المزمور الحادي والعشر ون: الاتكال على الربّ

همسات الروح

تأمل في سفر المزامير

 

بقلم الأب/ بولس جرس

 

 الاتكال على الربّ

تقديم المجلد الثالث من المزامير:

يبدأ المرنّم بنشيد شكر من أجل ما ناله الملك من نعم، فقد قبله الرب وتوَّجه، وبنشد صلاة من اجل البار المتألم، معلنا أن الرب سيقبله مهما حلّ به من ظلم ومذلّة. وإذ يتحقق من قوة راعيه، يفرح بالعودة، ويذهب إلى بيت الرب وبدخل هيكله المقدس دخولا احتفاليا. فهو عادة ما يلتجئ إلى مذبحه ليحتمي فيه طالباً العون ورافعاً صلاة الواثق، ولا يخيّب الله ثقته، عندئذ يسترد الشجاعة..حيث يظهر الرب سيّد العاصفة، فيسود الهدوء الخارجي والداخلي فالله يقيمه ويشفيه من مرض كاد يقوده إلى الموت..
وهكذا يتوسّع هذا القسم في عشرة فصول.

2- صلاة عبد الله المتألم                     
3- الرب راعيّ                              

4-دخول الرب إلى هيكله                    

5- الرب حمى المضطهدين                 

6- الرب عون الأبرياء                      

 7- الرب نوري وخلاصي                 

8- إلى الرب أصرخ                

9- الرب ملك الكون                 

10- الرب خلاص أصفيائه                 

أولا: تقديم المزمور:

1-   مزمور ملوكي: المزمور الحادي والعشرون هو صلاة ليتورجية تناسب الاحتفالات الملوكية التي تقام في الهيكل، ينشده الكاهن لأجل الملك، ويشبه المزمور العشرين بكونه يركز على الملك، بعض الدارسين يرى أن المزمور العشرين يُنشد قبل المعارك، أما هذا المزمور فهو تسبيح حمد لله يُرنَّم بعد استجابة صلاة المزمور السابق أي بعد المعركة. وضعة داود الملك وهو في قمة الفرح بروح الشكر لله الذي وهبه النصرة، ربما يقصد معركته ضد بني عمون في رِبَّه (2صموئيل12:26-31).وإذ يهتم المزمور العشرون بطلب العون والنجاح في الحرب، يُشير هذا المزمور إلى المواهب الإلهية الممنوحة  لمسيح الرب…

2-   مزمور شكر: يُعتبر هذا المزمور ليتروجية خاصة بتتويج الملك، كالمزامير (5، 16، 23، 27، 42-43، 61، 63، 84، 91، 101). ينشده الكاهن كجزء من طقس تتويج الملك في حضرة الملك ويتلو البركات[2-7] والصلاة ب[9-13]طريقة تعبدية، بينما يردد الشعب القرار [8،14] طالباً إلى الله أن ينصر الملك، كالمزمور60: 6. فالملك إنسان مبارك من الرب يملأ يدَيه خيراً ويُلبسه بهاء ومجداً، يخاطبه الكاهن باسم الله، وينبّهه إلى أنه سيجد أمامه الكثير من الصعوبات، ولكن الله سيكون معه وسينصره على أعدائه فلا يفلت منهم أحد.

وأخيرا لا يمكن إغفال العلاقة بين: المزمور الثاني والمزمور العشرون والمزمور الحادي والعشرون:

·       المزمور العشرون: هو صلاة توسّل قبل التتويج، فيه يبدو الملك شخصا بشرياً عادياً.

·       المزمور الثاني: هو صلاة التتويج، يصبح فيه الملك ابن الله ويُعطى تاجَاً وصولجاناً كعلامة للقوة.

·       أما المزمور الحادي والعشرون: فهو صلاة شكر بعد التتويج، وفيه يتحول الملك إلى وكيلَ لله يتمّم عمله على الأرض.

3-   مزمور مسيّاني: بعد توقف النظام الملكي في إسرائيل بعد القرن السادس ق.م.، صارت لغة هذا المزمور تستخدم للتعبير عن ابن داود المقبل لذا استُخِدم المزمور قبل العصر المسيحي في العبادة الهيكلية، ويُعلم الترجوم والتلمود بان الملك المذكور هو المسيَّا. ولقد اقترح الحاخام سليمان اسحق المعروف باسم راشي (1040م) أن يُتَرك هذا المزمور للمسيحيين لاستخدامه برهاناً على أن يسوع الناصري هو المسيّا… وكذلك استخدمه أباء الكنيسة في الطقوس منذ عدة قرون وبالذات في الاحتفال بعيد الصعود، كذكرى لعودة ربنا إلى المجد ودوره كرئيس الكهنة الأعظم… الحقيقة أن بعض أجزاء من هذا المزمور، مثل العدد الرابع،  لا يمكن أن تنطبق حرفياً إلا على المسيح، ومع هذا لم يُقْتَبس هذا المزمور قط في العهد الجديد، وان كان قد أشير إليه بالتلميح مرتين في (عبرانيين 2: 9، 12: 2).

