الله في أسرار الشفاء (التوبة والمسحة). ويجب أن تكون الكنيسة الجماعة التي توفر للجميع مكان مصالحة ورحمة ومغفرة، كونها مصالحة بكلمة يسوع المسيح (أف 2: 14، 18؛ كول 1، 22).

إن قدرة كلمة الله الشافية هي دعوة قوية من أجل اهتداء شخصي دائم في الإصغاء، ودفع لإعلان شجاع عن المصالحة التي قدمها الله في المسيح (2 كور 5: 20، 21).

في هذه الأزمنة من الصراعات المختلفة والنزاعات بين الأديان، يتعين على الكاثوليك الأوفياء لعمل المصالحة الذي أنجزه الله بيسوع، أن يقدموا أمثلة مصالحة، بالسعي وراء مشاركة القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية عينها في علاقتهم مع الله ومع الآخرين. كما أنهم يسعون إلى بناء مجتمع من العدالة والسلام.

المقترح التاسع

اللقاء مع الكلمة في الكتاب المقدس

مجدداً، يقترح هذا السينودس بقوة على جميع المؤمنين أن يلتقوا بيسوع، كلمة الله المتجسدة، حدث النعمة الذي يتكرر من خلال قراءة الكتاب المقدس والإصغاء إليه. ويذكر بالقديس قبريانوس من خلال نقل التأمل المشترك مع الآباء: "كونوا مواظبين على الصلاة والقراءة الإلهية. عندما تصلي، فأنت تتكلم مع الله، وعندما تقرأ، فإن الله يكلمك"  (Ad Donatum 15).

هكذا، نرجو بشدة أن تنشأ عن هذه الجمعية مجموعة جديدة من الأتقياء، ومحبة كبيرة يكنها جميع أعضاء شعب الله للكتاب المقدس، لكيما تمكنهم قراءتهم الورعة والمؤمنة من تعميق علاقتهم بشخص يسوع.

من هذا المنظور، نرجو قدر الإمكان أن يحتفظ كل مؤمن بالكتاب المقدس (Dt 17: 18, 20)، وأن يتمتع بمغانم الغفران الخاص المتعلق بقراءة الكتاب المقدس. (Indulgentiarum Doctrina 30).

المقترح العاشر

العهد القديم في الكتاب المقدس المسيحي

لقد صلى يسوع المزامير وقرأ الشريعة والأنبياء، بذكرهم في تبشيره وبتقديم نفسه كمكمل الكتاب المقدس. (مت 5، 17؛ لو 4، 21؛ 24، 27؛ يو 5، 46). ولم يتوانَ العهد الجديد عن العودة إلى العهد القديم لاقتباس الأقوال والتعابير التي تسمح له برواية وإيضاح حياة يسوع، وموته وقيامته (مت 1 – 2؛ Es Passim، مر 6، 3؛ لو 24: 25، 31).

في الوقت عينه، وعلاوةً على ذلك، فقد أعطى موته وقيامته "لهذه النصوص عينها كمالاً لم يُدرك آنفاً" (اللجنة البيبلية الحبرية، تفسير الكتاب المقدس في الكنيسة، III، أ 2).

وعليه، فإن الإيمان الرسولي بيسوع معلن "بحسب الكتاب المقدس" (كول 15)، ويقدم يسوع المسيح كإنجاز الله لجميع الوعود (كول 1: 20).

لهذه الأسباب، تعتبر معرفة العهد القديم ضرورية لمن يؤمن بإنجيل يسوع المسيح، لأن العهد القديم، وكما يقول القديس أغسطينوس، مخبأ في العهد القديم، والقديم حاضر في الجديد (Quaestiones, In Heptateucum, 2, 73).

لذا، فإننا نرجو أن يتم أخذ صفحات العهد القديم بالإعتبار في التبشير والتعليم، وذلك بتفسيرها على نحو متوافق في إطار تاريخ الخلاص، وأن تتم مساعدة شعب الله على تقديرها على ضوء الإيمان بالرب يسوع.

