الكلمة السنوية للبابا أمام الهيئة الدبلوماسية المعتمدة لدى الكرسي الرسولي

روما، الجمعة 9 يناير 2009 (Zenit.org).

 ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها البابا خلال استقبال أعضاء الهيئة الدبلوماسية المعتمدة لدى الكرسي الرسولي في الفاتيكان.

***

أصحاب السيادة،

سيداتي وسادتي،

إن سر تجسد الكلمة الذي نعيشه كل سنة خلال عيد الميلاد يدعونا إلى التفكير بالأحداث التي تطبع مجرى التاريخ. وتحديداً على ضوء هذا السر المفعم بالرجاء، يندرج لقائي التقليدي معكم أيها الأعضاء الأجلاء في الهيئة الدبلوماسية المعتمدة لدى الكرسي الرسولي، هذا اللقاء الذي يعد في مطلع هذه السنة الجديدة فرصة مناسبة لنا لتبادل التمنيات الصادقة. أتوجه بالشكر أولاً إلى سعادة السفير أليخاندرو بياداريس لانسا على التمنيات الطيبة التي أعرب عنها للمرة الأولى بصفته عميداً للهيئة الدبلوماسية. إنني أشمل بتحياتي المحترمة كلاً منكم ومن عائلاتكم ومعاونيكم، كما أحيي من خلالكم الشعوب والحكومات في البلدان التي تمثلونها. وأسأل الله أن يمنحكم جميعاً سنة غنية بالعدالة والطمأنينة والسلام.

في فجر سنة 2009، أفكر أولاً وبكل محبة بجميع المتألمين بسبب الكوارث الطبيعية الخطيرة التي وقعت بخاصة في فييتنام وبيرمانيا والصين والفيليبين، في أميركا الوسطى ومناطق الكاريبي، في كولومبيا والبرازيل، أو بسبب الصراعات الوطنية أو الإقليمية الدامية، أو أيضاً بسبب الاعتداءات الإرهابية التي بثت الموت والدمار في بلدان عديدة مثل أفغانستان، الهند، باكستان، والجزائر. على الرغم من الجهود الكثيرة التي تبذل في هذا المجال إلا أن السلام المرام ما يزال بعيد المنال! أمام هذا الإقرار، ينبغي علينا ألا نفقد العزم أو نخفف الالتزام من اجل ثقافة سلام حقيقية، لا بل ينبغي علينا على العكس أن نضاعف الجهود في سبيل الأمن والتنمية. في هذا الصدد، حرص الكرسي الرسولي على أن يكون من بين أول الموقعين والمصادقين على "الاتفاقية حول الذخائر العنقودية"، الوثيقة الهادفة إلى تعزيز حقوق الإنسان العالمية. من جهة أخرى، ومن خلال الملاحظة الدقيقة لعوارض الأزمة التي تتجلى في مجال نزع السلاح ووقف التخصيب النووي، لا يتوانى الكرسي الرسولي عن التذكير بأنه من المستحيل بناء السلام عندما تختلس النفقات العسكرية موارد بشرية ومادية كبيرة من مشاريع التنمية ومنها بخاصة تنمية الشعوب الأكثر فقراً.

