البابا يلتقي أساقفة الكاميرون

 ويشدد على أهمية تعميق الشركة بين رعاة الكنيسة لمواجهة تحديات عالم اليوم

البابا يدعو الأساقفة الأفارقة إلى السهر على أمانة الكهنة والرهبان

ويشجع دور العلمانيين في كنيسة يطبعها العمل الإرسالي في هويتها الحميمة

بقلم روبير شعيب

ياوندي، الأربعاء 18 مارس 2009 (Zenit.org).

التقى بندكتس السادس عشر صباح اليوم بأساقفة الكامرون وتحدث إليهم عن مواضيع مختلفة تتعلق بالحياة الكنسية في الكامرون الآن.

 

الكنيسة واقع إرسالي

تحدث البابا في مطلع خطابه عن هوية الكنيسة التبشيرية، مشيرًا إلى أن التبشير هو عمل لا يتعلق بالأسقف فقط بل بالجماعة الكنسية بأسرها. وقال: "في هذه السنة المكرسة للقديس بولس، من المناسب أن نعيد إلى ذهننا الضرورة الطارئة في إعلان الإنجيل للجميع".

"هذه المهمة، التي تلقتها الكنيسة من المسيح، تبقى أولوية، لأن هناك عدد وفير من الأشخاص الذين ينتظرون رسالة الرجاء والحب التي ستسمح لهم أن "يعرفوا حرية ومجد أبناء الله""، ولذا، شرح البابا: "إن جماعاتكم الأبرشية بأسرها هي مرسلة معكم أيها الإخوة الأحباء لكي تكونوا شهودًا للإنجيل. لقد ذكّر المجمع الفاتيكاني الثاني بقوة بأن "العمل الإرسالي ينبع بعمق من طبيعة الكنيسة عينها"".

 

العلاقة الحميمة بين الأسقف والكهنة

وشدد الأب الأقدس على ضرورة التعاون والحوار الوثيق بين الأسقف والكهمة لأن "مثال وكلمة الأسقف هما بالنسبة لهم عون ثمين لكي يفسحوا لحياتهم الروحية والأسرارية مكانة محورية في خدمتهم، فيتشجعون على أن يختبروا دائمًا وبشكل معمق أن خاصية الراعي هي أن يكون أولاً رجل صلاة وأن الحياة الروحية والأسرارية هي غنى فائق وُهب لنا لأجلنا بالذات ولأجل خير الشعب الموكل إلينا".

هذا ودعا البابا الأساقفة للسهر بعناية خاصة على "أمانة الكهنة والأشخاص المكرسين على الالتزامات التي قطعوها يوم سيامتهم ودخولهم في الحياة الرهبانية، لكي يثبتوا في دعوتهم، من أجل قداسة أكبر في الكنيسة ولأجل مجد الله. تتطلب أصالة شهادتهم ألا يكون هناك هوة بين ما يعلمون وبين ما يعيشون كل يوم".

 

دور العلمانيين في نشر الإيمان وضرورة تنشئتهم

ثم تحدث الأب الأقدس عن ملقني التعليم المسيحي مشيرًا إلى أنهم "احتلوا وما زالوا يحتلون دورًا مصيريًا في تبشير بلادكم". وشكرهم لأجل سخائهم وأمانتهم في خدمة الكنيسة إذ بفضلهم يتحقق ما وصفه البابا بـ "إنثقاف أصيل للإيمان".

وقال في هذا الصدد: "إن تنشئتهم الإنسانية، والروحية والعقائدية هي أمر لا غنى عنه. والدعم المادي، والمعنوي، والروحي الذي يقدمه لهم رعاتهم لإتمام رسالتهم في حالات حياتية ومهنية إيجابية، هو أيضًا تعبير عن اعتراف الكنيسة بأهمية التزامهم في إعلان ونمو الإيمان".

