“قد أنتَنَ لأنَّ لهُ أربَعَةَ أيّامٍ”
التأمل السادس في إنجيل لعازر
تأمل في قراءات الأحد الرابع من أبيب 20 يوليو 2014 الموافق 26 أبيب 1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
“وكانَ إنسانٌ مَريضًا وهو لعازَرُ، مِنْ بَيتِ عنيا مِنْ قريةِ مَريَمَ ومَرثا أُختِها. وكانَتْ مَريَمُ، التي كانَ لعازَرُ أخوها مَريضًا، هي التي دَهَنَتِ الرَّبَّ بطيبٍ، ومَسَحَتْ رِجلَيهِ بشَعرِها. فأرسَلَتِ الأُختانِ إليهِ قائلَتَينِ: “ياسيِّدُ، هوذا الذي تُحِبُّهُ مَريضٌ”.فلَمّا سمِعَ يَسوعُ، قالَ:”هذا المَرَضُ ليس للموتِ، بل لأجلِ مَجدِ اللهِ، ليَتَمَجَّدَ ابنُ اللهِ بهِ”. وكانَ يَسوعُ يُحِبُّ مَرثا وأُختَها ولعازَرَ. فلَمّا سمِعَ أنَّهُ مَريضٌ مَكَثَ حينَئذٍ في المَوْضِعِ الذي كانَ فيهِ يومَينِ. ثُمَّ بَعدَ ذلكَ قالَ لتلاميذِهِ:”لنَذهَبْ إلَى اليَهوديَّةِ أيضًا”. قالَ لهُ التلاميذُ:”يا مُعَلِّمُ، الآنَ كانَ اليَهودُ يَطلُبونَ أنْ يَرجُموكَ، وتذهَبُ أيضًا إلَى هناكَ”. أجابَ يَسوعُ:”أليستْ ساعاتُ النَّهارِ اثنَتَيْ عَشرَةَ؟ إنْ كانَ أحَدٌ يَمشي في النَّهارِ لا يَعثُرُ لأنَّهُ يَنظُرُ نورَ هذا العالَمِ، ولكن إنْ كانَ أحَدٌ يَمشي في اللَّيلِ يَعثُرُ، لأنَّ النّورَ ليس فيهِ”. قالَ هذا، وبَعدَ ذلكَ قالَ لهُمْ:”لعازَرُ حَبيبُنا قد نامَ. لكني أذهَبُ لأوقِظَهُ” فقالَ تلاميذُهُ: “ياسيِّدُ، إنْ كانَ قد نامَ فهو يُشفَى”. وكانَ يَسوعُ يقولُ عن موتِهِ، وهُم ظَنّوا أنَّهُ يقولُ عن رُقادِ النَّوْمِ. فقالَ لهُمْ يَسوعُ حينَئذٍ عَلانيَةً: “لعازَرُ ماتَ. وأنا أفرَحُ لأجلِكُمْ إنِّي لم أكُنْ هناكَ، لتؤمِنوا. ولكن لنَذهَبْ إليهِ!”. فقالَ توما الذي يُقالُ لهُ التَّوْأمُ للتلاميذِ رُفَقائهِ: “لنَذهَبْ نَحنُ أيضًا لكَيْ نَموتَ معهُ!”.