إلى الفقراء الكثر حول العالم أود أن أوجه اهتمامي اليوم، بعد الرسالة من أجل يوم السلام العالمي التي خصصتها هذه السنة لموضوع "مكافحة الفقر، وبناء السلام". إن الكلمات التي التزم التفكير بها البابا بولس السادس في الرسالة العامة "تنمية الشعوب" لم تفقد شيئاً من أهميتها: "التخلص من البؤس، إيجاد لقمة العيش، والصحة، والعمل الثابت؛ المشاركة أكثر في المسؤوليات، خارج كافة أشكال القمع، بعيداً عن الظروف التي تنتهك كرامتهم الإنسانية؛ التثقف أي المعرفة والاطلاع على المزيد في سبيل منح المزيد: هذه هي الأمنية التي يتوق إليها البشر اليوم، في حين أن عدداً كبيراً منهم محكوم عليه العيش في ظروف تجعل هذه الأمنية الشرعية فكرة وهمية" (رقم 6). في سبيل بناء السلام، لا بد من منح الأمل للفقراء. وكيف لنا ألا نفكر بالأعداد الكبيرة من الأشخاص والعائلات المعانية من المصاعب والتقلبات التي سببتها الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة على المستوى العالمي؟ وكيف لا نذكر الأزمة الغذائية والاحتباس الحراري اللذين يصعبان أكثر حصول سكان المناطق الأكثر فقراً في العالم على الغذاء والماء؟ لذا من الآن فصاعداً، من المهم جداً اعتماد استراتيجية فعالة لمكافحة الجوع وتسهيل التنمية الزراعية المحلية، لا سيما وأن عدد الفقراء يزداد حتى داخل البلدان الغنية. في هذا السياق، يسرني ما جاء في مؤتمر الدوحة الأخير حول تمويل التنمية من تحديد معايير مفيدة لتوجيه إدارة النظام الاقتصادي ومساعدة الأكثر ضعفاً. وفي سبيل نهوض اقتصاد سليم، لا بد من بناء ثقة جديدة. إن بلوغ هذا الهدف لن يتم إلا من خلال استخدام أصول أخلاقية قائمة على الكرامة الإنسانية الفطرية. إنني أعلم أن هذا الأمر يتطلب الكثير من الجهود إلا أنه ليس خيالاً! اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يتعرض مستقبلنا للخطر إلى جانب مصير كوكبنا وسكانه، وبخاصة الأجيال الشابة التي ترث نظاماً اقتصادياً ونسيجاً اجتماعياً معرضين للخطر.

أجل سيداتي وسادتي، إن أردنا مكافحة الفقر، لا بد لنا من التركيز أولاً على الشباب من خلال تربيتهم على مثال أخوة حقيقية. خلال الزيارات الرسولية التي قمت بها السنة الفائتة، سمحت لي الفرصة أن ألتقي العديد من الشباب، بخاصة في الإطار الاستثنائي للاحتفال بيوم الشبيبة العالمي الثالث والعشرين الذي أقيم في سيدني، أستراليا. إن رحلاتي الرسولية، انطلاقاً من زيارتي إلى الولايات المتحدة، سمحت لي أيضاً بقياس حجم توقعات العديد من المجالات الاجتماعية تجاه الكنيسة الكاثوليكية. ففي هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البشرية المطبوع بالتقلبات والتساؤلات، كثيرون ينتظرون من الكنيسة أن تقوم بشجاعة ووضوح برسالتها المبشرة بالإنجيل وبعملها على التنمية الإنسانية. إن كلمتي التي وجههتها في مقر منظمة الامم المتحدة تندرج في هذا السياق: بعد ستين عاماً على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أردت الإشارة إلى أن هذه الوثيقة تقوم على كرامة الإنسان وأن هذه الأخيرة تقوم على الطبيعة المشتركة للجميع التي تسمو فوق مختلف الثقافات. وبعد بضعة أشهر، وخلال زيارة الحج التي قمت بها إلى لورد بمناسبة الذكرى المئة والخمسين لظهورات العذراء مريم على القديسة برناديت، أردت الإشارة إلى أن رسالة الاهتداء والمحبة التي تشع من مغارة ماسابييل ما يزال قائماً كدعوة دائمة إلى بناء وجودنا والعلاقات بين الشعوب على أسس الاحترام والأخوة الحقيقيين، مع الإدراك بأن هذه الأخوة تفترض وجود أب واحد للجميع وهو الله الخالق. فضلاً عن ذلك، فإن المجتمع العلماني السليم لا يجهل البعد الروحي وقيمه، لأن الدين ليس عائقاً، كما كررت خلال رحلتي الرعوية إلى فرنسا، بل إنه على العكس أساس متين لبناء مجتمع أكثر عدلاً وحرية.