حماية العائلة

وتطرق إلى حالة العائلة لافتًا إلى الصعوبات الناتجة عن "وقع الحداثة والعولمة على المجتمع التقليدي"، والتي تحض الأساقفة على "الثبات بقوة في القيم الأساسية للعائلة الإفريقية وعلى اعتبار تبشيرها في العمق مسألة ذات أولوية عالية".

وقال البابا للأساقفة: "عبر تنمية رعويات العائلة، تقومون بتعزيز فهم أفضل لطبيعة، وكرامة ودور الزواج الذي يفترض اتحادًا غير منفصم وثابت".

كما وتحدث عن الاحتفالات الكنسية البهيجة والفرحة التي تميز الليتورجيات الإفريقية والتي  تعبر عن "حماسة المؤمنين السعداء لكونهم سوية في الكنيسة لتسبيح الله". ولفت إلى أنه "أمر جوهري ألا يكون الفرح الذي يعبَّر عنه بهذا الشكل عائقًا، بل وسيلة للدخول في حوار وشركة مع الله، عبر تعمق باطني حق في بنى وكلمات الليتورجية".

البدع والخرافات

وبالحديث عن البدع قال الأب الأقدس: "إن نمو البدع والحركات الإيزوتيرية، والتأثير المتنامي التدين المرتكز على الخرافة والنسبية، تشكل دعوة ملحة لتقديم زخم جديد لتنشئة الشباب والراشدين، وخصوصًا في الأطر الجامعية والفكرية".

 

عن موقع اذاعة الفاتيكان

 

في اليوم الثاني من زيارته الرسولية للكاميرون، زار بندكتس السادس عشر صباح اليوم الأربعاء القصر الجمهوري في ياوندي حيث اجتمع بالرئيس بول بييا، وانتقل من ثم إلى كنيسة المسيح الملك في تسينغا للقاء الأساقفة يتقدمهم المطران تونيي باكوت رئيس مجلس أساقفة الكاميرون ورئيس أساقفة العاصمة ياوندي. استهل الأب الأقدس كلمته بالقول إنها المرة الثالثة تستضيف فيها الكاميرون خليفة بطرس وذكّر بهدف زيارته الرسولية ألا وهو لقاء شعوب القارة الأفريقية الحبيبة وتسليم رؤساء المجالس الأسقفية وثيقة عمل ثاني سينودس خاص بأفريقيا، سائلاً الأساقفة نقل تحياته الحارة لجميع المؤمنين.

وإذ أشار إلى الاحتفال بالسنة البولسية، ذكّر بندكتس السادس عشر بضرورة إعلان الإنجيل، وقال إن هذه الوصية التي تسلمتها الكنيسة من المسيح تبقى أولوية ملحة وذكّر بأن النشاط الإرسالي ينبع من صميم طبيعة الكنيسة نفسها كما جاء في المجمع الفاتيكاني الثاني، مشددا بهذا الصدد على أهمية تعميق الشركة بين رعاة الكنيسة لمواجهة التحديات الكثيرة في عالم اليوم.

وأضاف البابا أن الوعي الحي للبعد الجماعي الذي تتسم به الخدمة المنوطة بهم ينبغي أن يحثهم على تحقيق مختلف تعابير الأخوة الأسرارية، بدءًا من اللقاء والتقدير المتبادلين ومختلف تعابير المحبة والتعاون الفعلي كما جاء في الإرشاد الرسولي رعاة القطيع وأشار إلى أن التعاون الفعلي بين الأبرشيات، لاسيما من ناحية توزيع الكهنة في البلاد يساعد في تعزيز علاقات التضامن الأخوي بين الكنائس.

