رهبنة أخوات يسوع الصغيرات

إن أخوات يسوع الصغيرات هم أحدى هذه الجماعات. وقد تأسست هذه الرهبنة في صحراء الجزائر على يد الأخت الصغيرة مادلين يسوع التي أقتفت آثار الأخ شارل في حياته البسيطة المركزة على التأمل والسجود والمتضامنة مع الفقراء والمساكين. أنها تكتب فتقول:
” أخيراً وجدت المثال للحياة التي كنت أحلم بها، حياة الإنجيل والفقر التام ومحبة الموضع الأخير، وفوق كل شيء حياة المحبة الحقيقية الشاملة ” يسوع محبة ”
كنت أتوسل إلى الله أن يعجل ساعة انطلاقي لأجد هناك آثار الأخ الصغير شارل يسوع وأعيش حياته بذاتها. كنت واثقة أن الله يدعوني لأكون يوماً أحدى هذه الأخوات الصغيرات اللواتي اشتاق الأخ شارل شوقاً كبيراً لوجودهن فأصبح مؤسساً لهن بشهادة حياته .. بصرخ الإنجيل بكل حياته”
إذا أردنا حصر روحانية الأخوة، فهي تتلخص في روحانية الناصرة وبيت لحم:
الناصرة:
تقول الأخت الصغيرة مادلين:
” لك مثال أوحد هو يسوع، لا تبحثي عن غيره. وعلى مثال يسوع في الناصرة كوني كلا للكل .. (1كور 9: 19-23) وقبل أن تكوني راهبة كوني إنسانة ومسيحية بكل ما في هذه العبارة من قوة وجمال. لا تنعزلي عن الجماعة البشرية بل تغلغلي في أعماق المجتمع الذي تعيشين فيه كالخميرة في العجين، فتقدسيه بالصداقة والحب “.
هكذا تحاول الأخوات الصغيرات عيش حياة الناصرة حيث عاش يسوع المخلص ابن الله تضامنه مع أخوته البشر واتحاده العمق مع الله الآب هكذا تسعى الأخوات إلى ربط التضامن بالتأمل فتكون:
” متأملات في وسط العالم ”
بيت لحم:

تقول الأخت الصغيرة مادلين:
” تأملي في مذود بيت لحم حيث المسيح بكامله … هذا الطفل هو نفسه مسيح الناصرة، مسيح الآلام والصليب، مسيح القيامة والمجد … أنه يدعوك على مثاله إلى روح الطفولة والاستسلام، فمعه يجب أن يكون لديك نحو الآب ثقة الطفل الصغير …
التفتي إلى أمه مريم، ولا تكوني أبداً كبيرة أمامها … بل تقبلي من يديها طفلها الصغير لتحفظه دائماً معك وتحمليه على مثالها حيثما تذهبين مع رسالته، رسالة الفقر والبساطة، رسالة السلام والفرح والحب … الحب الشامل الذي يسمو فوق انقسام وشقاق “.
إن الطفولة الروحية هي ثمرة نضوج الإيمان واستسلام لمشيئة الآب في ثقة الطفل … أنها تنجلي في بساطة القلب وانقياد الروح. في عالم مثل عالمنا حيث يسيطر فيه الكبرياء والسلطة، وتتكاثر فيه الحروب والانشقاقات تأتي الطفولة الروحية مخيبة للعقل البشري … أنها تتعارض مع أصول الشر لذلك فإن عيشها بعمق يتطلب قلباً كبيراً متواضعاً وفكراً واضحاً منفتحاً على مشاكل العالم.
إن الطفولة الروحية هي الميزة الأساسية لروحانية أخوات يسوع الصغيرات، لذلك فإن تسمية (أخت صغيرة ) هي في الواقع تذكير للرسالة المدعوة إليها كل راهبة … أن تكون أخت لكل إنسان … بل أخت صغيرة.
إن الأخوات الصغيرات يحاولن أن يحيوا هذه الروحانية في ظروف تختلف باختلاف المكان حيث تنتشر الأخوة في 64 بلداً، كما أن الأخوات يعشن مع بعض من جنسيات مختلفة (ينتمون إلى 60 جنسية) تعبيراً عن المحبة الشاملة التي تتخطى كل الحواجز وسعياً لحياة “الأخوة ” الحقيقية مع جميع أخواتهم البشر.
تحتفل الأخوة هذا العام بالذكرى الخمسين لتأسيسها، وقد التقى قداسة البابا يوحنا بولس الثاني بالأخوات الصغيرات في روما حيث ألقى عليهن كلمة بهذه المناسبة جاء فيها:
” بديهي وأنا أراكم عفيفات وطاهرات وأنا أفكر بعبارة صاحب المزامير ” هلموا نرنم للرب، نهتف لصخرة خلاصنا، نبادر إلى وجهه بالإعتراف، ونهتف بالأناشيد” ، وإذا استطعنا أن نضيف عبارة أخرى هي ” أنه صانعنا وإلهنا ونحن شعبه وغنم رعيته ”
إن عائلتكم الرهبانية التي نشأت في الفقر الكامل في الثامن من سبتمبر عام 1939 تحملني أن أفكر أيضاً بعبارة أرددها في القداس الإلهي هي ” أيها الرب الكلي القداسة إنك تحى دائماً قوى كنيستك ” … بالفعل، لقد نالت راهبات أخوات يسوع الصغيرات من الله نعمة ابتكار جديد وحقيقي وسط عالم الفقراء على مثال الأخ شارل دي فوكو.
ثم وجه قداسة البابا حديثة إلى الأخت مادلين قائلاً :
” من النادر جداً أن تشترك مؤسة بيوبيل رهبنتها الذهبي، فلتسمح لي الأخت مادلين مع احترامي الكلي لتواضعها العميق أن أذكر العبارة التي تتردد مراراً في المجلدين الذين كتبتهما حول تاريخ عائلتها الرهبانية ” لقد أخذني الله بيدي وبثقة عمياء تبعته ” . صعوبات كثيرة اعترضت تحقيق حلمك الصحراوي … فقد كنت محرومة من الوسائل. وكانت صحتك هزيلة، سرعان ما وجدت ذاتك وحيدة إلا أنك صمدت أمام كل ذلك بفضل طبعك وأنت ابنه مقاطعة اللورين ( في فرنسا) ، وبفضل مساعدة الرب لك، وكم مرة رددت على مثال الأخ شارل ” يسوع هو رب المستحيل ” .
ثم ذكر قداسته الأخوات بما جاء في قوانينهن عن وجودهن وحضورهن في إطار الحياة العادية والتزامهن وعملهن مع الأقليات المهملة والمنسية، وسعيهن لاحترام كل شخص بشرى بوصفه كائن رجاء مدعو إلى مستقبل جديد، بالإضافة إلى التبشير بالإنجيل عبر الحياة اليومية على مثال يسوع في بيت لحم والناصرة.
أخوات يسوع الصغيرات