إن التمييزات والاعتداءات الخطيرة التي ذهب ضحيتها آلاف المسيحيين العام الماضي تظهر بأن الفقر المادي لا يسيء وحده إلى السلام بل أن الفقر الأخلاقي يسهم أيضاً في ذلك. ففي الواقع أن أعمال العنف هذه متأصلة في الفقر الأخلاقي. من خلال إعادة التأكيد على المساهمة الكبيرة التي يمكن أن تقدمها الديانات في مكافحة الفقر وبناء السلام، وخلال هذا الاجتماع الذي يمثل جميع أمم العالم بطريقة مثالية، أود أن أكرر بأن المسيحية دين حرية وسلام في خدمة خير البشرية. وإلى إخوتنا وأخواتنا ضحايا العنف بخاصة في العراق والهند، أجدد التأكيد على محبتي الأبوية لهم، وأسأل السلطات المدنية والسياسية بإلحاح أن تبذل قصارى جهدها لوقف أعمال التعصب والكيد الممارسة ضد المسيحيين؛ وتسعى إلى إصلاح الأضرار التي وقعت، بخاصة في أماكن العبادة والملكيات؛ وتشجع عبر كافة السبل على احترام جميع الديانات، بحظر كافة أشكال البغض والازدراء. كما أرجو أيضاً ألا تتم إشاعة أفكار مسبقة من التعصب والعداء ضد المسيحيين في عالم الغرب، وذلك فقط لأن صوتهم يسبب الإزعاج في بعض المسائل. كما أرجو من تلاميذ المسيح الذين يواجهون هذه التجارب المماثلة ألا يفقدوا الشجاعة: فإن الشهادة للإنجيل هي دوماً "علامة معارضة" بالنسبة إلى "روح العالم"! إن كانت المحن مضنية، فإن حضور المسيح الدائم هو المعزي القدير. إن إنجيله هو رسالة خلاص للجميع، لذا لا يمكن حصره في دائرة خاصة، بل يجب إعلانه على السطوح إلى أقاصي المسكونة.

وببساطة يرشدنا ميلاد المسيح في مغارة بيت لحم المتواضعة إلى ذكر الوضع في الشرق الأوسط وبخاصة في الأراضي المقدسة حيث نشهد هذه الأيام تجدداً في أعمال العنف يحدث أضراراً ومعاناة كبيرة للشعوب المدنية. هذه الأزمة تعرقل بشكل أكبر التوصل إلى إيجاد حل للصراع القائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حل يطمح إليه الكثير منهم والعالم أجمع. أكرر مرة أخرى بأن الخيار العسكري ليس حلاً، وبأن العنف يجب أن يُدان بشدة بكافة مصادره وأشكاله. من خلال التزام الأسرة الدولية، أرجو أن يتم وضع الهدنة مجدداً موضع التنفيذ في قطاع غزة – الأمر الذي لا غنى عنه في سبيل إعادة منح السكان ظروف حياة مقبولة -، وتتم المباشرة بمفاوضات السلام مجدداً من خلال نبذ البغض والتحريض واستخدام السلاح. وبمناسبة الاستحقاقات الانتخابية الأساسية التي تهم العديد من سكان المنطقة في الأشهر المقبلة، من المهم جداً أن يبرز حكام قادرون على دفع هذه العملية قدماً وإرشاد شعوبهم نحو المصالحة الضرورية رغم صعوبتها. لن يتم التوصل إلى هذه المصالحة ما لم يتم اعتماد مقاربة شاملة لمشاكل هذه البلدان، ضمن احترام تطلعات جميع الشعوب المعنية ومصالحها الشرعية. إضافةً إلى العمل على تجديد الجهود لإيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي أتيت على ذكره، لا بد من دعم الحوار بين إسرائيل وسوريا، وتعزيز عملية الالتئام الجارية في المؤسسات في لبنان والتي تصبح أكثر فعالية فتتحقق بروح من الوحدة. إلى أهل العراق الذين سيعود إليهم من جديد الحق الكامل في تقرير مصيرهم، أحثهم بخاصة على طي صفحة الماضي والنظر إلى المستقبل في سبيل بنائه من دون أي تمييز عنصري، قومي أو ديني. أما بالنسبة إلى إيران، فيجب ألا نكل من البحث عن حل محدد بالتفاوض للخلاف حول البرنامج النووي، وذلك من خلال آلية تلبي الشروط الشرعية للبلاد والأسرة الدولية. إن نتيجة مماثلة من شأنها أن تدعم الانفراج الإقليمي والعالمي بشكل كبير.

