دور التقنيات الحديثة في نشر الرسالة المسيحيّة

لمطران الراعي: وجه الدعوة للإعلاميين للمشاركة بيوم الإعلام في 16 ايار الجاري في كنيسة مار تقلا – بقنايا العاشرة والنصف صباحاً

جل الديب، الخميس 13 مايو 2010 (Zenit.org).

عقدت ظهر الثلاثاء ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان : " دور التقنيات الحديثة في نشر الرسالة المسيحيّة"، على ضوء رسالة قداسة البابا بنديكتس السادس عشر لليوم العالمي الرابع والأربعين لوسائل الاتصالات الاجتماعية، برئاسة رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، المطران بشارة الراعي، شارك فيها: نائب المدير العام لإذاعة "صوت المحبّة" الأب عمــر الهاشــــم، ومديرة البرامج في تيلي لوميار ونورسات ورئيس المجموعة العالمية للمنظمة الكاثوليكية للسينما والتلفزيون: سيغنس انترناشيونال الآنسة ماري تريـز كريـدي، الأمين العام لجمعية الكتاب المقدّس الدكتور مايــك بســوس، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الأب عبده أبو كسم، وحضرها أمين سرّ اللجنة، الأب يوسف مونس، والمسؤول عن الفرع السمعي البصري في المركز، الأب سامي بو شلهوب، وممثل وزير الإعلام الأستاذ اندريه قصاص، مديرة الوكالة الوطنية للإعلام، السيدة لور سليمان صعب، وممثل نقيب الصحافة، الدكتور أنيس مسلم، وأمين النشر والإعلام في رابطة قنوبين، الأستاذ جورج عرب، ومن السينودس الأنجيلي، القس امير اسحاق، والأخ جان كلود روبير وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين.   قدّم الندوة وأدارها المحامي وليد غياض. 

كلمة المحامي وليد غياض وقال:

ككل ثلاثاء، نلتقي اليوم في المركز الكاثوليكي للاعلام، وعبر شاشتي تيليلوميار ونورسات الفضائية، وصوت المحبة ومن خلال كل وسائل الاعلام الحاضرة بيننا مشكورة، لنتحدث عن رسالتنا، والاعلام رسالة شريفة قاعدتها الضمير والاخلاق والحقيقة، وباتت العامل الاول في صناعة الرأي العام وفي رسم الانماط السلوكية للناس.

      والاعلام يمكن ان يكون بنّاء أو هداماً، وعلى تطوّر تقنياته، لم يعد فقط لينقل الحدث، انما اصبح هو صانع الحدث، أو الحدث عينه احياناً، هو السيف ذو الحدّين الذي ان اسيء استعماله كانت ضحاياه كثيرة.

      والنعمة الكبرى التي نشكر الله عليها باستمرار هي حرية الاعلام لدينا، ولكن السؤال هل ان تلك الحرية ما زالت حرية؟ أم اصبحت تفلّت، وحجّة للاهانة والاباحية والعنف والعمالة السياسية المأجورة وانتهاك القيم والحقوق؟

      نحن بحاجة الى مناقبية في الاعلام كما في كل حقل من حقول العمل، لكي نتمتع بما وهبنا اياه الله من خيرات ونعم. والتقنيات الحديثة نعمة علينا استخدامها بجدّية في نشر الرسالة المسيحية، وهذه الدعوة يشدّد عليها اليوم قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في رسالته بمناسبة اليوم العالمي الرابع والاربعين لوسائل الاتصال الاجتماعية، تحت عنوان: "الكاهن والخدمة الراعوية في العالم الرقمي: وسائل الاعلام الجديدة في خدمة الكلمة". في ضوء هذه الرسالة يسعدنا ان نستمع الى كل من: الاب عمر الهاشم، والآنسة ماري تريز كريدي      والدكتور مايك بسوس. 

المطران بشارة الراعي رحّب بالمنتدين وقال:

      رحب بالحضور والممثلين الرسميين لوسائل الإعلام وقدم التهاني لكل القيمين على وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة والإعلاميين والإعلاميات ووجه إليهم الدعوة للمشاركة في القداس الاحتفالي في المناسبة، الأحد 16 ايار الجاري في كنيسة مار تقلا – بقنايا، الساعة العاشرة والنصف صباحاً وإلى لقاء معهم بمشاركة معالي وزير الإعلام.

      وقال: خصّصت الكنيسة اليوم العالمي للإعلام في الأحد الذي يلي صعود الربّ يسوع إلى السماء وقبل حلول الروح القدس في يوم العنصرة، للدلالة أن "الكلمة" الذي صار بشراً وخاطب جميع الناس عن سرّ الله والإنسان والتاريخ، قد استودع الإعلاميين والإعلاميات رسالة إعلان "الكلمة": كلمة الحق والخير والجمال.