المقترح الحادي عشر

كلمة الله ومحبة الفقراء

إن إعلان اصطفاء الله للفقراء (مت 25: 31، 46) هو إحدى مميزات الكتاب المقدس. ويسوع الناصري، كلمة الله المتجسدة، انتقل إلى هذا العالم وهو يعمل الخير (أع 10، 38). إذا ما تم قبول كلمة الله باستعداد، فإنها تُمطر في الكنيسة وافر المحبة والعدالة على الجميع، وبخاصة على الفقراء. ووفقاً للرسالة البابوية العامة "الله محبة"، فإن أول من لهم الحق في إعلان الإنجيل هم الفقراء تحديداً، الذين لا يحتاجون فقط إلى الخبز بل أيضاً إلى أقوال الحياة. مع ذلك، فإن الفقراء ليسوا فقط أشخاصاً نخصهم بالمحبة، بل أيضاً عناصر التبشير بالإنجيل بقدر ما هم منفتحون على الله، وأسخياء في المشاركة مع الآخرين. لذا، فإن الرعاة مدعوون إلى الإصغاء لهم، والتعلم منهم، وإرشادهم في إيمانهم، وتحفيزهم على أن يكونوا صناع تاريخهم الخاص. وتقع مسؤولية خاصة في هذا المجال على الشمامسة المعنيون بخدمة المحبة، لذا يحظون بتشجيع السينودس في خدمتهم.

المقترح الثاني عشر

وحي الكتاب المقدس وحقيقته

ارتأى السينودس أن يقدم مجمع عقيدة الإيمان توضيحاً عن مفهومي وحي الكتاب المقدس وحقيقته، وعلاقتهما المتبادلة بغية المساعدة على فهم أفضل لكلمة الله Dei verbum 11. كما يجب بخاصة إظهار أصالة التفسير البيبلي الكاثوليكي في هذا المجال.

المقترح الثالث عشر

كلمة الله والشريعة الطبيعية

إن الآباء السينودسيين يدركون تماماً التحديات الكبيرة القائمة في هذه الحقبة من التاريخ، منها التقدم الضخم الذي حققه العلم في موضوع معرفة الطبيعة. وعلى نحو ظاهر من المفارقة، فإنه كلما كبرت هذه المعرفة، قل نجاحنا في رؤية الرسالة المعنوية التي تنبثق منها. ففي تاريخ الفكر، كان الفلاسفة القدماء يسمون هذا المبدأ بالشريعة الطبيعية أو بالشريعة المعنوية الطبيعية. وكما ذكر البابا بندكتس السادس عشر، فإن هذه العبارة أصبحت اليوم مبهمة على ما يبدو "بسبب مفهوم لم يعد ماورائياً، بل فقط تجريبياً. ولمجرد أن الطبيعة، الكائن عينه، لم يعد شفافاً لتلقي رسالة معنوية، فإن هذا الأمر يخلق شعوراً بالضلال يجعل من خيارات الحياة اليومية متزعزعة ومريبة" (12 فبراير 2007).

على ضوء تعليم الكتاب المقدس، كما يذكر بخاصة الرسول بولس في الرسالة إلى روما (رو 2: 14، 15)، لا بد من التكرار بأن هذه الشريعة مكتوبة في أعماق قلب كل شخص وبأن كل شخص يمكنه التوصل إليها. وهي تقوم على مبدأ أساسي يقضي "بفعل الخير لا الشر": حقيقة تُفرض بوضوح على الجميع، وتنشأ عنها مبادئ أخرى تحدد الحكم الأخلاقي في ما يخص حقوق كل شخص وواجباته. ولا بد من التذكير بأن تنمية المعرفة بالشريعة الطبيعية، والتقدم في الوعي الأخلاقي يحصلان من خلال التغذي من كلمة الله. إذاً، ينصح السينودس جميع الرعاة بإيلاء اهتمام خاص بهذا الأمر لكيما يتمكن خدام كلمة الله من إعادة اكتشاف الشريعة الطبيعية ودورها في إعداد الضمائر.

القسم الثاني

كلمة الله في حياة الكنيسة

المقترح الرابع عشر

كلمة الله والليتورجية

إن الجماعة التي يدعوها الروح القدس ويجمعها من أجل الإصغاء لإعلان كلمة الله تجد نفسها متغيرة بعمل الروح عينه الذي يتجلى في الاحتفال. في الواقع، حيث توجد الكنيسة، توجد روح الرب: وحيث توجد روح الرب، توجد الكنيسة (القديس إيريناوس، (Adversus haererses III, 24,1.