فلَمّا أتى يَسوعُ وجَدَ أنَّهُ قد صارَ لهُ أربَعَةُ أيّامٍ في القَبرِ. وكانَتْ بَيتُ عنيا قريبَةً مِنْ أورُشَليمَ نَحوَ خَمسَ عَشرَةَ غَلوَةً. وكانَ كثيرونَ مِنَ اليَهودِ قد جاءوا إلَى مَرثا ومَريَمَ ليُعَزّوهُما عن أخيهِما. فلَمّا سمِعَتْ مَرثا أنَّ يَسوعَ آتٍ لاقَتهُ، وأمّا مَريَمُ فاستَمَرَّتْ جالِسَةً في البَيتِ. فقالَتْ مَرثا ليَسوعَ:”يا سيِّدُ، لو كُنتَ ههنا لم يَمُتْ أخي! لكني الآنَ أيضًا أعلَمُ أنَّ كُلَّ ما تطلُبُ مِنَ اللهِ يُعطيكَ اللهُ إيّاهُ”. قالَ لها يَسوعُ: “سيَقومُ أخوكِ”. قالَتْ لهُ مَرثا:”أنا أعلَمُ أنَّهُ سيَقومُ في القيامَةِ، في اليومِ الأخيرِ”. قالَ لها يَسوعُ:”أنا هو القيامَةُ والحياةُ. مَنْ آمَنَ بي ولو ماتَ فسَيَحيا، وكُلُّ مَنْ كانَ حَيًّا وآمَنَ بي فلن يَموتَ إلَى الأبدِ. أتؤمِنينَ بهذا؟”. قالَتْ لهُ:”نَعَمْ يا سيِّدُ. أنا قد آمَنتُ أنَّكَ أنتَ المَسيحُ ابنُ اللهِ، الآتي إلَى العالَمِ”. ولَمّا قالتْ هذا مَضَتْ ودَعَتْ مَريَمَ أُختَها سِرًّا، قائلَةً:”المُعَلِّمُ قد حَضَرَ، وهو يَدعوكِ”. أمّا تِلكَ فلَمّا سمِعَتْ قامَتْ سريعًا وجاءَتْ إليهِ. ولم يَكُنْ يَسوعُ قد جاءَ إلَى القريةِ، بل كانَ في المَكانِ الذي لاقَتهُ فيهِ مَرثا. ثُمَّ إنَّ اليَهودَ الذينَ كانوا معها في البَيتِ يُعَزّونَها، لَمّا رأَوْا مَريَمَ قامَتْ عاجِلاً وخرجَتْ، تبِعوها قائلينَ: “إنَّها تذهَبُ إلَى القَبرِ لتبكيَ هناكَ”. فمَريَمُ لَمّا أتتْ إلَى حَيثُ كانَ يَسوعُ ورأتهُ، خَرَّتْ عِندَ رِجلَيهِ قائلَةً لهُ:”يا سيِّدُ، لو كُنتَ ههنا لم يَمُتْ أخي!”. فلَمّا رَآها يَسوعُ تبكي، واليَهودُ الذينَ جاءوا معها يَبكونَ، انزَعَجَ بالرّوحِ واضطَرَبَ، وقالَ:”أين وضَعتُموهُ؟”. قالوا لهُ:”يا سيِّدُ، تعالَ وانظُرْ”. بَكَى يَسوعُ. فقالَ اليَهودُ:”انظُروا كيفَ كانَ يُحِبُّهُ!”. وقالَ بَعضٌ مِنهُمْ:”ألَمْ يَقدِرْ هذا الذي فتحَ عَينَيِ الأعمَى أنْ يَجعَلَ هذا أيضًا لا يَموتُ؟”. فانزَعَجَ يَسوعُ أيضًا في نَفسِهِ وجاءَ إلَى القَبرِ، وكانَ مَغارَةً وقد وُضِعَ علَيهِ حَجَرٌ. قالَ يَسوعُ:”ارفَعوا الحَجَرَ!”. قالتْ لهُ مَرثا، أُختُ المَيتِ:”ياسيِّدُ، قد أنتَنَ لأنَّ لهُ أربَعَةَ أيّامٍ”. قالَ لها يَسوعُ:”ألَمْ أقُلْ لكِ: إنْ آمَنتِ ترَينَ مَجدَ اللهِ؟”. فرَفَعوا الحَجَرَ حَيثُ كانَ المَيتُ مَوْضوعًا، ورَفَعَ يَسوعُ عَينَيهِ إلَى فوقُ، وقالَ:”أيُّها الآبُ، أشكُرُكَ لأنَّكَ سمِعتَ لي، وأنا عَلِمتُ أنَّكَ في كُلِّ حينٍ تسمَعُ لي. ولكن لأجلِ هذا الجَمعِ الواقِفِ قُلتُ، ليؤمِنوا أنَّكَ أرسَلتني”. ولَمّا قالَ هذا صَرَخَ بصوتٍ عظيمٍ: “لعازَرُ، هَلُمَّ خارِجًا!”. فخرجَ المَيتُ ويَداهُ ورِجلاهُ مَربوطاتٌ بأقمِطَةٍ، ووَجهُهُ مَلفوفٌ بمِنديلٍ. فقالَ لهُمْ يَسوعُ:”حُلّوهُ ودَعوهُ يَذهَبْ”. فكثيرونَ مِنَ اليَهودِ الذينَ جاءوا إلَى مَريَمَ، ونَظَروا ما فعَلَ يَسوعُ، آمَنوا بهِ. ( يوحنا 11: 1- 43).
