بابا نويل بين الحقيقة والاسطورة

بابا نويل بين الحقيقة والاسطورة

القديس نيقولاوس
275-341 م
إعداد ناجى كامل – مراسل الموقع من القاهرة
نشأته:
ولد حوالى سنة275 م فى مدينة مورا إحدى مقاطعات آسيا الصغرى، وكانت ميرا العاصمة قريبة من البحر، وكان مقر الكرسي ألاسقفي بها . كان إسم أبيه أبيفانيوس وأمه تونة، وقد جمعا بين الغنى ومخافة الرب، ولم يكن لهما ولد. ولما تقدما فى السن تحنن الله عليهما ورزقهما بابن إمتلئ بالنعمة الإلهية منذ طفولته. ربّياه تربية حسنة، ونشأ تحت رعاية الكنيسة في نقاوة القلب. وفي سن الخامسة بدأ يتعلم العلوم الكنسية، أن الروح القدس كان يلهمه أكثر مما كان يتلقى من المعلم، فقُدِّم شماسًا. توفي والداه وهو شاب تاركين له أموالاً وثروة، فقرر أن يكرّس ميراثه في أعمال الرحمة. ولُقِّب ” بصانع العجائب” .ورئيس اساقفة ميرا ليكيا ، والكنيستان الشرقية والغربية تعيّدان له. وقد قيلت حوله شتى الاساطير المشتهرة في الشرق والغرب.
– كما يقال ان اسم سانتا كلوز – بابا نويل – هو إسم محرف من سانتا نيكلوس اى القديس نيقولاوس
رهبنته:
ترهبن في دير كان ابن عمه رئيسًا عليه، فعاش حياة النسك والجهاد والفضيلة حتى رُسِم قسًا وهو في التاسعة عشر من عمره. وأعطاه الله نعمة عمل الآيات ومنها شفاء المرضى، وكان يبارك في الخبز القليل فيشبع منه عددًا كبيرًا.
أسقف ميرا:
– قبل إنتخابه لرتبة الأسقفية رأى ذات ليلة في حلم كرسيًا عظيمًا وحلة بهية موضوعة عليه وإنسانًا يقول له: “البس هذه الحلة وأجلس على هذا الكرسي”.
– رأى في ليلة أخرى السيدة العذراء تناوله بعضًا من ملابس الكهنوت والسيد المسيح يناوله الإنجيل. ولما تنيّح أسقف مورا اجتمع الإكليروس والشعب لاختيار الأسقف الجديد.
و حين مات اسقف ميرا ليكيا في آسيا الصغرى. أخذ أساقفة الإقليم و الإكليروس و الشعب يتضرعون إلى الله ليلهمهم من يختاره لذلك المقام الخطير. فأوحى الله إليهم أن أول رجل يدخل الكنيسة في صباح الغد، و يدعى نيقولاوس ” هو الذي اختاره الروح القدس ليكون راعيا ً لتلك الكنيسة”.
واتفق وجود نيقولاوس في تلك المدينه ولما كان كثير العباده، و كان كل صباح اول المؤمنين في السجود امام العزه الالهيه والقربان المقدس ، جاء كعادته الى الكنيسة باكرا ً. فكان اول الداخلين الى بيت الله. فظهر به الكهنه و اقتادوه الى محفل الاساقفه, الذين لما عرفوه علموا انه هو هو حقا ً ذلك العبد المختار من الله ومن الروح القدس. فمنحوه أولا ً الدرجات الكهنوتية, ثم رسموه اسقفا ً, واجلسوه على كرسي رئاسة الكهنوت في مدينة ميرا.
– ولما تسلم مقاليد السلطة الروحية, اخذ على نفسه ان يكون الراعي الصالح, الذي يبدأ فيقدس نفسه ثم يبذلها قربانا ً على مذابح رعيته. وعلى نحو ما عمل الرب, بدأ يعمل و يعلم. فكان شديدا ً على نفسه, لا يأكل الا مرة واحدة في النهار, ولا يذوق اللحم أبدا ً, ولا يتكلم على المائدة بل يصغي الى قراءة فصل روحي, ويقضي ليالي بكاملها في الصلاة و التأمل. و كان كل يوم يقوم عند الفجر, فينبه الكهنة والشمامسة من رقادهم, ويأتي الكنيسة معهم فيصلون بخشوع فرض الطقوس الكنسية.
