الأب يوأنس لحظي في حوار مع روزليوسف

الأب يؤانس لحظي الدبلوماسي الفاتيكاني بالأردن والعراق لـ «روزاليوسف»: زواج الكهنة لن يحل مشكلة الانتهاكات الجنسية

كتب وفاء وصفي العدد 1488 – الاحد – 16 مايو 2010

الأب د. يؤانس لحظي جيد، هو كاهن قبطي كاثوليكي من مواليد القاهرة، حاصل علي درجة الدكتوراه في القانون الكنسي من الجامعة الشرقية بروما وقد أنهي دراسته في الأكاديمية الحبرية للخدمة في دبلوماسية الكرسي الرسولي (الفاتيكان)، كثاني مصري يلتحق بالسلك الدبلوماسي لدولة الفاتيكان، بعد منسينيور توماس حليم الذي هو الان مستشار سفارة الفاتيكان بلبنان وحصل من الأكاديمية علي الماجستير في العلوم الدبلوماسية والقانون الدولي، وتم تعيينه، من قبل قداسة البابا بيندكتوس السادس عشر بابا الفاتيكان، كسكرتير لسفارة الفاتيكان بجمهورية الكونغو وجمهورية الجابون ثم جمهورية الأردن والعراق، وأيضا رئيس تحرير موقع كنيسة الإسكندرية الكاثوليكي، أول موقع قبطي كاثوليكي، كما أسس دار القديس بطرس للبرمجة والنشر، وقام بإصدار بعض المؤلفات باللغة العربية وكذلك بلغات أجنبية.

< الاب يؤانس الذي يعمل في السلك الدبلوماسي الفاتيكاني في الاردن والعراق فهل يوجد تعارض بين الكهنوت والدبلوماسية؟

– الكهنوت هو تكريس الحياة لخدمة الله وخدمة الناس والدبلوماسية الفاتيكانية تقوم علي "خدمة الإنسان، كل إنسان"، وبالتالي لا تعارض بل تكامل وتناغم بين الدور الكهنوتي والدور الدبلوماسي. ولا يمكننا أن ننسي أن الفاتيكان ليس له أي مصالح مادية أو اقتصادية، فهو لا يبيع ولا يشتري، مما يجعل دبلوماسيته غير مقيدة بأي مصالح اقتصادية أو مادية. ولهذا يطلق علي الدبلوماسية الفاتيكانية لقب: "دبلوماسية الحوار" والدفاع عن قيمة الشخص البشري منذ لحظة الحبل به فنحن نرفض الاجهاض وحتي لحظة موته الطبيعي لاننا نرفض الموت الرحيم. وبالتالي يمكننا القول أن الكهنوت ينير الدبلوماسية بقيم الإنجيل المقدس والدبلوماسية تخدم الإنسان وتدافع عنه وعن قيمته وعن قيمه. مصر والفاتيكان

< بحكم عملك نريد ان نتعرف علي طبيعة العلاقات بين دولة الفاتيكان ومصر؟

– تعد مصر من أعرق الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية من الفاتيكان وذلك منذ عام 1947، وهي ثاني دولة عربية بعد شهر واحد من لبنان. وسفير الفاتيكان في مصر يمثل الفاتيكان أيضا في جامعة الدول العربية تقديرا لأهمية مصر الإقليمية والدولية.

وقد اتسمت العلاقة بين الفاتيكان ومصر في كل هذه السنوات بالاحترام المتبادل والتعاون والحوار المستمر من أجل العمل المشترك لحل كل القضايا التي تهم الجانبين. وهذا ما أكده قداسة البابا بيندكتوس السادس عشر عند استلام أوراق اعتماد سفير مصر لدي الفاتيكان السيدة لمياء علي مخيمر، يوم 6 نوفمبر 2008 بقوله: "لا يسعني إلا أن أحمد الله الذي سمح بهذه العلاقات وعززها. لقد كانت مصر منذ ذلك الحين رائدة في إقامة جسور العلاقات بين الشعوب والأديان. وقد بنيت هذه العلاقات علي احترام عميق ومتبادل لهوياتنا الخاصة، ولكن أيضًا، وخصوصًا، علي رغبة حقيقية ومشتركة لتعزيز الوحدة والسلام داخل الحدود الوطنية وخارجها في الإطار الدولي، بغية تعزيز الحوار والتعاون بين أعضاء الثقافات والأديان المختلفة… إن جهود مصر لأجل السلام، والتناغم، والحلول العادلة التي تحترم الدول والأفراد هي لا تحصي وتلاقي جهود الكرسي الرسولي الذي يعمل هو أيضًا علي تعزيزها ودعمها".