نص التأمل
فاض الروح اليوم أثناء قراءة نص هذه المعجزة من نعمته
واستوقفنا لا أمام نقطة واحدة بل إثنتي عشر نقطة:
1- “ياسيِّدُ، هوذا الذي تُحِبُّهُ مَريضٌ”
2- هذا المَرَضُ ليس للموتِ، بل لأجلِ مَجدِ اللهِ، ليَتَمَجَّدَ ابنُ اللهِ بهِ
3- “لعازَرُ حَبيبُنا قد نامَ. لكني أذهَبُ لأوقِظَهُ
4- لو كُنتَ ههنا لم يَمُتْ أخي
5- أنا قد آمَنتُ أنَّكَ أنتَ المَسيحُ ابنُ اللهِ، الآتي إلَى العالَمِ”
6- “قد أنتَنَ لأنَّ لهُ أربَعَةَ أيّامٍ”
وعدتكم ان نتأملها تباعا…
وقد تُنشر يوما في كتاب يكون بين ايديكم إن أردتم
وهاكم اليوم التامل السادس:
نص التأمل
“قد أنتَنَ لأنَّ لهُ أربَعَةَ أيّامٍ”
التأمل السادس في إنجيل لعازر
الأب/ بولس جرس
قالتْ لهُ مَرثا، أُختُ المَيتِ:”ياسيِّدُ، قد أنتَنَ لأنَّ لهُ أربَعَةَ أيّامٍ”.
بالنسبة لجميع البشر وليس لمرتا ومريم وحدهما فقد
إنقضى الأمر وانتهى زمن المحاولة ودخلنا في نطاق المستحيل
ما أدراك يا مرثا انك الان واقفة أمام إله المستحيلات أجمعين
ألم يسبق لك قراءة حزقيال في الفصل السابع والثلاثين
عندما اوقفه الرب في وادي العظام اليابسة:
1- “كانَتْ علَيَّ يَدُ الرَّبِّ، فأخرَجَني بروحِ الرَّبِّ وأنزَلَني في وسطِ البُقعَةِ وهي مَلآنَةٌ عِظامًا،
2- وأمَرَّني علَيها مِنْ حولِها وإذا هي كثيرَةٌ جِدًّا علَى وجهِ البُقعَةِ، وإذا هي يابِسَةٌ جِدًّا.
3- فقالَ لي:”يا ابنَ آدَمَ، أتَحيا هذِهِ العِظامُ؟”. فقُلتُ:”يا سيِّدُ الرَّبُّ أنتَ تعلَمُ”.
4- فقالَ لي:”تنَبّأْ علَى هذِهِ العِظامِ وقُلْ لها: أيَّتُها العِظامُ اليابِسَةُ، اسمَعي كلِمَةَ الرَّبِّ:
5- هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لهذِهِ العِظامِ: هأنذا أُدخِلُ فيكُم روحًا فتحيَوْنَ.
6- وأضَعُ علَيكُمْ عَصَبًا وأكسيكُمْ لَحمًا وأبسُطُ علَيكُمْ جِلدًا
وأجعَلُ فيكُم روحًا، فتحيَوْنَ وتعلَمونَ أنِّي أنا الرَّبُّ”.