      وختم: نشكر الله على أن الإعلام في لبنان وخلافاً لجميع بلدان المنطقة، ما زال حراً. نرجو أن يحافظوا الإعلاميون والمؤسسات الإعلامية على كنز الحرية، فيكونون احراراً من النففوذ المالي والسياسي.  

ثم تحدث الاب عمر الهاشم فقال:

      إسمحوا لي في بداية الحديث ان اتوجه بالشكر الى سيادة  المطران بشارة الراعي، راعي ابرشية جبيل المارونية ورئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام، وللاب عبدو ابو كسم مدير المركز الكاثوليكي للاعلام على دعوتهم لأشهد أمامكم على أهمية وسائل الاعلام في عالم اليوم ودورها في نشر البشرى السارة.

       اود اولاً ان استشهد بالدكتور روبير وايت القائل: ان الديانة المسيحية هي ديانة تواصل بامتياز، اذ ان الرب اتقنها من خلال تواصله مع البشر، اذ ارسل لهم انبياء ومبشرين، وفي تمام الازمنة تواصل معهم من خلال ابنه يسوع المسيح …. ويكمل الاب وايت ويقول: ربنا كان اول اعلامي اذ انه قد حدد رسالته الخلاصية (خلاص البشرية جمعاء) والمرسل (ابنه يسوع في تمام الازمنة)  والوسيلة ( الوعظ والتعليم وشفاء المرضى ….. ). اما الفئة المستهدفة فهم ذوي الارادة الصالحة الذين اختاروا النصيب الافضل على مثال مريم وجلسوا عند اقدام الرب وسمعوا تعاليمه، فكانت النتيجة قيام الجماعة المسيحة الاولى، جماعة المؤمنين التي اصبجت فيما بعد الكنيسة.

      الكنيسة بدورها اكملت المسيرة مستعملةً كل وسائل الاعلام: من الشفهي المنقول، مروراً بالمخطوطات على انواعها، وصولاً الى اعظم ثورة في التاريخ ثورة غوتنبرغ. وابحرت في عالم وسائل الاتصال الاجتماعي منذ نشأتها فكانت في بعض الاحيان تشجبها وفي احيانٍ اخرى تشجعها؛ الى ان جاء المجمع الفاتيكاني الثاني الذي عقد بدعوة من رجل الله المُلهم، قداسة البابا يوحنا الثالث والعشرين البابا القديس سنة 1959. انه مجمع رعوي بامتياز، كما قيل عنه مجمع وسائل الاتصالات الاجتماعية، الذي دعا الكنيسة الى الابحار في عالم وسائل الاتصال الاجتماعي والى الاعتماد عليها في ايصال الكلمة الى ذوي الارادة الصالحة، كما دعا القيّمين على التنشئة الاكليريكية والرهبانية الى ادخال مواد الاتصال الاجتماعي في صلب التنشئة الكهنوتية.

      بالحديث عن نشأة الراديو المسيحي وبالتحديد راديو الفاتيكان سنة 1929 طلب قداسة البابا بيوس الحادي عشر من العالم الايطالي الشهير ماركوني إنشاء محطة إذاعية داخل دولة حاضرة الفاتيكان وأوكل إدارتها الى راهب يسوعي (جوزيبي جانفرانشيسكي)، في 12 شباط 1931 دشّن البابا بيوس الحادي عشر مركز الإذاعة بخطاب باللغة اللاتينية أثار تأثر العالم كله. ومنذ ذالك الحين والكنيسة تعمل على الافادة من الراديو مشددةً على ما يلي:

1.     التبشير الجديد من خلال التعليم الكتابي العقائدي، الوعظ، التنشئة الليتورجية، العمل المسكوني، التحفيز على العمل الرسولي، والحوار ما بين الاديان….

2.     التنشئة الانسانية من خلال البرامج التربوية، الاجتماعية، السوسيولوجية،  السيكولوجية، الاهتمام بحقوق الانسان واولهم المستضعفين، مثلاً المهجرين والمهاجرين….

      استمرت الكنيسة في الافادة من الراديو الى ان أفل نجمه، كما قال بعضهم، مع بداية عهد التلفزيون في الثلاثينات. وبهر المشاهد بالصورة بعد ان كان قد فتن وأُخذ بالصوت، لكن الراديو ظل المنافس الشرس في العمل والسيارة الى ان بدأ عالم الانترنت والخِدم السريعة. فشعر عشّاق الراديو انه سينتكس من جديد لكن الراديو ضل المنافس الاول في عالم الاتصال الاجتماعي وفي العالم الرقمي.

