تامل اليوم: افلا ينصف الله؟

أفلا ينصف الله

تأمل في قراءات الثلاثاء 18 فبراير 2014 الموافق الثالث والعشرين من شهر أمشير1730

الأب/ بولس جرس

نص الإنجيل

 “وقالَ لهُمْ أيضًا مَثَلاً في أنَّهُ يَنبَغي أنْ يُصَلَّى كُلَّ حينٍ ولا يُمَلَّ، قائلاً:”كانَ في مدينةٍ قاضٍ لا يَخافُ اللهَ ولا يَهابُ إنسانًا. وكانَ في تِلكَ المدينةِ أرمَلَةٌ. وكانَتْ تأتي إليهِ قائلَةً: أنصِفني مِنْ خَصمي! وكانَ لا يَشاءُ إلَى زَمانٍ. ولكن بَعدَ ذلكَ قالَ في نَفسِهِ: وإنْ كُنتُ لا أخافُ اللهَ ولا أهابُ إنسانًا، 5فإنِّي لأجلِ أنَّ هذِهِ الأرمَلَةَ تُزعِجُني، أُنصِفُها، لِئلا تأتيَ دائمًا فتقمَعَني!”. وقالَ الرَّبُّ:”اسمَعوا ما يقولُ قاضي الظُّلمِ. أفلا يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ، الصّارِخينَ إليهِ نهارًا وليلاً، وهو مُتَمَهِّلٌ علَيهِمْ؟ أقولُ لكُمْ: إنَّهُ يُنصِفُهُمْ سريعًا! ولكن مَتَى جاءَ ابنُ الإنسانِ، ألَعَلَّهُ يَجِدُ الإيمانَ علَى الأرضِ؟”. ( لوقا 18 : 1 – 8)

نص التأمل

 

الإنصاف والعدل من سمات الله ومن أبرز صفاته في العهد القديم

وهناك عشرات من المزامير بُنيت وشُيدت على طلب المرنم بالعدال والإنصاف

بل تجاوز ذلك في كثير من الأحيان إلى طلب الإنتقام ووصل للحظات إلى التشفي.

حتى لنذهل حين نسمع من ينتقم من بنت بابل فيمسك أطفالها ويضربهم في الصخرة

او يعاقب فرعون فيغرقه وجنده في لجج البحر….

ذابت روح الإنتقام  في العهد الجديد وحل محلها روح التسامح والتنازل والغفران

” من اخذ ثوبك فاعطه ردائك ومن سخّرك ميل فامش معه ميلين”

بل تعدى الأمر نطاق الغفران فوصل إلى محبة الأعداء والصلاة لأجلهم:

” احبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم وصلوا من أجل الذين يضطهدونكم”

لكن رغم الصفح والعفو  والصلح والمسالمة والغفران

يظل الواجب واجب والعدل عدلا والحق حقاً

لذا تتوجه اليوم هذه الأرملة الضعيفة المهيضة الجناح

إلى هذا ذلك الرجل القوي

الذي لا يعبأ باحد على الأرض أو في السماء في قوته وجبروته

وبرغم تلك القوة الهائلة التي تؤهله لهذا التحدي

إلا أنه لا يستطيع مقاومة ضعف وهشاشة وإلحاح تلك البائسة المظلومة

فيقرر ان ينصفها لمجرد أن تتوقف عن إزعاجه .

ووجه الشبه بين الله والقاضي هو القوة التي تجعل كل شيء مستطاع لديه حتى الظلم

لكنه يختار العدل طوعا تحت إلحاح البؤساء والمساكين ومكسوري الجناح.

وحيث ان الرب عادل ورحيم وأب لا يرضى بالظلم ولا يصم أذناه عن صراخ المظلومين

فإنه حتما ولابد سيستجيب…

هل تثق في ذلك؟ كم مرة اختبرته؟ كم من الوقت انتظرت؟

ما كنه شعورك حين سُمعت صرختك وتحققت عدالة قضيتك التي طالما ناضلت من أجلها كثيراً

وهل كان يمكن أن يكون فرحك شبيها بتلك الفرحة

إذا لم تك مظلوما أو عاجزا بنفسك او غير ملح؟

كن وااثقا دوما ان هناك من يسمع انين المظلومين ويهب لصرختهم

وأنه وإن تانى فحتما سيستجيب.

هلم اطلب وداوم الطلب واكثر من الإلحاح

إنه في النهاية أبوك أفلا يستجيب!!!!