7- فتنَبّأتُ كما أُمِرتُ. وبَينَما أنا أتنَبّأُ كانَ صوتٌ،
وإذا رَعشٌ، فتقارَبَتِ العِظامُ كُلُّ عَظمٍ إلَى عَظمِهِ.
8- ونَظَرتُ وإذا بالعَصَبِ واللَّحمِ كساها، وبُسِطَ الجِلدُ علَيها مِنْ فوقُ، وليس فيها روحٌ.
9- فقالَ لي:”تنَبّأْ للرّوحِ، تنَبّأْ يا ابنَ آدَمَ، وقُلْ للرّوحِ:
هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلُمَّ ياروحُ مِنَ الرِّياحِ الأربَعِ وهُبَّ علَى هؤُلاءِ القَتلَى ليَحيَوْا”.
10- فتنَبّأتُ كما أمَرَني، فدَخَلَ فيهِمِ الرّوحُ، فحَيوا وقاموا علَى أقدامِهِمْ جَيشٌ عظيمٌ جِدًّا جِدًّا.
11- ثُمَّ قالَ لي:”يا ابنَ آدَمَ، هذِهِ العِظامُ هي كُلُّ بَيتِ إسرائيلَ.
ها هُم يقولونَ: يَبِسَتْ عِظامُنا وهَلكَ رَجاؤُنا. قد انقَطَعنا.
12- لذلكَ تنَبّأْ وقُلْ لهُمْ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ:
هأنذا أفتَحُ قُبورَكُمْ وأُصعِدُكُمْ مِنْ قُبورِكُمْ ياشَعبي، وآتي بكُمْ إلَى أرضِ إسرائيلَ.
13- فتعلَمونَ أنِّي أنا الرَّبُّ عِندَ فتحي قُبورَكُمْ وإصعادي إيّاكُمْ مِنْ قُبورِكُمْ ياشَعبي.
14- وأجعَلُ روحي فيكُم فتحيَوْنَ، وأجعَلُكُمْ في أرضِكُمْ،
فتعلَمونَ أنِّي أنا الرَّبُّ تكلَّمتُ وأفعَلُ، يقولُ الرَّبُّ”.
اعتقد أننا نستطيع فهم هذه النقطة من التأمل في إنجيل لعازر
بصورة أفضل إذ نتوقفاليوم أمام نص نبؤة حزقيال
- § 1- “كانَتْ علَيَّ يَدُ الرَّبِّ، فأخرَجَني بروحِ الرَّبِّ
وأنزَلَني في وسطِ البُقعَةِ وهي مَلآنَةٌ عِظامًا،
فهوذا نحن امام من عليه يد الرب وروحه وقد مُسح ربا ومخلصا
وها قد تجسد وتأنس على ارضنا وها هوذا قد تحرك وخرج ووصل إلينا
إلى الجالسين في وادي الظلمة وظلال الموت
إلى حيث يرقد صديقه لعازر في المدافن المليئة عظاما
- § 2- وأمَرَّني علَيها مِنْ حولِها وإذا هي كثيرَةٌ جِدًّا
علَى وجهِ البُقعَةِ، وإذا هي يابِسَةٌ جِدًّا.
وها هو يسوع يمر ببصره على كل هؤلاء الموتى
الذين في القبور والذين خارجها بلا إيمان ولا رجاء
وإن كانت عظام الصديق لعازر لم تيبس بعد
لكنه قد انتن أي اعمل فيه فساد المادة كل عمله
وبدا التحول الإستراتيجي ياخذ مجراه بعد إنسحاب النسمة الإلهية
بدأ التراب يعود إلى اصله ” انت تراب وإلى التراب تعود”
وها يسوع يلتقي الإنسان في أبشع صوره
فالتعفن في الجثة وانفجارها هو ابشع مراحل التحلل…
- § 3- فقالَ لي:”يا ابنَ آدَمَ، أتَحيا هذِهِ العِظامُ؟”.