يكرر الآباء السينودسيون أن الليتورجية تشكل المكان المفضل حيث تتوضح كلمة الله بالكامل، في الاحتفالات بالأسرار، وكذلك بشكل خاص في سر الافخارستيا، وليتورجية الساعات، والسنة الليتورجية. وإن سر الخلاص الذي يطلعنا عليه الكتاب المقدس يجد في الليتورجية مكاناً لإعلانه، والإصغاء إليه، وتطبيقه.

لذلك، نطلب مثلاً أن:

–         يحتل الكتاب المقدس مكانة واضحة وسامية في الكنيسة، حتى خارج الاحتفالات الليتورجية.

–         يتم التشجيع على التزام الصمت بعد القراءتين الأولى والثانية وفي ختام العظة، بحسب اقتراح العرض العام لكتاب القداس الروماني (رقم 56).

–         يتم النظر في الاحتفالات بكلمة الله المركزة على القراءات الربانية.

–         يتم إعلان قراءات الكتاب المقدس انطلاقاً من كتب ليتورجية مناسبة، مثل كتابي الرسائل والأناجيل، تصبح موضوع احترام فائق لاحتوائها على كلمة الله.

–         يُقيم كتاب الأناجيل من خلال زياح يسبق الإعلان، وبخاصة من خلال منحه طابعاً أبهياً.

–         يُوضح دور خدام الإعلان: قراء ومرتلين.

–         يتم إعداد القراء على نحو كاف لكيما يتمكنوا من إعلان كلمة الله بطريقة واضحة ومفهومة. ولتتم دعوة هؤلاء القراء إلى قراءة مضمون الكلمة التي يقرأونها والشهادة لها بحياتهم.

–         تُعلن كلمة الله على نحو واضح، في معرفة ديناميكية التواصل.

–         لا يتم نسيان الأشخاص الذين يجدون صعوبات معينة في تلقي كلمة الله المنقولة بالوسائل الاعتيادية، أمثال العميان والصم، وذلك بخاصة في الاحتفال بالافخارستيا.

–         يتم استعمال الوسائل السمعية بفعالية.

كما يشعر الآباء السينودسيون بواجب التذكير بالمسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق مترأسي سر الافخارستيا لكي لا يبدلوا أبداً نصوص الكتاب المقدس بنصوص أخرى، إذ لا يمكن لأي نص روحي أو أدبي احتواء القيمة والثروة اللتين يحويهما الكتاب المقدس، كلمة الله.

المقترح الخامس عشر

التجديد من خلال العظة و"تعليم عن العظة"

تسمح العظة بتجديد الكلمة المعلنة: "اليوم تم ما قد سمعتم من آيات" (لو 4، 21). كما ترشد إلى السر المحتفل به، وتدعو إلى التبشير وتشارك الأفراح والأحزان، والآمال والمخاوف التي يشعر بها المؤمنون – معدة الجماعة للمجاهرة بالإيمان (قانون الإيمان) وللصلاة الجامعة في القداس.

يجب إلقاء عظة خلال جميع القداديس cum populo حتى خلال الأسبوع. وينبغي على المبشرين (من أساقفة وكهنة وشمامسة) أن يتحضروا في الإيمان، من أجل أن يبشروا بقناعة وشغف، طارحين على أنفسهم ثلاثة أسئلة:

–         ماذا تقول القراءات المعلنة؟

–         ماذا تقول لي شخصياً؟

–         ما الذي يجب أن أقوله للجماعة، آخذاً بالاعتبار وضعها الحالي؟

في البداية يجب على المبشر  أن يتساءل هو أولاً حول كلمة الله التي يعلنها. كما يجب أن تتغذى العظة من العقيدة، وأن تنقل تعليم الكنيسة من أجل ترسيخ الإيمان، والدعوة إلى الاهتداء في إطار الاحتفال، والإعداد لتحقيق سر الفصح القرباني.

بغية مساعدة المبشر في خدمة الكلمة، وعلى ضوء تعليم الإرشاد الرسولي "سر المحبة" Sacramentum caritatis (رقم 46) الذي صدر بعد السينودس، يرجو الآباء السينودسيون أن يتم إعداد "تعليم عن العظة" يهدف إلى عرض مضمون المواضيع البيبلية الواردة في كتب الرسائل المستخدمة في الليتورجية، إلى جانب مبادئ العظة وفن التواصل.