< كيف توفق في عملك وبين انتمائك لدولة الفاتيكان وانتمائك لمصر؟

– لا تعارض علي الإطلاق فالفاتيكان يحرص دائما علي عدم إرسال الشخص للعمل في بلده الأصلي ولا يطلب أبدا أي شيء يمكنه أن يتعارض مع الانتماء الوطني لأن هناك إيماناً راسخا بأن مَنْ لا يحب وطنه لا يمكن له أن يحب أي وطن آخر. وبما أن أعضاء السلك الدبلوماسي هم جميعا من الكهنة والأساقفة الكاثوليك فشرف كبير لي كقبطي ومصري أن التحق بأحد أقدم وأعرق الأنظمة الدبلوماسية في العالم، وهذا دليل علي أهمية واحترام وتقدير الكرسي الرسولي الفاتيكاني لمصر وللكنيسة القبطية الكاثوليكية.
البابا والقضية الفلسطينية

< شخصية قداسة البابا هل هي مثيرة للجدل؟

– يقول الكتاب المقدس إن السيد المسيح "جاء لقيام وسقوط كثيرين" وبالتالي كانت شخصيته مثيرة للجدل لكل من يسمعه، وقد أكد السيد المسيح نفسه أن التلميذ ليس أفضل من معلمه، وبالتالي فشخصية قداسة البابا، وشخصية كل تلميذ حقيقي، هي مقلقة ومزلزلة للضمائر والعقول البشرية النائمة أو المسترخية. ففي عالم يسير نحو المادية والعلمانية من المؤكد أن تكون شخصية البابا مثيرة للجدل لأن صوته يخرج عن منطق القطيع ومنطق المصالح المادية والاقتصادية المتفشي في أصوات كثيرين. ويجب الا ننسي ان شخصية البابا يوحنا بولس كانت كذلك حتي انه كانت هناك محاولات لقتله.

< قضية الانتهاك الجنسي التي أثيرت مؤخراًَ سببها موقفه من القضية الفلسطينية؟

– الزوبعة الأخيرة ضد الفاتيكان لها أسباب كثيرة وبالطبع من بينها القضية الفلسطينية وزيارة قداسته الأخيرة للأراضي المقدسة ومناداته بدولة فلسطينية مستقلة تحيا بجوار الدولة الإسرائيلية، وقد وقف الفاتيكان دائما بجوار الشعب الفلسطيني وحقه في العيش بسلام في أرض آبائه واجداده. ومن الطبيعي أن يثير هذا الموقف الواضح والصارم وغير القابل للمساومة بعض المخاوف في نفوس الذين لا يريدون هذا.. وعلي الرغم من ذلك ثارت بعض الصحف من عدم زيارته لغزة متجاهلين عدة نقاط منها رفضه مقابلة نتانياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي في اورشليم وقابله في الناصرة حتي لا يعتبر احد انها موافقة ضمنية بالاعتراف بأن القدس تابعة لاسرائيل كذلك لا يوجد سوي عدد محدود جدا من الكاثوليك في غزة وايضا اذا قام البابا بزيارة غزة من الذي كان سيتحمل مسئولية تأمين حمايته والاهم انه لم تأت دعوة رسمية من السلطة الفلسطينية له الا انه تكلم في بيت لحم عن قيام دولة فلسطينية مستقلة وهو موقف لن يتغير لانه لا توجد مصالح تستطيع ان تضغط عليه فتجعله يغير موقفه.

الصحف المصرية ورجال الدين

< ما رأيك في موقف الصحافة المصرية من موضوع الانتهاكات الجنسية لبعض الكهنة الكاثوليك؟