فقُلتُ:”يا سيِّدُ الرَّبُّ أنتَ تعلَمُ”.
والسؤال المهم الذي يطرحه يسوع ” اتؤمنين أنت؟” سؤال مصيري
فإذا كان النبي حزقيال لا يعلم فبالتأكيد مريم ومرتا ولعازر والتلاميذ يعلمون
أن يسوع قادر على أن يرد الحياة لهذه العظام ويدفع الفساد عن أصدقاءه
وهو يعلن لكل من يؤمن به” انا القيامة والحياة، من آمن بي وإن مات فسيحيا”
فإجابة النبي تظل في طلال الشك اما إجابة المسيحي ومرتا ” أنا قد آمنت”
- § 4- فقالَ لي:”تنَبّأْ علَى هذِهِ العِظامِ وقُلْ لها:
أيَّتُها العِظامُ اليابِسَةُ، اسمَعي كلِمَةَ الرَّبِّ:
امر الرب النبي ان يتنبأ والنبؤة تخص المستقبل
اما اليوم فنحن امام تحقيق ما تنبا به النبي
ها هو الرب واقف اليوم امام العظام اليابسة والأجساد التي أنتنت
وها هو يفتح فاه ويتكلم فتسمع تلك العظام اليابسة كلمة الرب
- § 5- هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لهذِهِ العِظامِ: هأنذا أُدخِلُ فيكُم روحًا فتحيَوْنَ.
ها هو السيد نفسه واقف في وادي الظلمة حيث تسيطر ظلال الموت
يعلن ذاته حياة وقيامة لكل من يؤمن به: انا هو القيامة والحياة.
وهذا هو عين ما يقوله الرب يسوع اليوم للتلاميذ ولمريم ومرتا ولكل الحاضرين
قالَ لهُمْ:”لعازَرُ حَبيبُنا قد نامَ. لكني أذهَبُ لأوقِظَهُ”
قالَ لها يَسوعُ: “سيَقومُ أخوكِ”.
قالَتْ لهُ مَرثا:”أنا أعلَمُ أنَّهُ سيَقومُ في القيامَةِ، في اليومِ الأخيرِ”.
قالَ لها يَسوعُ:”أنا هو القيامَةُ والحياةُ.
مَنْ آمَنَ بي ولو ماتَ فسَيَحيا،
وكُلُّ مَنْ كانَ حَيًّا وآمَنَ بي فلن يَموتَ إلَى الأبدِ.
أتؤمِنينَ بهذا؟”.
- § 6- وأضَعُ علَيكُمْ عَصَبًا وأكسيكُمْ لَحمًا وأبسُطُ علَيكُمْ جِلدًا
الترتيب التشريحي ثابت ومؤكد علميا فالعصب فوق العظم ثم العضل واللحم والجلد…
ولكن المهم هنا ليس هو هذا الترتيب بل جوهر العملية ذاته
فالرب حاضر يلين العظام ويقيمها حية ويكسوها حياة وربيعا
- § 7- فتنَبّأتُ كما أُمِرتُ. وبَينَما أنا أتنَبّأُ كانَ صوتٌ،
وإذا رَعشٌ، فتقارَبَتِ العِظامُ كُلُّ عَظمٍ إلَى عَظمِهِ.
ها نحن اليوم كلنا قيام ههنا امام الرب الحاضر عمانوئيل بيننا
مضى زمن النبؤة وها الصوت والرعش وها قد رُفع الحجر
وها هو يسوع يؤكد: ألم اقل لك أنك إن آمنت فسترين مجد الله
ها قد آمنت سيدي فزدني إيماناً
- § 8- ونَظَرتُ وإذا بالعَصَبِ واللَّحمِ كساها،
وبُسِطَ الجِلدُ علَيها مِنْ فوقُ، وليس فيها روحٌ.