 

 

المقترح السادس عشر

 

كتاب الرسائل

نوصي بتحليل كتاب الرسائل الروماني لمعرفة إذا ما كان يتوافق الاختيار الحالي وتنظيم القراءات مع رسالة الكنيسة في هذه الحقبة من التاريخ. وعلى نحو خاص، لا بد من مراجعة الرابط بين قراءة العهد القديم والمقاطع الإنجيلية، بطريقة لا يتطلب فيها قراءة محددة للعهد القديم، أو استثناء بعض المقاطع المهمة.

هذه المراجعة لكتاب الرسائل يمكنها أن تتم بالحوار مع الشركاء المسكونيين الذين يستخدمون هذا الكتاب المشترك.

كذلك نرجو أن تُحلل مسألة كتاب الرسائل في ليتورجية الكنائس الكاثوليكية الشرقية على نحو مسؤول.

المقترح السابع عشر

خدمة الكلمة والمرأة

يقر الآباء السينودسيون بخدمة العلمانيين في نقل الإيمان إلى قلوب الآخرين كما يشجعونها. والنساء بخاصة يلعبن دوراً مهماً على هذا المستوى لا سيما في العائلة وفي التعليم الديني. إنهن في الحقيقة يعرفن كيفية الحث على الإصغاء للكلمة، العلاقة الشخصية مع الله، وكيفية نقل معنى الغفران والمشاركة الوارد في الإنجيل.

نرجو أن تُمنح المرأة هي أيضاً فرصة المشاركة في  خدمة القارئ بحيث يُقدر دورها كمبشرة بكلمة الله ضمن الجماعة المسيحية.

المقترح الثامن عشر

الاحتفالات بكلمة الله

وفقاً لشتى الأشكال المستمدة من التقليد الليتورجي، نوصي بالاحتفال بكلمة الله (سر المحبة 35). إن العديد من الجماعات الكنسية التي لا تستطيع الاحتفال بسر الافخارستيا يوم الاحد، تجد في الاحتفال بالكلمة الغذاء لإيمانها وللشهادة المسيحية.

والاحتفال بالكلمة يشكل أحد الأماكن المفضلة للقاء مع الرب، لأن المسيح خلال هذا الإعلان يكون حاضراً ويستمر في محاكاة شعبه (سر المحبة 7). وحتى وسط صخب اليوم الذي يجعل من الإصغاء الحقيقي أمراً عسيراً، يُدعى المؤمنون إلى تنمية حالة من السكون الروحي وإلى الإصغاء لكلمة الله المغيرة للحياة.

كما يوصي الآباء السينودسيون بصوغ توجيهات حول الطقوس، بالاستناد إلى تجربة الكنائس التي يعمل فيها عادةً معلمو الدين المثقفين، على إرشاد الجماعات الآحدية حول كلمة الله. أما الهدف من هذه التوجيهات، فإنه يكمن في العمل على ألا تختلط احتفالات مماثلة مع ليتورجية الافخارستيا.

إن قبول الكلمة، وتلاوة التسابيح الصباحية، وعمل النعمة، وصلاة الابتهال، الأمور التي تتألف منها الاحتفالات بكلمة الله، ما هي إلا تجلي الروح في قلوب المؤمنين وفي الجماعة المسيحية الموحدة حول كلمة الله. وفي الواقع يقوم الروح القدس بجعل كلمة الله المعلنة والمحتفل بها تُثمر في قلب وحياة من يتلقاها. إضافةً إلى ذلك، نعتبر أن طقوس الحج، والأعياد، وشتى أشكال التقوى الشعبية والتبشير، والطقوس الروحية، وأيام التوبة، والتكفير والمغفرة تشكل كذلك فرصة فعلية للمؤمنين من أجل الاحتفال بكلمة الله والتعمق بمعرفتها.

المقترح التاسع عشر

ليتورجية الساعات

إن ليتورجية الساعات هي شكل متميز من أشكال الإصغاء لكلمة الله لأنها تبقي المؤمنين على تواصل مع الكتاب المقدس والتقليد الحي للكنيسة. لذا، يرجو السينودس أن يشارك المؤمنون في ليتورجية الساعات، بخاصة في التسابيح الصباحية وصلوات الغروب. أما في حال عدم وجود هذه الصلوات بعد، فلا بد من إعداد شكل بسيط من ليتورجية الساعات.

