كلمة البابا قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

: عن الثالوث الأقدس

"نحن مدعوون يومياً إلى الانفتاح على عمل النعمة"

حاضرة الفاتيكان، الاثنين 31 مايو 2010 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي مع المحتشدين في ساحة القديس بطرس.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

بعد الزمن الفصحي الذي اختتم الأحد الفائت بعيد العنصرة، عادت الليتورجيا إلى الزمن العادي. هذا لا يعني أن التزام المسيحيين يجب أن يتقلص، وإنما بالدخول إلى الحياة الإلهية من خلال الأسرار، نحن مدعوون يومياً إلى الانفتاح على عمل النعمة، والنمو في محبة الله وقريبنا. هذا الأحد، عيد الثالوث الكلي القداسة، يلخص تجلي الله في الأسرار الفصحية: موت المسيح وقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب وحلول الروح القدس. إن عقل البشر ولغتهم يعجزان عن تفسير العلاقة القائمة بين الآب، الابن والروح القدس، ومع ذلك سعى آباء الكنيسة إلى توضيح سر الله الواحد والثالوث، فعاشوه في وجودهم بإيمان راسخ.

في الواقع، يأتي الثالوث الأقدس ليسكن فينا يوم العماد. فيقول الكاهن: "أعمدك باسم الآب والابن والروح القدس". نحن نتذكر اسم الله الذي تعمدنا به كلما رسمنا إشارة الصليب. وعن إشارة الصيلب، يقول اللاهوتي رومانو غوارديني: "نرسمها قبل الصلاة لكيما… نصبح منظمين روحياً؛ فتركز أفكارنا وقلوبنا وإرادتنا نحو الله. نرسمها قبل الصلاة لكي يبقى فينا ما وهبنا إياه الله… هي تشمل كل كياننا، جسداً ونفساً، … وكل شيء يتقدس باسم الله الواحد والثالوث" ("Lo spirito della liturgia. I santi segni," Brescia 2000, 125-126).

نجد إذاً بإشارة الصليب وباسم الله الحي، الإعلان الذي يولد الإيمان ويلهم الصلاة. وكما يعد يسوع الرسل في الإنجيل "عندما يأتيكم روح الحق يرشدكم إلى الحق كله" (يو 16، 13)، هكذا يحصل في ليتورجيا الأحد عندما يمنح الكهنة خبز الكلمة والافخارستيا أسبوعاً بعد أسبوع. هذا ما كان يذكره خوري آرس القديس لمؤمنيه، قائلاً: "من رحب بروحكم في بداية حياتكم؟ الكاهن. من يغذي روحكم ويمنحها القوة للقيام برحلتها؟ الكاهن. من سيعدها للمثول أمام الله غاسلاً إياها بدم يسوع المسيح؟ الكاهن، دوماً الكاهن" (رسالة إعلان سنة الكهنة).

أيها الأحباء، فلتكن صلاة القديس هيلار دو بواتييه خاصتنا: "احفظ فيّ نقاوة الإيمان القويم، وحتى نفسي الأخير، امنحني أيضاً صوت ضميري لكي أبقى أميناً لما جاهرت به خلال تجددي، عندما تعمدت في الآب والابن والروح القدس ("De Trinitate," XII, 57, CCL 62/A, 627). بالابتهال إلى مريم العذراء المباركة، أولى الخلائق التي سكن فيها الثالوث الكلي القداسة، فلنطلب حمايتها لنتابع رحلة حجنا الأرضية على نحو ملائم.

نقلته إلى العربية غرة معيط (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2010