أباء الصحراء 6. مخافة الرب

أباء الصحراء 6. مخافة الرب

للأب هاني باخوم

          مخافة الرب موضوع هام جدا للرهبان في الصحراء، فهي المدخل للتواضع كما يؤكد كورنيوس (248bc).  لكن ماهي هذه المخافة؟

          مخافة الرب لا تعني الخوف منه. الخوف هو التخوف من شخص يقدر على صنع الشر لي وقادر على عقابي، اما المخافة فهي التخوف ان افقد العلاقة مع هذا الشخص، ان افقده هو. فبسب أفعالي وتصرفاتي افصل نفسي عنه وأقرر أن اتركه. فكم هو الفرق الكبير بين الخوف والمخافة.

          سأل احد الرهبان الجدد المعلم اغاثون وقال له: “كيف لي أن احصل على مخافة الرب؟” فقال له أن تجعل يوم موتك ودينونتك أمامك دائما. هكذا تحصل على مخافة الرب. أن أكون مدرك بأنه سيكون هناك حكم، في يوم سنخرج من هذه الحياة كي نتحد دائما وأبديا بالأب. ولكن هناك الخطر أن لا يتم هذا الاتحاد، وهنا تنبع المخافة. خوفي من أن أجد نفسي في ذلك اليوم منفصل، وحيدا، بعيدا عن الحبيب.

          نفس الشيء يؤكد عليه المعلم عامون، بقوله مخافة الرب تنبع من ذكر يوم موتك والخوف من يوم الدينونة. يقول للرهبان، خافوا هذا اليوم لعل السيد يرجع ويراكم غير مستحقين أن تجلسوا معه على الوليمة (120a; PJ III, 2). تلك هي المخافة. أن نكون في اليوم المحدد منفصلين عنه.

          في حين أن المعلم ايباريوس يقول ان مخافة الرب تدخل للنفس إذا كان الشخص متواضع ولا يحكم على الآخرين. ويؤكد يوحنا النانو أن مخافة الرب تعلوا عن كل فضيلة (PJ XV, 22b).

          قد يفكر البعض ان هذا تشاؤم: أن نذكر دائما يوم موتنا أمامنا. بالعكس هذا إدراك حقيقي لمعنى وقيمة الحياة. هذا معناه إننا نحيا كل حياتنا بالمليء ولا نهرب من شيء. عالمين ان يوم موتنا هو يوم ميلادنا الحقيقي.

          وهذا ما أتمناه لي ولكم.