تأمل اليوم: دعوة إلى الفرح

تأمل اليوم: دعوة إلى الفرح

“أروم أن تكون ناجحا وصحيحا”

تأمل في قراءات السبت, 14 ديسمبر 2013 –  19  كيهك 1730

اليوم التاسع عشر من شهر كيهك

السنكسار

الأب/ بولس جرس

نياحة القديس يوحنا اسقف البرلس جامع السنكسار

    في مثل هذا اليوم تنيح القديس يوحنا أسقف البرلس، وقد كان من ذوي الحسب والنسب ومن نسل الكهنة، وكان والداه يكثران من الصدقة علي المساكين، ولما توفيا اخذ القديس يوحنا ما تركاه له وبني به فندقا للغرباء، ثم جمع إليه المرضي وكان يخدمهم بنفسه ويقدم لهم كل ما يحتاجون إليه، واتفق مجيء أحد الرهبان إليه فرأي عمله الحسن واثني عليه، ثم مدح أمامه الرهبنة مبينا له شرفها، فتعلق بها القديس ومال بقلبه إليها و بعد إن رحل الراهب، قام القديس فوزع أمواله علي المساكين  وذهب إلى برية شيهيت وترهب عند القديس دانيال قمص البرية، واشتهر بحرارة العبادة والنسك الكثير، ثم انفرد في مبني خاص فحسده الشيطان وجنوده علي حسن صنيعه هذا، واجتمعوا عليه وضربوه ضربا موجعا  حتى انه ظل مريضا أياما كثيرة ، بعدها شفاه السيد المسيح  فقوي وتغلب عليهم ثم دعي من الله إلى رتبة الأسقفية علي البرلس، وكانت توجد في زمانه بعض البدع فاجتهد حتى اقتلعها وارجع أصحابها إلى الإيمان المستقيم ، وظهر في أيامه راهب من الصعيد، كان يخبر بأمور مدعيا إن الملاك ميخائيل يكشفها له فأضل كثيرين بخداعه ، فرأي القديس إن عمل هذا الراهب من الشيطان لذلك أمر بضربه حيث اعترف بخطئه فطرده من البلاد ، وادعي أخر إن حبقوق النبي يظهر له ويعرفه الأسرار، فتبعه كثيرين، فطرده ايضا من بلاده بعد ما أبطل قوله ، كما ابطل استعمال كتب كثيرة رديئة ، وكان هذا القديس كلما صعد إلى الهيكل ليقوم بخدمة القداس الإلهي يصطبغ وجهه وكل جسده لونا احمرا كأنه خارج من أتون نار، وكانت دموعه تنحدر علي خديه بغزارة ، لأنه كان ينظر الطغمات السمائية علي المذبح ، وحدث في ثلاث مرات انه كلما وضع إصبعه في الكأس للرشم وقت صلاة القسمة ، يجد الكأس كنار تتقد . وكان في أيامه ايضا قوم مبتدعون يتناولون الأسرار المقدسة وهم مفطرون ، وإذ نهاهم ولم ينتهوا حرمهم ومنعهم من شركة الكنيسة ، ولما لم يطيعوا أمره ، سال الرب فنزلت نار من السماء أحرقت كبيرهم ، فخاف الباقون من ذلك ورجعوا عن بدعتهم، ولما أراد الرب إن يريحه من أتعاب هذا العالم ، أرسل إليه القديسين أنطونيوس ومقاريوس ليعرفاه بيوم انتقاله، فدعا شعبه وأوصاهم ثم تنيح بسلام، صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما ابديا امين .

نياحة البابا غبريال السادس 91

دعوة إلى الفرح

“أروم أن تكون ناجحا وصحيحا”

نص القراءة

نص قراءة إنجيل اليوم هو  من إنجيل يوحنا “الحق الحق أقول لكم : إنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح ،أنتم ستحزنون ، ولكن حزنكم يتحول إلى فرح (يوحنا 16 : 20 – 33) لذا سنتناول فصل من رسالة يوحنا في الكاثوليكون والتي تلخص كيف تحول هذا الحزن إلى فرح…