      خلال هذه الحقبة لم تكن الكنيسة متفرجة صامتة انما كانت منافسة ومبحرة في هذا العالم جاعلةً منه خادماً اميناً للبشارة، مرسلاً يزف بشرى يسوع المسيح، واداةَ تلاقي بين ابناء البشر من كل لون وطبقة وجنس، متخطيةً كل الحواجز والحدود، مردّدة مع رسول الامم:  الويل لي إن لم ابشر.

      مع بداية الثورة الرقمية شعرت الكنيسة انها في مطلع تاريخ جديد، فما كان منها الا ان حدّدت الاطر لكل وسائل الاتصال الاجتماعي ومنها الراديو، داعيةً كل العاملين في التنشئة  الكنسية، وعلى رأسهم الرعاة والخدّام الرعوين، الى الاستفادة من هذه الوسيلة لانها: " فورية، مباشرة، علمية، تفاعلية، قابلة للتطور، مرنة قابلة للتأقلم، تلغي الحدود الجغرافية، والزمنية، جاعلة من عالمنا المعاصر قرية كونية. فمن خلال جهاز الراديو الكل يعرف كل شيء وكل حدث، ساعة بساعة، لا بل دقيقة بدقيقة: ساعة الحدث ومن ارض الحدث، كما دعت القيّمين والعاملين في ادارة الراديو، اداريين كانوا او معدين او مذيعين، الى الارتكاز على عمق روحي وثقافة لاهوتية وحوار مستدام مع الرب، ليصلوا الى تحقيق رسالة الكنيسة التي تهدف الى:

1.     النمو الانساني وارساء العدالة ونشر السلام

2.     بناء مجتمع يعمل من اجل الخير العام بروح التضامن

      في خضم هذه الثورة الرفمية وإيماناً منها برسالة الراديو، عملت الكنيسة الى ادخاله الى عالم الانترنت من خلال الاستماع المباشر او من خلال تصنيع جهاز يتم وصله على شبكة الانترنت ومن خلاله يستطيع كل انسان الاستماع  الى كل الاذاعات التي تبث عبر الانترنت. كما انها أبحرت في عالم البث الفضائي الساتيلايت وهي تعمل جاهدة على انشاء راديو يتمتع بلاقط خاص. فكما نستمع  اليوم عبر الراديو العادي الى الموجات القصيرة او ال أم وال ف م فسنصل الى يوم وليس ببعيد لنستمع الى البث الفضائي sat .

      نداء الى كل المسؤولين الكنسيين للإسراع في تنشئة اكليركيي اليوم كهنة الغد، على حسن استعمال كل وسائل الاتصال الاجتماعي والى الابحار في العالم الرقمي اذ انه لا يخيف، لا بل علينا ان نروضه ونجعل منه خادماً للبشارة. كما اود لو يضعوا خطة تنشئة راعوية اعلامية تشمل كل العاملين في الرعايا ومعلمي التعليم المسيحي والمربّين والاهل من اجل توجيه جودة التواصل وحسن الاهتمام بالاشخاص الآخرين والتنبه لحاجاتهم الروحية،  وتنبيه الذين يبحرون في العالم الرقمي  الى حاجتهم الروحية وتزويدهم بها من اجل التعرف على الرب.

      في الختام، ان الراديو وسيلة من وسائل الاتصال الاجتماعي الذي وضعها الرب بين ايدينا، فالكنيسة تدعونا الى  الاستفادة منها والابحار من خلالها من اجل ايصال كلمة الرب الى قلوب كل ذوي ارادة صالحة. في القديم وحسب سفر الرؤيا كان الرب واقفاً على الباب يقرع، في هذا اليوم وعبر الراديو او اي وسيلة اعلامية، بامكانه ان يدخل محطماً كل الابواب الموصدة. علينا الاستفادة من هذه الثورة الرقمية لنوصله الى ابعد مدى آمين.

ثم تحدثت الآنسة ماري تريز كريدي عن: التقنيات في خدمة البرامج التلفزيونية فقالت:

      هذا هو عصر الإعلام بإمتياز، لقد أصبح الإعلام بكافة أشكاله جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ودخلت منطقتنا في سياق العولمة الإعلامية وأصبحت منطقة الشرق الأوسط كغيرها من مناطق العالم الثالث، في حالة تلقي لكل ما تنتجه الدول الصناعية المتقدمة من الإنتاج الإعلامي.

