ندوة الانتخابات ولبنان الغد

معرض الاعلام المسيحي حول "وسائل الاعلام وحوار الأديان" في يومه السابع

بقلم منى طوق رحمة

أنطلياس، الخميس 4 ديسمبر 2008 (Zenit.org).

تابع معرض الاعلام المسيحي السابع نشاطاته المتنوعة لليوم السابع على التوالي الذي ينظمه الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة – لبنان حول " وسائل الاعلام وحوار الأديان " في دير مار الياس انطلياس . اذ خُصصت فترة ما قبل الظهر لنشاطات المدارس، وعرض فيلم بعنوان " ربيع لبنان بين الخيال والواقع " للأستاذ روبير عيد وآخر بعنوان " بس… بتستاهل" من انتاج جامعة سيدة اللويزة .

ومساء عقدت ندوة بعنوان "الانتخابات ولبنان الغد" التي نظمها الاتحاد و"لقاء الاثنين" – كسروان ومؤسسات الامام موسى الصدر ونادي عاليه وجمعية المقاصد الخيرية الاسلامية والمجلس الثقافي في بلاد جبيل ، حاضر فيها كل من النائبين بهيج طبارة وغسان مخيبر ،الدكتور رائد شرف الدين ونقيب المحامين السابق المحامي رشيد درباس . أدارها الدكتور سهيل مطر الذي رحبً بالمشاركين وانتقد القوانين الانتخابية منذ العام 1920  لأنها وضعت على مقاسات خاصة ولمصالح شخصية . وطرح جملة من الأسئلة : هل ننتخب ام نصوّت ؟ أين هم المرشحون الذين يتطلعون الى بناء الدولة؟ أين برامجهم ؟ أين هم الناخبون الذين لا يقيمون وزناً الا لبناء هذا الدولة ؟ 

 طبارة

وألقى النائب طبارة مداخلة أكد فيها : "ان الديمقراطية المباشرة تصطدم لدى التطبيق بعقبات عديدة مردها الى اتساع الدول وازدياد عدد السكان وتشعب المشاكل هذا فضلاً عما تفترضه في المواطن من وعي ونضج سياسيين يصعب توفرهما في شعوب أرقى الدول" . ورأى ان " فساد الانتخاب في النظام الديمقراطي لأي سبب كان يُفسد النظام من أساسه اذ تصبح الديمقراطية نصاً مكتوباً لا واقعاً يعيشه الشعب بمجموعه وتصبح اسماً غير مسمى فلا يعود الشعب يتعرف الى ارادته من خلال ارادة حكامه . وان الخطر عندئذ هو في ان تتلاشى ثقة الشعب بمؤسساته فينصرف عنها ويتجه نحو العمل خارج نطاق الأجهزة الشرعية واحياناً ضدها وينشأ في نفسه مثل الرجاء بأن تتجسد أمانيه ومطالبه على غير الطرق الديمقراطية المشروعة".

وسأل : أي قانون انتخابي نطمح اليه في لبنان؟ مؤكداً " اننا بحاجة الى قانون انتخابي يجمع بين اللبنانيين ولا يفرقهم ويسمح بأوسع مشاركة في العملية الانتخابية لا سيما باتجاه الشباب بحيث تتجدد القيادات السياسية ويتم تداول السلطة بطريقة سليمة ،  ويحث على قيام أحزاب وتكتلات تتجاوز الواقع الطائفي توصلاً الى ترسيخ فكرة العيش المشترك "، مبدياً أسفه بأن قانون الانتخاب كما أُقر في مجلس النواب " فيما خلا الانفاق والاعلام الانتخابيين ما زال بعيداً عن الاصلاحات المنشودة التي كان يتوقعها اللبنانيون" . وخشي من ألا يؤدي هذا القانون والانتخابات التي سوف تجري على أساسه " الى الأطلال على لبنان الغد الذي يتشوق اليه اللبنانيون وتتطلع اليه عيون الأجيال الصاعدة. الا ان ذلك لا ينبغي ان يقودنا الى الاحباط بل ان يزيدنا عزماً واصراراً على تطوير حياتنا السياسية وازالة ما يعتريها من عيوب وشوائب على ان نواكب هذا التطور بعقلنا وعاطفتنا وعزمنا وطموحنا لكي تتحرك مؤسساتنا بالروح التي يزداد في ظلها اطمئنان الوطن الى حاضره وغده وتصبح مؤسساتنا على قدر طموح أبناء الوطن الواحد " . وتطرق الى بعض النقاط التي لم تتحقق بعد على صعيد الانتخابات مثل خفض سن الاقتراع وحق الانتخاب للعسكريين وتمكين اللبنانيين المسجلين على قوائم الناخبين والمقيمين في الخارج واعتماد النسبية … الى ما هنالك من نقاط لا تزال على بساط البحث .

