البابا لم يقم بزيارة أورشليم كألماني بل كرئيس الكنيسة الكاثوليكية

الكاردينال كاسبر يقيّم زيارة بندكتس السادس عشر إلى الأراضي المقدسة

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الخميس 28 مايو 2009 (Zenit.org).

إن زيارة البابا بندكتس السادس عشر إلى الأراضي المقدسة كانت متعددة الأبعاد، وقد التقى الأب الأقدس بشخصيات مختلفة تنتمي إلى ديانات وثقافات ومجموعات مختلفة الأمر الذي جعل زيارته هامة وفي الوقت عينه محط جدل كبير. هذا هو رأي الكاردينال فالتر كاسبر في مقالة نشرتها جريدة الأوسيرفاتوري رومانو أمس الأربعاء تعليقًا على زيارة البابا إلى الأراضي المقدسة.

دعوة إلى الأخوة المسيحية الحقة

في مطلع المقالة قيّم الكاردينال البعد المسكوني للزيارة فأشار إلى أنها ركزت بشكل خاص على المسيحيين في مختلف طقوسهم. فالمسيحيون الكاثوليك يعيشون هناك منذ عصور غابرة وهم عرضة لمصاعب عديدة يوميًا الأمر الذي يدفعهم إلى الهجرة، ولذا هم بحاجة إلى تشجيع خليفة بطرس الذي نال من الرب مهمة أن يثبت إخوته في الإيمان.

وعلق الكاردينال، رئيس المجلس الحوري للحوار بين الأديان، على "الانقسام الكبير" الذي لا مثيل له بين المسيحيين في أورشليم، مذكرًا بأن أورشليم هي المدينة حيث كان يعيش التلاميذ "كقلب واحد ونفس واحدة". وفي الوقت عينه، أردف الكاردينال، ما من مكان آخر في الأرض حيث يعتمد المسيحيون أحدهم على الآخر ويحتاجون أحدهم إلى الآخر.

واعتبر أن لقاءات البابا مع مختلف الطوائف المسيحية هي تشجيع للمسيرة المسكونية، وليس فقط في أورشليم.

البابا لم يزر القدس كألماني بل كمسيحي

وبالحديث عن الحوار مع الأديان، وخصوصًا اليهودية والإسلام. أوضح كاسبر أن بندكتس السادس عشر لم يزر أورشليم، كما اعتبر البعض، كبابا ألماني، مع كل الحمل الذي يحمله التاريخ الألماني، بل جاء كرئيس الكنيسة الكاثوليكية لكي يعبر للشعب اليهودي عن محبته الشخصية، وعن محبة الكنيسة الكاثوليكية. وقد عبّر بشكل واضح عن رفضه لمعاداة السامية، ولنفي الشواء الذي تحدث عنه حالما خطت قدماه الأرض الإسرائيلية.

وفي رد غير مباشر على جميع الذين انتقدوا البابا لدى زيارته لنصب ياد فاشيم التذكاري زاعمين بأنه لم يتحدث عن أمور هامة مثل ضحايا المحرقة ومسائل أخرى، برر كاسبر البابا مشيرًا إلى أنه تحدث عن هذه الأمور فور وصوله إلى إسرئيل، وأن قداسة البابا أراد الكلام عن أمر أعمق وأكثر أهمية وهو أن كرامة "الاسم" هي واقع لم يستطع حتى الغاصب النازي من نزعها. فرغم أنه حاول إزالة الأسماء مستبدلاً إياها بالأرقام، إلا أن نصب ياد فاشيم هو شهادة لإيمان المسيحيين واليهود بأن الاسم له طابعه المقدس، طابع الهبة الإلهية.

الحوار مع الإسلام

وبالحديث عن اللقاءات مع المسلمين، تحدث الكاردينال بإيجابية عن اللقاءات مع المسلمين وخصوصًا في الأردن، حيث بدأ الملك اللقاءات بخطاب هام.

واعتبر الكاردينال أن الحوار بين المسيحيين والمسلمين واليهود لا بديل عنه رغم صعوبته.

ثم شدد على أن الرسالة التي أراد البابا حملها ليست ذات طابع سياسي بل روحي، ولذا فإن نداءه يتوجه إلى قلب وعقل من يصغي إليه. أما من يفتقر إلى البعد الروحي ومن لا يفتح قلبه يعتبر الرسالة التي يحملها البابا كرسالة لا معنى لها.

وختم كاسبر: "للأسف، لقد نسي الكثير من الأشخاص أن الصلاة هي القوة الكبرى التي تستطيع أن تحول العالم، وخصوصًا في الحالات الحزينة جدًا وفي أوقات تبدو دون رجاء […] ولكن الرجاء هو أقوى. وهذا الرجاء بالذات تمكن بندكتس السادس عشر أن يوقظه وأن يقويه في المسيحيين واليهود والمسلمين. ولهذا السبب كانت زيارته مهمة ومليئة بالمعنى".