كلمة البابا قبيل صلاة التبشير الملائكي 22 فبراير 2010

 العالم يتحسن من خلال تغيير ما هو غير صالح في الحياة الخاصة

الفاتيكان، الاثنين 22 فبراير 2010 (zenit.org).

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في الأحد الأول من زمن الصوم.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

يوم الأربعاء الماضي، أربعاء الرماد، بدأنا زمن الصوم، زمن التجدد الروحي الذي يحضّر للاحتفال بعيد الفصح. ولكن ما معنى الدخول في مسيرة الصوم؟ الإجابة تكمن في إنجيل هذا الأحد الأول، في رواية تجربة يسوع في البرية. يخبر الإنجيلي، القديس لوقا، أنه بعد أن تعمد على يد يوحنا "رجع يسوع من الأردن، وهو ممتلئ من الروح القدس، فكان يقوده الروح في البرية أربعين يوماً، وإبليس يجربه" (لو 4: 1-2).

من الواضح الإصرار على أن الجربة لم تكن حدثاً عرضياً، وإنما نتيجة لخيار يسوع في الرسالة التي أوكله إياها الآب، وهي أن يعيش بعمق واقعه كابن حبيب، يثق به كل الثقة. لقد جاء المسيح الى العالم ليحررنا من الخطيئة ومن سحر تصميم حياتنا الغامض بعيداً عن الله. وهو لم يقم بذلك من خلال الإعلانات الصاخبة وإما من خلال محاربة المجرب شخصياً، حتى الصليب. وهذا المثال يصلح للجميع: العالم يتحسن إنطلاقاً من الذات، ومن خلال تغيير ما هو غير صالح في الحياة الخاصة، بنعمة الله.

أولى تجارب الشيطان الثلاث تجد مصدرها في الجوع، أي في الحاجة المادية:"إن كنت ابن الله فمر هذا الحجر ليصير خبزاً". لكنّ يسوع يجيب بالكتاب المقدس:"ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" (لو 4: 3-3 ؛ راجع تث 8: 3). بعدها يُري الشيطان يسوع ممالك الأرض كلها ويقول: كل ذلك سيكون ملكاً لك إذا سجدت أمامي وعبدتني. إنه غش السلطة، ويسوع يكشف هذه المحاولة ويرفضها: "للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" (راجع لو 4: 5-8؛ تث 6: 13). لا لعبادة السلطة، بل العبادة فقط لله، للحقيقة والمحبة. أخيراً يقترح المجرب على يسوع أن يقوم بمعجزة مثيرة للإعجاب: أن يرمي بنفسه من على جناح الهيكل لتخلصه الملائكة، ليؤمن به الجميع. لكن يسوع يجيب أنه لا يمكن تجربة الله أبداً (راجع تث 6: 16). لا يمكننا أن نقوم باختبار يظهر فيه الله أنه الله: علينا أن نؤمن به! لا يمكننا ان نجعل من الله محط اختبارنا!

في العودة الى الكتب المقدسة يضع يسوع مقابل المعايير البشرية معياراً حقيقياً واحداً: الطاعة، والمطابقة لمشيئة الله، التي هي أساس وجودنا. وهذا أيضاً تعليم أساسي لنا: إذا حملنا كلمة الله في عقلنا وقلبنا، وإذا دخلت هذه الكلمة في حياتنا، وإذا وثقنا بالله، فبإمكاننا صد كل انواع خداعات المجرب. في هذا الرواية تظهر بوضوح صورة المسيح كآدم جديد، ابن الله المتواضع والمطيع للآب، خلافاً لآدم وحواء اللذين وقعا، في جنة عدن، فريسة لإغواءات روح الشر، طامعين في الحياة الأبدية، من دون الله.

الصوم هو بمثابة "رياضة روحية" طويلة، تسمح لنا بالعودة الى ذواتنا والإصغاء إلى صوت الله، لنتغلب على تجارب الشرير ونجد حقيقتنا. زمن روحي نعيشه مع يسوع، ليس بكبرياء وادعاء، وإنما بواسطة أسلحة الإيمان، أي الصلاة والإصغاء الى كلمة الله والتوبة. وهكذا يمكننا أن نحتفل بالفصح في الحقيقة، مستعدين لتجديد وعود عمادنا. فلتساعدنا العذراء مريم لكيما، بهدي الروح القدس، نعيش بفرح مثمر زمن النعمة هذا. فلتشفع بخاصة لي ولمعاوني في الكوريا الرومانية، إذ سنبدأ هذا المساء الرياضة الروحية.

نقله الى العربية طوني عساف – وكالة زينيت العالمية (zenit.org).