من خلال النظر إلى القارة الآسيوية الكبيرة، ألاحظ بقلق بأن أعمال العنف في بعض البلدان ما تزال دائمة، وأن الوضع السياسي في بلدان أخرى ما يزال متوتراً، إلا أن هناك تطورات تسمح بالتطلع إلى المستقبل بثقة أكبر. وأذكر منها على سبيل المثال استئناف مفاوضات السلام الجديدة في مينداناو، في الفيليبين، والمسار الجديد الذي تأخذه العلاقات بين بكين وتايبيه. في هذا السياق عينه الذي يسعى إلى السلام، لا يمكن أن يكون الحل الحاسم للصراع القائم في سريلانكا إلا حلاً سياسياً أيضاً، كما يجب أن تستمر الاحتياجات الإنسانية لدى الشعوب المعنية في كونها محط اهتمام دائم. إن الجماعات المسيحية التي تعيش في آسيا غالباً ما تكون ضئيلة بأعدادها، إلا أنها تتمنى أن تساهم بشكل ثابت وفعال في الخير العام، وفي الاستقرار وتطور بلادها، بالشهادة لقدرة الله على وضع التدرج السليم للقيم، وإعطاء حرية أكبر من أعمال الظلم. هذا ما أظهره بطريقة مؤثرة تطويب مئة وثمانية وثمانين شهيداً في اليابان. إن الكنيسة وكما ذكرنا سابقاً، لا تطالب بامتيازات بل بتطبيق مبدأ حرية المعتقد في كل أبعاده. لذا، ينبغي في آسيا الوسطى أن تضمن القوانين التشريعية حول الجماعات الدينية، الممارسة الكاملة لهذا الحق ضمن احترام المعايير الدولية.

بعد بضعة أشهر، سوف أفرح بلقاء العديد من الإخوة والأخوات في الإيمان والإنسانية الذين يعيشون في إفريقيا. في انتظار هذه الزيارة التي لطالما رغبت في القيام بها، أسأل الرب أن تكون قلوبهم مستعدة لقبول الإنجيل وعيشه بتماسك، ببناء السلام عبر مكافحة الفقر الأخلاقي والمادي. لا بد من الاهتمام بخاصة بالأطفال إذ أنهم ما يزالون الأكثر ضعفاً بعد مرور عشرين عاماً على اعتماد الاتفاقية حول حقوق الطفل. فهناك العديد من الأطفال الذين يعيشون مأساة اللاجئين والمهجرين في الصومال، في دارفور، وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية. وهنا أتحدث عن هجرة الملايين من الأشخاص المحتاجين إلى مساعدة إنسانية والمحرومين من حقوقهم الأساسية والمجروحي الكرامة. أطالب المسؤولين السياسيين على الصعيد الوطني والعالمي أن يتخذوا جميع التدابير الضرورية من أجل حل الصراعات القائمة ووقف أعمال الظلم الناتجة عنها. أرجو أن يحرز إصلاح الدولة تقدماً كبيراً في الصومال، لكيما تتوقف المعاناة المستمرة لسكان هذه البلاد. كذلك ما يزال الوضع خطيراً في زيمبابوي لذا تبرز الحاجة إلى مساعدات إنسانية ضخمة. أما في بوروندي فقد منحت اتفاقيات السلام وميض أمل في المنطقة. لذا أتمنى أن يتم العمل بها لكيما تصبح مصدر إلهام للبدان الأخرى التي لم تجد بعد درب المصالحة. وكما تعلمون، فإن الكرسي الرسولي يتابع باهتمام خاص أخبار القارة الإفريقية ويشعر بالسعادة بعد أن قام العام الماضي بتوطيد العلاقات الدبلوماسية مع بتسوانا.