– للأسف الشديد انساق كثير من الصحف المصرية في الزوبعة الأخيرة ولم يكلف أصحابها أنفسهم حتي عناء البحث عن حقائق موثقة بل اندفع بعض الأقلام وكأنها تريد الانتقام من قداسة البابا -الذي يعتقد خطأ أنه أساء للدين الإسلامي في محاضرته الشهيرة بألمانيا- فكانت اغلب الكتابات فارغة من المعلومات الدقيقة والموثقة، أي من أبسط قواعد التحقق الصحفي الشريف. وهنا لا يمكنني أن أتجاهل ما نشرته جريدة المصري اليوم والذي تسبب في جرح كثير من مشاعر أبناء هذا الوطن الطيب مما دفعني شخصيا للرد بطريقة مفصلة علي موقع كنيسة الإسكندرية الكاثوليكي، لمن يريد قراءته كاملا، لتحليل هذه المهاترات والمزايدات ولتوضيح أن الفاتيكان كان ولايزال من أهم أصدقائنا ويعد واحداً من المدافعين معنا عن حقوقنا العربية ولا يستحق هذا التضخيم والتهافت الصحفي والتضخيم الهزلي لأخطاء وخطايا بعض أتباعه. فأهم قواعد النضج المهني والحضاري هي البحث الموضوعي والصادق عن الحقيقة عندما يتعرض طرف آخر للاتهام ولتضخيم أخطائه، قبل الانخراط الأعمي في إدانته ومسايرة أبواق المتهافتين والباحثين عن الشهرة، علِّ هذا الطرف يقف بجانبنا إذا ما تعرضنا للحجارة خاصة إذا كانت بيوتنا من زجاج. والاحصاءات اكدت ان من بين 30 الف حالة اعتداءات جنسية بحق الاطفال تم اتهام رجال دين كاثوليك فقط في 300، وهذا لا يعني أنني اقلل من بشاعة الجريمة ولكن لا احد يتكلم عن الـ27 الفاً و700 حالة ويتحدثون عن الـ300 .

< هذا يجعلني اسألك لماذا تثار ضجة كبير عندنا إذا ما تعلق الأمر برجل دين أو كاهن؟

– يجب أن نعترف بأننا نحيا في الشرق حيث يعتبر رجل الدين "كائناً غير بشري" لا يخطئ ولا يسقط كغيره من البشر وهي نظرة ضيقة تصل أحيانا إلي أن تكون طفولية، فالكمال لله وحده، ورجال الدين هم بشر ينامون ويأكلون ويشربون ويخطئون أحيانا كباقي البشر. وبدون التقليل من ثقل المهمة التي تقع علي أكتافهم في إعطاء المثل والقدوة، لا يمكن أن نطلب منهم الكمال، فلا كمال إلا لله وحده. والتضخيم الإعلامي لكل ما يتعلق برجال الدين هو أكبر دليل علي هذه العقلية المنتشرة خاصة في شرقنا الذي يدخل الدين في كل شيء والذي غالبا ما ينظر إلي «القذي (أي الشيء الذي لايري) التي في عين الآخرين وينسي الخشبة التي في عينه» وينصب نفسه قاضياً لمحاكمة الآخرين وتضخيم أخطائهم ولكنه لا يري أخطاءه ونقائصه، أي لا يعامل الآخرين بنفس الطريقة التي يريد أن يعامله به الآخرون.

زواج الكهنة

< هل الحل لقضية الانتهاكات هو السماح بزواج الكهنة؟

– دعيني أسألك هل لا تحدث انتهاكات من المتزوجين؟ وهل الزواج هو الحل لمنع الانحرافات؟ ألا تعلمين أن 33% من الاعتداءات الجنسية علي الأطفال تتم داخل الأسرة وفي كثير من الأحيان من الأهل أنفسهم. زواج الكهنة هو أمر كنسي وليس إلهياً وقد تغيره الكنيسة في يوم من الأيام إلا أنه يظل التعبير الأمثل لاتباع السيد المسيح بطريقة كلية والتخلي حتي عن الحقوق الطبيعية من أجل خدمة الملكوت وخدمة البشر.. وبالتالي أختلف معك فزواج الكهنة لن يحل مشكلة الانتهاكات بل ستحل المشكلة عندما تطبق قواعد صارمة في اختيار رجال الدين وفي تعلم ثقافة المواجهة ووضع الأمور في إطارها الأوسع والمعالجة بدون تأخير أو خوف.

وهنا أؤكد لك أن عدد الكاثوليك في العالم هو 1 مليار وأكثر من 200 مليون أي ما يعدل حوالي 19 % من عدد سكان الكرة الأرضية وهو بالطبع أكبر تجمع بشري منظم وذو سلطة واحدة علي وجه الكرة الأرضية.

ولأن الكنيسة هي أيضا مؤسسة بشرية فمن الطبيعي أن يكون من بين أعضائها من هو مريض وضعيف وشاذ، وعدد الكهنة الكاثوليك الذين يقدمون خدماتهم ويكرسون حياتهم في أقصي بقاع الأرض صعوبة يناهز قرابة نصف المليون كاهن وراهب، ومن الطبيعي أن يتسرب من بين هذا العدد الضخم من يعانون من بعض الأمراض والمشاكل الشخصية التي تتواجد بين أتباع كل مذهب وديانة بغض النظر عن الدين والثقافة او العرق. مع التأكيد أن عدد هؤلاء لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة مقارنة بالعدد الإجمالي لأكثر من نصف مليون كاهن وراهب كاثوليكي في العالم.

