كلمة الأب الأقدس قبيل صلاة التبشير الملائكي في عيد الظهور المجيد

"تأكيد التناغم الكامل بين البحث البشري والحقيقة الإلهية"

حاضرة الفاتيكان، الخميس 07 يناير 2010 (Zenit.org)

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي مع المحتشدين في ساحة القديس بطرس.

وكان الأب الأقدس قد احتفل بالقداس بمناسبة عيد الظهور في بازيليك القديس بطرس.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

إننا نحتفل اليوم بعيد الظهور العظيم، سر تجلي الرب لكافة الشعوب التي يمثلها المجوس الذين قدموا من الشرق للسجود لملك اليهود (مت 2: 1، 2). يشدد الإنجيلي متى الذي يسرد الحدث على وصول المجوس إلى أورشليم بعد اتباع النجم الطالع الذي يعتبر رمز ولادة الملك الذي أعلنه الأنبياء، أي ولادة المسيح.

لكن المجوس كانوا بحاجة إلى إرشادات الكهنة والكتبة لدى وصولهم إلى أورشليم لمعرفة المكان المحدد الذي يجب أن يذهبوا إليه أي بيت لحم، مدينة داود (مت 2: 5، 6؛ مي 5، 1). إن النجم والكتب المقدسة هما النوران المرشدان على درب المجوس الذين يبدون لنا كمثال الباحثين الفعليين عن الحقيقة.

لقد كانوا رجالاً حكماء أمعنوا النظر في النجوم وعرفوا تاريخ الشعوب. كانوا علماء راقبوا الكون واعتبروه ككتاب عظيم مليء بالرموز والرسائل الإلهية للإنسان. لكن معرفتهم التي لم تجعلهم مكتفين ذاتياً كانت منفتحة على إيحاءات ودعوات إلهية لاحقة. ففي الواقع أنهم لم يشعروا بالخجل من طلب الإرشادات من زعماء اليهود الدينيين. كان من الممكن أن يقولوا: نستطيع القيام بذلك بأنفسنا، ولسنا بحاجة إلى أحد، متجنبين وفق ذهنيتنا الحالية كل "تداخل" بين العلم وكلمة الله.

لكن المجوس أصغوا إلى النبوءات ورحبوا بها، وما إن انطلقوا على طريق بيت لحم، حتى رأوا النجم مجدداً كتأكيد على التناغم المثالي بين البحث البشري والحقيقة الإلهية، التناغم الذي ملأ قلوب هؤلاء الرجال الحكماء فرحاً (مت 2، 10). وتتوج بحثهم بوقوفهم أمام "الصبي مع أمه مريم" (مت 2، 11).

يقول الإنجيل أنهم "جثوا وسجدوا له". كان من الممكن أن يظلوا خائبي الظن أو يشعروا بالصدمة. لكنهم على العكس أبدوا كرجال حكماء انفتاحاً على السر المتجلي بطريقة مفاجئة، وأظهروا بهداياهم الرمزية أنهم وجدوا في يسوع الملك وابن الله. بهذه البادرة تحديداً، تمت النبوءات المسيحية التي تعلن تسبيح الأمم لإله إسرائيل.

هناك تفصيل أخير يؤكد الوحدة بين الفكر والإيمان لدى المجوس. هذا التفصيل يتجسد في الفكرة التالية "أوحي إليهم في حلم ألا يرجعوا إلى هيرودس، فانصرفوا إلى بلادهم في طريق أخرى" (مت 2، 12). لكان من الطبيعي أن يعود المجوس إلى أورشليم، إلى قصر هيرودس والهيكل لإعلان اكتشافهم. لكنهم هم الذين اختاروا الطفل كملك لهم، أرادوا حمايته سراً على مثال مريم أو أكثر من ذلك على مثال الله عينه. ومثلما ظهروا، اختفوا بصمت، شاعرين بالرضى وإنما أيضاً بالتبدل بعد اللقاء مع الحقيقة. لقد اكتشفوا وجهاً جديداً لله، مُلكاً جديداً هو ملك المحبة.

فلتساعدنا مريم مثال الحكمة لكيما نكون باحثين فعليين عن حقيقة الله، قادرين دوماً على عيش التناغم العميق القائم بين العقل والإيمان، العلم والوحي.

بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي، أضاف الأب الأقدس:

يسرني أن أوجه تحياتي القلبية إلى الإخوة والأخوات في الكنائس الشرقية الذين سيحتفلون غداً بعيد الميلاد المقدس. وليكن سر النور مصدر فرح وسلام لكل عائلة وجماعة.

يصادف في عيد الظهور اليوم التبشيري للأطفال تحت شعار "الأطفال يساعدون الأطفال". هذه البادرة التي أطلقها البابا الموقر بيوس الثاني عشر تعلم الأطفال أن ينشأوا وفق ذهنية منفتحة على العالم ويتضامنوا مع أترابهم الأكثر فقراً. من هنا أوجه التحيات القلبية إلى جميع المبشرين الصغار المقيمين في القارات الخمس وأشجعهم على أن يكونوا دوماً شهوداً ليسوع ومبشرين بإنجيله. 

ترجمة وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2010