أخيرا يقودنا هذا المزمور الذي يترنم بملك الملوك الممجد، الذي أشركنا في أمجاده، "نشيد نصرة الملك"،  إلى المزمور التالي -الثاني والعشرين- وهو مزمور "الآم المسيح المجيدة"، ويتقدمنا إلى رابية الجلجثة، فيدخل بنا إلى أعتاب عرش الصليب فيحث كل مؤمن على تكريس حياته تكريسا كاملا للرب يسوع، في طاعة مطلقة لإرادة الله، وثقة شديدة في أمانته نحونا.

ثانيا: نص المزمور وتقسيمه:

فاتحة المزمور: الرب يتوج داود ملكا (1-2):

1-         لكبير المغنين، مزمور لداود:

2-         يا رب تعزز الملك فيفرح، تخلصه فيبتهج ابتهاجا. 

القسم الأول: صلاة شكر لله لأجل الملك الممسوح بالنعم المشمول بالبركة. (3- 7):

3-         أعطيته منية قلبه وما رفضت طلبة شفتيه

4-         بادرته بفيض من البركات، وتاج من ذهب وضعت على رأسه.

5-         سألك الحياة فأعطيته عمراً يطول مدى الأيام.

6-         خلّصته فعظم مجده وجلالاً وبهاءً ألقيت عليه.

7-         جعلته مباركا إلى الأبد ليشدو فرحا أمام وجهك.

القسم الثاني: صرخة الشعب: (8-9)

8-         الملك يتوكل على الرب وبرحمة العلي فلا يتزعزع،

9-         يده تطول أعداءه ويمينه جميع مبغضيه،

القسم الثالث: تجديد وعد الله للملك: انتصارات جديدة ومُلك طويل. (9- 13):

10-   يجعلهم كتنور نار حين يتجلى وجهه. الرب بغضبه يبتلعهم، والنار تأكلهم اكلأ.

11-   يبيد نسلهم من الأرض ونسلهم من بين بني البشر

12-   عبثا يطالون الملك بسوء، ويدبرون له المكائد،

13-   لأنه يحملهم على الفرار حين يرمي وجوههم بسهامه.

خاتمة: صرخة الشعب وصلاته الى الرب: (14)

14-   تعاليت يا رب بعزتك، ننشد ونرتل لجبروتك.

ثالثا: تفسير المزمور:

فاتحة المزمور: الرب يتوج داود ملكا (1-2):

1-   لكبير المغنين، مزمور لداود:

الشخص الرئيسيّ في هذا المزمور هو الملك، ولكنه شخص صامت، يتكلّمون عنه أو يكلّمونه، ولكنه لا يتكلّم، وليس الشعب أيضاً هو الذي يتكلّم، كما في المزمور العشرين، فإذا جعلنا جانبا الآيتين 8 و14، نرى الكاهن المسئول عن شعائر العبادة هو من يتكلم ويصلى.

2- يا ربّ تعزز الملك فيفرح، تخلصه فيبتهج ابتهاجاً: 

يفتتح الكاهن في حضرة الله والملك والشعب الصلاة في الهيكل فيتوجّه إلى الله باسم الملك: "يا ربّ، تعزّزُ الملك فيفرح".

«  يا رب :

افتتاحية معتادة لكل صلاة سواء مناجاة أو توسل أم شكر وهي تعني توجه القلب والفكر والروح إلى الله، الكائن في أعماقنا وفي السماء.

«          بقوتك يفرح الملك :

 الفرح علامة الراحة والسعادة والإحساس بالأمان، يتفوه داود بهذه الصلاة على فم الكاهن موجها قلبه البريء نحو الله مصليا لمصدر كل فرح وأبو كل عزاء، شاكرا إياه على ما ناله من الفرح.  أخيراً نرى الملك المطارد الحزين الشاكي البائس، يعيش لحظة فرح عميق فما سر فرحه؟ إن فرح الملك لا يصدر عن قوة جيوشه ولا صلابة موقفه العسكري في وجه أعداء أو استقرار مملكته ومتانة تحالفاته…لكن منبع هذا الفرح العميق هو شعوره بقرب الرب وقوته التي تسانده وتدعم موقفه.

«  تخلصه فيبتهج ابتهاجاً:

 ها هو يتذكر في صلاته الفرحة جميع ما مر به من ضيقات ومتاعب، وكيف فر هارباً من وجه أعداءه وكيف لحقوا به ونصبوا الفخاخ حوله وحاصروه منتظرين لحظة سقوطه، حتى نصحه الأصدقاء بالفرار كالعصفور إلى الجبال… وها هو يرى يعبني رأسه كيف وقف الرب معه وقوّاه، بل كيف مد يده وانتشله من فم الهاوية وخلصه من يد العدو المقتدر، ونصره على جميع أعداءه ونجاه من جميع مضايقيه ورده إلى كرسيه… فكيف لا يفرح ويبتهج بالرب مخلص الملتجئين إليه!.