كذلك، يجب على الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان وجميع العاملين في خدمة الكنيسة أن يتذكروا واجبهم المقدس الذي يقضي بصلاة ليتورجية الساعات التي يُنصح بها أيضاً للمؤمنين العلمانيين، لكيما تصبح هذه الليتورجية صلاة الكنيسة جمعاء بطريقة أكثر ثباتاً.

المقترح العشرون

كلمة الله، الزواج والعائلة

إن كلمة الله هي التي أقامت الزواج (تك 2، 24). ويسوع نفسه قد شمل الزواج ضمن مؤسسات ملكوته (مت 19: 4، 8)، واعتبره سراً. خلال الاحتفال السري، ينطق الرجل والمرأة بكلمة نبوية ذات موهبة متبادلة، لأن يصبحا "جسداً واحداً"، علامة سر اتحاد المسيح والكنيسة (أف 5: 31، 32). من خلال أمانة ووحدة الحياة العائلية، يعتبر الزوجان أول المبشرين بكلمة الله أمام أولادهما. لذا، من الواجب دعمهما ومساعدتهما على نشر الصلاة في العائلة، والاحتفال المنزلي بالكلمة، وقراءة الكتاب المقدس وتعزيز الأشكال الأخرى من الصلاة.

وينبغي على الزوجان أن يتذكرا بأن كلمة الله تقدم الدعم الثمين أيضاً في مصاعب الحياة الزوجية والعائلية.

 

المقترح الحادي والعشرون

كلمة الله والجماعات الصغيرة

يوصي السينودس بتكوين جماعات كنسية صغيرة للإصغاء لكلمة الله، وحفظها وصلاتها، على شكل مسبحة من التأمل البيبلي (يوحنا بولس الثاني، الرسالة العامة وردية العذراء مريم Rosarium Virginis Mariae). توجد الآن في العديد من البلدان جماعات صغيرة مؤلفة من عائلات، متجذرة في الرعايا أو مرتبطة بمختلف الحركات الكنسية والجماعات الجديدة. وهي تجتمع بانتظام حول كلمة الله لمشاركتها واستمداد القوة منها.

نادراً ما يحصل البعض على إمكانية الاحتفال بسر الافخارستيا، فيقومون بتجربة الجماعة واللقاء مع كلمة الله شخصياً. ومن خلال قراءة الكتاب المقدس يختبرون محبة الله لهم. في هذا الصدد، لا بد من الأخذ بالاعتبار خدمة العلمانيين الذين يرشدون هذه الجماعات والقيام بتشجيعها، لكونها خدمة تبشيرية يُدعى إليها جميع المعمدين.

المقترح الثاني والعشرون

كلمة الله وورع القراءة

يقترح السينودس حث المؤمنين، وبخاصة الشباب منهم، على التطرق للكتاب المقدس من خلال "قراءة ورعة" ومواظبة (كلمة الله 25)، لكيما يصبح الحوار مع الله واقعاً يومياً يعيشه شعب الله.

لذا من المهم:

–  أن نربط ربطاً وثيقاً القراءة الورعة بمثال مريم والقديسين في تاريخ الكنيسة، الذين قاموا بقراءة الكلمة بحسب الروح؛

–  الاستعانة بمعلمين في هذا الشأن؛

–  التأكد من حصول الرعاة والكهنة والشمامسة، وبخاصة الكهنة المستقبليين، على إعداد مناسب لكيما يتمكنوا بدورهم من إعداد شعب الله في هذه الديناميكية الروحية؛

–  إطلاع المؤمنين بحسب الظروف، والفئات والثقافات على الأسلوب الأنسب للصلاة الورعة الفردية و/أو الجماعية (القراءة الإلهية، رياضات روحية في الحياة اليومية، سبع خطوات في إفريقيا وأماكن أخرى، أساليب مختلفة من الصلاة، المشاركة في العائلة والجماعات الكنسية الأساسية، وغيرها)؛

–   تشجيع القراءة الورعة انطلاقاً من نصوص ليتورجية تقترحها الكنيسة للاحتفال الأحدي أو اليومي بالافخارستيا، من أجل فهم أفضل للعلاقة بين الكلمة وسر الافخارستيا؛

–  الحرص على أن تؤدي القراءة الورعة للكتاب المقدس، وبخاصة الجماعية منها، إلى التزام محبة (لو 4: 18 – 19).