ها نحن ايضا وقوف ننظر معجزة القيامة
قيامة الميت وقد انتن قيامة لعازر المؤمن والصديق
وقد دُحرج الجحر عن فم القبر ووضع الجميع ايديهم فوق الأنوف
حيث لا يطيق الفساد مزيدا من رائحة الفساد
فالجسد مسجى بلا روح وبلا حياة تتفاعل فيه عناصر الفساد جميعا
فساد الأجساد وفساد النفوس والارواح فساد الحياة وفساد الموت
- § 9- فقالَ لي:”تنَبّأْ للرّوحِ، تنَبّأْ يا ابنَ آدَمَ، وقُلْ للرّوحِ:
هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلُمَّ ياروحُ مِنَ الرِّياحِ الأربَعِ
وهُبَّ علَى هؤُلاءِ القَتلَى ليَحيَوْا”.
هلم ايها الروح وهبَّ على لعازر فيحيا
ما أروع ذلك التطابق وما ابهى هذا المشهد الذي نحن حضوره
ههنا اليوم بيننا ليس فقط من يتنبأ بامر الرب ويستدعي الأرواح فتحضر
بل من يصرخ بصوت عظيم ويأمر الروح فترجع وتعود
ويبلسم الجسد بروحه فيسترد الصحة والعافية والحياة والقدرة على الحركة
هناك من يدعو الإنسان: ” هلم خارجا” من قبر الفساد والتعفن “هلم ايها الروح”
- § 10 – فتنَبّأتُ كما أمَرَني، فدَخَلَ فيهِمِ الرّوحُ،
فحَيوا وقاموا علَى أقدامِهِمْ جَيشٌ عظيمٌ جِدًّا جِدًّا.
وها الجسد المتحلل المتعفن يسمع صوته الآمر فتدخل فيه الروح
وعندما يدخل الروح يطرد الفساد ويقهر الموت ويرد الحياة
وقد جاء يسوع لاجل هذا : “أن تكون لنا الحياة وتكون لنا اوفر”
اليوم تتحقق نبؤة حزقيال لقد حيي لعازر وقام على قدميه خارجا من فساد الموت
وهو باكورة جيش عظيم لا يعد ولا يحصى فكل من آمن بيسوع سيحيا
لأنه تاتي ساعة وهي الآن حاضرة يسمع فيها الذين في القبور صوت ابن الإنسان
والذين يسمعونه يحيون….
وها قد اتت الساعة وسمع لعازر ونحن معه هذا الصوت المجلجل الرهيب
هلم خارجا…
لا تخف ان تقوم حتى لو كنت قد انتنت
ولا تستغرب ان تسمع صوتي وإن كنت ميتا
ولا يفزعنك ندائي وإن كنت سقيما مكبلا ومربطاساقطا وميتا
ولا تستغربن قدرتك على الوقوف والخروج
وأنت المحسوب في عداد بني الموت
فكلمتي هي حياة
وصوتي كفيل ان يصل إلى اعماق عالم الموت فيزلزله
وأن يدعوك من حيث أنت فتسمع وتخرج.
- § 11- ثُمَّ قالَ لي:”يا ابنَ آدَمَ، هذِهِ العِظامُ هي كُلُّ بَيتِ إسرائيلَ.
ها هُم يقولونَ: يَبِسَتْ عِظامُنا وهَلكَ رَجاؤُنا. قد انقَطَعنا.
يا ابن آدم هلا فهمت اليوم أمام من تقف
ايها الإنسان الذي خلقته حبا وصادقته حبا
عاقبته حبا ورحمته حبا
اقصينه حبا وبحثت عنه حبا
أمتّه حبا وها انا أعود فاحيه حباً
هل تفهم ان قيامة لعازر اليوم هي عربون لقيامتك
لقيامة شعب الله كله فهوذا ملككم واقف يناديكم
قم يا ابن آدم واسرع خارجا من قبر فسادك
فها هو خالقك جاء ليفتقدك حيث لا رجاء
ها هو واقف امام قبرك يناديك
وينادي كل من يؤمن به عبر العصور
كل من آمن بي وإن مات فسيحيا وأنا كفيل بذلك
وهاكم البرهان هانذا ادعوكم من قبوركم لتحيوا
لا تقولوا بعد اليوم: يَبِسَتْ عِظامُنا وهَلكَ رَجاؤُنا. قد انقَطَعنا.