القسم الأول: صلاة شكر لله لأجل الملك الممسوح بالنعم المشمول بالبركة. (3- 7):

في هذا القسم، حلّ الملك ضيفا على الرب، فقال له ما في قلبه، وهو متأكّد أن الله يسمع ويستجيب، ويعبّر الكاهن عن فرحة الملك ضيف الهيكل، كما يتكلم نيابة عن الله صاحب البيت الذي بارك الملك ببركاته، فأعطاه بغية قلبه وملتمس شفتيه: الإكليل، المجد، الخلاص، النصر على الأعداء، وأياماً طويلة.

3-    أعطيته منية قلبه وما رفضت طلبة شفتيه:

«  أعطيته منية قلبه:

 كان داود يرغب في السلام والاستقرار، كان برمي إلى تحقيق العدالة وسط شعبه وإلى إحلال ملكوت الله على الأرض… وقد تحققت له في النهاية هذه الرغبات النبيلة وان لم يتم الأمر في يوم وليلة، بل وبكثير من الصعوبات التي مر بها الملك والمملكة على مدى عمر داود…

«  وما رفضت طلبة شفتيه:

كانت محن وتجارب داود الكثيرة مصدرا لألأمه ودموعه الغزيرة، لكنها ولحسن الحظ، صارت مصدراً لصلاته وتوسلاته، وقد حفظ لنا الله هذه الصلوات في مزامير الكتاب. لقد تحولت ألآمه وأمنياته وحياته إلى صلاة نطقت بها شفتاه وتوجه بها قلبه الطاهر النقي نحو الله طالبا منه المعونة إزاء أعداء وخصوم لا طاقة له بمواجهتهم منفرداً. ولم يخذله الله بل حقق له كل أمنيات القلب ولم يحرمه من أن يرى على الأرض أثناء حياته، ما طالب به الله في صلواته التي نطقت بها شفتاه …

4-   بادرته بفيض من البركات، وبتاج من ذهب على رأسه:

«  بادرته بفيض من البركات:

الخيرات المادية أمر طبيعي يتمتع به البشر على الأرض ولو بدرجات متفاوتة، فالله رب عظيم "صانع الخيرات" يشرق شمسه على الجميع، أبراراً وأشراراً… أما في حالة داود البار فجميل أن تكون هذه الخيرات مباركه من الرب وأن يكون ذلك بمبادرة من الله ذاته، وفي هذا النص نرى ثلاث أنواع من الخيرات أي البركة مضاعفة، يمنحها الرب للملك نظير حبه وإخلاصه:

«  وبتاج من ذهب على رأسه:

يفيض رضي الله على الملك في حياته الشخصية ويمتد ليشمل مملكته، إنه يستمد كل شيء من قبله حتى المُلك نفسه:

·       فليس هو ملك بقوته، بل لأن الله اختاره ليجلسه على عرشه فأتى به من المراعي ومسحه ملكا.

·       وليس تاج الملك مرفوع بجبروت يد داود  الملك نفسه، بل "يد الله" هي من وضع الإكليل الذهبي على رأسه.

·       كما أن بقاءه في الحكم واستمراره في الجلوس على العرش ليس متوقف على قدرته، بل على قوة الله التي تدعمه وتثبت قدميه.

5-   سألك الحياة فأعطيته، عمرا يطول مدى الأيام.

«  سالك الحياة فأعطيته:

هل بعد هذا الرضي مزيد من الرضي؟ الحياة هبة من الرب، يعطيها لبني البشر، فهي عطية منه يجب تقديسها والحفاظ عليها والعناية بها، وبما أنها هبة فهي ليست ملكاً خاصاً نبدده ونهدره. ولقد تعرضت حياة داود منذ مسحه صموئيل ملكا، إلى عديد من المخاطر وكان في كل ضيقة يصلى طالبا من الرب الخلاص والنجاة (نجي نفسي من مضايقي) فكان  الرب يستجيب له وكم من مرة أخرجه من الجب وأنقذه من فم الأسد ووهب له الحياة من جديد.

لذلك يعترف داود أنه مدين بحياته ووجوده للرب وبأنه مازال على قيد الحياة لا بقوته الذاتية وقوة شكيمته، بل بفضل تدخل الله في العديد من المرات وعمله العجيب في الكثير من المواقف، وحيث أن حياته هي هبة من الله، فها هو بدوره يقدمها هبة إليه وقربان عرفان على مذبح الحب، فعلن أمام الملأ أنه سيظل طوال العمر خاضعاً وشاكراً وواضعاً نفسه وحياته ومملكته بين يدي الله وتحت مشيئة ذلك الخالق، صانع الخيرات، وواهب النعم بما فيها نعمة الملك والعرش والتاج والصولجان، لأنه هو المنقذ من جميع الضيقات.

