أحد الشك والبرهان : 27 إبريل 2014 الموافق 2 بشنس 1730

أحد الشك والبرهان : 27 إبريل 2014 الموافق 2 بشنس 1730

أحد الشك والبرهان

الأحد الأول من الخماسين

27 إبريل 2014 الموافق 2 بشنس 1730

نص الإنجيل

“ولَمّا كانَتْ عَشيَّةُ ذلكَ اليومِ، وهو أوَّلُ الأُسبوعِ، وكانَتِ الأبوابُ مُغَلَّقَةً حَيثُ كانَ التلاميذُ مُجتَمِعينَ لسَبَبِ الخَوْفِ مِنَ اليَهودِ، جاءَ يَسوعُ ووَقَفَ في الوَسطِ، وقالَ لهُمْ: “سلامٌ لكُمْ!”. ولَمّا قالَ هذا أراهُمْ يَدَيهِ وجَنبَهُ، ففَرِحَ التلاميذُ إذ رأَوْا الرَّبَّ. فقالَ لهُمْ يَسوعُ أيضًا: “سلامٌ لكُمْ! كما أرسَلَني الآبُ أُرسِلُكُمْ أنا”. ولَمّا قالَ هذا نَفَخَ وقالَ لهُمُ:”اقبَلوا الرّوحَ القُدُسَ. مَنْ غَفَرتُمْ خطاياهُ تُغفَرُ لهُ، ومَنْ أمسَكتُمْ خطاياهُ أُمسِكَتْ”.أمّا توما، أحَدُ الِاثنَيْ عشَرَ، الذي يُقالُ لهُ التَّوْأمُ، فلم يَكُنْ معهُمْ حينَ جاءَ يَسوعُ. فقالَ لهُ التلاميذُ الآخَرونَ:”قد رأينا الرَّبَّ!”. فقالَ لهُمْ:”إنْ لم أُبصِرْ في يَدَيهِ أثَرَ المَساميرِ، وأضَعْ إصبِعي في أثَرِ المَساميرِ، وأضَعْ يَدي في جَنبِهِ، لا أومِنْ”. وبَعدَ ثَمانيَةِ أيّامٍ كانَ تلاميذُهُ أيضًا داخِلاً وتوما معهُمْ. فجاءَ يَسوعُ والأبوابُ مُغَلَّقَةٌ، ووَقَفَ في الوَسطِ وقالَ:”سلامٌ لكُمْ!”. ثُمَّ قالَ لتوما:”هاتِ إصبِعَكَ إلَى هنا وأبصِرْ يَدَيَّ، وهاتِ يَدَكَ وضَعها في جَنبي، ولا تكُنْ غَيرَ مؤمِنٍ بل مؤمِنًا”. أجابَ توما وقالَ لهُ:”رَبِّي وإلَهي!”. قالَ لهُ يَسوعُ:”لأنَّكَ رأيتَني يا توما آمَنتَ! طوبَى للذينَ آمَنوا ولم يَرَوْا”.وآياتٍ أُخَرَ كثيرَةً صَنَعَ يَسوعُ قُدّامَ تلاميذِهِ لم تُكتَبْ في هذا الكِتابِ. وأمّا هذِهِ فقد كُتِبَتْ لتؤمِنوا أنَّ يَسوعَ هو المَسيحُ ابنُ اللهِ، ولكي تكونَ لكُمْ إذا آمَنتُمْ حياةٌ باسمِهِ. (يوحنا 20: 19- إلخ)

نص التأمل

أحد الشك والبرهان

يُعتبر الشك في المذاهب الفلسفية منهجا، لدرجة أن قال ديكارت:

 ” أنا أشك فأنا موجود!!!