فهذا ليس إيمان شعب يؤمن بي ربا وإلها
ولا رجاء من يتبعني معلما وسيدا أبديا رئيس الحياة
- § 12- لذلكَ تنَبّأْ وقُلْ لهُمْ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ:
هأنذا أفتَحُ قُبورَكُمْ وأُصعِدُكُمْ مِنْ قُبورِكُمْ ياشَعبي، وآتي بكُمْ إلَى أرضِ إسرائيلَ.
ما اروع ذلك وما ابهج اللحظة وأسعد اللقاء
كم انتظرناك وكلّت العيون انتظارا وشوقا
إفتح يا رب قبورنا ودحرج الحجارة التي تجسم على صدورنا ونفوسنا
أصعدنا من هاوية الموت ورد الحياة إلى انفسنا اليائسة
إياك نرجو وعيوننا إليك ترنو
ليس وحدك يستطيع ان يخلّص
هلم تعال لتأت بنا إلى ملكوتك إلى أرض إسرائيل الحقيقية
حيث انت شمسها ونورها
انت نهرها وروائها أنت خبزها وشبعها
أنت حارسها وراعيها أنت ملكها وسيدها
هلم تعال لتأت بنا إلى مملكتك السعيدة
هلم نادنا فنخرج من وطأة الموت وظلمة القبر
ونتخلص من عفونة فسادنا
- § 13- فتعلَمونَ أنِّي أنا الرَّبُّ عِندَ فتحي قُبورَكُمْ وإصعادي إيّاكُمْ مِنْ قُبورِكُمْ ياشَعبي.
الآن نعلم ونعرف ونعترف
الآن شاهدنا وسمعنا ونشهد
نعم كنا حضور ونظرت عيوننا لعازر يخرج مربطا وملفوفا
نعم كنا حاضرين وسمعت أذاننا صرختك الرهيبة
نعم كنا حضور ووجفت قلوبنا هولا وإضطرابا
لم نكن نعلم ولم نكن نتصور ” كنا نظناه لحظات مرثاة ودموع وبكاء
لكنّا نظرنا وسمعنا وآمنا ونشهد ومع أولئك الكثيرين
“فكثيرونَ مِنَ اليَهودِ الذينَ جاءوا إلَى مَريَمَ، ونَظَروا ما فعَلَ يَسوعُ، آمَنوا بهِ”
ونحن مع هؤلاء الكثيرين نؤمن أنك ربنا وإلهنا
ونعرف فيك راعينا الصالح الذي جاء ليفتقد شعبه
فهلم أعبر إلينا وأعنّا لتخرجنا من فساد قبورنا
- § 14- وأجعَلُ روحي فيكُم فتحيَوْنَ، وأجعَلُكُمْ في أرضِكُمْ،
فتعلَمونَ أنِّي أنا الرَّبُّ تكلَّمتُ وأفعَلُ، يقولُ الرَّبُّ”.
سر القيامة ان الله لم يرد للإنسان روحه البشرية فحسب
بل بثه عبرها روحه الإلهية ولكنه تركه وجعله ممثلا له على الأرض
كما كان الوضع يوم خلق آدم وجعله سيدا على الكون
ها هو الرب يسوع يقيم لعازر- الإنسان- من رقدة القبر الرهيبة
ويخرجه من ملكوت الظلمة إلى نور الحياة
ويعطيه روحا جديدة فيحيا
ويضعه في الارض ليكون شاهدا
أنه ليس هو الحي بعد بل المسيح يحيا فيه
هكذا عاش لعازر حياته الموهوبة بعد موت
وهكذا عاش بولس والرسل شهودا وهكذا يجب ان نحيا نحن
بعد ان اخرجنا من قبر خطايانا وفساد طبيعتنا ونتانة آثامنا…