خطاب البابا للسفراء الجدد

المعتمدين لدى الكرسي الرسولي ومن بينهم سفيرا البحرين وتونس: السفير هو صانع السلام

الفاتيكان ، الثلاثاء 16 ديسمبر 2008 عن إذاعة الفاتيكان

استقبل البابا بندكتس السادس صباح اليوم الخميس في قاعة كليمنتينا بالقصر الرسولي في الفاتيكان أحد عشر سفيرا جديدا قدموا أوراق اعتمادهم ومن بينهم سفيرا مملكة البحرين وجمهورية تونس ووجه إليهم كلمة حيا من خلالهم رؤساءهم وحكامهم وشعوبهم كما سطر فيها سموّ مهمة كل سفير على أنه صانع وبنّاء السلام.

تحدث الأب الأقدس على تنوع البلدان التي يتحدر منها السفراء الجدد فقال إن هذا التنوع مصدر حمد وشكر لله على عطاياه الوافرة التي تسمح بتقريب المسافات بين الثقافات والأعراق، مشيرا إلى أن أنماطا سياسية اقتصادية سعت إلى دمج هذا التنوع والاختلاف بالغوغائية والعنف فاستعبدت الإنسان ورهنت حريته وكرامته خدمة لأيديولوجية واحدة واقتصاد غير إنساني ومزيّف علميا. وأمل أن ينمّي كل شعب ثقافته ويثريها لخير الجميع ويتطهر من كل "شياطينه" ويتحكم فيها ويطردها ويحولها إلى قيم إيجابية تبدع تناغما وازدهارا وسلاما.

ولفت الحبر الأعظم إلى مهمة السفير السامية وهي السعي إلى السلام وتعزيزه مذكرا بما قاله السيد المسيح في إنجيل متى: "طوبى لفاعلي السلام فإنهم أبناء الله يُدعَون" (متى 5/9). وقال إن السفير يستطيع ويجب أن يكون بنّاء للسلام، لأن فاعل السلام ليس الشخص ذا الطبع الهادئ زراع الصلح بين الناس، إنما هو من يكرس نفسه للسلام ويلتزم عمليا لبنائه حتى بذل الذات.

وشدد بندكتس على أن السلام لا يعني الحالة السياسية المستقرة أو العسكرية غير المتنازعة بل تشمل جملة الشروط التي تكفل الصلح والاتفاق بين الكل وتفتح الشخصي لكل فرد، مضيفا أن السلام قد شاءه الله وعرضه على الإنسان هبة وعطية. وحين يدعو المسيح صانع السلام إبنا لله يعني بذلك أنه يشترك ويجهد بطريقة واعية أو عكس ذلك في عمل الله ويؤمن الشروط الضرورية لقبول السلام من العلى. وقال للسفراء الجدد إن "رسالتكم سامية ونبيلة وتتطلب بذل طاقاتكم كلها لبلوغ المثال الأعلى الذي يشرّف شخصكم وحكامكم ودولكم".

وسطر الأب الأقدس أنه لا سلاما حقيقيا من دون إرساء العدالة وأن ظمأ عالم اليوم يزداد أكثر فأكثر للسلام والعدالة، مشيرا إلى المذكرة التي نشرها الكرسي الرسولي عقب ختام مؤتمر الدوحة الأيام القليلة الماضية حول الأزمة المالية وتبعاتها على المجتمع والأفراد. وقال إنها نقاط تفكير هادفة لتعزيز الحوار من أوجه أدبية مختلفة يجب أن تسود العلاقات بين الاقتصاد والنمو، ولتحفيز الحكومات والعاملين الاقتصاديين على البحث عن حلول مستدامة وتضامنية لخير الجميع.

وسلط البابا الضوء على أن العدالة لا تتشح بثوب اجتماعي أو أدبي فقط كما أنها لا تشير إلى ما هو متساوٍ ومطابق للقانون، بل هي انعكاس لما هو مستقيم لأن عدل الله يتجلى في الاستقامة. وأهاب بالسفراء كي يجندوا طاقاتهم كلها لتقويم ما هو معوج كي تحيا بلادهم بسلام ليس فقط مع باقي الدول بل بحسب العدالة المتجلية في التساوي والتضامن في العلاقات الدولية، وليتمكن مواطنوهم المتنعمون بالسلام الاجتماعي أن يحيوا معتقداتهم ويبلغوا عدل واستقامة الله.

تجدر الإشارة إلى عدد الكاثوليك في مملكة البحرين يبلغ 38 ألفا ويشكلون 5.2 بالمائة من مجموع السكان فيما يبلغ عدد الكاثوليك في جمهورية تونس 20 ألفا أي بنسبة 0.2 بالمائة من مجموع السكان وعددهم 10 ملايين و30 ألف نسمة.

السفراء الجدد المعتمدون لدى الكرسي يمثلون إحدى عشرة دولة وهي ملاوي، السويد، سيراليون، إيسلندا، دوقية لوكسمبورغ، مدغشقر، بيليزي، الجمهورية التونسية، كازاخستان، جزر فيدجي ومملكة البحرين.

غداً الجمعة ستنشر وكالة زينيت النص الكامل لرسالتي البابا الى كل من سفير تونس وسفير البحرين