في هذه النظرة الشاملة حول العالم أجمع، أود أيضاً التوقف عند أميركا اللاتينية. هنا أيضاً ترغب الشعوب في العيش بسلام، والتحرر من الفقر وممارسة حقوقها الأساسية بحرية. في هذا السياق، أرجو أن تؤخذ احتياجات المهاجرين بالاعتبار من خلال قوانين تشريعية تسهل الالتجمع العائلي وتوفق بين مقتضيات الأمن الشرعية ومقتضيات الاحترام المصون للإنسان. كما أود أن أثني على الالتزام الأولوي الذي صدر عن بعض الحكومات من أجل إعادة الشرعية والشروع في مكافحة تجارة المخدرات والفساد من دون أي تسوية. ويسعدني أنه بعد ثلاثين عاماً على بداية الوساطة الحبرية في النزاع بين الأرجنتين والتشيلي حول المنطقة الجنوبية، تمكنت الدولتان نوعاً ما من ترسيخ إرادة السلام لديهما من خلال تشييد صرح إلى سلفي الموقر البابا يوحنا بولس الثاني. فضلاً عن ذلك، أعرب عن تمنياتي بأن تعمل الاتفاقية الأخيرة التي تم توقيعها بين الكرسي الرسولي والبرازيل على تسهيل الممارسة الحرة لرسالة الكنيسة المبشرة بالإنجيل، وتعزيز تعاون أكبر مع المؤسسات المدنية من أجل تنمية كاملة للإنسان. ومنذ خمسة قرون ما تزال الكنيسة ترافق شعوب أميركا الاتينية، وتشاركهم آمالهم وهمومهم. ويعلم رعاتها بأنه في سبيل تشجيع التقدم الاجتماعي الحقيقي، تتمثل واجباتهم في هداية الضمائر وتنشئة علمانيين قادرين على التدخل بحماسة في الوقائع الزمنية، وواضعين أنفسهم في خدمة الخير العام.

بالنظر أخيراً إلى أمم أقرب، أود أن أوجه تحية إلى الجماعة المسيحية في تركيا، مذكراً بأنه خلال هذه السنة اليوبيلية الخاصة بذكرى مرور ألفي سنة على ولادة القديس بولس الرسول، هناك العديد من الحجاج الذين يتوجهون إلى طرسوس، مسقط رأسه، مما يشير مرة أخرى إلى العلاقة الوثيقة بين هذه البلاد وبداية المسيحية. هذا وأن التطلعات إلى السلام في قبرص قوية جداً حيث استؤنفت المفاوضات التي ترمي إلى إيجاد حلول عادلة للمشاكل المتعلقة بانقسام الجزيرة. وبالنسبة إلى القوقاز، أود التذكير مرة أخرى بأن الصراعات التي تهم دول المنطقة لا تحل عن طريق السلاح. أما بالنسبة إلى جورجيا، فإنني أتمنى أن تُحترم جميع التعهدات الموقعة في اتفاقية وقف النار التي تم إبرامها في شهر أغسطس الأخير بفضل الجهود الدبلوماسية التي قام بها الاتحاد الأوروبي؛ كما أرجو عودة المهجرين إلى منازلهم في أقرب وقت ممكن. حول الجنوب الشرقي لأوروبا، يتابع الكرسي الرسولي التزامه من أجل الاستقرار في المنطقة ويأمل في أن يستمر العمل على خلق ظروف مؤاتية لمستقبل من المصالحة والسلام بين شعوب صربيا وكوسوفو، في إطار احترام الأقليات والحفاظ على الإرث الفني والثقافي المسيحي الثمين الذي يشكل ثروة للبشرية جمعاء.