«  عمراً يطول مدى الأيام:

سأل داود الرب أن يحفظ حياته ويطيل عمره حتى يحقق جميع مشروعاته الخيّرة الصالحة من إقامة المملكة وتثبيت أركانها إلى سن القوانين لحماية الضعفاء وتدعيم الفقراء وتنظيم العبادة وبناء الهيكل… مما يعني باختصار أن جلال ملكوت الله سيحل على الأرض في وسط شعبه، ليصير الله الملك الفعلي المقيم في هيكله، ويكون الملك الأرضي مندوباً أو ظلاً مؤقتاً لهذا الملك الأبدي الحقيقي المالك منذ الأزل وإلى الأبد… ويستعير المترنم هذه الصفة الفريدة ليصبغها على الملك المسياني في الزمن الأخير، حيث سيصر الله نفسه عمانوئيل مالكاً وعائشاً مع شعبه إلى أبد الدهور… كنبؤة عن ملك المسيح المنتظر.

6-   خلّصته فعظم مجده، وجلالا وبهاءً ألقيت عليه:

المجد، العظمة، الجلال، البهاء…كلها من صفات الله وأسماءه، به وحده يليق المجد والإجلال والبهاء… لكن الله سيسكب  ذلك كله على مسيحه الملك، حيث سيخلصه ويحقق فيه سعادته وهذه الآية أيضا نبؤة "مسيانية" عن المسيح الذي يكلله الله بهذه الصفات ويعطيه رتبة فوق كل رتبة.

8-جعلته مباركاً إلى الأبد ليشدو فرحاً أمام وجهك:

لم يعد الملك يكتفي بكل ما أحاطه الله  به من جلال وبركة، بل تحول هو نفسه إلى بركة، لا بل بركات، فالله نفسه سيشرق بوجهه عليه ليزداد سروراً على سرور أمام وجهه.

القسم الثاني: صرخة الشعب: (8)

7-   الملك يتوكل على الرب وبرحمة العلي فلا يتزعزع:

في القسم الثاني يبدو الملك وكأنه لا يطلب شيئا، ولكنه يعرف أنه بعد حفلة التتويج في الهيكل، ستعترضه كل الصعوبات التي تواجه المملكة، لذا يعلن له الكاهن والشعب أن النصر سيكون حليفه، حينئذ يترك الملك الهيكل وهو متأكّد من النصر على أعدائه. مؤكداً ما يقوله الشعب من ديناميكية العلاقة بين الملك والرب والشعب حيث يعلن أن الملك يتّكل على الرب، والله هو من يعطي النصر للملك في كل حروب الشعب.

9- يده تطول أعداءه ويمينه جميع مبغضيه:

حين رأى الشعب ملكَه متوجاً ومغموراً بقدرة الله وبركته، أحس بالطمأنينة وطلب من الله المعونة والنصر للملك فاستجيب له. وهو يرى أن عظمةُ الملك ما هي إلا شعاعٌ من عظمة الله، والحياة الطويلة علامة رضاه لأنها مشاركة لحياته الدائمة، فالملك المتّكل على الرب، والمرتبط برحمة العلي ثابت لا يتزعزع.

تظهر هذه المعادلة تبادلاً رائع الوصف بين الملك والعلي، بين الأرضي والعلوي؛ فالأرضي يتوكل على الرب، والرب العلي يثبته ويدعمه برحمته، فلا يستطيع أعداؤه مهما بلغوا من القوة والبأس أن يقهروه، لأنه مدعوم بقوة لا تعرف الهزيمة، قوة الله العلى.

القسم الثالث: تجديد وعد الله للملك: انتصارات جديدة ومُلك طويل. (9- 13):

هكذا فثمرة تحقق الوحدة بين الله والملك، هي القدرة على  التغلب على جميع أعدائه ومحاربيه إذ تستمد يمينه قوتها من يمين الله …يتقدّم الله نحو الملك الممسوح بيدين محمّلتين بالسعادة والحياة (المزامير 4: 7؛ 26: 2؛ 23: 6؛ 25: 13…). فنراه وهو يُلبسه الجلالَ والبهاء (المزامير 23: 6؛ 45: 3، 7…)، ويغطّيه بمجد الملوك، وفيه يتمّ ملء المصير البشريّ…

10- يجعلهم كتنور نار حين يتجلى وجهه. الرب بغضبه يبتلعهم، والنار تأكلهم أكلاً:

حيث قد نال الملك قوة بها يُفني جميع أعدائه، نور الله الذي يسعد ويفرح ويهدي قلوب المؤمنين حين يشرق عليهم بوجهه، لكنه يصير نارا حارقة كنار التنور للذين يقاومون إرادة الله والملك الممسوح، لذا يلفح ظهوره أعداء الله والملك كنار التنور الهائل فيهربون من وجهه منهزمين فزعين.

«  الرب بغضبه يبتلعهم:

نار غضب الرب المتجلية في الآتون تكون برداً وسلاماً على أولاده "قصة الفتية الثلاثة" (دانيال 4:  ) بينما هي تدمر وتحرق وتبتلع كل ما يقابلها، من أعداء الله والملك.