      وعت الكنيسة أهمية الإعلام ودرج البابوات على اصدار رسائل حبرية سنوية في مناسبة اليوم العالمي لوسائل الاعلام الاجتماعية، وما رسالة هذا العام التي تحمل عنوان "الكاهن والخدمة الرعوية في العالم الرقمي: وسائل الإعلام الجديدة في خدمة الكلمة" إلا تأكيد ودفع جديد لبث الرسالة المسيحية بشتى الوسائل الحديثة، و بشكل خاص عبر استعمال الصوت والصورة، وخاصة التلفزيون.

      فالصورة وضعت منذ فجر المسيحية، في خدمة الإعلان المسيحي، ولا شك ان المبشرين بالإنجيل لطالما وجدوا  وسائلهم الخاصة من أجل حمل رسالة الإيمان إلى الآخرين لقد كان يسوع متحدثاً معبراً، حاضراً، بليغاً، وفي رسالته كان إعلامياً بإمتياز، لم يكن يسوع يملك محطة تلفزيونية، لكنه كان "يبث" في أذهان سامعيه وناظريه، صوراً وأمثالاً ، دعانا المسيح لننادي به عن السطوح، واليوم باتت السطوح رقمية، شاشات تلفزيونية، وسينمائية، أثير الإذاعة، ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعي.

      و السؤال يتكرر، لو أن المسيح تجسد في عصرنا هذا، أما كان سيعتمد شاشاتنا وإذاعاتنا لإعلان بشرى الخلاص؟

      منذ ثمانين عام  ولدت المؤسسات الكاثولكية للراديو والسينما والتلفزيون، كدليل على رؤيا الكنيسة وعينها الساهرة، إمتدت في العالم، وهي اليوم موجودة في القارات الخمس، تنشر عبر أعضائها ثقافة السلام والتنوع والإنفتاح، وتواكب عالم الإتصالات بشتى الميادين.

      في هذا العالم الرقمي، عام 2004 إثر مؤتمر مدريد للمحطات الكاثوليكية، تم إطلاق وكالة أيتش تو او نيوز عبر الإنترنت لتحمل أخبار الكنيسة بلغات سبع، ومنها العربية، ونحن اليوم عبر تيلي لوميار ونورسات ننقل أخبارها ونزودها بأخبار الكنيسة في الشرق.

      منذ العام 2009 أطلق الفاتكيان محطة على شبكة يوتوب، التي تطال مختلف الجماهير وتحديداً الشبيبة مع موقع بوب تو يو ، ثم مع إكس ثري تزامناً مع الأيام العالمية للشبية في سيدني، واليوم أصبح لدى الكنائس مواقعاً عديدة على فايسبوك ، تويتر، مايسبايس ، آيفون، وغيرها، وعلينا اليوم أن نكون حاضرين في شتى انواع وسائل  الإتصالات الإجتماعية، الكنسية منها والعلمانية لنطال أكبر عدد من الأشخاص.

      أما في الشرق فمنذ عشرين عام ، دخل الإعلام المسيحي المرئي العربي،  حقبة جديدة ، مع ولادة تيلي لوميار، المحطة المسيحية الأولى التي تبث من لبنان،  والتي حملت الصور الأولى لكنيسة هذا الشرق، وأصبحت اليوم عبر فضائيتها التي تكمل في عيد العنصرة أعوامها السبع، إعلاماً بابلياً وعنصراتياً، ينادي برسالة المحبة وثقافة السلام والقيم الإنسانية، وينقل صورة كنيسة الشرق وأبنائه إلى العالم أجمع، وهي سند ثمين لنشر الإنجيل والقيَم الدينيَّة ولتنمية الحوار والتعاون المسكوني وما بين الأديان، والدفاع عن المبادئ الأساسيَّة لبناء مجتمع يحترم كرامة الكائن البشري.

       لا شك أن المحطة بدأت بإمكانيات متواضعة، لكنها نمت وتطورت بفعل عمل الروح وعمل الكنيسة والإعلاميين الملتزمين. وهي رغم تواضع حالها، إلا أنها تحمل للعالم أكبر رسالة، من مهد المسيحية.

      اليوم أيضاً عبر شاشة تيلي لوميار ونورسات، عبر مشاركتها بشكل فعال مع الإعلام المسيحي في كل أنحاء العالم في شتى وسائله من مواقع الكترونية، وجرائد و صحف الكترونية، ومن خلال إرسال التقارير إلى الشبكات العالمية الكنيسة الكبرى، دخلت الكنيسة المشرقية إلى كل بيت عربي و أجنبي في العالم، بشتى اللغات و الوسائل.