إن الآباء السينودسيين الذين يدركون تماماً الانتشار الحالي الواسع للقراءة الإلهية والأساليب المماثلة الأخرى، يرون في ذلك علامة رجاء حقيقية، ويشجعون جميع المسؤولين الكنسيين على مضاعفة الجهود في هذا الصدد.

 

المقترح الثالث والعشرون

التعليم الديني والكتاب المقدس

ينبغي بالأحرى أن يتجذر التعليم الديني في الوحي المسيحي، ويتخذ من تعليم يسوع على طريق عماوس مثالاً له.

على طريق عماوس، شرح يسوع للتلميذين معنى الكتاب المقدس (لو 24، 27). وقد أظهرت طريقة شرحه بأن التعليم الديني المتجذر في الوحي المسيحي يتطلب تفسير الكتاب المقدس. وبذلك، فإنها تدعونا إلى الانضمام إلى أبناء اليوم لتبشيرهم بإنجيل الخلاص:

–         إلى الأطفال الصغار بخاصة؛

–         إلى من هم بحاجة لإعداد أعمق يتجذر في الكتاب المقدس؛

–         إلى الموعوظين الجدد الذين تجدر مرافقتهم على دربهم، وإظهار مخطط الله لهم من خلال قراءة الكتاب المقدس، وإعدادهم للقاء الرب في أسرار الإعداد المسيحي، والالتزام بالجماعة والتبشير.

ولا بد من أن يلي روحانية الموعوظين الجدد ما قبل المعمودية، تعليم الأسرار ما بعد المعمودية، إعداد متواصل يتخلله وجود الكتاب المقدس وتعليم الكنيسة الكاثوليكية.

المقترح الرابع والعشرون

كلمة الله والحياة المكرسة

تولد الحياة المكرسة من الإصغاء لكلمة الله وتتلقى الإنجيل كقاعدة من قواعد الحياة. إنها تعيد اكتشاف هويتها باستمرار من خلال الإصغاء للكلمة، وتتحول إلى "البشارة بالإنجيل" في الكنيسة وفي العالم. وفيما تُدعى لأن تكون "تفسيراً" حياً لكلمة الله (بندكتس السادس عشر، 2 فبراير 2008)، فهي تشكل بذاتها كلمة يستمر من خلالها الله في التكلم مع الكنيسة والعالم.

يوجه السينودس الشكر إلى الأشخاص المكرسين على شهادتهم للإنجيل، واستعدادهم للتبشير به على الحدود الجغرافية والثقافية للرسالة من خلال مختلف خدماته العلوية. ويدعوهم في الوقت عينه إلى الحرص على إصغاء الأفراد والجماعات لكلمة الله، وتعزيز مدارس صلاة بيبلية مفتوحة أمام العلمانيين، وبخاصة الشباب منهم. وليصغوا إلى كلمة الله بقلب فقير معبرين عن استجابتهم من خلال الالتزام من أجل العدالة، والسلام، وكمال الخلق.

هذا ويشدد السينودس على أهمية الحياة التأملية ومساهمتها الثمينة في تقليد القراءة الإلهية. فالجماعات الرهبانية تشكل مدارس روحانية وتعزز حياة الكنائس المستقلة. "ومثل واحة روحية، يرشد الدير عالم اليوم إلى الأمر الأكثر أهمية، الأمر المقنع الوحيد: هناك سبب سامٍ يستحق أن نعيش من أجله، وهو الله ومحبته السامية" (بندكتس السادس عشر، صلاة التبشير الملائكي في 18 نوفمبر 2007).

في الحياة التأملية، يتم الإصغاء إلى الكلمة، وصلاتها، والاحتفال بها. لذا، لا بد من الحرص على أن تحصل هذه الجماعات على الإعداد البيبلي واللاهوتي المناسب لحياتها ورسالتها.

المقترح الخامس والعشرون

ضرورة وجود مستويين في البحث التفسيري

يبقى التفسير البيبلي الذي يطرحه الدستور العقائدي "كلمة الله 12" في غاية العصرية والفعالية. ويقضي بوجود مستويين مغايرين ومترابطين في النهج من أجل عمل تفسيري ملائم.