سيداتي وسادتي السفراء، في ختام جولة الأفق هذه التي لا تستطيع في إيجازها أن تأتي على ذكر جميع أوضاع المعاناة والفقر الحاضرة في ذهني، أستعيد الرسالة التي وجهتها في الاحتفال بيوم السلام العالمي لهذه السنة. وقد ذكرت في هذه الوثيقة بأن الكائنات البشرية الأكثر ضعفاً هي الأطفال الذين لم يلدوا (رقم 3). كما أذكر ختاماً الفقراء الآخرين كالمرضى والعجزة المتروكين، والعائلات المشرذمة التي لا مرشد لها. إن مكافحة الفقر قابلة للمكافحة إن أصبحت البشرية أكثر تآخياً من خلال قيم ومثل مشتركة مبنية على كرامة الإنسان والحرية المتوافقة مع المسؤولية، وعلى الإقرار الفعال بمكانة الله في حياة الإنسان. من هذا المنظور، فلنتأمل بيسوع، الطفل الوديع النائم في المذود. وكونه ابن الله، فهو يرشدنا إلى أن التضامن الأخوي بين جميع البشر هو السبيل الأساسي لمكافحة الفقر وبناء السلام. فلينر نور محبته جميع الحكام والبشرية جمعاء! وليرشدنا طوال هذه السنة التي بدأت لتوها! سنة سعيدة للجميع.

نقلته من الفرنسية إلى العربية غرة معيط – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2009.

البابا يثني على قرار الحكومات في أمريكا الجنوبية إلى محاربة المخدرات والفساد دون مراوغة

 

الفاتيكان، الجمعة 9 يناير 2009 (Zenit.org). – أثنى بندكتس السادس عشر على الالتزام الأولوي الذي صدر عن بعض الحكومات من أجل إعادة الشرعية والشروع في مكافحة تجارة المخدرات والفساد من دون أي تسوية.

جاءت كلمات البابا في معرض لقائه بأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، نهار الخميس 8 يناير في الفاتيكان لتبادل التهاني في بدء العام الجديد.

ركز البابا على رغبة الشعوب في أمريكا الجنوبية "العيش بسلام، والتحرر من الفقر وممارسة حقوقها الأساسية بحرية" ودعا في هذا السياق إلى اخذ احتياجات المهاجرين على محمل الجد من خلال قوانين تشريعية تسهل إعادة الجمع العائلي وتوفق بين مقتضيات الأمن الشرعية ومقتضيات الاحترام المصون للإنسان.

ثم قال الأب الأقدس: "يسعدني أنه بعد ثلاثين عاماً على بداية الوساطة الحبرية في النزاع بين الأرجنتين والتشيلي حول المنطقة الجنوبية، تمكنت الدولتان نوعاً ما من ترسيخ إرادة السلام لديهما من خلال تشييد صرح إلى سلفي الموقر البابا يوحنا بولس الثاني".

فضلاً عن ذلك، أعرب البابا عن عن تمنياتيه بأن تعمل الاتفاقية الأخيرة التي تم توقيعها بين الكرسي الرسولي والبرازيل على تسهيل الممارسة الحرة لرسالة الكنيسة المبشرة بالإنجيل، وتعزيز تعاون أكبر مع المؤسسات المدنية من أجل تنمية كاملة للإنسان.

البابا يسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين تركيا وبداية المسيحية

ويدعو إلى حماية حقوق الضعفاء أجنة وعجرة ومرضى

الفاتيكان، الجمعة 9 يناير 2009 (Zenit.org). – وجه الأب الأقدس بندكتس السادس عشر تحية إلى الجماعة المسيحية في تركيا مذكراً بأنه خلال هذه السنة اليوبيلية الخاصة بذكرى مرور ألفي سنة على ولادة القديس بولس الرسول، هناك العديد من الحجاج الذين يتوجهون إلى طرسوس، مسقط رأسه، "مما يشير مرة أخرى إلى العلاقة الوثيقة بين هذه البلاد وبداية المسيحية".

جاءت كلمات البابا في معرض لقائه بأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، نهار الخميس 8 يناير في الفاتيكان لتبادل التهاني في بدء العام الجديد.

وذكر دول القوقاز، "بأن الصراعات التي تهم دول المنطقة لا تحل عن طريق السلاح".

