الإمام.. والقس.. والوهم!

 

الدستور -محمود سعد يكتب

.الحمد لله..

الشكر لله..

انتهت الحرب والفتنة.

لا فتنة طائفية بعد اليوم.

فها هو شيخ الجامع الأزهر الشريف، فضيلة الدكتور الإمام الأكبر سيد طنطاوي يقف في موقع الأحداث بنجع حمادي وبجوار رجل الدين المسيحي والأيدي متشابكة بين الإمام ورجل الدين المسيحي.. ويعلن فضيلة الإمام نهاية الأزمة ويقول: الإسلام بريء من هذه الجريمة ولا فرق في مصر بين مسلم ومسيحي!!!!ألم أقل لكم إن كل شيء أصبح تماماً.. فقد أعلنها الإمام الأكبر وبكل ثقة وكل قوة وثبات!!!

ومع كل التقدير والاحترام للإمام الأكبر ولرجل الدين المسيحي الذي كان معه.. فإننا رأينا هذا المشهد وسمعنا هذا الكلام مئات المرات.. وهو للأسف كلام «فض مجالس».. كلام للصحافة والإعلام.. واللقاء مرتب ومخطط له.. وشاهدنا مثله مرات ومرات.. وبعد كل مرة وبشهور قليلة يحدث التصادم.. وتحدث الحادثة ويقتل ويستشهد عدد من المسلمين أو المسيحيين، ثم يعود اللقاء بين الإمام ورجل الدين المسيحي وتتشابك الأيدي ونسمع ما سمعنا أن كله تمام ونحن أخوة.

ياسادة، ياأئمة، ياكبار، يارجال الدولة، في عرض سيدنا النبي «صلي الله عليه وسلم».. ليس بمثل هذه الشكليات والمظاهر تحل مشاكل البلد المعقدة والخطيرة.

الأمر يحتاج إلي قلوب يقظة.. قلوب تعشق مصر عشقاً حقيقياً.. وقلوب تدرس وتتأمل وتخطط وتفكر وتبحث عن حلول وحلول واختيارات وبدائل لحل هذه المشكلة من الجذور.

الخلاف بين المسيحي والمسلم.. موجود.. في كل نواحي الحياة.. مثلاً يعني ـ أعلم وجميعكم تعلمون ـ أنه قد يصل اثنان من المسئولين إلي مركز مرموق.. وتتساوي الكفاءة.. وربما تزيد عند أحدهما بعض الشيء.. ويكون الفيصل في الترقية بينهما والترقي للمنصب الأكبر والأرفع مرتبط بنوع الديانة!!!

>

مثلاً يعني تسمع كثيراً في الفضائيات من يقول لك لا تصافح هذا الرجل لأنه ليس علي دينك!! وتسمع من يقول متحاولش تشتغل عند فلان لأنه لا يسمح بالعمل إلا لديانة معينة.

>

ومثلاً.. هل يستطيع أحد أن ينكر ما في بعض المناهج من تفرقة بين المسيحي والمسلم!! وفي المجتمع بشكل عام!! وهل هناك من ينكر أن النفوس تغلي في كثير من الأماكن والأحياء في مصر.. وأن هناك ناراً شديدة اللهب تحت وفوق الهشيم!!

>>

أهلاً وسهلاً بزيارة شيخ الأزهر.. والتعانق مع رجل الدين المسيحي.. ولكن هي زيارة تنسي قبل أن تبدأ.. ذلك لأنها كما قلت زيارة مقررة ولا معني لها ولا قيمة.

كان علي الأجدر بالإمام الأكبر أن يبدأ حملة توعية بالتضامن مع وزارة الأوقاف ووزارة التعليم ووزارة الداخلية.. ويقومون بدراسة حقيقية لهذه الأزمة العنيفة التي يمر بها مجتمعنا. الدعاة ياشيخ الأزهر يهاجمون المسيحيين علي المنابر وعبر الفضائيات. وكذلك يفعل بعض المسيحيين.. ولا أحد يتقدم لإيقاف هذه المعركة الملتهبة.

>

ألم تسمع يافضيلة الإمام من يقول عنصري الأمة!!

إنه تعبير يؤكد التفرقة ويؤكد الأزمة.. لا عناصر في الأمة. نحن جميعاً مصريون.. لنا جميعاً نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات، ومن حق كل كفاءة أن تصل إلي أعلي المناصب دون النظر إلي نوع الدين..

ياإمام..

لا بالعناق ولا بالصور ولا بالشعارات..

وأقدم اعتذاري للإمام الأكبر فلست أهاجمه ولا أنتقده وهو من هو.. وإنما الأمر يحتاج إلي تجميع كل وجهات النظر لإنقاذ الأمة..

فهناك شرخ في المجتمع. شرخ كبير لا يكفيه الترميم بالكلمات، وإنما نحن في حاجة إلي وقفة متأنية وعميقة.

وقفة بحجم الأزمة..

أما الصور والعناق وكله تمام.. فهذا ما يعمق المشكلة ولا يعالجها أبداً..

ياكبار الأمة.. تحركوا.. وإلا ارحلوا.. واتركوا لمن يستوعب الأمر ويقدر علي علاجه..

الأمر خطير.. والعلاج سطحي وفقير