      ففي أقاصي الأرض اصبح اليوم كل من يملك شاشة تلفزة وجهاز لاقط، يمكنه أن يرى ويسمع توجيهات كنيسته وأخبارها، يتحاور معها عبر البرامج المباشرة، يصلي معها في القداديس اليومية، يرنم معها في الإحتفالات، يتعرف على آباء المسيحية وحياة القديسين، يجد من يصغي إليه ويوجهه، في شتى الميادين الحياتية. الشاشة المسيحية اليوم هي رسالة وهي صديق ومربي وموجه، ومرافق للمريض، ومعزي للحزين، هي صورة الكنيسة تتجلى عبر إعلاميين من أساقفة وكهنة وعلمانيين.

      ومع تيلي لوميار ونورسات إنتقلت عدوى الإعلام المسيحي العربي المرئي إلى العالم العربي والبلدان المجاورة، وامتدت الى الإنتشار، فوجدت الأقليات المسيحية العربية وسيلة توصل صورتها وصوتها إلى العالم فمن القدس المحتلة إلى الناصرة وحيفا والجليل ، إلى بغداد والموصل والشام ودمشق وحلب، إلى الأردن فالكويت والإمارات العربية وقطر، وشرعوا بتصوير إحتفالاتهم  ولقاءاتهم بآلات بسيطة وإرسالها لنا ، فواكبناهم وأوصلنا صورتهم وصوتهم عبر نورسات وإندفعوا يتنادون لتأسيس مكاتب إنتاج إنطلق بعضها و لا يزال البعض الآخر يتحضر، وتحرك أيضاً أبناء أوروبا والبرازيل والمكسيك وأميركا الشمالية وأستراليا وإفريقيا، فمن خلال شبكات تواصل وضع تقنيون ومنتجون وسائلهم في خدمة رسالة الكنيسة.

      رسالتنا الإعلامية المسيحية تطرح تحديات كبرى، فنحن لسنا إعلاميين وصحافيين عاديين، لقد اخترنا أن نسير على خطى الإنجيليين وننقل بالصورة والصوت تعاليم المسيح. وكل دقيقة من البث التلفزيوني تتطلب إعداداً و مجهوداً فكرياً وجسدياً وفريق عمل متكامل، يواكب مطالب المشاهدين وتنوع أذواقهم وتوقعاتهم وحاجاتهم، وقبل أن يصل البرنامج إلى الشاشة، يمر بمراحل عديدة على الصعيد الفكري والتوجيهي، والإنتاجي، وكل وسيلة صغيرة كانت أم كبيرة ، قلما أو كاميرا او جهاز ارسال أو شريط، يسهم في عمل متكامل لإيصال الأفضل.

       ومع تيلي لوميار و نورسات لا يغيب عن بالنا المحطات المسيحية العربية الأخرى مثل سات 7، و copt tv غيرها ، التي تعمل في الشرق لبث رسالة المسيح.

      التطورات التقنية هائلة، والعالم الرقمي الذي نعيش فيه أصبح عالماً متفاعلاً، يتطلب مشاركتنا، فمع التقنيات الحديثة لم يعد المشاهد مجرد متلقِ، إذ أصبح بإمكانه أن يشارك في أي برنامج معروض، عبر البريد الإلكتروني، والمدونات أي البلوغ، والفوروم، وخدمة الرسائل القصيرة، يمكنه أن يختار ساعة بث برنامجه المفضل، أن يشارك المحطة في إقتراح المواضيع التي يريد، والأهم أن المشاهد أصبح أيضاً مراسلاً، وناقلاً للخب.

       أما مستقبل التلفزيون فهو يمتد إلى البث عبر الإنترنت، وعبر أجهزة الهواتف المحمولة، و قد بدأنا منذ فترة العمل على إطلاق مشروع البث عبر موقع الإنترنت، حيث سيتمكن أي مشاهد لديه اتصال بالإنترنت في أي مكان من العالم، من متابعة برامجنا والمشاركة فيها.

      عندما أطلقنا حملة لدعم مسيحيي العراق، عبر البث المباشر والموقع الإلكتروني الخاص،  تلقينا آلاف الرسائل خلال الساعات الأولى، و قد عمدنا اليوم إلى توسيع الموقع الإلكتروني حيث أصبح بإمكان المشاهد أن يكون أيضاً مراسلاً، ينقل لنا قصته، بالصورة والصوت عبر أبسط كاميرا رقمية، أينما كان في العالم.

      لقد دخل التلفزيون في حقبة جديدة، لا شك أن هناك قوى إعلامية ضخمة، قد نشعر أمامها بالضعف والفقر أحياناً كثيرة أمام أمبراطوريات المال، والتقنيات المتطورة بسرعة قياسية، لا يمكننا ان نقف مكتوفي الأيدي.