ودعيني أؤكد لكِ أنه لم تُرتكب في حاضرة دولة الفاتيكان أي جريمة أو اعتداء سواء جنسياً أو غيره علي مر التاريخ، وكل ما نشر وتتحدث عنه الصحف اعتداءات تمت في بعض الدول التي يوجد فيها حضور كاثوليكي.

ومن المنطقي أنه لا توجد دولة، حتي لو كانت الفاتيكان، تستطيع منع أتباعها من ارتكاب بعض الأخطاء والجرائم لا سيما أننا نتكلم عن الدولة الأصغر مساحة والأكبر عددا في العالم، لاسيما وأن هذه الاعتداءات التي يشار إليها تم أغلبها في الثلاثينيات والخمسينيات من القرن الماضي وقد عوقب أصحابها مرتين، مدنيا وكنسيا، ومات كثيرون منهم أثناء فترة عقوبته، وسيتم معاقبة من يثبت اتهامه في المستقبل.

< لماذا تمنع الكنيسة الكاثوليكية كهنوت المرأة؟

– لم تمنعه الكنيسة الكاثوليكية بل إنها تتبع تعاليم وحياة السيد المسيح ، وبرغم احترامه للمرأة غير المسبوق في التاريخ، لم يختر من بين تلاميذه الاثني عشر أي امرأة برغم أنه سمح للنساء باتباعه ما يشير إلي وجود نوعين من الكهنوت في الكنيسة، الأول هو الكهنوت البطرسي، نسبة للقديس بطرس الرسول هامة الرسل وأولهم، الذي يستمر في الأساقفة والكهنة الرجال، والثاني هو الكهنوت المريمي (نسبة للعذراء القديسة مريم) الذي يستمر في الراهبات والمكرسات حتي يومنا هذا. وكفانا لخبطة فالمساواة بين الرجل والمرأة لا تعني فعل نفس الأشياء بل احترام دور واختلاف كل من الجنسين، فالأمر لا يعني أن هناك جنساً أفضل من الآخر ولا يمكننا أن ننسي أن دعوة المسيح الأولي هي الكمال والقداسة وبين مصاف القديسين ما أكثر النساء وبالتالي فالأمر يتعلق بأمر ديني إلهي لا يحق للكنيسة أن تغيره. حدث تاريخي

< نريد ان نعرف عن سنودس الأساقفة الكاثوليك القادم الذي سيعقد لاول مرة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية في اكتوبر القادم؟

– دعا قداسة البابا لانعقاد سنودس (أي اجتماع كنسي) لأساقفة الشرق الأوسط الكاثوليك لمناقشة كل القضايا التي تهمهم وهو حدث تاريخي مهم ونادر. سيتم هذا السنودس بحضور قداسة البابا في أكتوبر القادم 2010 بالفاتيكان لتثبيت هوية المسيحيين الشرقيين عبر الأمانة لكلمة الله (أي الكتاب المقدس) والأسرار الكنسية وتعزيز الشراكة والحوار بين الكنائس، وكذلك مناقشة الصراعات القائمة في المنطقة، والمعاناة التي يعيشها المسيحيون الشرقيون في بعض الدول العربية، خاصة العراق، وأهمية الدفاع عن "حرية العقيدة" كحق أساسي لكل إنسان، حق تضمنه كل المعاهدات والقوانين الدولية وحقوق الإنسان. وبالتأكيد سيتم مناقشة أهمية وضرورة الحوار بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية وموضوع هجرة المسيحيين الشرقيين من منطقة الشرق الأوسط مهد الإيمان المسيحي، والحوار مع الديانة اليهودية لأنه، كما قال طيب الذكر البابا يوحنا بولس الثاني، "لا سلام من دون عدالة ولا عدالة من دون سلام"، وكذلك الحوار مع العالم الإسلامي لتنمية ثقافة المحبة والتعايش والتسامح خصوصا من خلال وسائل الإعلام والعمل المجتمعي المشترك الذي يخدم القيم الدينية المشتركة.. وأؤكد أن هذا الحدث سيكون غاية في الأهمية وسيرسم الخطوط الأساسية لسياسات كثيرة للسنوات القادمة. فما لا يعرفه الكثيرون ان الكنيسة الكاثوليكية بها 23 كنيسة 22 منها كنائس شرقية والبابا يوحنا بولس، طيب الذكر، اكد قائلا ان الكنيسة تتنفس برئتين واحدة في الغرب واخري بالشرق لذلك يهتم البابا كثيرا باحوال الكاثوليك الشرقيين.