فهل للشك مكان في الأديان عامة وفي المسيحية على وجه الخصوص؟

لا ريب أن الشك في الله معصية

وقد مُدح إبراهيم لإيمانه وبُكتت سارة لشكها في قول الملاك

كما عوقب موسى حسب التقليد اليهودي

لأنه شك في امر الله وضرب الصخرة مرتين بدل مرة واحدة…

وفي العهد الجديد عوقب زكريا الكاهن أبو يوحنا لأنه شك في كلام الملاك:

” كيف يكون هذا وأنا شيخ كبير وامرأتي قد تقدمت في أيامها؟”

فلماذا لم يعاقب الرب توما اليوم لأنه شك؟

إن  الله الذي خلق الإنسان ومنحه نعمة العقل لتقوده نحو الإيمان

لم يضع الإتجاه إجباريا وإلا صار الإنسان مسيرا لا مخيرا…

حقا يمكن للعقل ان يقود الإنسان نحو الله متى سار في الإتجاه السليم

لكنه كثيرا ما شط واتجه إلى الجانب الآخر

كما انه يعجز وحده في اكثر الأحيان عن إدراك كنه الله

ويظل يتخبط في ظلمات الجهل والضلال

لذا لم يكف الله ابدا وعلى مر العصور والأجيال والحضارات

ان يخاطب عقله كما خاطب قلبه وحواسه…

فالإيمان أنواع:

1-    ايمان الحواس او المحسوس والملموس والمشاهد والمعاين:

2-    أيمان العواطف والمشاعر والأحاسيس والوجدان:

3-    إيمان العقل والفكر والمنطق والقياس:

4-   الإيمان الكياني:

1-   ايمان الحواس او المحسوس والملموس والمشاهد والمعاين:  وهو الإيمان  المبني على الحواس أي السمع والبصر والشم واللمس وأحيانا التذوق…. وهو إيمان بدائي طفولي قابل للزوال والتلاشي فور اختفاء المحسوس أو توقف عمل الحاسة…ويذكرنا بالتعلم في الطفولة، فلكي يعرف الطفل معنى كلمة ” تفاحة” يجب أن نريه صورتها أونجعله يمسك بها أو يشم رائحتها ويتذوق طعمها…. بعدها يسهل ان يدرك ما معنى تفاحة ولا يعود يحتاج لتلك الممارسات القديمة ليعرف ماهيتها……

وهذا النوع من الإيمان الذي طلبه توما ولم يعاقبه المعلم بل وهو الحاضر بشخصه رغم غياب الجسد نراه وكانه سمع كلام توما وشاهد رد فعله يستدعيه بعد ثمانية ايام ليستانف معه الحوار…إذا كنت تبغي هذا النوع من الإيمان كي تؤمن بي فتعال هات  إصبعك!!! وكيف لك ان تضع إصبعك في جراحي من أجلك وماذا يغنيك ان تنكأ جراح جنبي المفتوح حبا بك…لكن يا ولدي إذا كان في هذا خلاصك فتعال ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا… فهكذا دعوتك وتبعتني وهكذا اريدك شاهدا ورسولا تثبت إخوتك

وها هو المسيح اليوم مستعد حتى الساعة ان يفتح جنبه لتنكأ الجنب المفتوح لأجلك

فهذا الإيمان الحسي  القائم على الحواس والمعتمد على اللمس والنظر والسمع والشم والتذوق ….

جيد وجميل ولذيذ وطيب لكن في مراحل الطفولة الروحية

وهو نوع مازال منتشرا في التدين الشرقي والمصري على وجه الخصوص

حيث نميل إلى الرؤي والظهورات والمعجزات والعجائب

ونقتني العديد من الرموز وذخائر القديسين

ونسعى إلى ما هو مبهر للنظر مطرب للأذن لذيذ للحياة

مما يشغلنا عن الإيمان الحقيقي

فهل مازالت تحتاج في حياتك الروحية إلى العلامات الحسية

هل ينتمي إيمانك إلى هذه  الفئة الأولية

وهذه النوعية البدائية القريبة من اصنمية والمرتبطة بالإله المنظور؟؟

 هل ما زلت تصرخ مع شعب إسرائيل لهارون في غيبة موسى

” إصنع لنا آلهة تسير امامنا”

ام مع توما اليوم : تصرخ في وجه الرفاق:

:”إنْ لم أُبصِرْ في يَدَيهِ أثَرَ المَساميرِ، وأضَعْ إصبِعي في أثَرِ المَساميرِ، وأضَعْ يَدي في جَنبِهِ، لا أومِنْ”.

أما النوع الثاني من الإيمان فسنتناوله غدا إن شاء الرب…