هل يستطيع المسيحي العادي أن يعيش حياة صلاة منتظمة؟

 

مقترحات من الكرادينال الراحل جان ماري لوستيجيه

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الثلاثاء 2 ديسمبر 2008 (Zenit.org).

يقدم نص مخطوط لرئيس أساقفة باريس الذي رقد بالرب العام الفائت نصائح عملية لصلاة المؤمنين في تواتر الواجبات اليومية التي تميز حياة العلماني في زمننا الحالي.

يتساءل الكاردينال – بحسب المختارات التي أوردتها جريدة "أفينيري" التابعة لمجلس الأساقفة الإيطاليين – عما إذا كان ممكنًا أن يصلي المؤمن خلال النهار. ويقول أن تقليد الكنيسة ينصح بالصلاة سبع مرات في اليوم، والداعي الأول لذلك هو أن شعب إسرائيل كان يقدم وقته للرب في سبع صلوات يومية، في أوقات محددة، في الهيكل أو على الأقل عبر التوجه نحو الهيكل: ويقول صاحب المزامير: "أسبحك سبع مرات في اليوم" (مز 118، 164).

والداعي الثاني هو أن المسيح بالذات صلى بهذا الشكل، أمينًا لإيمان شعب الله. والداعي الثالث هو أن تلاميذ المسيح ورسله صلوا بهذا الشكل. ففي كتاب أعمال الرسل (فصل 3) نرى بطرس ويوحنا يرتادان الهيكل للصلاة. ويذكر لوقا أن المسيحيين الأولين "كانوا مواظبين على الصلاة" (راجع رسل 2، 42؛ 10، 3 – 4: كورنيليوس ورؤيته). وتابعت الجماعات المسيحية هذه الممارسة وتمسك بها التقليد الرهباني.

هذا وفي أيامنا هذه – يتابع المخطوط – يصلي الرهبان والراهبات والكهنة ما يعرف بـ "صلاة الساعات" أو "صلاة الفرض". واسم هذه الصلاة يشرح فحواها فهي: "فرض"، أي "واجب"، "مهمة" و "رسالة" صلاة. ويشكل الفرض وقفة لتلاوة المزامير، لتأمل كلمة الله في الكتاب المقدس، للشفاعة من أجل حاجات البشرية، ولحمد الله وتسبيحه.

والكنيسة تدعو المسيحي إلى إدخال إيقاع الصلاة في يومياته عبر تلاوة وتكرار الصلوات بإيمان ورجاء ومحبة.

 نصائح عملية

ويقدم الكاردينال نصائح عملية للصلاة فيقول: "قبل أن تعرف إن كان من الأفضل الصلاة مرتين، أو ثلاث، أو أربع، أو خمس، أو ست، أو سبع مرات، أقدم نصيحة عملية: اربطوا الصلاة بوقفات ثابتة، بنقاط توقف ضرورية تمنح الإيقاع لأيامكم".

ويقدم لوستيجيه أمثلة عملية، فيتحدث إلى الذين يزاولون عملاً ويتبعون أوقات ثابتة، ناصحًا إِياهم باغتنام أوقات الانتقال من البيت إلى العمل رابطين التنقل بالصلاة… وحاضًا إياهم على الاستفادة من الوقت الذي يقضونه في مترو الأنفاق، أو ماشين على الطريق أو في السيارة، ذهابًا وإيابًا.

والمثل الثاني يتوجه إلى الأمهات اللواتي يبقين في البيت. فيدعوهن إلى اغتنام فرصة الذهاب إلى جلب الأطفال من المدرسة أو التبضع.

"اذهبوا وابحثوا في يومكم عن أوقات ثابتة بعض الشيء تتوقفون فيها عن التزاماتكم وانشغالاتكم، لحظات يتغير فيها وقع حياتهم: بدء أو ختام العمل، الغذاء، أوقات التنقلات… اربطوا هذه الأوقات بقرار الصلاة، حتى ولو للحظات يسيرة، الوقت الكافي لرفع نظركم إلى الله".

"ارغموا أنفسكم، مهما كلف الأمر، على تكريس ولو 30 ثانية أو دقيقة، لمنح وجهة جديدة لمشاغلكم تحت نظر الله. بهذا الشكل ستجتاح الصلاة كل وجودكم".

"لعلكم عندما تذهبون إلى العمل تتذمرون من زملائكم، ومن المصاعب التي تلاقونها في المكتب الذي تعملون فيه مع آخرين؛ فالشخصيات تتضارب عندما يكون اللقاء وتيرًا ويوميًا. اطلبوا إلى الله سلفًا: ‘يا رب، ساعدني لكي أعيش علاقاتي اليومية في المحبة الحقة. اسمح لي أن أكتشف متطلبات الحب الأخوي على ضوء آلام المسيح الذي سيساعدني على القيام بالجهد المطلوب‘".

ولمن يعمل في مركز تجاري كبير، يدعو الكاردينال إلى الصلاة من أجل مئات الأشخاص الذين يلتقي بهم المؤمن يوميًا: "يا رب، أصلي لك من أجل كل الأشخاص الذين ألتقي بهم اليوم، ساعدني لكي أبتسم لهم، حتى عندما يعاملوني كما لو كنت آلة حاسبة".

خلاصة القول يدعو لوستيجيه إلى اغتنام كل الفرص اليومية للقاء بالرب ولعيش لحظة حرية داخلية في حضرة الله.

ويتابع متسائلاً: "هل يمكننا أن نصلي في مترو الأنفاق أو في باصات الدولة؟" ويجيب: "أنا قمت بذلك. وقد استعملت طرقًا مختلفة تبعًا لأوقات حياتي وللظروف. وفي بعض الأحيان كنت أسدّ أذني للحصول على القليل من الصمت داخلي، لأن الضجيج كان يرهقني. وكنت أصلي بهذا الشكل دون أن أغيب عمن هم حولي".

ويشرح الكاردينال بأن الصمت الخارجي كان يمكّنه أن يكون أكثر أهلية للتقبل الداخلي. وأضاف أنه في أوقات أخرى كان يعيش الخبرة المعاكسة، وبالتالي على كل شخص أن يجد أسلوبه، ولكن المهم "ألا نعتبر قط أن الصلاة غير ممكنة".

هذا ويدعو رئيس أساقفة باريس الراحل إلى الدخول إلى كنيسة عندما تسنح الفرصة للقيام بزيارة للقربان الأقدس، ولو لبعض الثواني شكرًا لله لحضور المسيح في سر الافخارستيا لأجلنا، ثم بعد ذلك، النهوض ومتابعة المسيرة اليومية.