المستوى الأول يتعلق بالعودة إلى الأسلوب التاريخي النقدي الذي كثيراً ما أثمر في البحث الحديث، والذي دخل في المجال الكاثوليكي، بخاصة من خلال الرسالة العامة  Divino Afflante Spiritu لخادم الله بيوس الثاني عشر. وقد جُعل هذا النهج ضرورياً من جانب طبيعة تاريخ الخلاص الذي ليس بأسطورة، بل هو تاريخ حقيقي متوج بتجسد الكلمة، الإلهي والسرمدي الذي صار بشراً (يو 1، 14). ومن الضروري بالتالي التعمق بالكتاب المقدس وتاريخ الخلاص باستخدام مناهج البحث التاريخي الجدي.

أما المستوى المنهجي الثاني، الضروري من أجل تفسير صحيح للكتاب المقدس، فهو متعلق بالطبيعة الإلهية لكلام الكتاب المقدس البشري. ويذكر المجمع الفاتيكاني الثاني بحق بأنه يجب تفسير الكتاب المقدس بمساعدة هذا الروح القدس عينه الذي ألهم على كتابته. ولا يتم اعتبار التفسير البيبلي مكتملاً – بالتوازي مع الدراسة التاريخية للنصوص – إن لم يبحث أيضاً عن بعدها اللاهوتي بطريقة مناسبة. إن الدستور العقائدي "كلمة الله" يحدد النقاط المرجعية الثلاث الأساسية للتوصل إلى البعد الإلهي، وبالتالي إلى المعنى اللاهوتي للكتاب المقدس. وهذه النقاط هي محتوى الكتاب المقدس ووحدته، التقليد الحي للكنيسة جمعاء، وأخيراً الاهتمام بمبدأ الإيمان. "فقط في حال وجود المستويين المنهجيين، المستوى التاريخي والنقدي من جهة والمستوى اللاهوتي من جهة أخرى، نستطيع التحدث عن تفسير لاهوتي، تفسير مناسب لهذا الكتاب" (بندكتس السادس عشر، 14 أكتوبر 2008).

المقترح السادس والعشرون

توسيع آفاق الدراسة التفسيرية الحالية

لا شيء يساوي الثمار التي ينتجها استخدام البحث التاريخي النقدي المعاصر. في الوقت عينه، لا يمكننا التدقيق في الدراسات التفسيرية الحالية من غير النظر ملياً إلى المصاعب أيضاً. فالتفسير الأكاديمي الحالي، والكاثوليكي أيضاً، يعمل على مستوى عالٍ في موضوع المنهجية التاريخية النقدية، بما في ذلك الأجزاء التي أضيفت إليها مؤخراً (اللجنة الحبرية البيبلية، تفسير الكتاب المقدس في الكنيسة)، ولكن لا يسعنا قول ذلك عن دراسة البعد اللاهوتي في نصوص الكتاب المقدس لأنه ومع الأسف كثيراً ما يكون هذا البعد المشار إليه من خلال العناصر الثلاثة في الدستور العقائدي كلمة الله 12، شبه غائب.

والنتجة الأولى التي تتأتى من هذا الغياب هي أن الكتاب المقدس يصبح لقراء اليوم مجرد كتاب من الماضي غير قادر بعد الآن على التكلم مع عالمنا الحالي. في هذه الحالة، يكاد التفسير البيبلي يصبح تأريخاً صرفاً وتاريخ الأدب.

أما النتيجة الثانية التي ربما تكون الأخطر، فهي تلاشي تفسير الإيمان المشار إليه في "كلمة الله". فالتفسير الوضعي والعلماني الذي ينكر إمكانية وجود الله والوصول إلى الله في تاريخ الإنسان، يميل إذاً إلى الحلول مكان التفسير المفعم بالإيمان.

إن الآباء السينودسيين يوجهون خالص الشكر إلى المفسرين واللاهوتيين الذين قدموا المساعدة الأساسية وما يزالون يقدمونها في اكتشاف المعنى العميق للكتاب المقدس، ولكنهم يدعون الجميع إلى الالتزام أكثر للتوصل إلى المستوى اللاهوتي للتفسير البيبلي بمزيد من القوة والوضوح.

بغية النجاح فعلاً في تنمية هذه المحبة للكتاب المقدس، كما يرجو المجمع، لا بد من تطبيق المبادئ المشار إليها بشمول ووضوح في "كلمة الله" بعناية أكبر.

المقترح السابع والعشرون

تذليل الازدواجية بين التفسير واللاهوت

من أجل حياة الكنيسة ورسالتها، ومن أجل مصير الإيمان وسط الثقافات المعاصرة، لا بد من تذليل الازدواجية بين التفسير واللاهوت. ومع الأسف كثيراً ما يتم الفصل بين التفسير واللاهوت بطريقة عقيمة حتى على أعلى المستويات الأكاديمية.