      في عملنا الإعلامي ندرك أننا لسنا إعلاميين عاديين، لذلك مهما استعملنا من تقنيات، ومهما سعينا إلى الإحتراف، نسعى دائماً إلى تطبيق الرؤيا المسيحية للإعلام، فالتلفزيون المسيحي والإعلام المسيحي هو أولاً في خدمة الحقيقة والموضوعية وهو ثانياً في خدمة العدالة، وثالثاً في خدمة السلام والتفاهم والحوار، فلغتنا لغة التوازن والإحترام وهو دون شك إعلام من أجل ثقافة السلام، وهو إعلام يعتمد على المصداقية، والأهم يبقى في أن نتحلى بالإيمان لأن الروح يعمل، لا يكفي أن ننقل البشارة عبر وسائل الاتصال، بل أن نضحي نحن بالذات بشرى الإنجيل،  نعي أن البشرى ليست عملنا بل عمل الله، فاستخدام وسائل الاتصال الحديثة يتطلب أولاً ودائمًا عمل الروح القدس الذي هو أفضل وسيلة اتصال.

      ومع تيلي لوميار ونورسات لا يغيب عن بالنا المحطات المسيحية العربية الأخرى مثل سات 7، والمحطة القبطية الارثوذكسية والكاثوليكية والإذاعات مثل "صوت المحبة" وكل الوسائل التي تعمل في الشرق لبث رسالة المسيح، ويبقى الأساس في المراكز الإعلامية التي تأسست بمواكبة من الكنيسة  أولها المركز الكاثوليكي للإعلام الذي يشكل الأساس لإنطلاق الإعلام المسيحي في الشرق بشتى الميادين،  اللجنة الاسقفية لوسائل الإعلام والإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة في لبنان والأردن والعالم ، كل تلك المؤسسات الكنسية التي ترعى وتقود وتوجه الإعلام المسيحي والإنساني في منطقتنا. 

ثم تحدث للدكتور مايك بسوس عن: التقنيات الحديثة وسيلة جديدة للبشارة فقال:

تركز رسالة البابا بنديكتوس السادس عشر لليوم العالمي الرابع والأربعون لوسائل الإعلام والإتصالات الإجتماعية على أهمية البشارة بإنجيل يسوع المسيح من خلال التقنيات الحديثة. وقد تضمّنت كلمة قداسته فقرة من رسالة القديس بولس الرسول إلى رومة، الفصل 10 عدد 17: "الإيمان اذاً من السماع، والسماع هو من التبشير بالمسيح."

في عهد تدوين هذه الرسالة (رومة)، كانت الطريقة المثلى للتبشير بالمسيح: الكلمة المسموعة. وتطوّرت هذه البشارة لتصبح كلمة مكتوبة من خلال تدوين الأناجيل والرسائل وكتب (أسفار) الكتاب المقدّس في نهاية القرن الأول. كما تطورت الكتابة من النسخ إلى طباعة في القرن الخامس عشر (Guttenberg, 1455)، والتي أدّت إلى عصر النهضة (Renaissance).

أما اليوم، فنحن أمام تحدّيات متعددة الأبعاد في وصفنا لحالة الإعلام والإتصالات الإجتماعية – وهو مجال واسع لا قدرة لنا على إعطائه حقّه ببضعة دقائق – "لأن وسائل الاعلام المعاصرة تكيف الثقافة الشعبية" (رسالة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في اليوم العالمي الاربعين لوسائل الاعلام: وسائل الاعلام شبكة تواصل وتعاون ومشاركة، ايار 2006).  سأركز في مداخلتي على ثلاث محاور أساسية تُستخدم حالياً في نشر الرسالة المسيحية ولا سيما في بلاد الشرق. وسأختم بنموذج عن خدمة تندمج فيها هذه المحاورالثلاث للوصول إلى فعالية كاملة في إعلان الكلمة.

المحاور الثلاث هي:

الإنترنتالشبكات الإجتماعية (Facebook)الهاتف المحمول الإنترنت

منذ بدء عصر الإنترنت، إعتبر بعض اللاهوتيون أنّ شبكة الإنترنت هي بمثابة بابل الجديدة في عهدنا المعاصر لما فيها من مغريات وملذات وتلهية للأجيال الصاعدة. وقد حذر قداسته في رسالته عن اخطار إستعمال الإنترنت بالطرق الخاطئة.

