بطريرك الكاثوليك الروم بالفاتيكان غريغوريوس الثالث لروزاليوسف

الشرقيون تربوا علي أن الدين منطقة حساسة.. لكن تصرفات بعض المسلمين تسيء للإسلام

 

عن روزاليوسف اليومية

   

    مع طرحنا لقضية العلاقة بين الإسلام والغرب وعرض وجهات نظر رؤساء الجاليات الإسلامية في الغرب عن مستقبل تلك العلاقة كان لابد من طرح رؤية أخري من داخل الفكر المسيحي الغربي يطرح النظرة العقدية الغربية للإسلام والموقف الحالي ..لذلك كان لـ«روزاليوسف» لقاء مع بطريرك الكاثوليك الروم بالفاتيكان غريغوريوس الثالث لعرض تلك الرؤية.

الحوار كشف عن رؤية منصفة للإسلام لدي قيادات دينية مسيحية تعرف عن الإسلام الكثير، كما كان هناك تحليل لما يتم اتهام الإسلام به وأسباب هذا الاتهام، وفي الوقت نفسه حمل الحوار اعترافات بوسطية العالم الإسلامي وتسامحه مع الآخر، وهو ما نعرض له في سياق الحوار التالي:

 *بداية يطلق الكثير اتهاما للإسلام بأنه دين عنف ويدعو للتطرف، مستشهدين بأحداث هنا أو هناك للتدليل علي هذا فما رأيكم تجاه ذلك؟

 بالطبع لا ننكر وجود بعض المتطرفين الذين يعطون صورة سيئة عن الإسلام وهو نفس الأمر الذي لا ننكر وجوده بالنسبة للأقباط، فالتطرف موجود في كل الاطياف والاديان، ولا يقتصر علي الاسلام، والمشكلة سببها عدم وجود خلفية ثقافية دينية، فالفرد سواء كان مسلما أو مسيحيا يمكن ان يكون شديد التدين لكنه فقير في ثقافته الدينية فلا يستطيع ان يفرق بين المتطرف في افكاره، والمتمسك بدينه، فإذا جاء له شخص من دين آخر وانتقده في دينه يقابله بهجوم قد تصل حدته الي الصراع ولا يأخذ الامر علي انه وجهه نظر أخري قد يقبلها وقد يرفضها، كما أنه لا يري انها وجهه نظر فردية بل يعممها ويتهم باقي المسلمين بمعاداة الاقباط، وهذا هو سبب ما يجري من بعض أحداث طائفية في بعض البلدان، خاصة في الشرق لأن الشرقيين بصفة عامة قد تربوا علي ان منطقة الدين منطقة حساسة، وشائكة لا يمكن الاقتراب منها ومن يقترب منها فقد أشعل الفتيل.

وبالتالي فأنا أري ان ماحدث من حوادث كانت حوادث فردية ارهابية لا تعبر عن باقي سلوك ومشاعر المسلمين تجاه اخوانهم الاقباط في مصر وفي كثير من الدول الإسلامية، والدليل علي ذلك اننا نحضر مؤتمرات المسلمين ونشاركهم مناقشتهم.

 * وماذا عن العلاقة بين الشرق والغرب وهل وصلت إلي حد الصراع كما يؤكد الكثيرون؟

أحب أن أوضح أنه لا يوجد صراع للحضارات فكل حضارة لها ميزاتها وعيوبها لكن تلك الكلمة اخترعها بعض الاشخاص ممن لهم مصالح في خلق أزمات بين الشرق والغرب وقد انتشرت تلك الكلمة وتم الترويج لها في عصر الرئيس بوش لحشد آراء الغرب معه لمواجهة الشرق بأكمله بإعتبارها حربا بين الحضارات وليس حربه هو، ولذلك رأينا ان تلك الكلمة أنتهت بانتهاء عصره الذي بدأ بانهيار مركز التجارة العالمي.

أما العلاقة بين الشرق والغرب فهي علاقة تكاملية فالحضارة الغربية قامت علي العلوم القديمة من الشرق أي نستطيع ان نقول إن التقدم العلمي الغربي الحالي أساسه علماء الشرق القدامي لذلك فإذا كان الغرب متقدما حالياً عن الشرق فيمكن ان يبني الشرق قوته العلمية في المستقبل علي ما وصل اليه الغرب في الوقت الحالي وهكذا فالعلاقة تبادلية، ولا يقتصر الامر علي العلم فقط بل التبادل الثقافي أيضا،ً فكل من يمتلك شيئا نافعا لابد ان يقدمه للآخر، حيث لابد من أحترام ثقافات الغير لذلك فنحن رفضنا الرسوم المسيئة للرسول لان من يهين رمزا دينيا لابد وأن يكون لديه خلل أخلاقي.

*  وكيف تري العالم الإسلامي في الوقت الحالي؟

العالم الإسلامي يتمتع بالسماحة دائماً، حيث يضم في محتواه الأديان السماوية بأطيافها المختلفة وهو حالياً مثل أي وقت سابق أمة وتستطيع ان تكون أفضل الامم بدليل ما جاء في القرآن: «كنتم خير أمة أخرجت للناس» ورغم ذلك لم يستغل المسلمون تلك المقوله: في التطاول علي الاخرين وأخذ حقوقهم وممتلكاتهم كما فعل بنو إسرائيل عندما فضلهم الله علي سائر البشر والأمم فأصبحوا شعب الله المختار فطغوا في الأرض.

بينما العالم الاسلامي يساعد غيره من الأمم علي نيل استقلالهم لذلك فنحن نرفض ما قامت به الدولة الصهيونية من ضم المسجد الابراهيمي ومسجد بلال بن رباح لقائمة التراث الديني الاسرائيلي والذي من شأنه أن يساعد علي تأزم أكثر للموقف وأشعالاً مقصودا للحروب في المنطقة.

* مع انتشار دعوات الشذوذ والإباحية الجنسية ما هو موقف الفاتيكان؟

في الواقع الكنيسة الكاثوليكية كان لها رأي في ذلك الأمر وهو أن الشذوذ الجنسي يعتبر خروجا عن العقيدة المسيحية وهو الأمر الذي أباحته بعض الدول الأوروبية وهي أسبانيا التي سمحت بزواج المثليين رغم أنها دولة كاثوليكية مسيحية لذلك اعتبرها الفاتيكان دولة كاثوليكية لكنها غير مسيحية كنوع من الاعتراض علي ذلك حيث اعتبرتها دولة خارجة عن العقيدة المسيحية والقوانين التي نص عليها الدين المسيحي والقائم علي تطبيقها الفاتيكان.

* وما رأيكم في الموت الرحيم ومدي اتفاقه أو اختلافه مع مباديء العقيدة المسيحية؟

الكنيسة أباحت مؤخراً إعطاء المريض بمرض عضال يتعذب بسببه دواء ينهي حياته ليستريح من عذابه ولكنها اشترطت للإباحه ضرورة تيقن الطبيب من ان المريض لن يستطيع الشفاء ولا يوجد أمامه سوي انتظار الموت مع استمرار الآلام، فهنا الموت يكون علي سبيل الرحمة للمريض.

 

                                       ناهد سعــد

العدد 1493 – الجمعة – 21 مايو 2010