تأمل اليوم: آلام  الأبرار

تأمل اليوم: آلام الأبرار

“كان البار وهو ساكن بينهم، يعذب نفسه البارةيوميا بالنظر والسم ، فيوما بالأفعال الأثيمة ”

اليوم الخامس – شهر كيهك

تامل في قراءات السبت30 نوفمبر 2013- الخامس من كيهك 1730

الأب/ بولس جرس

السنكسار

نياحة ناحوم النبى

في مثل هذا اليوم تذكار الصديق ناحوم النبي أحد الاثني عشر نبيا الصغار، وقد ولد في قرية القوش ( نا 1 : 1)من قري الجليل، وهو من سبط سمعان وفي عدد الأنبياء، السادس عشر من موسى، وقد تنبأ في عصر اموصيا بن يوناداع المدعو يؤاش وفي عصر عوزيا ولده، وبكّت بني إسرائيل علي عبادتهم الأوثان، وبين لهم إن الله؛ وإن كان طويل الروح كثير الرحمة، إلا انه اله غيور ومنتقم من مبغضيه ( نا  : 2 1-3) ، وتنبأ عن بشارة الإنجيل والتلاميذ المبشرين بها بقوله “هو ذا علي الجبال قدما مبشر مناد بالسلام ( نا 1 : 15 ) ” وتنبأ بما سيحل بمدينة نينوي من الدمار ، وقد تم ذلك إذ أرسل الله زلزالا ونارا فدمرت وأحرقت الشعب الذي رجع عن طريق البر وارتكب الإثم ، أما الذين كانوا مستقيمي السيرة فلم ينلهم أذى ولم يصبهم ضرر، ولما اكمل أيامه بسيرة مرضية لله تنيح بسلام، صلاته معنا امين.

استشهاد القديس بقطر بأسيوط

في مثل هذا اليوم استشهد القديس بقطر، وقد ولد بإحدى البلاد من أعمال أسيوط شرقي البحر وعين جنديا ببلدة شو، وفي هذه الأثناء صدر مرسوم دقلديانوس بالسجود للأصنام والتبخير لها، وإذ امتنع القديس بقطر عن السجود للأصنام استدعاه والي شو ولاطفه فلم يستطع إغراءه، وأخيرا القاه في السجن، فحضر إليه والداه وشجعاه علي الاستشهاد، ثم عاد الوالي فأخرجه من السجنوأمره بالسجود للأصنام فلم يقبل، ولما عجز عن رده عن الإيمان بالسيد المسيح، غضب عليه وأرسله إلى أمير أسيوط مع بعض الجند مصحوبا برسالة يعرفه فيها بما جري، فلما قرا الأمير الرسالة طلب إليه بقطر، وأوقفه أمامه وقال له “لماذا خالفت والي شو ؟ اعلم انك إذا سمعت لي، جعلتك في منزلة عالية، واكتب للملك إن يجعلك واليا علي إحدى المدن”، فصرخ القديس بأعلى صوته قائلا “ممالك العالم تزول، والذهب يفني والثياب تبلي، وجمال الجسد يفسد ويتحول إلى دود ويتلاشى في القبور، ولذا فأنا لا اترك سيدي يسوع المسيح، خالق السموات والأرض، ورازق كل ذي جسد، وأعبد الأوثان الحجارة التي هي مسكن إبليس” ، فغضب الوالي وأمر إن يربط خلف الخيل وتسرع في الصعود إلى قرية ابيسيديا، وهناك عرض عليه ثانية إن يسجد للأصنام فلم يطعه، فأمر بقتله بان يلقي في مستوقد حمام في قرية موشا شرقي قرية ابيسيديا، فلما مضوا به إلى هناك طلب من الجند إن يمهلوه ليصلي أولا، فبسط يديه وصلي إلى الرب، فظهر له ملاك الله ووعده بمواعيد كثيرة وبالخيرات الوفيرة الدائمة في ملكوت السموات، ثم التفت القديس بقطر إلى الجند وقال لهم أحكموا ما قد أمرتم به ، فأوثقوه والقوه في مستوقد الحمام، فاكمل صبره الحسن وشهادته السعيدة، ونال الإكليل في الملكوت، وأتى أناس مسيحيون واخذوا الجسد سرا، وأخفوه حتى انقضي زمان دقلديانوس، ولما أظهروه شهد الذين رأوه انهم وجدوا جسده سالما لم تحترق منه شعرة واحدة، بل كان كانسان نائم، وبنوا علي اسمه كنيسة عظيمة باقية إلى الآن في قرية موشا بمحافظة أسيوط، وقد ظهرت من جسده آيات وعجائب كثيرة، ولا زالت عجائبه تظهر إلى يومنا هذا ، صلاته تكون معنا امين.