وكان له عناية خاصة بالفقراء. بيذل في سبيلهم كل ما كان يملكه. ومارس هو الفقر الاختياري, فكان لا يملك شيئأ ً خاصا ًبه. و كان, على مثال الراعي الصالح, يسير في طلب الضالين و الخطأه, ليردعهم عن غوايتهم بحلمه وحنانه. وكان لكثرة تواضعه لا يثق بنفسه بل يعمد الى استشارة غيره, ولا سيما في الامور الخطرة, وينصت بوداعة للكبير والصغير. وكان الكهنة موضوع عنايته وعطفه, يعنى بتقديس نفوسهم, ويساعدهم في شدائدهم, ويشجعهم في ممارسة واجباتهم الصعبة. وكان لا يتوانى في الصلاة و التضرع الى الله بدموع غزيرة, ليمنحه الرب حكمة في ادارة رعيته.
– اشتهر الأسقف بقداسته وغيرته وصنع الكثير من المعجزات. وقد تحمل الحبس من أجل الإيمان واعترف اعترافًا حسنًا في نهاية فترة اضطهاد دقلديانوس، كما حضر مجمع نيقية المسكوني الأول عام 325 م وحرم الأريوسية.
سجنه:
حين ملك دقلديانوس وأثار عبادة الأوثان. قبض على جماعة من المؤمنين وكان القديس نيقولاوس يُعتَبر رئيس المسيحيين في هذه المدينة وكان يعظ ويعلم الشعب عن حقائق الإيمان بكل شجاعة، قبض عليه الوالي هو أيضًا وعذبه كثيرًا عدة سنين، وكان السيد المسيح يخرجه من العذاب سالمًا ليكون غصنًا كبيرًا في شجرة الإيمان.
ولما ضجر منه دقلديانوس ألقاه في السجن، فكان وهو في السجن يكتب إلى رعيته ويشجعهم ويثبتهم. ولم يزل في السجن إلى أن مات دقلديانوس.وحين مَلَك الإمبراطور قسطنطين البار أطلق سراح المسجونين ومن بينهم القديس نيقولاوس الذي عاد إلى كرسيه في ميرا.
غيرته على الإيمان:
ويقول القديس ميثوديوس: ” أنه بسبب تعاليم القديس نيقولاوس كان كرسي ميرا هو الوحيد الذي لم يتأثر ببدعة أريوس “.
اهتمامه بشعبه:
من القصص التي تُروَى عن اهتمام القديس بشعبه أن الحاكم يوستاثيوس أخذ رشوة ليحكم على ثلاثة رجال أبرياء بالقتل. وفي وقت تنفيذ الحكم حضر القديس نيقولاوس إلى المكان وبمعجزة شلَّ يد السياف وأطلق سراح الرجال. ثم التفت إلى يوستاثيوس وحرَّكه للاعتراف بجريمته وتوبته. وكان حاضرًا هذا الحدث ثلاثة من ضباط الإمبراطور كانوا في طريقهم إلى مهمة رسمية في فريجية وحين عادوا إلى القسطنطينية حكم عليهم الإمبراطور قسطنطين بالموت بسبب وشاية كاذبة من أحد الحاقدين، وتذكَّر الضباط ما سبق أن شاهدوه في ميرا من قوة حب وعدالة أسقفها، فصلّوا إلى الله لكي بشفاعة هذا الأسقف ينجون من الموت. في تلك الليلة ظهر القديس نيقولاوس للإمبراطور قسطنطين وهدده إن لم يطلق سراح الأبرياء الثلاثة. في الصباح أرسل واستدعاهم للتحقيق معهم، وحين سمع أنهم تشفعوا بالقديس نيقولاوس الذي ظهر له، أطلق سراحهم في الحال وأرسلهم برسالة إليه طالبًا منه ألا يهدده بل يصلي من أجل سلام العالم. ظلت هذه القصة لمدة طويلة من أشهر معجزات القديس نيقولاوس.