من هنا، ينشأ الشك والضعف اللذان يميزان مسار الإعداد الفكري، بخاصة لدى بعض المرشحين المستقبليين في الخدمات الكنسية. فاللاهوت البيبلي واللاهوت المنهجي ليسا سوى بُعدين لهذه الحقيقة الواحدة التي نطلق عليها اسم اللاهوت.

لذا وبكل احترام يوجه الآباء السينودسيون الدعوة إلى اللاهوتيين والمفسرين معاً إلى تعاون أكثر وضوحاً وتناغماً، لئلا يحرموا اللاهوت المعاصر من قدرة الكتاب المقدس، ويقلصوا دراسة الكتاب المقدس إلى مجرد الإعلان عن البعد التاريخي للنصوص الموحاة. "عندما لا يكون التفسير لاهوتاً، لا يستطيع الكتاب المقدس أن يكون روح اللاهوت، والعكس بالعكس، عندما لا يكون اللاهوت بشكل أساسي تفسيراً للكتاب المقدس في الكنيسة، يفقد هذا اللاهوت حقيقته" (بندكتس السادس عشر، 14 أكتوبر 2008).

المقترح الثامن والعشرون

الحوار بين المفسرين واللاهوتيين والرعاة

نطلب إلى المؤتمرات الأسقفية تشجيع لقاءات منتظمة بين الرعاة واللاهوتيين والمفسرين من أجل تعزيز اتحاد أكبر في خدمة كلمة الله. كما يرجو الآباء السينودسيون أن يتمكن المفسرون واللاهوتيون دوماً من مشاركة ثمار علمهم بطريقة أفضل من أجل تنمية الإيمان وتنوير شعب الله، محافظين دوماً على الأبعاد التي تميز التفسير الكاثوليكي للكتاب المقدس (اللجنة الحبرية البيبلية، تفسير الكتاب المقدس في الكنيسة III).

المقترح التاسع والعشرون

الصعوبة في قراءة العهد القديم

تبرز أحياناً صعوبات معينة في قراءة العهد القديم بسبب النصوص التي تتضمن عناصر عنف وظلم وفسق صادرة عن شخصيات بيبلية هامة ولكن غير مثالية تماماً.

لذا، لا بد من إعداد المؤمنين على قراءة هذه الصفحات إعداداً مناسباً يسمح بقراءة النصوص في سياقها التاريخي والأدبي لتشجيع القراءة المسيحية. والمفتاح التفسيري الأساسي في هذه القراءة المسيحية هو الإنجيل ووصية يسوع المسيح الجديدة التي تحققت في السر الفصحي. بناءً عليه، نوصي بعدم إهمال قراءة العهد القديم الذي يؤدي على الرغم من بعض الصعوبات، دوراً أساسياً في فهم تاريخ الخلاص بالكامل (كلمة الله 15).

المقترح الثلاثون

الراعوية البيبلية

يدعو الدستور العقائدي "كلمة الله" إلى جعل كلمة الله ليس فقط روح اللاهوت، بل أيضاً روح كل الراعوية، وحياة الكنيسة ورسالتها (كلمة الله 24). ينبغي على الأساقفة أن يكونوا أول رعاة هذه الديناميكية في أبرشياتهم. لأنه من أجل إعلان الكلمة، وإعلانها بطريقة معقولة، يجب على الأسقف أن يتغذى هو أولاً من كلمة الله ليدعم خدمته الأسقفية ويغنيها. هذا ويوصي السينودس بتكثيف "الراعوية البيبلية" ليس من خلال إضافتها إلى أشكال أخرى من الراعوية بل تكثيفها كنشاط بيبلي لجميع الراعوية.

يشارك جميع المعمدين في رسالة الكنيسة تحت إشراف الرعاة. هنا، يعبر الآباء السينودسيون عن تقديرهم العميق، وشكرهم، وتشجيعهم لخدمة التبشير بالإنجيل التي يقدمها الكثير من العلمانيين، وبخاصة النساء منهم، بسخاء والتزام في الجماعات المشتتة حول العالم، على مثال مريم المجدلية، الشاهدة الأولى على فرح الفصح.

ترجمة وكالة زينيت العالمية  (Zenit.org)