 مخيبر

وعرض النائب مخيبر ما تحقق على صعيد قانون الانتخاب وما لم يتحقق . وقال :" ما تحقق هو: تصغير الدائرة مع النظام الأكثري الى حد القضاء ، اقرار قانون للانتخابات قبل 8 أشهر من الاستحقاق ، وزير داخلية حيادي ومن غير المرشحين ، هيئة شبه مستقلة للاشراف على الحملة الانتخابية ( التمويل والدعاية الانتخابية ) ، تنظيم جديد لتمويل الحملات ومصاريفها ، تنظيم جديد للاعلام والاعلان الانتخابيين ، تكريس حق هيئات المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات وتنظيم ذلك ، اجراء الانتخابات في يوم واحد في جميع الدوائر ، اقرار آلية لتسجيل واقتراع اللبنانيين غير المقيميين على الأراضي اللبنانية ، اعتماد بطاقة الهوية ، وبعض التصحيح في مواد تضمنت غموضاً في السابق مثل صلاحيات لجان القيد العليا . أما ما لم يتحقق فهو : اعتماد النسبية في الانتخابات وان في جزء من المقاعد ، نوع من انواع الكوتا النسائية ، مجلس وزراء من غير المرشحين ، حق الانتخاب للعسكريين ، خفض سن الاقتراع ، هيئة مستقلة لادارة الانتخابات ، رفع السرية المصرفية بالكامل عن حسابات المرشحين ، عدم اعتماد آلية تسمح بالانتخاب في مكان السكن او بالقرب منه ، تأجيل انتخاب اللبنانيين في الخارج الى الانتخابات المقبلة 2013 ، اعتماد بطاقة هوية ذكية تتضمن معلومات تسهل عملية الانتخابات خاصة خارج مكان القيد  وورقة الانتخاب المطبوعة سلفاً والمكننة في الفرز …" .

 شرف الدين

ورأى شرف الدين في مداخلته بعنوان "بناء المجتمع المدني في بلد الطوائف" ان " فئة الشباب أخفقت في انتاج قيادتها او في تعديل القانون الانتخابي لمصلحة اشراكهم في عملية الاقتراع . ولم يثبت النساء تبنيهن لخيارات مغايرة او سلوكهن سياسياً بما يثبت فعلاً أنهن مجموعة متمايزة بخياراتها وتطلعلتها ، وان باستطاعتهن الضغط لتبني سياسيات تظهر أدوارهن واسهامهن في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية كما في الشأن العام "، ولفت الى ان المنظمات غير الحكومية على غزارتها "فانها عجزت عن كسر الطوق الطائفي في تركيبتها وجمهورها وفي ترجمة مضامين رسالتها المجتمعية الى برامج للمناطق والطوائف واجراءات ادارية وتنظيمية تعزز الديمقراطية والمشاركة "، وأوصى بعدد من النقاط التي تسهم ببناء لبنان الغد ألا وهي :

–    على منظمات المجتمع المدني ان تغذي احساسها المدني وشعورها بالمواطنية من خلال المخاض العسير الناجم عن سعيها خلف مواردها وعن حاجتها الى التعاون والتفاعل لمواجهة التحديات .

–    ان تتحول هذه المنظمات الى مختبرات مستديمة لتعليم القيم والمفاهيم والأدوات الديمقراطية لنشرها وتجذيرها وصولاً الى ثقافة الديمقراطية .

–    تهدف المبادرات الميدانية والمؤثرة كمثل تنظيم هذه الندوة الى توسيع مساحة المشترك بين مكونات المجتمع اللبناني ، والتجسير بين هذه المكونات مع تركيز خاص على الشباب صنّاع الغد ، والمأمول ان تتوسع رقعة هذه المبادرات ويتعمق تأثيرها .

–    التحول نحو الديمقراطية الصحيحة الشاملة عملية طويلة ومعقدة ومتداخلة ، فالى الحرية هناك بُعد الطمأنينة . الطمأنينة على العمل والدخل والصحة والأمن وفرص تحقيق الذات ، وهي شروط تنموية تتصل مباشرة بكرامة الانسان ومتلازمة مع الحريات السياسية والمدنية، اذ لا معنى للحرية بدون الاحساس بالطمأنينة ، والدعوة ملحة الى نحت سياسات اجتماعية واقتصادية متكاملة تحفظ حق الانسان في الأمن الغذائي والصحي والوظيفي وتزرع قيم المشاركة والحوار والالتزام " .