إنما علينا وعلى الكنيسة أن نكون نور يسوع وملح الأرض على شبكة الإنترنت. بناء عليه، قامت بعض المؤسسات المسيحية والكنسية بعدّة برامج إنطلاقاً من شبكة الإنترنت. على سبيل المثال، وضعت جمعية الكتاب المقدّس ترجمة الكتاب المقدّس باللغة العربية – الترجمة العربية المشتركة (المسكونية) – على شبكة الإنترنت منذ بضعة سنوات، وهي متوفرة مجاناً لأي شخص يودّ الإضطلاع عليها أو تحميلها على جهاز الكومبيوتر. بدأت هذه الخدمة في التنامي حيث وصل عدد الزوار لموقعنا الإلكتروني ((elkalima.com إلى أكثر من 1،4 مليون شخص عام 2009، أي ما يوازي حوالي 120 ألف زائر شهرياً أو 4،000 يومياً، وهو رقم خيالي غير ممكن لأي مؤسسة كنسية أن تصل إليه بأساليب تقليدية إلاّ من خلال الإنترنت.

ومن الملفت للإنتباه أن أكثر من 20% من الزوار يقضون 10 دقائق وما فوق على الموقع الإلكتروني – أي أنهم يقرأون الكتاب المقدّس أو يحمّلونه على جهازهم  الخاص – ومن الملفت أيضاً أن الزوار يأتون من كافة أنحاء العالم ومن بعض البلدان التي لا تشجع خدمة نشر الرسالة المسيحية. 

2.     الشبكات الإجتماعية

تتصدّر الشبكات الإجتماعية )مثل Facebook, Twitter وغيرها (حياتنا الإجتماعية وطريقة تفاعلنا مع الآخرين. فقد اقتحمت هذه الشبكات الإجتماعية منازلنا  ومؤسساتنا وعائلاتنا لتصبح المصدرالأساسي للتفاعل والمشاركة مع الآخرين بأمور حياتنا الإجتماعية. فكيف يمكن أن نكون حاضرين – ومعنا رسالة المسيح – داخل هذه الشبكات؟

قامت جمعية الكتاب المقدّس بإنشاء صفحة خاصة بها على Facebook تستقطب من خلالها المئات من الشبيبة وتعرض خدمات مختلفة عليهم، مثلاً قراءة يومية من الإنجيل المقدّس والسماع إلى قراءات مسجّلة من المزامير. كما وتستخدم هذه الصفحة للإعلان للمهتمين عن نشاطات وخدمات الجمعية ومشاركتهم بالصوت والصورة بنتائجها وفعاليتها. 

3.     الهاتف المحمول

يتقدّم الهاتف المحمول على التقنيات التخابر والتواصل الأخرى، وعلينا أن نكون مجهّزين للتواصل مع مجتمعنا من خلال هذه الأجهزة المحمولة. بالإضافة إلى وضع نص الإنجيل باللغة العربية بمتناول أي شخص من خلال الموقع الإلكترونيbebalash.com، نقوم حالياً بالبحث العالمي لإستخدام اللغة الخاصة بالمراسلة SMS لترجمة الكلمة لهذه اللغة المستحدثة.

فقد قمنا يوم أحد القيامة بإرسال رسائل سريعة لمئات من الشباب والشابات اللبنانيين، تتضمّن نص القيامة من إنجيل مرقس وهي على الشكل التالي:

فاتو ع القبر شافو شبّ قاعد ميلة اليمين، لابس توب أبيض، نرعبو. قلّن الشبّ: ما تخافو، إنتو عم تفتشو عن يسوع الناصري المصلوب. يسوع مش هون، قام. وهيدا المطرح اللي كانو حاطينو فيه. روحو هلّق قولو ل تلاميذو ول بطرس، إنو رح يسبقكن ع الجليل، وهونيك بتشوفو متل م قلّكن. (لبننة الشاعر  موريس عوّاد). 

Feto 3al 2aber chefo chabb 2e3id maylet l yamin, lebis thob 2abiad, nra3abo. 2alloun l chabb:  Ma t5afo, into 3am bet fatcho 3an Yasou3 l nasiri l masloub. Yasou3 mech hon, 2em. W heyda l matra7 yalleh keno 7atino fi. Rou7o halla2 2oulo la tlemizo w la Boutros, 2enno ra7 yesba2koun 3al Jalil, w honik bet choufou metel ma 2alkoun.

وكانت هذه أول تجربة  لنشر رسالة مسيحية من خلال هذه اللغة المستحدثة والهاتف المحمول.