وتطرق إلى الأزمة بين جورجيا وروسيا فقال: "أما بالنسبة إلى جورجيا، فإنني أتمنى أن تُحترم جميع التعهدات الموقعة في اتفاقية وقف النار التي تم إبرامها في شهر أغسطس الأخير بفضل الجهود الدبلوماسية التي قام بها الاتحاد الأوروبي؛ كما أرجو عودة المهجرين إلى منازلهم في أقرب وقت ممكن".

احترام حقوق الكائنات البشرية الأكثر ضعفًا

في ختام جولة الأفق التي تطرق فيها إلى أهم المشاكل والمسائل في مختلف الدول الأرض، توقف للكلام على "الكائنات البشرية الأكثر ضعفاً" أي "الأطفال الذين لم يلدوا" وذكر ختاماً الفقراء الآخرين كالمرضى والعجزة المتروكين، والعائلات المشرذمة التي لا مرشد له".

وقال: "تصبح مكافحة الفقر ممكنة إن أصبحت البشرية أكثر تآخياً من خلال قيم ومثل مشتركة مبنية على كرامة الإنسان والحرية المتوافقة مع المسؤولية، وعلى الإقرار الفعال بمكانة الله في حياة الإنسان".

ومن هذا المنظور، دعا إلى "التأمل بيسوع، الطفل الوديع النائم في المذود. وكونه ابن الله، فهو يرشدنا إلى أن التضامن الأخوي بين جميع البشر هو السبيل الأساسي لمكافحة الفقر وبناء السلام".

وختم بالقول: "فلينر نور محبته جميع الحكام والبشرية جمعاء! وليرشدنا طوال هذه السنة التي بدأت لتوها! سنة سعيدة للجميع".

البابا يعلن للدبلوماسيين عن زيارته إلى إفريقيا

الفاتيكان، الجمعة 9 يناير 2009 (Zenit.org). – أعلن البابا في معرض لقائه بأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، نهار الخميس 8 يناير في الفاتيكان لتبادل التهاني في بدء العام الجديد عن زيارته المقبلة إلى إفريقيا معبرًا عن فرحه "بلقاء العديد من الإخوة والأخوات في الإيمان والإنسانية الذين يعيشون في إفريقيا".

وقال الأب الأقدس: "في انتظار هذه الزيارة التي لطالما رغبت في القيام بها، أسأل الرب أن تكون قلوبهم مستعدة لقبول الإنجيل وعيشه بتماسك، ببناء السلام عبر مكافحة الفقر الأخلاقي والمادي".

وفي معرض كلامه ذكر الاب الأقدس أنه "لا بد من الاهتمام بخاصة بالأطفال إذ أنهم ما يزالون الأكثر ضعفاً بعد مرور عشرين عاماً على اعتماد الاتفاقية حول حقوق الطفل". مشيرًا بذلك إلى "العديد من الأطفال الذين يعيشون مأساة اللاجئين والمهجرين في الصومال، في دارفور، وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية".

كما وتحدث عن هجرة الملايين من الأشخاص المحتاجين إلى مساعدة إنسانية والمحرومين من حقوقهم الأساسية والمجروحي الكرامة وطالب المسؤولين السياسيين على الصعيد الوطني والعالمي "أن يتخذوا جميع التدابير الضرورية من أجل حل الصراعات القائمة ووقف أعمال الظلم الناتجة عنها".

وبالحديث عن الصومال قال: "أرجو أن يحرز إصلاح الدولة تقدماً كبيراً في الصومال، لكيما تتوقف المعاناة المستمرة لسكان هذه البلاد. كذلك ما يزال الوضع خطيراً في زيمبابوي لذا تبرز الحاجة إلى مساعدات إنسانية ضخمة".

وبالكلام عن البوروندي قال: "لقد منحت اتفاقيات السلام وميض أمل في المنطقة. لذا أتمنى أن يتم العمل بها لكيما تصبح مصدر إلهام للبدان الأخرى التي لم تجد بعد درب المصالحة. وكما تعلمون، فإن الكرسي الرسولي يتابع باهتمام خاص أخبار القارة الإفريقية ويشعر بالسعادة بعد أن قام العام الماضي بتوطيد العلاقات الدبلوماسية مع بتسوانا".