وشرح باسهاب صورة لبنان التي يحلم بها اللبنانيون ، وعرض مكامن الضعف والقصور في التجارب الانتخابية التي تدفع في الوقت الراهن الى استبعادها من دائرة الحلول ، مشدداً على ان المرتجى هو صورة لبنان ومضمون العلاقة بين المواطنين وممثليهم ، وتتجلى المشكلة في قانون الانتخابات والممارسات السائدة . أما الوسيلة او الآلية لتجاوز المشكلة نحو الحل ، فهي عبر مؤسسات المجتمع المدني وما يطوره من علاقات مع جمهوره بحيث تفضي في نهايات المطاف الى تنشئة المواطن الحر المسؤول" .

 درباس

وأكد النقيب درباس ان ما هو جدير بالاهتمام اليوم هو " ان نبذل الطاقات ونأخذ الاحتياطات في هذه المرحلة الحرجة لأن الطريق الى حدوث العملية الانتخابية قد يكون أشد خطراً من العملية ذاتها او من النتائج التي ستتمخض عنها " ، مطالباً بألا " ندع البروبغندا التي تحاول دفع الخلاف السياسي الى شفير الانقسام الكياني الذي لا عودة عنه أن تحقق غرضها " ، مذكراً ببعض مواقف رجال السلطة حيال هذا الموضوع ، مؤكداً ان هذه " المواقف السياسية عرض يتحرك ، اما فكرة الدولة بما هي شعب وحدود فشكل ثابت وجوهر لا يطيح به العرض ".

ولفت الى ان " هذه الدولة هي أقوى من رجالها ومجتمعها لأنها بقيت عصية على الاندثار او الذوبان رغم الحروب الأهلية".

 ووجه الى المسيحيين وقادتهم بعض الاشارات لثقب جدار المجاملة والنفاذ الى البحث في الجوهر ، واصفاً اياهم بالطائفة المؤسسة طالباً منهم "عدم التخلي عن هذا الدور من التاريخ الى المستقبل" ، كما لا " تجديكم الدعوة الى الانكفاء لأنه سيكون انكفاءً الى حيز ضيق ولن يصبح ملاذاً آمناً بل موئلاً ومرتعاً لشقاق دموي لا ينتهي ". وقال :" اذا لم تقم النخب المسيحية بمهمة الناظم للعلاقة بين الطوائف اللبنانية ولم تكن الوسادة اللينة الممتصة لاصطداماتها فان تلك الطوائف ستبحث فيما بينها عن الوسائل التي تنظم خلافاتنا وهذا ما بدأت بوادره تظهر ، فيما تحتدم الخلافات المسيحية الى ذرى كلامية وأمنية قد تنذر بشر مستطير "، وطالب مسيحيي لبنان "بأن يتحدوا حتى لا يُفسد الملح  وليبقَ لبنان منارة للثقافة والتعايش والتسامح الواسع ". وأضاف : " اذا صح ان الطائفتين الاسلاميتين المختلفتين قد ذهبتا بعيداً في الولاء للخارج والتمحور بين قطبين اقليميين متصارعين ، فلا يجوز لكم ان تنقسموا فيما بينكم بصورة التحاقية ، فهذا لن يفيد الحليف ولا يعود عليكم الا بمزيد من التهميش".  

هذا ويتابع المعرض نشاطانه غد الجمعة ويتضمن : عرض أفلام لمؤسسات اعلامية وثقافية وتربوية، "تقنية الصلاة" من تنظيم جماعة الصلاة والرسالة ، عرض فيلم "مريم أم الكرمل" من انتاج المؤسسة اللبنانية للارسال ، ندوة حول كتاب " السلطة الكنسية وظهورات العذراء في مديغوريه" للمحامي أديب زخور ، يشارك فيها رئيس غرفة الاستئناف في المحكمة الروحية المارونية الأب القاضي الياس سليمان ، الأب القاضي مارون نصر والأستاذ المحامي حسين جابر،فتوقيع الكتاب . ثم لقاء صلاة بعنوان " الأخويات تصلي من أجل الحوار بين الأديان " وقداس الهي يترأسه المطران شكرالله نبيل الحاج ، توقيع CD للأستاذ جان عون من منشورات طريق المحبة ، لقاء حول " مريم المؤمنة ومثال المؤمنين " ينظمه الاتحاد ومؤسسة أديان ويشارك فيه المحاضرتان رندى أبي عاد ونائلا طبارة وآخر تنظمه جمعية درب مريم حول " معاً على درب مريم" ، ولقاء بعنوان " الاحتفال معاً بعيد البشارة" يتخلله تكريم الشيخ محمد النقري ويختتم بترانيم مريمية تنشدها جومانا مدوّر .