روما، الثلاثاء 18 مايو 2010 (Zenit.org)
ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر نهار الأحد 16 مايو في ساحة القديس بطرس قبيل تلاوة صلاة افرحي يا ملكة السماء. وقد غصت الساحة بحوالي 200000 نسمة – بحسب إذاعة الفاتيكان – استجابة لدعوة الكنيسة الإيطالية والمنظمات العديدة، وإظهاراً لدعمهم وتضامنهم مع بندكتس السادس عشر والكهنة عقب فضائح التحرش الجنسي التي طاولت الكنيسة مؤخراً.
***
إخوتي وأخواتي الأعزاء،
نحتفل اليوم في إيطاليا وفي بلدان أخرى بصعود يسوع إلى السماء بعد أربعين يوماً من الفصح. في هذا الأحد، نحتفل أيضاً باليوم العالمي للاتصالات الاجتماعية تحت شعار "الكاهن والراعوية في العالم الرقمي: وسائل الإعلام الجديدة في خدمة الكلمة". تحدثنا الليتورجيا عن الانفصال الأخير للرب يسوع عن تلاميذه (لو 24: 50، 51؛ أع 1: 2، 9)؛ إلا أن الأمر ليس عبارة عن تخلٍّ لأنه يبقى معهم إلى الأبد – معنا – بصورة جديدة. ويوضح القديس برنار دي كليرفو أن صعود يسوع إلى السماء يتحقق في ثلاث مراحل: "الأولى هي مجد قيامته؛ الثانية هي القدرة على الإدانة؛ والثالثة هي الجلوس عن يمين أبيه" (عظة أحد الصعود، 60، 2:Sancti Bernardi Opera, t. VI, 1, 291, 20-21). هذا الحدث يسبقه تبريك التلاميذ الذي يعدهم لنيل هبة الروح القدس ليتم إعلان الخلاص في جميع الأمم. ويقول لهم يسوع: "وأنتم شهود على هذه الأمور. وها أنا سأرسل إليكم ما وعد به أبي" (لو 24: 47، 49).
يلفت الرب أنظار الرسل – أنظارنا – نحو السماء ليدلنا على درب الخير خلال حياتنا على الأرض. إلا أنه يبقى في حبكة التاريخ البشري قريباً من كل واحد منا ليرشد مسيرتنا المسيحية: هو رفيق المضطهدين بسبب إيمانهم، هو ساكن في قلب المهمشين والمنكر حقهم في الحياة. نريد الإصغاء إلى الرب يسوع ورؤيته ولمسه في الكنيسة، بخاصة من خلال الكلمة والأسرار. في هذا الصدد، أحث الشباب الذين ينالون في هذا الزمن الفصحي سر التثبيت على البقاء أمناء لكلمة الله وللعقيدة التي تعلموها، وعلى التقرب بطريقة متواصلة من الاعتراف والافخارستيا، مدركين أنهم اختيروا وأعدوا للشهادة للحق. كما أجدد الدعوة إلى إخوتي في الكهنوت لكيما "يتميزوا في حياتهم وعملهم بقوة شهادتهم الإنجيلية" (رسالة الدعوة للسنة الكهنوتية)، ويعرفوا كيفية استخدام وسائل الاتصالات بحكمة لنشر حياة الكنيسة ومساعدة رجال اليوم على اكتشاف وجه المسيح (الرسالة بمناسبة اليوم العالمي الرابع والأربعين للاتصالات الاجتماعية، 24 يناير 2010).
إخوتي وأخواتي الأعزاء، من خلال فتح درب السماء أمامنا، يجعلنا الرب نختبر الحياة الإلهية على هذه الأرض. وقد جاء في الشهادة الروحية التي كتبها أحد المؤلفين الروس في القرن التاسع عشر ما يلي: "انظروا أكثر إلى النجوم. عندما تتألم روحكم، انظروا إلى النجوم أو إلى زرقة السماء. عندما تشعرون بالحزن، عندما يساء إليكم، تحدثوا إلى السماء فترتاح روحكم" (N. Valentini – L. Žák [a cura],Pavel A. Florenskij. Non dimenticatemi. Le lettere dal gulag del grande matematico, filosofo e sacerdote russo, Milano 2000, p. 418). أرفع للعذراء مريم التي تمكنت من تكريمها خلال الأيام الأخيرة في مزار فاتيما، شكراً على شفاعتها الوالدية خلال رحلة الحج المكثفة التي قمت بها إلى البرتغال. فلنقدم صلواتنا إلى تلك التي تسهر على شهود ابنها الحبيب.
نقلته إلى العربية غرة معيط (Zenit.org)
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2010