استشهاد القديس ايسيذوروس

آلام الأبرار

“كان البار وهو ساكن بينهم، يعذب نفسه البارةيوميا بالنظر والسمع ، فيوما بالأفعال الأثيمة ”

اليوم الخامس – شهر كيهك

تامل في قراءات السبت30 نوفمبر 2013- الخامس من كيهك 1730

الأب/ بولس جرس

نص القراءة

“وعندنا الكلمة النبوية ، وهي أثبت، التي تفعلونحسنا إن انتبهتم إليها ، كما إلى سراج منير في موضعمظلم ، إلى أن ينفجر النهار ، ويطلع كوكب الصبح فيقلوبكم عالمين هذا أولا : أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسيرخاص لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان ، بل تكلم أناسالله القديسون مسوقين من الروح القدس ولكن ، كان أيضافي الشعب أنبياء كذبة ، كما سيكون فيكم أيضا معلمونكذبة ، الذين يدسون بدع هلاك . وإذ هم ينكرون الرب الذياشتراهم ، يجلبون على أنفسهم هلاكا سريعا وسيتبعكثيرون تهلكاتهم . الذين بسببهم يجدف على طريق الحقوهم في الطمع يتجرون بكم بأقوال مصنعة ، الذين دينونتهممنذ القديم لا تتوانى ، وهلاكهم لا ينعس لأنه إن كان الله لميشفق على ملائكة قد أخطأوا ، بل في سلاسل الظلامطرحهم في جهنم ، وسلمهم محروسين للقضاء ولم يشفقعلى العالم القديم، بل إنما حفظ نوحا ثامنا كارزا للبر ، إذجلب طوفانا على عالم الفجار  وإذ رمد مدينتي سدوموعمورة، حكم عليهما بالانقلاب، واضعا عبرة للعتيدين أنيفجروا وأنقذ لوطا البار، مغلوبا من سيرة الأردياء فيالدعارة  إذ كان البار ، بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم ،يعذب يوما فيوما نفسه البارة بالأفعال الأثيمة ” (بطرس 1: 19-8:2).

حيث تقدم قراءات القداس اليوم ” انجيل الويلات” (متى 23 : 13 – 36) اختارنا للتأمل سويا نص الكاثوليكون من رسالة مار بطرس الثانية

 

نص التأمل

كثيراً ما أضاع سوء استخدام الإنسان لحريته… حريته وكرامته وجياته وذلك مصداقا لقول بطرس ” وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم ،يجلبون على أنفسهم هلاكا سريعا”… هكذا يقدم لناالرسول بخبرته الرسولية وتمحصه في الكتاب المقدس مثلا صارخا لما يمكن لأي أسرة مسيحية تتقي الرب أن تعيشه في عالمنا اليوم المعاصر…

متحدثا عن لوط البار يتطرق القديس بطرس إلى مأساة حقيقية يعيشها الأبرار في كل مكان على الأرض وفي جميع الأجيال…تتمثل في ذلك العذاب اليومي الذي يعانونه بسبب ما يشاهدون ويسمعون من وقائع وأحداث واقوال تجرح شعورهم وتؤلمهم، تقلق راحة ضميرهم وتعكر سلام نفوسهم البارة  حتى وإن لم تك موجهة مباشرة إليهم لكنها تظل توجعهم وتشككهم…

حقا كان أيوب البار يعيش في سادوم وعمورة بإرادته الحرة واختياره.

