كلمة البابا قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي: التطويبات

روما، الاثنين 15 فبراير 2010 (Zenit.org)

ننشر في ما يلي التأمل الذي تلاه البابا بندكتس السادس عشر يوم الأحد 14 فبراير من نافذة مكتبه، بحضور آلاف الحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس، وذلك قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

تعتبر السنة الليتورجية مسيرة إيمان طويلة تتمّمها الكنيسة وتسبقها فيها دوماً الأم مريم العذراء. في أيام الآحاد من هذا الزمن العادي، تتسم مسيرة هذه السنة بقراءة إنجيل لوقا الذي يرافقنا اليوم في "مكان سهل" (لو 6، 17) حيث يتوقف يسوع مع الاثني عشر ويجتمع حشد من تلاميذ وأشخاص آخرين جاؤوا من كافة المناطق ليسمعوه. في هذا الإطار تحديداً، يتم إعلان "التطويبات" (لو 6: 20، 26؛ مت 5: 1، 12). يرفع يسوع عينيه إلى تلاميذه ويقول: "طوبى لكم أيها المساكين…، طوبى لكم أيها الجائعون الآن…، طوبى لكم أيها الباكون الآن…، طوبى لكم متى … أهان الناس اسمكم ونبذوه" من أجلي. لمَ يطوّبهم؟ لأن عدل الله سيشبعهم ويسعدهم ويحررهم من كل اتهام باطل، لأنه يرحب بهم منذ الآن في ملكوته. تقوم التطويبات على وجود عدالة إلهية ترفع المهانين ظلماً وتوضِع المقتدرين (لو 14، 11). وبعد أربع تطويبات، يضيف الإنجيلي لوقا أربع ويلات: "الويل لكم أنتم الأغنياء…، الويل لكم أيها المشبعون الآن…، الويل لكم أيها الضاحكون الآن…، الويل لكم إذا امتدحكم جميع الناس" لأن الأمور ستنقلب حسبما يقول يسوع، ليصير الآخرون أولين، والأولون آخرين (لو 13، 30). هذا العدل وهذا التطويب يتحققان في "ملكوت السماوات" أو "ملكوت الله" الآتي في آخر الزمان وإنما الحاضر في التاريخ. حيث يعزى الفقراء ويُقبلون في وليمة الحياة، يتجلى عدل الله. هذه هي المهمة التي يدعى تلاميذ الرب إلى إنجازها في المجتمع الحالي. هنا أفكر في مأوى كاريتاس روما في محطة تيرميني الذي زرته صباحاً، وأشجع من كل قلبي العاملين في هذه المؤسسة الفاضلة، والملتزمين بلا مقابل بأعمال العدل والمحبة المشابهة في العالم أجمع.

إن موضوع العدالة هو الذي كرست من أجله هذه السنة رسالة الصوم الذي يبدأ الأربعاء المقبل، أربعاء الرماد. وبالتالي أرغب اليوم في تقديمها رمزياً لكم جميعاً، داعياً إياكم إلى قراءتها والتأمل بها. إن إنجيل المسيح يستجيب لظمأ الإنسان إلى العدالة وإنما بطريقة مذهلة وغير متوقعة. فهو لا يقترح ثورة اجتماعية وسياسية، وإنما ثورة المحبة التي أطلقها بصليبه وقيامته. وعليها تقوم التطويبات التي تقترح آفاق العدالة الجديدة التي يفتتحها الفصح، والتي نصبح بفضلها عادلين ونبني عالماً أفضل.

أيها الأحباء، دعونا نلتجئ الآن إلى مريم العذراء التي ستطوبها جميع الأجيال لأنها آمنت بالبشرى السارة التي أعلنها الرب لها (لو 1: 45، 48). دعونا نهتدي بها في مسيرة الصوم الكبير لنتحرر من وهم الاكتفاء الذاتي وندرك حاجتنا إلى الله ورحمته وندخل إلى ملكوته، ملكوت العدل والمحبة والسلام.

ترجمة وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2010