«  والنار تأكلهم اكلأ:

تكررت الكلمة المقابلة للتنور خمسة عشرة مرة في النص العبري أمما الكلمة التي تقابل فرن فتكررت فأربع مرات، هذه الصور تُعبّر عن هلاك أعداء الله، إذ يبيدون كقطع خشبية قد زُجَّت في الفرن، فيهلكون تماماً. والنار والتنور هما علامة غضب الله على المدن والأمم الكافرة، وهي مصير الأشرار الذين يقاومون الله والملك ويعيقون تحقيق ملكوته على الأرض. وهكذا يكون مصيرهم الأبدي نار آكلة ودود لا يموت (متى).

11- يبيدهم من الأرض ونسلهم من بين بني البشر:

تبدو العقوبة هنا كما النعم، أبدية، فكما أن بركة الرب للملك ودعمه هما علامة عهد أبدي يمتد ليشمل جميع أبناء نسله، فإن غضبه على الأشرار لا يتوقف عليهم وحدهم بل يمتد إلى نسلهم حتى يفنيهم من بين البشر. جاءت كلمة "ثمرة" في العبرية "أولاد" فالحديث عن الأولاد كثمر هو حديث قديم جداً (راجع تكوين 30: 2؛ تثنية 7: 13؛ 28: 4؛ مزمور 127: 3؛ 132: 11؛ إشعيا 13: 18؛ مراثي 2: 20؛ هوشع 9: 16؛ ميخا 6: 7).

لا يعني غضب الله كراهية أو انتقاماً لنفسه، وإنما يختار الأشرار لأنفسهم أن يكونوا عشباً زائلا ويرفضون أن يَنْعموا بموضعهم في الأحضان الأبوية. لذلك فهم يعدون أنفسهم بمحض إرادتهم ألا يقبلوا مراحم الله ليشتركوا في أمجاده.

12-عبثا يطالون الملك بسوء، ويدبرون له المكائد:

فعَّال هو خلاص الله، أمامه يظهر كل الأعداء عاجزين عن أن يتسببوا بأي ضرر للملك ولا شعبه، إذ لا حول لهم ولا قوة أمام الله المخلص الذي يبطل كل مؤامراتهم الشريرة ويفشل كل تدابيرهم المسمومة.

13-       لأنه يحملهم على الفرار حين يرمي وجوههم بسهامه:

لا يتوقف عمل العناية الإلهية على الدفاع بلعن أحباءه بإبطال مؤامرات العدو الشرير ضدهم، بل يتدخل أيضا هجوم يل حين يبدأ في إطلاق السهام النارية مما يجعل أعداء الملك لا يملكون إلا الفرار هربا من غضب الرب وسهامه الملتهبة بالرغم من أنهم أقوياء لكنهم أمام قوة الله  ضعفاء للغاية. (خروج) ليس لنا طاقة بالوقوف أمام إسرائيل لأن الرب يدافع عنهم

12-"لأنهم أمالوا عليك شروراً، وتشاوروا مشورة لم يستطيعوا إقامتها":

إنهم مملئون دهاءً وشراً، يدبرون بالخبث مكائدهم ضد الملك وضد مملكته، حاربوه واضطهدوه وحاصروه وحاولوا طرده عن عرشه ، كما تقولوا عليه بالشر وافتروا عليه بالكذب واتهموه بكل ما هو باطل وزور وبهتان، لكنهم فشلوا إذ "لا يستطيعون إقامة مشورتهم" أي يعجزون عن تحقيقها. إنهم كالأفعى تحمل سمّاً لكن رأسها مهشم، وكالأسد يزأر وهو أسير!

خاتمة: صرخة الشعب وصلاته الى الرب: (14)

10-      تعاليت يا رب بعزتك، ننشد ونرتل لجبروتك:

 جاءت الخاتمة مشابهة للافتتاحية إلى حد كبير ومماثلة لختام ذكصولوجية الصلاة الربانية. هكذا ينتهي الأمناء إلى إعلان مجد الله المفرح في حياة الملك وفي تاريخ شعبه فهو معهم إلى الأبد وهم شعبه ينشدون له.

 

رابعا: تطبيق المزمور:

«  كيف عاش الرب يسوع هذا المزمور:

الملك الذي ينشده هذا المزمور هو الرب يسوع المسيح. فهو وحده كان قريباً من الله الآب  (لوقا 10: 21؛ 15: 11) ودفعته قوى الشر إلى الموت (رومية 6: 9)، فانتصر عليها وقام بالمجد والبهاء (عبرانيين 2: 9) وظهر عمل الخلاص في حياته بالقيامة، فنالت الشعوب كلها البركة على يديه. (غلاطية 3: 14).