حقا كان قد أنقذه ابراهيم عمه من يد الأعداء يوم انتصر وقدم العشور ذبيحة على يد ملكيصادق.

حقا أنقذت صلاة ابراهيم وشفاعته الملحة التي لا تمل إبن أخاه وأسرته من الهلاك مع أهل البلدتين اللتين أحرقهما الرب بالنار والكبريت لعظم الإثم وفظاعة الفسق المترسخ فيهما…

وحقا حاول لوط نفسه إنقاذ ضيوفه النورانيين من جموح شهوة أهل مدينته ولو بتقديم تنازلات موجعة لكن…

لكن كانت إرادة الرب منذ الخلق ان يكون الإنسان حراً قادراً على الإختيار بين الخير والشر كطريقين منفصلين ومتوازيين أبدا لا يتلاقيا… وترك الرب الإله بين يدي الإنسان  حريته هذه،  وديعة ثمينة …لكن وكما يقول الفليسوف:  ” ايتها الحرية كم من الجرائم تُرتكب بإسمك” فبإسم الحرية يُجاهر بالكفر وباسم الحرية تُسفك الدماء وبإسمها تُحلل المحظورات وتُرتكب جميع الموبقات… فمن منا،دون أن ندعي أننا الأبرار بالطبع، لا تجيش في نفسه شتى أحاسيس الألم مع لوط البار امام الظلم والفقر والمرض والتفرقة العنصريةالتي نراها ونعايشها في العالم وفي مجتمعنا اليوم…من منّا

لا تؤلمه رؤية أطفال يموتون جوعا وهم على التراب بجوار أمهاتهن الجوعى يزحفون

لا يؤذيه منظر مرضى بالسرطان وهم يتضورون وجعا وألما دون حتى القدرة على الصراخ

لم يبكه الأطفال المبتسرون الذين يبحث أهلهم عن حضانة في مستشفى دون جدوى

لا يصرخ ألما لمنظر اطفال الشوارع وهم يفرون من البشر والمطر وفي العراء كالظباء يبيتون

لا يتألم وهو يرى الصغار مبتوري الأعضاء ملقون على الأرصفة يتسولون

لا ينتفض صارخا وهو يرى  البيئة تدمر واسلحة الدمار الشامل موضع سباق الدول

لا تحزنه تجارة السلاح وتجنيد الأطفال وتهجير الملايين في حروب أهلية لا ناقة لهم فيها ولا جمل

لا تحزنه الحروب الأهلية التي لا تفرق بين المسالمين والمقاتلين فيدفع ثمنها الأبرياء والأطفال

لا تتالم نفسه وإن لم تك بارة أمام شباب ضائعمستعبد للمخدرات منجرف إلى الجريمة

لا يغضب امام تيار الإلحاد الجارف والكفر بنعم الله الغزيرة

لا ينفطر قلبه لمظاهرات يُقتل فيها الأبرياء وتسال الدماء

لا تحزن أحشاءه وتنقبض امام عجائز استنفذوا غرض وجودهم بالنسبة لبنيهم فلم يجدوا غير ارصفة الشوارعيلقونهم إليها لتتلقفهم… وبحسرة وأسى ومرارة إياهايفترشون.

واخيراً من منا يرضيه ما يحدث في مجتمعنا من  تدمير للعقول باسم الدين وتجنيد للتطرف باسم الدين وتفخيخ وتفجير وقتل وترويع لمجتمع لم يعرف العنف في تاريخه وكل ذلك باسم الدين…لنتذكر كلام بطرس الخبير”إن كان الله لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا، بل فيسلاسل الظلام طرحهم في جهنم، وسلمهم محروسينللقضاء ولم يشفق على العالم القديم، بل إنما حفظ نوحاثامنا كارزا للبر، إذ جلب طوفانا على عالم الفجار وإذ رمدمدينتي سدوم وعمورة، حكم عليهما بالانقلاب، واضعا عبرةللعتيدين أن يفجروا”… ولنتعلم أنه لا يكفي الالم وحده للنجاة … نحتاج صلاة نحتاج شفاعة علوية نحتاج تدخلا إلهيا نحتاج توبة