في تطبيقنا لهذه المحاور، قمنا منذ بعض السنوات بإنشاء عالم الكتاب المقدّس Bible World، وهو برنامج يعرف أولادنا وتلامذتنا كيف وصل إلينا الإنجيل المقدّس، وذلك ضمن التنشأة الإيجابية على الصعيد الاخلاقي والشخصي لكي نساعدهم على تطوير رأيهم الشخصي والقدرة على التمييز (رسالة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في يوم العالمي الحادي والاربعون لوسائل الاعلام: الاطفال ووسائل الاعلام: تحدٍّ للتربية، ايار 2007). يحتوي عالم الكتاب المقدّس على الأبعاد الثلاث التي تشاركنا بها في هذه الندوة، ألا وهي تقنيات المسموع، البصري، والحديثة. وبالتالي يختبر الأولاد الذين فاق عددهم 25000 لغاية اليوم، رسالة الإنجيل من خلال كلّ الحواس، وتنطبع في ذهنهم أهمية نشر البشارة والمحافظة على الإنجيل في مسيرتهم اليومية. إذ يتضمن البرنامج عدّة فقرات، منها الكتابة و النسخ والطباعة، حيث يدوّن كل تلميذ آية من الكتاب المقدّس على ورق بردي، ويطبع الصلاة الربانية على كتيّبه. والمسموع من خلال سماعهم آيات بعدّة لغات، والبصري-المسموع من خلال مشاهدتهم فيلماً والتفاعل مع قصص من الكتاب المقدّس على الكومبيوتر. 

في الختام، ينبغي علينا أن نستخدم كلّ التقنيات الحديثة والوسائل التكنولوجيّة الجديدة واللغات المستحدثة للإعلان عن بشارتنا بالمسيح، بشارة السلام والمحبة لعالمنا. مرددين كلمات القديس بولس: "لا تتَشَبّهوا بِما في هذِهِ الدّنيا، بل تَغَيّروا بِتَجديدِ عُقولِكُم لِتَعرِفوا مَشيئَةَ اللهِ: ما هوَ صالِـحٌ، وما هوَ مَرضِـيّ، وما هوَ كامِلٌ" (رومة 12: 2). 

ثم كلمة الخوري عبده أبو كسم فقال:

      يندرج عنوان يوم الإعلام العالمي الرابع والأربعين لوسائل الإعلام في إطار السنة الكهنوتية إذ تشكل وسائل الأتصالات الحديثة والمتطوّرة جزءاً اساسياً  لا غنى عنه في رسالة الكاهن التبشيرية، فمن أولى واجبات الكاهن زّف البشرى السارة أي يسوع المسيح المتجسّد إلى كل العالم، هذا إلى جانب توزيع النعمة الإلهية عبر الأسرار المقدّسة. وبفضل شيوع هذه الوسائل يرى الكاهن نفسه أمام مطلع تاريخ جديد. يرتكز على العالم الرقمي من الواجب عليه أن يتعامل معه ويلتزم به في سبيل خدمة الكلمة وإعلان الإنجيل بجرأة وتعريف معاصريه إلى حياة الكنيسة ومساعدتهم على اكتشاف بهاء وجه المسيح، مرتكزاً في نفس الوقت إلى روحانية كهنوتيّة قوية يزّخرها حواره المستدام مع الرب.

      من جهةٍ أخرى يذّكر قداسة البابا المسؤولين عن المنشآت الإعلامية بالرسالة التي وجهّها في السنة الماضية بمناسبة اليوم العالمي للإعلام والتي حثّهم من خلالها على إعلاء ثقافة احترام كرامة الإنسان، وصون قيمة الشخص البشري. لهذا فالكنيسة مدّعوة من خلال راعوية العالم الرقمي إلى التواصل مع مؤمني كل الديانات ومع الغير المؤمنين مما يشكّل حافزاً للتلاقي والحوار معهم.

      يختم قداسته متوجهاً إلى الكهنة قائلاً "أن خصب الخدمة الكهنوتية يتأتى قبل كل شيء من المسيح الذي يتم اللقاء به والإصغاء إليه في حميمية الصلاة والإعلان عنه في خدمة الموعظة وفي صدقية شهادة الحياة والتعرف إليه وحده، والإحتفاء به في الاسرار المقدسة وبنوع خاص في سرّي الإفخارستيا والمصالحة.

      ولا يسعنا في هذه المناسبة إلاّ أن نتوّجه أيضاً إلى زملائنا الإعلاميين لنعلن لهم مجدداً عن محبتنا وتقديرنا لرسالتهم الإعلامية التي يقومون بها بتفانٍ وتجرّد واضعين نصب عيونهم نقل الحقيقة والحقيقة وحدها دون سواها.

      كما نتوّجه اليوم إلى من يجعلون وللأسف من بعض الوسائل الإعلامية منابر للشتم وسوق الاتهامات الباطلة لندعوهم مجدداً إلى التمسك بالإخلاقيات والتقيد بالادبيات التي تفترضها هذه الرسالة، سائلين الله أن يسدّد خطانا جميعاً في سبيل نشر ثقافة السلام والمحبّة