 المسيح الملك: انه ليس مجرد ملك، لكنه "الملك"، تجلى ملكه منذ البشارة به " يملك على بيت داود إلى الأبد ولا يكون لملكه انقضاء" (لوقا 1: 33 )، وشعر به المجوس " أين هو المولود ملك اليهود… فجئنا لنسجد له " ( متى 2:2 )، وأكده الرسل فيليبس ونثنائيل "أنت يا معلم ابن الله أنت ملك إسرائيل"(يوحنا 1: 49)، بل وأيده هو بذاته أمام بيلاطس البنطي (يوحنا 18: 23-27). وتجلّى مُلكه على الصليب كما تجلى يوم القيامة، لذا  يُصلّى  هذا المزمور تسبيحاً للقيامة، بكونه يتغنى بقوة الملك الغالب الموت، واهب الفرح والتهليل لكل المتمتعين بحياته المُقامة، الذين معه يرددون : "هللويا، الملكُ لربنا الإله القدير".

وهو كملك أبدي كفيل بأن يشرك أحباءه في ملكه، فيجلسون كالرسل على اثني عشر كرسياً، "فقال له يسوع الحق أقول لكم إنكم انتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضا على اثني عشر كرسيا تدينون أسباط إسرائيل ألاثني عشر (متى 19: 28) ويرافقون الحمل أينما ذهب، معبّرين عن فرحهم وبهجتهم. "لان الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم و يقتادهم إلى ينابيع ماء حية و يمسح الله كل دمعة من عيونهم (رؤيا  7 :  17)، فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض الذين ليست أسماؤهم مكتوبة منذ تأسيس العالم في سفر حياة الخروف الذي ذبح (رؤيا  13 :  8).

– ارتفع المسيح على الصليب كعرش له:  كانت انتصارات داود ظلا لانتصارات ابن داود التي تحققت بالصليب. يقول الكتاب "الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي، فجلس عن يمين عرش الله" (عبرانيين 12: 2). كنائب عنا، تألم وصُلب لأجلنا؛ فيه قمنا وبه ارتفعنا إلى السموات (أفسس 3: 6)، لهذا يتهلل السيد المسيح نفسه بخلاص الآب الذي تم فيه بالفداء…إذ "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3: 16). لذا عندما نقول: "يا رب بقوتك يفرح الملك، وبخلاصك يتهلل جداً" نفرح نحن أيضاً إذ نصير ملوكاً بالشركة معه في صلبه، "فإن كنا أولاداً فإننا ورثة أيضاً ورثة الله وارثون مع المسيح إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضاً معه (رومية 8 : 17)، لان ما يسر الملك (المسيح) يُفرّحنا نحن أيضاً ""سمعتم إني قلت لكم أنا اذهب ثم آتي إليكم لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون (يوحنا  14: 28) لذلك يمكن القول أن هذا المزمور هو نشيد الملك في البستان حيث يدخل معركة الصليب "يوم الشدة"، مُقدّماً حياته ذبيحة محرقة، وقد استجاب الآب طلبته وشفاعته عن جميع مؤمنيه. فقد قبل المسيح آلام الصليب، ليقيم مملكته في القلوب وداخل النفوس.

– وتشاوروا مشورة لم يستطيعوا إقامتها": حاول أعداء المسيح الملك من أصحاب السلطة والنفوذ المملئون دهاءً وشراً، أن يدبروا بالخبث مكائدهم ضده وضد مملكته، فصلبوه معلقين إياه على خشبة مكتوب عليها "يسوع الناصري ملك اليهود" (يوحنا 19:19 ) ظناً منهم أنهم قد قضوا نهائياً على الصديق وعلى مملكته، لكنهم فشلوا إذ "لم يستطيعوا إقامة مشورتهم"، أي تحقيق ما كانوا يهدفون إليه منها؛ فقد أقامه الله ناقضا الموت، فصاروا مع نسلهم الشرير  كالأفعى تحمل سمّاً لكن رأسها مهشم، وكالأسد يزأر لكنه أسير!.

مشورة لم يستطيعوا إقامتها: يطبق الأب قيصريوس أسقف أرل هذه النبوءة  أيضا على زعم الجنود بمشورة من الرؤساء الأشرار أن التلاميذ جاءوا ليلا وسرقوا جسد السيد المسيح وهم نائمون، ويقول "لأنهم لو كانوا مستيقظين لحرسوا القبر، ولكن إن كانوا نائمين فكيف علموا بما حدث؟ إنهم لا يدرون أنهم بقولهم هذا أكدَّوا القيامة وهم لا يدرون؟".

 "حياة سألك فأعطيته": تنطبق بالكمال والتمام على المسيح يسوع وعلى قيامته من بين الأموات والتي انْجلَت في كلماته: "أيها الآب مَجِدّ ابنك" (يوحنا 14: 7)، وقد أعطاه الآب السماوي الحياة كاملة أبدية ووهبها هو بدوره لكنيسته." أنا معكم إلى انقضاء الدهر" (متى 28 :20 )، ويقول عنها  القديس أُغسطينوس: " أي تلك السنين التي تعيشها الكنيسة في العالم الآن، وستبقى فيما بعد إلى الدهر الذي بلا نهاية". ولقد أعلن المسيح شهوة قلبه الداخلية بالصلاة المسموعة، بالكلمات وأيضاً بالآلام. وتحققت ولا تزال تتحقق في كنيسته إلى أن يتم جهاد كل المختارين وينعموا بشركة الميراث معه.