هذا وأشار البابا في كلمته لأساقفة الكاميرون إلى أهمية العلاقات الوثيقة بين الأساقفة والكهنة لكونهم معاونيهم الأوائل، وضرورة تنمية الحياة الأسرارية والروحية، وحثهم على تمييز الدعوات الكهنوتية وايلاء اهتمام كبير بإعداد المنشئين والآباء الروحيين الذين عليهم التعرف بعمق على المرشحين للحياة الكهنوتية والتحلي بالكفاءة اللازمة لضمان تنشئة إنسانية، روحية ورعوية متينة، وقال البابا إن المؤازرة الأخوية الدائمة التي يقدمها الأساقفة ستساعد المنشئين على إتمام عملهم في محبة الكنيسة ورسالتها.

وتابع الأب الأقدس متحدثا عن الإسهام القيم الذي يقدمه الرهبان والراهبات لحياة الكنيسة في الكاميرون وقال: يظهر الاعتناق للمشورات الإنجيلية كعلامة يمكنها لا بل ويجب عليها أن تجذب بصورة فعالة كل أعضاء الكنيسة لكي يتمموا بشجاعة واجبات دعوتهم المسيحية. كما وأشار البابا إلى نشاط معلمي التعليم المسيحي شاكرا إياهم على خدمتهم السخية وأمانتهم في خدمة الكنيسة، وقال إن تنشئتهم الإنسانية، الروحية، والعقائدية أمر جوهري لا بد منه، وأكد أن دعْم الرعاة لهم لإتمام رسالتهم يشكل بالنسبة إليهم علامة اعتراف الكنيسة بأهمية التزامهم في إعلان الإيمان.

هذا وتوقف الأب الأقدس عند أهمية تعزيز راعوية العائلة والزواج، ودعا أساقفة الكاميرون للحفاظ بقوة على القيم الجوهرية للعائلة وسط عالم معولم، وأشار إلى أن لليتورجيا مكانة هامة في التعبير عن الإيمان، ليتحدث بعدها عن مسألة انتشار البدع ويحث الكنيسة على بذل جهود إضافية لصالح تقديم تنشئة ملائمة للأطفال والشباب، لاسيما في الأوساط الجامعية والثقافية، مثنيا بهذا الصدد على نشاط المعهد الكاثوليكي في ياوندي وكل المؤسسات الكنسية التي تعمل على نشر كلمة الله وتعليم الكنيسة.

كما وأثنى البابا في كلمته لأساقفة الكاميرون على نشاط المؤمنين العلمانيين الملتزمين في حياة الكنيسة والمجتمع، وقال إن الحركات الكثيرة التي تزدهر في أبرشياتهم هي علامة عمل الروح في قلب المؤمنين، وتوقف بنوع خاص عند مشاركة الرابطات النسائية في مختلف حقول رسالة الكنيسة، ما يزيد من إدراك كرامة المرأة ودعوتها الخاصة في الكنيسة والمجتمع. وتابع الأب الأقدس أن الكنيسة ـ وفي زمن العولمة ـ تولي اهتماما خاصا بالأشخاص الأكثر عوزا وقال إن رسالة الأسقف تقوده للدفاع عن حقوق الفقراء وتشجيع أعمال المحبة وإظهار محبة الله للصغار.

وختم البابا بندكتس السادس عشر كلمته لأساقفة الكاميرون في كنيسة المسيح الملك في تسينغا قائلا إن الكنيسة ـ ومن خلال عقيدتها الاجتماعية ـ تريد إيقاظ الرجاء في قلوب المهمشين، وأضاف أنه ومن واجب المسيحيين أيضًا، لاسيما العلمانيين الذين يتحملون مسؤوليات اجتماعية، اقتصادية وسياسية، الاهتداء بالعقيدة الاجتماعية للكنيسة للإسهام في بناء عالم أكثر عدلا يستطيع فيه كل امرئ العيش بكرامة. هذا وعبّر الأب الأقدس مجددا عن سروره الكبير بزيارة الكاميرون، وسأل مريم العذراء، سيدة أفريقيا، السهر على أبرشيات البلاد، مانحا الكل بركته الرسولية.