انتماء الكاثوليك الشرقيين

< ما علاقة الكاثوليك الشرقيين بالفاتيكان وقضية الانتماء؟

– كلما زاد الانتماء الكنسي زاد الانتماء الوطني فالمسيحيون الشرقيون الكاثوليك ينتمون أولا لإيمانهم المسيحي ولأوطانهم ولكونهم كاثوليك فكل انتماء يغذي ويقوي الآخر ولا يتعارض معه. فمسيحي لا ينتمي لوطنه ولا يحبه ليس مسيحيا حقيقيا بل أن المجمع الفاتيكاني الثاني يؤكد دور العلمانيين وأهمية الانخراط في العمل الوطني لخلق ثقافة تحترم الانسان وتنوير الثقافة بقيم الإنجيل ولكن للأسف هناك بعض العقليات التي تبتعد عن العمل الوطني والسياسي متحججة بفهم خاطئ لقول السيد المسيح: "أنتم في العالم ولكنكم لستم من العالم" وهو قول لا يجب فهمه بطريقة سلبية بل يعني العمل بكل جهد من أجل جعل العالم والوطن أفضل بدون تناسي أن عالمنا الأبدي هو الأهم، ولكن كما قال أحد القديسين: "مَن لا يجد الله علي الأرض لن يجده في السماء" أي أن الإنسان الذي لا يسعي في حياته اليومية لتحسين مجتمعه ولزرع ثقافة الايمان والمحبة لن يصل للقاء الرب بعد موته الجسدي.

والكاثوليك الشرقيون يحاولون من خلال أعمالهم وانخراطهم في خدمة مجتمعاتهم في مجال التعليم والصحة والثقافة والتنوير عيش إيمانهم المسيحي والكاثوليكي. فإن لم يكن الايمان في خدمة الآخرين، خاصة الأكثر احتياجاً، فهو إيمان لا ينفع ولا حتي صاحبه.

< ما مصير الخطاب الديني بعد محاضرة البابا الذي فهم أنه يسيء للدين الإسلامي؟

– للأسف الشديد وقع كثير من الأقلام وحتي بعض المفكرين في الفخ الإعلامي فثارت وقامت القائمة وخرجت الجماعات في الشوارع وأحرقت بعض الكنائس وتم قتل بعض الراهبات ومهاجمة الأديرة قبل أن تترجم المحاضرة للغة العربية وقبل أن يقرأوا مضمونها الذي لا يمكن لمؤمن ولمفكر أن يرفضه. فأساس المحاضرة كان حول أنه لا يمكن ربط الله بالعنف، وجاء استشهاد قداسة البابا ببعض كلمات الإمبراطور البيزانطي في إطار الخطأ التاريخي الذي وقعت فيه بعض الديانات والثقافات عندما ربطت بين الله عز وجل والعنف، بما في ذلك التاريخ المسيحي ذاته، وقد وصف قداسة البابا كلمات الإمبراطور في نفس المحاضرة بأنها فذة وغير مقبولة. فكان الهدف هو تحرير الدين من تصرفات بعض المتطرفين وللأسف الشديد بدلا من فهم الأمر قامت بعض الأقلام والقنوات المتطرفة بإثارة مشاعر العامة والبسطاء فجاء رد الفعل عنيفا لإثبات عدم العنف. وكأننا أردنا أن نثبت أننا مسالمون فقمنا بحرق وقتل ومهاجمة الأبرياء فأكدنا عكس ما أردنا تأكيده. وهنا أدعو الجميع وقد هدأت الأنفس لقراءة المحاضرة كاملة علي موقع كنيسة الإسكندرية للتأكد من أنها كانت فرصة خسرناها باندفاعنا غير المدروس أو العقلاني.

فالفاتيكان يريد تأكيد أن "الدين عامل سلام" وهذا ما لا يمكن لدين سماوي أن ينكره.

< ولماذا نبذها الكاثوليك الشرقيون؟

– لأن حتي بعض الكاثوليك وقعوا ضحية للضجة الإعلامية غير المسبوقة فلا يمكن أن ننسي أننا جميعا أولاد لثقافة شرقية تتأثر في كثير من الأحيان بالمشاعر والعاطفة أكثر من العقل والتعقل.

< في نهاية حوارنا أريد أن أسألك هل مسموح بزيارة الفاتيكان؟ وكيف؟

– يقع الفاتيكان داخل الدولة الإيطالية وبالتالي يمكن زيارة الفاتيكان والتمتع بتراثه الجمالي والفني الهائل، عن طريق الحصول علي تأشيرة دخول إيطاليا بالطرق الاعتيادية.

للتعليق

http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=62677