  اشتهي المسيح أن يأكل الفصح (لوقا 22: 15)، وان يبذل حياته ليضعها بإرادته ويأخذها أيضا بإرادته (يوحنا 10: 18)، وقد تحققت شهوته.

  يقول  القديس أُغسطينوس: "يبدأ المرتل بشهوة  القلب ثم يُكمل بسؤال الشفتين، لأن شهوة القلب تسبق سؤال الشفتين ويَلزم أن تتفق معه، ليعمل الداخل والخارج حسب إرادة الله… عندئذ نجد استجابة الله السريعة للقلب كما للفم. لقد صلى مسيحنا بشفتيه: "مَجِدّ ابنك فيُمجِدك ابنك أيضاً" (يوحنا 17: 1)، وجاءت كلماته تتفق مع شهوة قلبه، وقد أستجيب".

 

 

 

«  كيف نعيش هذا المزمور كمسيحيين:

    لا ينبع فرح داود من جلوسه على عرشه ولا هو مغتبط بقوة جيشه وإنما بقوة الرب وخلاصه المجاني. ونحن أيضاً إذ نتحد مع ابن داود، نملك على أهوائنا، لنعيش بحياته المُقامة، غالبين ومنتصرين. وكما يقول القديس بولس: "لكن شكراً لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويُظهِر بنا رائحة معرفته في كل مكان" (2 كورنثوس 2: 14).

إكليل المجد تتحدّث النصوص عن في الآيتين الرابعة والسابعة نجد السبب الحقيقيّ لفرح الملك: عطيّة البركة والسعادة والحياة، تحت نظر الله.وهذه هي حياة المسيحي تحت نظر الآب وفي حضرته الدائمة، وكما يصوّر المزمور فرح الملك واطمئنانه، بمجرد التواجد في بيت الله؛ فقد اجتاحت هذا الضيفَ، قوّة خلاص ينقلها الله عبره إلى شعبه. كذا يعيش المسيحي هذا الفرح الداخلي النابع من تواجده في حضرة الله، نقرأ في المزمور 18: 29- 30: "الرب يضيء سراجي، الهي ينير ظلمتي. بعونه اقتحم الجيوش، وبه أتسلّق الأسوار".

–   دعوت إلى الرب فخلصني:  كما اختبر داود الملك أن كل خلاص إنما يتحقق بالله،  حيث قدم خلاصاً قهر كل عدو. كذلك تكون صلاة كل مسيحي يؤمن يتحقق الخلاص بطرق لم تكن في الحسبان، ويعرف أن الله قادر على أن يتمه في أحلك اللحظات؛ وهو لا يتأخر لحظة واحدة في الرحمة، لكنه أحيانا ينتظر حتى اللحظة الأخيرة .

  لقد صار "اسم يسوع" سرّ قوة للمؤمن وغلبه على الخطية والشيطان وكل قوات الظلمة. يقول العلامة أوريجانوس: "باسمه كثيراً ما تُطرد الشياطين من البشر، خاصة إن رُدد بطريقة سليمة وبكل ثقة. عظيم هو اسم يسوع! اسمه يشفي المتألمين ذهنياً، ويطرد أرواح الظلمة، ويهب شفاءً للمرضى".

– يقول  القديس كيرلس الكبير: " الابن يجعل الذين يقبلونه مشابهين له بواسطة الروح القدس، وحينما تتجدد صورتنا بالقداسة يفعل هذا الروح، فنحن في الواقع نتغير إلى صورة الله، وهذا هو ما يقوله الرسول: "يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضا إلى أن يتصور المسيح فيكم" (غلاطية 4 :19 ) فالمسيح فينا بفعل وعمل الروح القدس الذي يجدد شكلنا يتصور فينا راسماً فينا صورة إلهية للبر والقداسة.

– ونحن أيضا كأعضاء جسد المسيح صرنا  ملوكاً محاربين، نتلقى العون من ملك الملوك في حربنا الروحية. لذلك تُستُخِدم الكثير من آيات هذا المزمور في الطقوس.

خامسا: خاتمة المزمور:

عطايا الله للبشر هي من قبيل حبه وصلاحه، حيث يبادر الله الإنسان بالحب حتى قبل أن يوجد أو يتعرف عليه.ودليل هذا أنه لا يجرؤ أحد أن يطلب مخلصاً بعدما خطأ، إنما من قبيل حب الله ورحمته وتحننه خرج الوعد بمن يسحق رأس الحية.