“الشيخ ، إلى غايس الحبيب الذي أنا أحبه بالحق أيها الحبيب ، في كل شيء أروم أن تكون ناجحا وصحيحا ، كما أن نفسك ناجحة لأني فرحت جدا إذ حضر إخوة وشهدوا بالحق الذي فيك ، كما أنك تسلك بالحق ليس لي فرح أعظم من هذا : أن أسمع عن أولادي أنهم يسلكون بالحق أيها الحبيب ، أنت تفعل بالأمانة كل ما تصنعه إلى الإخوة وإلى الغرباء الذين شهدوا بمحبتك أمام الكنيسة . الذين تفعل حسنا إذا شيعتهم كما يحق لله لأنهم من أجل اسمه خرجوا ، وهم لا يأخذون شيئا من الأمم فنحن ينبغي لنا أن نقبل أمثال هؤلاء ، لكي نكون عاملين معهم بالحق كتبت إلى الكنيسة ، ولكن ديوتريفس – الذي يحب أن يكون الأول بينهم – لا يقبلنا من أجل ذلك ، إذا جئت فسأذكره بأعماله التي يعملها ، هاذرا علينا بأقوال خبيثة . وإذ هو غير مكتف بهذه ، لا يقبل الإخوة ، ويمنع أيضا الذين يريدون ، ويطردهم من الكنيسة أيها الحبيب ، لا تتمثل بالشر بل بالخير ، لأن من يصنع الخير هو من الله ، ومن يصنع الشر ، فلم يبصر الله ديمتريوس مشهود له من الجميع ومن الحق نفسه ، ونحن أيضا نشهد ، وأنتم تعلمون أن شهادتنا هي صادقة وكان لي كثير لأكتبه ، لكنني لست أريد أن أكتب إليك بحبر وقلم ولكنني أرجو أن أراك عن قريب فنتكلم فما لفم سلام لك . يسلم عليك الأحباء . سلم على الأحباء بأسمائهم” ( 3 يوحنا 1 : 1 – 15)

نص التأمل

دوما ما أدهشني كم الحب الذي يسكبه هذا الشيخ في آذان وقلوب من حوله فكلمة محبة وحب وحبيب وأحباء تزخر بها صفحات رسائله. وأنا شخصيا أقدم هذه الرسالة كنموذج من الإنجيل لمن يطلب مني قراءة الكتاب المقدس لأول مرة…فهي نموذج عميق لبساطة العاطفة وروح المحبة التي تتشبع بها سطورها نحو الله الذي سبقنا بمحبته ونحو شخص الرب يسوع الذي بذل ذاته من أجل خلاصنا ونحو الإخوة في أسرة  الكنيسة. فإذا أردت ان تجمع كلمة محبة وحب وحبيب واحباء في رسائل يوحنا الثلاث سيفوق عددها المائة بلا شك!… حاول وأخبرني…

ولقد اتفقت الكنيسة الأولى على نسبة هذه الرسالة إلى القديس يوحنا الحبيب، ومعنى اسمه يعني حنان الله المحب ولقبه الحبيب لأنه المتكيء على صدر الرب في العشاء الأخير والتلميذ الذي يحبه الربن كما يدعو نفسه في إنجيله، والوحيد الماثل مع المعلم تحت الصليب حتى ليسلمه يسوع امه ممثلا للبشرية كلها…

ونص ومحنوى الرسائل الثلاث يتفق مع إنجيله في فكره اللاهوتي. ونستطيع القول بأن  الرسول الشيخ اختصر وأوجز في رسائله ماسبق  وأورده في الإنجيل، وكأنه يفترض في القارئ أن يكون قد سبق له قراءة الإنجيل.هذا ولم يذكر اسمه، ولا افتتحها بإهداء سلام خاص للمرسل إليهم، لكنها جاءت في صيغة رسالة موجهة من أب حنون وقور نحو أولاده المحبوبين جدًا والمرتبطين معه بعلاقة روحية قوية. لذا فهي أشبه بنشرة رعوية دينية موجهة إلى المسيحيين عامة.

“في كل شيء أروم أن تكون ناجحا وصحيحا ، كما أن نفسك ناجحة لأني فرحت جدا “في هذه العبارة عنوان تأملنا اليوم أتوقف معك أمام أربع كلمات فقط ثم أتركك للتذوق

أروم: تعني ارغب وأريد، أشتاق وآمل وأتمنى …

ناجحا: يعني النجاح في نظر الرسول كمال تحقيق الذات والكيان مع الله

صحيحا: بعيدا عن والخطيئة والضلال سليما من الجراح والكسور

فرحت: هي نفس فرحة الراعي بالخروف فرحة الأب بعودة الابن الضال، فرحة الأرملة بدرهمها المفقود

بهذا التعبير البسيط والعميق أوجز يوحنا مجمل ما يريده الله لك في الحياة. سكبه قلب الشيخ في أربع كلمات تنير الطريق إلى قلب ” الله المحبة” نحو جميع ابناءه حتى الضالين منهم، فهو ببساطة مثل قلب كل أب نحو ابنه مضاعفة بقدر حجم الفارق بين الله والإنسان…ولله نفسه يوجه إليك اليوم هذه الرسالة:

يا ابني/ ابنتي الحبيب كم أروم أن تكون ناجحا صحيحا فرحا سعيدا ففي ذلك كمال فرحي

هلم إلى الفرح