رقاده بعطر القداسة :
و رقد نقولاوس بالرب سنة “341” م بعد أن خدم كنيسة ميرا و عطرها بعرف حياته الكهنوتيه الطاهرة و ترك هذه الدنيا الفانية ليذهب إلى الراحة الأبدية و هو الآن ينعم في السماء مع مصاف الملائكة و طغمات الأساقفه، و يشفع في من يلجأ إليه بإيمان و تقوى و لا سيما في الذين هم في الشدائد و الضيقات. ودفن في كاتدرائيتها. وكانت أيام حياته تقترب من الثمانين سنة، منها حوالي أربعين سنة أسقفًا.
– يذكر انه كان بطريقة عجيبة قد هدأ البحر و سكن أمواجه و أقام من الموت بحارا قد سقط من أعلى الساري و ما ت ، فقد أضحى شفيع البحرية و البحارين و صيادي السمك و المسافرين بحراً و براً و اتخذه المظلومون في المحاكم البشرية شفيعاً لهم في ظلماتهم.
و لما نقلت عظامه سنة “1078” م إلى مدينة باري عمت شفاعته إيطاليا و فرنسا ، و الغربيون ينسبون إليه عجائب عديدة عظيمةٌ و هو عندهم شفيع الأحداث.
اسطورة سانتا كلوز:
بعد نياحة القديس نيقولاس إنتشرت سيرته فعمت أماكن عديدة في روسيا وأوربا خاصة ألمانيا وسويسرا وهولندا وكانوا يتبادلون الهدايا في عيد الميلاد على اسمه.. وبدأت الحقيقة تختلط بالأسطورة.. وجاء اسم بابا نويل ككلمة فرنسية تعنى أب الميلاد وظن البعض أن موطن بابا نويل هو السويد وذهب البعض الآخر أن موطنه فنلندا خاصة أن هناك قرية تدعى قرية بابا نويل يروجون لها سياحيا إنها مسقط راس بابا نويل.. ويزورها نحو 75 ألف طفل سنويا.. ومع اكتشاف أمريكا حمل المهاجرون معهم قديسيهم ومنهم القديس نيقولاوس أو سانت نيقولا وتطور الاسم حتى صار سانتا كلوز.
أما الصورة الحديثة لبابا نويل، فقد ولدت على يد الشاعر الأمريكي كلارك موريس الّذي كتب سنة 1823 قصيدة بعنوان “الليلة التي قبل عيد الميلاد” يصف فيها هذا الزائر المحبّب ليلة عيد الميلاد
وفي عام 1881، قام الرسام الأمريكي توماس نيست في جريدة هاربرس بإنتاج أول رسمٍ لبابا نويل، كما نعرفه اليوم، ببدلته الحمراء الجميلة وذقنه البيضاء الطويلة وحذائه الأسود اللامع ، ويقال أن ذلك كان ضمن حملة ترويجية لشركة كبرى ومن وقتها إنتشر بابا نويل في ثوبه الجديد وصار من اشهر الشخصيات التي يحبها الأطفال في كل أنحاء العالم.. ومع تغير المكان تخلى (سانتا كلوز) عن حماره الذي كان يحمل عليه الهدايا والألعاب ليمتطي زحافة على الجليد يجرها ثمانية غزلان يطلق عليها حيوان (الرنة) ذو الشكل المميز.
وتروي الحكايات أن (بابا نويل) يضع للأطفال الهدايا داخل (جوارب) صوفية يضعونها فوق المدفأة في منازلهم حيث كان يتسلل (بابا نويل) من خلال فتحة المدفأة حتى لا يراه الأطفال ليلا ويفاجأون بالهدايا في الصباح فيتملكهم السرور أكثر وأكثر
وفى مصر انتشر بابا نويل في الكنائس بمناسبة إحتفالها برأس السنة الميلادية.. وصار رمزاً شعبياً للاحتفال بالعام الجديد ونسى الكثيرون انه قديس ومعترف به في الكنيسة الأولى.. كنيسة القرن الرابع الميلادي