أنعم الله على داود بالعرش دون فضل من جانبه، فلقد أخذه من بين أغنامه، ومسحه وأقامه ملكاً متوجاً على أعظم  عرش في المسكونة كلها؛ كذلك يتمتع أبناء العهد الجديد ببركات المسيح الملك، حيث ينالون الكثير من العطايا الإلهية قبل أن يسألون أو يطلبونها مثل نعمة الوجود، ونعمة الإيمان المسيحي، ونعمة العماد والمسحة وسكنى الروح القدس في القلوب…

وهو يضع التاج على رؤوس مؤمنيه ويرفع المسكين من المزبلة، ويقيمه وسط مع رؤساء شعبه (مزمور 113: 7-8).فهو من أجلنا نحن البشر ولأجل خلاصنا أخلى ذاته عن مجده ولأجلنا أيضاً تمجّد ونال من الآب الكرامة والمجد (1 بطرس 1: 17)، المجد الذي كان له من قبل تأسيس العالم (يوحنا 17: 5).

في المسيح يتقدس الإنسان بكُليّته: الجسد والنفس معاً، إذ يُحوّل الرب القلب إلى السماء، فتتبدد ظلمة إبليس وكل أعماله الشريرة من أعماق النفوس، فلا يوجد بعد تراب أو أرض يمكن للعدو أن يمرح فيها، "ثمرتهم من الأرض تهلك" والأرض هي جسد الخطيئة، فلا يكون للعدو ثمر في جسدنا كما لا مكان له في نفوسنا.

وكما قدم داود الشكر لله لأنه منذ صباه حتى شيخوخته تعرض لتجارب كثيرة وضعته على عتبة الموت، وفي كل مرة كان خلاصة ليس بعمل بشري بل كعطية من قبل الله؛ حتى شعر داود الملك انه مدين لله بكل حياته،كذلك نحن باستحقاقات دم يسوع  الثمين وهبنا الروح القدس، لنحمل صورة  المجد والبهاء ونتمتع بالحياة الجديدة التي لا يغلبها الموت. فنحن أيضاً إذ صرنا أعضاء في جسد المسيح القائم من الأموات ننال هذه الحياة الجديدة فيه بالتمتع بالمجد الذي نناله باتحادنا معه، وبالحياة الجديدة فيه بدخولنا إلى ملكوت الفرح.

لهذا كله مع المرنّم في هذا المزمور، نشكر الله لقوّته وخلاصه اللذين يملأننا فرحاً، وتهليلاً، ولأجل تحقيق شهوة قلوبنا وسُؤْل شفاهنا في الصلاة.

صلاة

على رحمتك توكلت فلا أتزعزع

تعاليت يا رب بعزك، نفسي تنشد لك وقلبي يتهلل لجبروتك، يدك يا إلهي لا تقصر عن أن تعمل في حياة أولادك،

أحاطتني متاعب الحياة وتشابكت حولي خيوطها،

هاجمتني الهموم وروعتني الهواجس،

تباعدت الطموحات والآمال تبددت،

كاد اليأس أن يبني له عشا في أيام عمري

ويخنق كل شعاع للرجاء في كياني

 فيبدد السلام من سماء نفسي

صرخت نحوك: خلصني يا رب كي تهلل لك شفتاي،

رفعت عيناي نحوك، توجهت إليك صارخاً، وراح القلب يناجيك، خلصني يا رب، عليك توكلت فلا تتخلى عني، لا تسلم إلى العدو نفسي فيفترس أبديتي ويبدد أيام عمري.

تعاليت يا رب العزة،

 أنت خلَّصتَ وتُخلّص وستُخلّص حتى تدخل بي إلى شركة أمجادك.

عززت موقفي أمام الجميع، فابتهجت نفسي سرورا وفرحاً، خلصتني من جميع أعدائي وحطمت خصوم نفسي، حققت لي شهوة قلبي ففاض بالتسبيح لاسمك، غمرتني بكل النعم المؤدية إلى النصر والخلاص، وكللتني بإكليل البر والصلاح، وأرحتني بعد طول تعب وشقاء، ففرح معي محبو اسمك.

أنت يا رب

تسمع نبضات قلبي وتستجيب لكلمات شفتاي، تسكب بهاءك عليّ فأشعر أني ملك متوج في مملكتك، تهبني حياتك بسرّ القيامة فلا يقدر الموت أن يُحطمها، تُفيض عليّ بينبوع بركات لا يجف وتُعلن ذاتك في وفي شعبك، فأعرفك وأراك وجهاً لوجه!

حَطّم يا رب ثمر العدو في قلبي، وأُقِمْ ملكوتك في داخلي

وليتمجَّد أسمك فيّ وفي كنيستك إلى الأبد،

 اقبل يا رب شكري وتهليل نفسي لأنك أتيت وخلصتني.

 آمين

الفهرس

تقديم المجلد الثالث                      

مقدمة المزمور الحادي والعشرين           

نص المزمور وتقسيمه                      

فاتحة المزمور                    

فاتحة المزمور                            

القسم الأول                     

القسم الثاني                  

القسم الثالث                                    

ختام                          

تطبيق المزمور            

كيف عاش الرب يسوع هذا المزمور            

كيف نعيش نحن هذا المزمور         

خاتمة المزمور                                

صلاة                       

الفهرس