يا عزيزى كلنا فتحنا النار على الأقباط

محمد بركة
 
لم أندهش كثيرا من كم الغل والغضب التى تم بهما فتح النار على مجموعة من الإخوة الأقباط، وهم يحتفلون بعيد الميلاد المجيد بنجع حمادىٍ. بالطبع شعرت بالحسرة على هذه الدماء الذكية التى راحت هدرا لشباب "زى الورد" غدروا به يوم عيده لكننى، لم أكن أنتظر هذه المذبحة لأصرخ هلعا من عمق مستنقع التعصب البربرى الأعمى الذى غاصت فيه مؤخرا وبشكل مفاجئ بلادى، فجميع الشواهد تؤكد أنه أنا وأنت وكلنا نفتح النار على أشقائنا فى الوطن بصورة أو بأخرى ليس أمام مطرانية أو كنيسة بالضرورة، وإنما فى عشرات الممارسات اليومية.

نحن نفتح النار حين نشيح بأعيننا بعيدا وقد وجدنا سائق الميكروباص يحمل ذراعه صليبا فنفتح الشباك لنجدد الهواء ونغير النفس.

نحن نفتح النار حين نتنحنح ثم نعتذر لسائق التاكسى ونختلق عذرا ما لننزل، وقد ركبنا للتو لا لشىء سوى أنه يعلق صورة العذراء فى المراية أمامه، رغم أننا ما صدقنا لقينا تاكسى.

نحن نفتح النار حين نوصى بعضنا بعضا بتجنب البقال القبطى والطبيب القبطى والصيدلى القبطى والجواهرجى القبطى، وإذا أبدينا قدرا من التسامح أجزنا التعامل معهم فى حالات الطوارئ القصوى مع دعاء الاستغفار.

نحن نفتح النار حين يلقى أحدنا بملاحظة عابرة قائلا: "سبحان الله موش فلان ده مسيحى بس أخلاقه ممتازة، وعنده ضمير وما بيسرقنيش زى المسلم ابن دينى.

نسمع هذا الكلام فنرد بسرعة وحسم وقد تلبستنا روح أجهزة المخابرات العالمية، يا عم الحاج دى سياسة مقصودة عاوزين يقولوا إحنا أحسن منكم.

نحن نفتح النار حين ننصح بإلحاح كل حاسرة بأن تغطى شعرها ليس تقربا إلى الله، ولكن لدرء شبهة أن يظن الناس أنها مسيحية.

نحن نفتح النار حين نوصى شابا بالعدول عن قرار تسمية أول مولودة له ميريت حتى لا يظن البعض أنها بأربعة ريشة، وحين يعترض قائلا، ولكن ميريت اسم فرعونى وهو يعنى الجميلة والمحبوبة وملك لجميع المصريين نرد على الفورو بمنتهى الحكمة الاحتياط واجب.
نحن نفتح النار حين ننسى كل شىء عن الإسلام ونتذكره فقط حين نرى شخصا مختلفا فى ديانته.

نعم نحن نفتح النار فى عشرات المواقف يوميا وليت الضحايا كانوا مثل ضحايا مذبحة نحع حمادى 6 قتلى ونحو 10 جرحى مع خالص عزائى وصادق مواساتى لذويهم وذوينا.

• كاتب صحفى بالأهرام.